|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
الفضاء الشاسع
مركز مراقبة لويل فلاغستاف، أريزونا. عام ألف وتسع مائة وثلاثون، تم اكتشاف كوكب بلوتو الأبعد، عبر هذا المنظار. كان عالم الفلك كلايد تومبو في الرابعة والعشرين من عمره لحظة اكتشافه الكوكب. تمكن تومبو من ذلك بتصوير السماء باستمرار على لوح زجاجي كبير. التقط كل جزء من السماء مرتين، في ليال متعددة. ومن خلال هذا النابض، كان يقارن بين الصورتين.
إذا كانتا متشابهات دون شيء يذكر، يضعها جانبا. فالأشياء التي تعود للمنظومة الشمسية وحدها تتحرك في خلفية النجوم. بعد ستة أشهر من المقارنة. علم أن النقطة التي تقفز، هي بلوتو. حجم بلوتو وقمره معا، يوازي أقل من حجم قمر كوكب الأرض. عالم حدودي صغير من الميثان والماء، يتجمد في الغلاف الخارجي. إنه يبعد مسافة أربعين ضعف عن الشمس بالمقارنة مع الأرض. بعيدا خلفه، نجد غيوم أورت، وهي حفنة من الصخور الفضائية التي تحيط بالمنظومة الشمسية كالإطار. وعلى مسافة أقرب منه، مزيدا من الصخور الجليدية، التي تعرف بحزام كويبر. قد يكون بلوتو بمداره الفلكي الواسع، جزءا من هذا الحزام، وليس كوكبا حقيقيا. بلوتو هو مزيج من الثلوج، كالمذنبات التي تزورنا من كويبر وأورت، هذا مذنب هايكتاكي، عام ست وتسعين. تتشكل نواته من كرة ثلجية قطرها ثلاثة كيلومترات. إلا أن طول ذيله يمتد لملايين الكيلومترات. كونه مذنب قريب من الشمس، ينمو له ذيلان. الأصفر من الغبار الناعم، والأزرق من الغاز. أحيانا ما ينفصل الذيل الغازي عن الرياح الشمسية الواهنة. هذه الرياح، بالإضافة إلى ضغط الإشعاعات الشمسية، هي التي تدفع الذيلين بعيدا عن الشمس. بعد تغطية قرص الشمس، يمكن تصوير المذنب يدور حول الشمس. هنا يغوص المذنب في الشمس. يمكن تشبيه المذنبات بمشتري المنظومة الشمسية. بعضها ينتقل بشكل عشوائي، فيحلق حول الكواكب. مذنبات الكاميكازي، تموت في الشمس. بينما يحلق البعض الآخر حولها. يلعب المشتري دور مدمر المذنبات.
سحب هذا المذنب من مداره حول الشمس بقوة الكوكب العملاق. يسحب المذنب، وهو مزيج ضعيف من الصخور والجليد عبر مسافة خمسين كيلومترا. ولكنه يدفع الثمن. يفتته المشتري إلى أكثر من عشرين قطعة. هذه مجرد البداية. فالمذنب المسمى بعارض ليفي ناين، يقدم العرض الفضائي الأفضل على مدار القرن الأخير. ثم يغوص في المشتري، بعد أن يرتمي في حساء غلافه الجوي. وذلك في تموز يوليو من عام أربعة وتسعين. تؤدي القطع إلى موجات صدمات بحجم الكرة الأرضية. لحظة الصدام. في أسفل الميسرة يرتفع اللهب إلى أكثر من ألف كيلومتر. مذنب هالي هو أكثر المذنبات شهرة. إذ يزور منطقتنا كل ست وسبعين عاما. حين رآه الرسام الإيطالي جياتو عام ألف وثلاثمائة وواحد جعل منه نجمة بيت لحم.
وسجادة بايو التي تصور غزو النورمان لإنجلترا عام ألف وست وستين، تعكس المذنب فوق رؤوسهم. أثناء زيارة هالي الأولى في عصر الفضاء، قمنا نحن بزيارته. أطلق الأوربيون نحوه مركبة عمدت باسم جيوتو، وهي الأكثر طموحا كدرع عالمي. كان على جيوتو أن يحلق عبر الغلاف الداخلي، وهي الغيوم التي تحيط بالنواة. إنه عام ست وثمانون، ها هي النواة. على شكل حبة الفستق، طولها ستة عشر كيلومترا، وعرضها تسعة. يخرج الغاز والغبار من تصدعات في سطحه، بعد أن تبخرت سوائله بحرارة الشمس. تتعذر الرؤية بسبب الشعلة، ولكن قشرة هالي، سوداء كالفحم. عرض الهالة المعززة بالتحليق أكثر من مليون كيلومتر، حتى أنها أكبر من الشمس. هذه هي الصخور القديمة في حزام كويبر. إنها أسطوانة من الصخور الفضائية خلف مجمع الكواكب. انطلق هالي من هنا، بعد تنازع في الجاذبية ربما بين الشمس والكواكب المجاورة. هالي محظوظ جدا، فبدل أن تشده الجاذبية إلى داخل الشمس، تجعله يدور حولها، ويكمل في الفضاء. لكن هالي اليوم أسيرا، فقد علق في مدار يحمله إلى ما بعد نيبتون، ليعيده مرة أخرى إلى الشمس. شهد عام سبع وتسعين وصول هيل بوب. هذه صورة مقربة، للنواة الدائرة، التي يبلغ قطرها أربعين كيلومترا، تنشر الغاز والغبار. يشق طريقه عبر السماء تسخنه الشمس، وهو يطفئ نوره ويضيئه حسب تقلب النواة. لحظة اقترابه القصوى من الشمس، كان هيل بوب يطلق آلاف الأطنان من الغبار كل ثانية. ولكن وسط برودة الغلاف الخارجي للمنظومة، يتغير حال المذنبات، فهي تفقد ذيلها وتصبح ساكنة. تتمتع المذنبات تاريخيا بالذيول. وهي ترمز إلى الموت والدمار. ولكن الخوف من المذنبات، ليس جنونا بكامله. فهي تسبب القلق حتى يومنا هذا. لو اصطدم هيل بوب بالأرض، لمتنا جميعا، ولكن هذه قصة أخرى. سوف تواجه مركبة ساتر داست الفضائية مذنب وايلد تو عن قرب. ولكن على خلاف جيوتو، الذي يكتفي بتسجيل المعلومات فقط عن هالي، ستتولى ستار داست إرسال النماذج إلى الأرض. بعد أن يتم عزلها بالكامل، كي لا تحتك بالغلاف الجوي للأرض وتشتعل، يتم إرسال هذه المغلفات الثمينة عبر المسافات إلى الأرض. بعد التأكد من نزولها الآمن في المناطق القطبية، تصبح هذه النماذج فريدة، وهي الفرصة الأولى للعلماء كي يتفحصوا الجزيئات التي لم تتغير منذ تشكيل المنظومة الشمسية. تضيق غيوم أورت ثلث المسافة نحو الكوكب الأقرب. أما رسالتها فهي المذنبات. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م