|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
سامي حواط في الحفل
ضياء عبد العال اليوم، وعلى الرغم من النكبات التي ألمّت بمعسكر
اليسار والاشتراكية في العالم ولبنان... وعلى الرغم من التغيرات التي حصلت في
المفاهيم والسلوكيات الإنسانية والأيديولوجيات.. وبعدما جددت الامبريالية نفسها
تحت مظلة <<العولمة>> بوسائل متطورة، وبعدما تحوّلت الثورية الى <<سخرية>>،
وبعد اغتيال صاحب <<الغيفارية>>، ووضع <<غيفاريته>> موضع النقد في <<منابتها>>،
وتحويل غيفارا نفسه الى <<أيقونة>> عالمية (صورة حلوة لشاب حلو)، وتقزيم قضيته
وأحلامه الثورية من وعورة جبال بوليفيا و<<ستييرامايسترا>> في كوبا، الى حد طبع
صوره على الملابس الداخلية لترتديها الفتيات، او على زجاج السيارات، وتحويل
صوره الى <<موضة>> تجارية <<دسمة>> لجني الأرباح (تشيرت، ستيكرز...)،
على الرغم من ذلك كله، ثمة من لا يزال يعتبر نفسه
حافظا <<لقدسية ثورة هذا الثائر الأممي>> في لبنان، في ذكرى رحيله الخامسة
والثلاثين... بعد خمسة وثلاثين عاما، ما زال <<الرفاق الأمميون>>
يتوافدون لإحياء الذكرى هذه المرة بمشاركة السكرتير الأول للسفارة الكوبية
(ادواردو ايغلاسياس)، بعدما اعتذر السفير الكوبي بسبب مشاركته في القمة
الفرنكوفونية. صاحب الدعوة هو الحزب <<الراديكالي>> الديموقراطي
الشعبي الذي يصنف نفسه <<الراديكالي الوحيد في لبنان>>...
دخلوا القاعة على قوع الأغنية الشهيرة <<كومندانتي
تشي غيفارا>> للمغني الكوبي <<كارلوس بابلا>>، فإذا ب<<تشي>> يملأ المكان
بطلّته الثورية الباسمة المتفائلة، وسيجاره <<اللعين>> الذي سبب صراعه الطويل
مع <<الربو>>... تحدق في الصور المعروضة، وتمشي وكأنك تمشي مع تشي مراحل حياته،
فهذه صورته وهو طفل يتسلق شجرة، وتلك أخرى وهو في ريعان شبابه، وكثيرة صوره في
محطة الثورة المتنقلة التي لا تهدأ، من كوبا الى الكونغو الى غواتيمالا، وختاما
الى بوليفيا... بثباته وعناده، ببزّته الخضراء، والبيريه الشهيرة، وشعره
المُسدل، وعينيه المفتوحتين، وذقنه العشوائية... فهو الذي لم يستطع الصمود في
مواقع السلطة أكثر من أشهر قليلة: <<ان الثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على
الكراسي>>... وفي صورة أخرى يتأبط ذراعي رفيقيه في الثورة فيدل وراؤول كاسترو..
شيء ما يشد انتباهك. هي صورة عملاقة للظلال التي تحيط
بوجه تشي، صنعها <<الرفاق>> من أوراق الجرائد، ثبتت على المنصة الرئيسية، وأخرى
صنعوها من <<بوستر>> مهرجان <<حاصر حصارك>> تحمل صور أطفال فلسطين يقذفون
الحجارة على الدبابات الإسرائيلية... وتُحمِّل ثقل ذلك كله.. ثقلنا على عاتقه..
وليس على عاتقنا، وهم يحتفلون به حاملا كل ذلك.. عنهم. الى جانب كل من العلم الكوبي والفلسطيني واللبناني،
وصور لينين والشيخ إمام والمناجل والمطارق، والأحمر الداكن، تشعر للحظة بأنك في
قلب <<مؤتمر الحزب الشيوعي الكوبي>> او في أيام الثورة الحمراء في صقيع
موسكو... يتصدر الخطيب المنبر ليعلن: <<ان الاحتفاء بذكرى غيفارا هو وفاء لهذا
المناضل الأممي، كما هو وفاء لأبطال فلسطين.. لأن المعركة ضد الامبريالية معركة
عالمية.. أممية...>>. ثم يتبعه ايغلاسياس ببشرة سمراء <<محبّبة>> ليقول: <<اني
أحمل اليكم دفء هافانا، وتحيات القائد فيدل الذي يُحبكم كثيرا...>>.
تسدل الشاشة الكبيرة، ويبدأ عرض فيلم وثائقي عن حياة
تشي، ويظهر مدى حب فيدل لهذا الثائر على الرغم مما روجت له اجهزة الاستخبارات
الأميركية من اشاعات مغرضة حول خلافات بين الرجلين.. ثم ليُفتح الباب أمام
جماهير الشباب المحتشدة لطرح أسئلتها واستفساراتها حول كوبا الثورة بعد خمسة
وأربعين عاما على انهزام باتيستا عميل الاستخبارات المركزية الأميركية، وعن سر
صمود هذه الجزيرة التي تشبه <<الشوكة>> في خاصرة الولايات المتحدة، وهي التي
تبعد أميالا قليلة عن سواحل <<ميامي>>، برغم حصار السنوات الخمس والأربعين...
لكن معظم السائلين حملوا هموم فلسطين وانتفاضتها
وراحوا يستطلعون موقف كوبا ويتحسسون الاحتضان الذي توفره للفلسطينيين برغم
حاجتها هي و<<هُم>> للاحتضان. <<سامي حواط>> يعتلي المنصة بعوده و<<بيريه>>
المزمنة.. والأهم بروحه <<الثورية الدائمة>> التي لا تهدأ.. ليشكر الذين تذكروا
المناسبة ليملأ مكانه كالمعتاد وليبدأ بالإنشاد: <<استشهادك غيفارا ع طريق
الحرية، خلاّ اسمك منارة ع دروب الإنسانية...>>. ولم ينس ان يمزجها باسم
فلسطين.. تلتهب القاعة تصفيقا وصفيرا وقبضات مشدودة وحناجر تصدح.. يزيد حواط
<<الدوز>> ب<<يا سيف اللي ع الأعداء طايل...>>.
امتدت الحماسة الشبابية لتصل الصفوف الأمامية، فصفق
النائب أسامة سعد والضيف الكوبي الذي اضطر مرات عدة الى تحية الشباب برفع شارة
النصر. وفي هذه الأجواء الصاخبة أنهى حواط مستدعيا الى المنصة كلا من سعد
وايغلاسياس والأمين العام للحزب نزيه حمزة الذين رفعوا أيديهم لتحية حشود
الثوار <<الصبايا والشباب>>. تقف وتتذكر مقولة غيفارا الشهيرة: <<لا يهمني متى
وأين وكيف سأموت، بل كل ما يهمني هو ان يبقى الثوار واقفين يملأون الأرض ضجيجا
كي لا ينام العالم بكل ثقله فوق أجساد البائسين والفقراء والمظلومين>>. كأنما
كل ما همّ غيفارا تحقق هنا بالذات.. في لبنان.. وظل الثوار واقفين يستمعون الى
حواط ويملأون الأرض ضجيجا، وهو يشبعهم ويشحنهم أناشيد.. هامش
تُعتبر <<الغيفارية>> تياراً من تيارات <<اليسار
الجديد>> (القديم) الذي نشأ في أعقاب الثورة الشيوعية الصينية <<الثقافية>>
التي اعتبرت الشيوعية الروسية <<تحريفية>> بل <<امبريالية اشتراكية>>.. وبعد
نزوح <<أصحاب اللحى>> من جبال سييرامايسترا الى العاصمة هافانا وإعلان انتصار
الثورة الاشتراكية في كوبا... وكان هدفها (الغيفارية) تشكيل مجموعات أنصار
مقاتلة (حرب عصابات) في كل أصقاع العالم لتحارب الامبريالية وعملاءها بهدف
تحقيق الاشتراكية كطريق لخلاص البشرية من جور الرأسمالية وعملائها
الديكتاتوريين... ©2002-10-23 جريدة السفير --------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م