اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 مرض السرطان
 

رئة مدخن مصابة بالسرطان

أصيب ماريان سرينك بالسرطان منذ ثلاثة أعوام.

تتآكل عظام فرانز إيرلينغير عبر الأورام الخبيثة. سنرافقه مع أربعة مرضى آخرين طوال عام كامل من مكافحة هذا المرض الفتاك.

يستعين الطب التقليدي بالحبوب والمشارط والإشعاعات في مكافحة الأورام الخبيثة.

يدفع اليأس الكثيرون إلى العلاج البديل طلبا للمساعدة.

يعتمد ذلك على نجاح العملية، أعني نظريا أني قد أموت يوم الجمعة، فتقولين بأنك آخر شخص تحدثت إليه. علينا أن ننتظر حياتي كي نرى ما يحدث. حسنا، حسنا، أستودعك إلى اللقاء. هذا كل شيء.

يوم الحادي عشر من كانون أول ديسمبر من عام خمسة وتسعين أبلغت روث برينكمان شقيقتها في أمريكا أنها ستعود إلى المستشفى.

طوال أربع سنوات متتالية عاشت الممثلة ومديرة المسرح الإنجليزي في فينا حقيقة أنها مصابة بالسرطان. تم استئصال الرحم بداية ولكن الأورام الخبيثة كانت قد تشكلت.

والآن حان وقت العودة إلى الحقيبة من جديد. فلا بد من استئصال المثانة صباح يوم غد.

أعاني من السرطان منذ سنوات خمس. بت أستطيع الشعور بظهور ورم جديد. يقول الطبيب أنه لم يعد بحاجة إلى أداة للكشف عن الورم.

يتملكني الخوف من النهوض يوما بلا حراك. أشد ما يخيفني هو ألا أمتلك القدرة على مغادرة المستشفى والقول بأني أرفض العيش في مثل هذه الظروف.

إيسنكابل في جنوب كارينثيا. قبل ثلاث سنوات اكتشف الأطباء ورم خبيث في رئتي ماريان سرينك.

أخضعت المرأة البالغة من العمر ستة وأربعين عاما اثني عشر مرة منذ ذلك الحين. وقد جرب الأطباء العلاج الكيميائي معها عشر مرات، كما حاولوا مكافحة السرطان بالأشعة ستة مرات.

أبلغ اليوم ستة وأربعون عاما ولكني أتمتع بتجربة ربما فاقت الثمانين. عشت تجارب عديدة استمتعت خلالها بالحياة ولا أخاف الموت. ما زلت أكافح المرض أما الموت فهو آت لا محال.

احبسي أنفاسك. زفير، عاودي التنفس عميقا واحبسيه من جديد..

كانون الأول ديسمبر من عام خمسة وتسعين. أجبرت مريان سرينك على دخول مستشفى فيينا العام لإجراء الفحوص. لا بد أن تظهر صورة الكمبيوتر ما إذا كانت الأورام قد تقلصت بالعلاج أم لا.

هذا جنون!

أصيبت العضلات وغدد ما فوق الكلية بالسرطان.

لدينا شيء هنا من الواضح جدا أن حجمه تقلص.

سنلقي نظرة أخرى عن قرب.

يبلغ طوله سنتيمترين.

ومع ذلك فإن قطر الورم قد تقلص.

هناك أسباب لتفاؤل لأني أتفهم صورة الكمبيوتر جيدا، وأستطيع قراءتها. ولكن هذا لا يعني أن الأمر انتهى إطلاقا، قلصتها الإشعاعات كثيرا ولكنها قد تعاود النمو. لهذا قلت أن هناك أورام صغيرة لم أكن لأشعر بها قبل يومين أو ثلاثة. وأشعر بورم هنا لم أشعر به منذ ثلاثة أو أربعة أيام.

كان ذلك بعد عامين من شعور غابريل ألبريتشير لأول مرة بتورم الصدر قبل أن تجد الشجاعة لإجراء صورة أشعة.

شخص الورم على أنه سرطان، وهكذا أخذت مباشرة موعدا في المستشفى. لم أتخيل في بداية المرض أني سأخضع لعلاج كيميائي. كان من المستحيل أن أسمح للكيمياء بدخول جسمي. ولكنهم شرحوا لي كل شيء في باد إبلينغ، فلم أعاني من أي عوارض جانبية تذكر. شعرت بالتحسن بعد العلاج الكيميائي فركبت دراجة تجولت فيها بالجوار.

شعرت جديا بضرورة أن أعافي نفسي من الداخل، أما الأشياء الخارجية كالحبوب والأدوية التقليدية فهي تشكل دعما خارجي، ولكني في الواقع مسؤولة عن نفسي، وعلي أن أجد وسيلة لتنشيط معافاتي الداخلية كي تتحرك وتساعدني على شفاء نفسي.

تقلص نمو الأورام الخبيثة في الرئتين والكبد والعظام.

ولكن الأدوية التقليدية لا تكفي لغابريل ألبريتشير، فهي تلجأ إلى وسائل علاج معنوية أشد عمقا.

تدعي فرا بلاش بأنها تتمتع بقوى غريبة وتتدفق من يديها طاقة فضائية تخفف من حدة الآلام التي ما زلت أشعر بها.

قبل عامين تحول منزل إيدلترات بلاش في قرية صغيرة بالقرب من ويلز أعالي أستراليا، تحول إلى مكان تحصل فيه أشياء هي أشبه بالعجائب.

أجريت اتفاق مع يداي، فهي أحيانا ما لا تكون لي، فأرى من خلالها ما إذا كان هناك مرض ما، أو إذا كان الجسم يعاني من العوائق. هناك أربع حركات أرى من خلالها إذا كان هناك أي مرض. إذا كان المرض موجودا ترد على هذا النحو. وإن لم يكن هناك أي مرض ترد هكذا. تعجز يداي عن الأذى فهي تفعل الخير فقط.

أستطيع القول بأن ما يحدث هنا عجيب فعلا وهو موهبة من السماء مع أني لا أستطيع أن أشرح الأسباب. حصلت على ذلك منذ أربع سنوات.

فراو ألبريتشير لم يعد لديك أي شيء. أعتقد أني سأفحصك مرة أخرى وينتهي الأمر. لا أستطيع أن أساعدك أكثر من ذلك.

تقيم روث برينكمان في مستشفى رودولفينرهاوس الخاص في فيينا، بعد أربعة أيام من العملية. حالها أفضل مما كان يتوقع الأطباء، الذين يثقون بأنهم من خلال العلاج فازوا بعامين من عمر المريضة.

أعتقد أن الوقت حان كي نشرح ما تحقق في العملية الأخيرة، وما توصلنا إليه. فاجأني جدا أن هذا الورم الذي بمساحة ثمانية بثلاثة سنتمترات والبارز في موقع حرج فوق المثانة عند المسالك البولية المقفلة جزئيا، قد أتلف ودمر باستعمل العلاج الكيميائي.

نسعى الآن لمعالجة هذه الجزر الصغيرة التي ما زالت في الأمعاء، إلى جانب بقعتين صغيرتين في الكبد، نسعى لمعالجتها كيميائيا.
لدي إحساس بأني سأحظى بفرصة أخرى، أريد انتهازها للعودة إلى العمل كفنانة ولأستمتع كليا بالعيش مع ابنتي وحفيدي.

في ربيع سنة ستة وتسعين، عاد ماريان سرينك إلى كارينثيا. كانت زياراته لزوجته وابنته نادرة عندما أدرك وعائلته بإصابته بالسرطان عام ثلاثة وتسعين.

اتصل بي طبيب من المستشفى العام فذهبت إلى مكتبه حيث قال بأن فرصه بالحياة قليلة ويجب أن أتحلى بالقوة والصبر. فسألته عن المدة التي بقيت، وهل هي عام أو أثنين؟ فقال أنها لن تتعدى ثلاثة أشهر.

رغم أننا منفصلان يجب أن أقدم جل احترامي لزوجتي التي عرضت علي وما زالت في أحلك الظروف تعرض علي العودة إلى البيت كي تعتني بي.

رغم توقع الأشهر الثلاث، ما زال ماريان سرينك يكافح المرض مع أطبائه دون جدوى. عادت بقايا سرطان الرئة التي استئصلت لتنشط من جديد.
في تموز يوليو من عام ستة وتسعين أدخل ماريان سرينك إلى مستشفى ويلهيلمينيسبيتال في فيينا، إذ عاد الورم الخبيث إلى عضلاته. أدرك اختصاصي السرطان هينز لودويك أن علاج الأشعة لم يعد ممكنا، لأن المريض تلقى الجرعة الأكبر منها.

الاحتمال الثاني هو استخدام الأدوية التي طورت حديثا بهدف تقليص هذه العوارض والحد مما تشعر به من آلام.

المزيد من العلاج الكيميائي؟

نعم العلاج الكيميائي.

علما أن العلاج الكيميائي لم يفدني على الإطلاق.

بعد شهرين من ذلك وفغي أيلول سبتمبر من عام ستة وتسعين أدخل ماريان سرينك إلى مستشفى سان فيت أن دير غلان متأثرا بآلام شديدة. فوجد الأطباء المزيد من الأورام الخبيثة في الغدد اللمفاوية تحت ذراعه.

نرى بأن قدرته على المقاومة الآن قوية جدا لذا نأمل بألا يؤدي انتشار الأورام إلى انفجار واسع النطاق بل إلى ورم وحيد يمكن استئصاله بالجراحة. إن لم يحدث ذلك ستحدث كارثة لأن ظهور الأورام في مناطق متعددة يحول دون علاجها من وجهة النظر الطبية.

لماذا تفقد خلايا الجسم وظائفها الطبيعية وتتحول إلى أورام خبيثة؟ هذا ما لا يعرفه أحد بعد.

لكل خلية مدة حياة معينة. تموت الخلية العادية بعد خمسة وثلاثين انقسام. تعاني هذه الآلية من العجز في الخلايا السرطانية، لأنها تستمر بالانقسام، ثم تنتج مادة خاصة تحول دون تعرف جهاز المناعة عليها لتدميرها.

يمكن أن نرى هنا في سرطان الجلد، أن خلية السرطان تفصل نفسها عن الورم الخبيث وتغوص في مجرى الدم بحثا عن عضو آخر.
يعاني فرانس إرلينغير في مستشفى فيينا العام من أسوأ أشكال سرطان الجلد. سبق أن استئصل الميلانوما من جلده منذ زمن بعيد، ولكن الخلايا المدمرة بدأت عملها المدمر في جميع أرجاء الجسم.

تتعرض عظام عامل الكهرباء القادم من أعلى النمسا إلى هجمات مستمرة بالكاد يستطيع معها الوقوف على قدميه.

تبين للأطباء بأن فرانز إلينغير لن يستفيد بعد من أساليب العلاج المتوفرة حتى الآن.

يبذل الباحثون الصيادلة جهودا كبيرة وأموال طائلة في محاولاتهم للعثور على محول عصبي يمكنه تنشيط جهاز المناعة لمكافحة الخلايا الفالتة من عقالها في أجسامنا.

في بداية التسعينات علق الكثير من الباحثين آمالهم على الإنترفيرون، الذي كان يفترض به أن يحرك نظام المناعة نحو الخلايا المريضة.

ولكن سرعان ما تبين بأن هذه المادة تسبب الكثير من العوارض الجانبية.

أدخل فرانس إرلينغير إلى مستشفى سالزبيرغ ليجرب الأطباء تأثير الإنترفيرون عليه.

لم أجد الشجاعة لأقول لا. لم أكن أعرف شيئا عنه فتركتهم يستعملونه. وبعد حقن معدودات بدأت أشعر بالعوارض الجانبية التي تشمل ارتفاعا في الحرارة وعجز في النطق والبصر، إلى جانب النسيان.

أحيانا ما كنت أنظر إلى الساعة لأعرف الوقت وما أن أبعدها عن عيني حتى أنسى ما رأيته. وقد بلغ النسيان حدا لم أعد أعرف اليوم فيه، ولم يستمر بالعمل إلا الذاكرة القصيرة المدى. كنت ألتقي في الشارع شخصا أعرفه ولكن ما أن يغيب حتى أنسى بأني التقيت به. كانوا يبلغوني عن ذلك لاحقا دون أن يدركوا بأن حالي بلغ هذا الحد من السوء.

بعد فشل الإنترفيرون قدمت تكنولوجيا الجينات حلولا جديدة.

هناك بعض الجينات التي تقرر ما إذا كانت المحول العصبي يستطيع إبلاغ جهاز المناعة بوجود غرباء خطيرين في العمل.

يسعى الباحثون اليوم لإدخال هذه الجينات في الخلايا السرطانية. للقيام بذلك لا بد من أخذ الخلايا من الأورام. ما أن يتم تعديل الخلايا جينيا حتى تسفر عن ردة الفعل المطلوبة في جسم المريض.

والآن سوف تحقن بالخلايا السرطانية المعدلة بعد أن أخذت منك.

فرانز إرلينغير هو أحد مرضى التجارب.

أبلغت بأنها تحقن بي وهي في مرحلة متقدمة، ولكني أقول في نفسي بأن ليس لدي ما أخسره. إن لم تكن مفيدة لا يمكن أن تضرني أكثر لذا فكرت على مدار الحقن العشر التي تلقيتها بأنها لا بد أن تنجح لا بد أن تفيدني لا بد أن أتحسن.

يعلم جورج ستينغل بأن آمال فرانز إرلينغر قد تذهب سدى. يقوم خبراء فينا على غرار نظرائهم في الولايات المتحدة، بإجراء هذه التجارب على من لا أمل لهم بالأدوية التقليدية. الهدف الوحيد من التجارب هو تحديد قدرة المريض على تحمل الحقن.

ومع ذلك لن يواجه مشكلة في العثور على المتطوعين.

إنهم أشخاص يتعلقون بقشة أمل من جهة، ولكنهم يعلمون من جهة أخرى بأن ما يفعلونه الآن قد يفيد الآخرين أو الأجيال القادمة.

تتدفق القوة الهائلة لوعيي الباطني في أرجاء جسمي، وتحديدا في العظام لتجعلني سليما أنضح بالحياة. تتدفق القوة الهائلة لوعيي الباطني في أرجاء جسمي، وتحديدا في العظام لتجعلني سليما أنضح بالحياة. تتدفق القوة الهائلة لوعيي الباطني في أرجاء جسمي، وتحديدا في العظام لتجعلني سليما أنضح بالحياة.

نهاية كانون الثاني يناير من عام ستة وتسعين، على المسرح الإنجليزي في فيينا. أكدت روث برينكمان قبيل العرض أنها تحسنت تماما من عمليتها التي أجريت منذ خمسة أسابيع.

الحماس بالنسبة لمدير المسرح أشبه بإكسير الحياة.

أحيانا ما أصحو في الصباح لأجد زوجي هنا فلا أعاني من السرطان. فأنهض ببطء شديد وأعود إلى العالم الواقعي. وأحيانا ما أعجز في الليل عن رؤية الواقع.

أثناء العرض يعاود الواقع الاستيلاء على روث برينكمان.

هل يسمح لي أحدكم بالدخول؟

تفقد روث برينكمان قوتها بسرعة. ولكنها اليوم تريد أن تعطي المعجبين أفضل ما لديها.

كانت المخرجة في الحفلة التي أقيمت بعد العرض الأول متيقظة جدا. وما كان أحد ليلاحظ بأن روث برينكمان لا تكاد ترى جميع ضيوفها، إذ تسبب العلاج الكيميائي بإعتام العدسة لديها. ولكن الفنانة المتمرسة لم تسمح لأحد بأن يلاحظ أنها شبه عمياء.

بدأ الحماس يتلاشى مع حلول منتصف الليل، وبعد الحماس الشديد بدأ التعب والإعياء بالظهور.

صرت على وشك السقوط أرضا.

هل أخذت بالاعتبار احتمالات السقوط فعلا؟

لدى البروفيسور لودويغ إبرة في مكان ما. ما هذه أهلا. آه كاتي متأسفة. لا أستطيع رؤيتك. أهلا حياتي لا أستطيع رؤيتك. تعالي وتفضلي بالجلوس.

آب أغسطس من عام سبعة وتسعين. غابريل ألبريتش تشعر بتحسن دائم.

حصلت في مركز هوليستيك الطبي في إيغيس على فرصة لتجريب الأدوية الغير تقليدية لمكافحة المرض. تساعدها الصينية ناي غونغ في استعادة توازنها الداخلي.

ولكن السرطان سيعالج هنا أيضا باتباع السبل التقليدية.

خلال فترة الأسبوعين التي أمضتها معنا، حاولنا إقناعها بوضوح بأن أفضل طريقة لعلاج هذا المرض هي عبر مكافحته بطاقاتها الداخلية الشخصية والأدوية التقليدية في آن معا، وذلك بالكيمياء والهرمونات. وقد تمكنا عبر النقاشات الطويلة من إقناعها بهذه الحقيقة.

تتلقى غابريل ألبريتشر اليوم سوائل تحتوي بعض الجذور وجرعات عالية من الفيتامينات.

كلفة اليوم الواحد هنا أربعة آلاف شيلن، يدفع منها التأمين الصحي العادي ألف وخمسمائة شيلن فقط.

وحدهم من يمتلكون الأموال اللازمة أو أصحاب التأمين الصحي الخاص يستطيعون التمتع بفوائد علاج هوليستيك.

العناية هي كلمة السر. أعتقد أنها أكثر من مجرد كلام. بل هي السماح للمريض بالمجيء إلى هنا ليتعامل مع المرض، بكل ما لديه من شك واحتياجات جسدية، والاستماع إليه والسماح له بمعالجة الأمور بالطريقة التي يفهمها.

إلى جانب الأحاديث الفردية يتم في مركز هوليستيك الطبي اعتماد علاج الرسم أيضا.

يمكن لأي كان الإعراب عن أحاسيسه بفرشاة الرسم، وهي الطريقة التي تعتمدها غابريل ألبريشير للتعبير عن الشك والمخاوف، كما أنها مستعدة للحديث عن أحاسيسها.

ماذا عن الألوان الأخرى هل يمكن أن تشرح بتفاصيل أكثر ما تشعر به عندما ترسم أو تتأمل بالرسم؟

أعتقد أنها مستقبلي. الأزرق الفيروزي، النقاء والوضوح، الجبال والبحيرات أو غيرها، لا أعرف . فهي توحي عندما أصل إلى هذا الأزرق الفاتح، هذا اللون الفيروزي، ينتابني إحساس بالعافية.

في آذار مارس من عام ستة وتسعين، خرج جوان ستافنير في نزهة بعد الغداء خارج ريسيدينشلوب القريبة من مدينة شتوتغارت الألمانية. ولد ستافنير في تريول، وهو يعاني من سرطان في القولون منذ عام أربعة وتسعين. وقد عولج بالكيمياء لمدة عام تخلى بعدها الأطباء عنه.

عولجت لمدة عام في النمسا، ثم قل الأطباء بأن لا جدوى إطلاقا وأنهم لا يستطيعون الاستمرار، فلا فائدة من ذلك. حينها تأملت في الخيار التالي لأجد أنه أفضل ما يعرض علي، ولكن ليس في المستشفى بل عبر علاج الحرارة المرتفعة في شتوتغارت.

عبر علاج الحرارة المرتفعة في مستشفى كورنويستيم الخاص القريب من شتوتغارت، يحاول الأطباء التوصل إلى طريقة للتحكم بسرطان الرئتين والكبد لدى ستافنير. هنا أيضا يتم حقن مصل الكيمياء مباشرة في الورم.

والآن زفير. مرة أخير تنفس عميقا واحبس أنفاسك لأطول مدة ممكنة. نحن الآن وسط الورم، حيث يمكن أن نرى الفقاقيع فيه. هذا هو المصل الذي حقن مباشرة في الورم.

يمكن أن نرى هنا في آخر الصورة وضع أكبر ورم في الكبد. يبلغ قطره الآن ثمانية سنتمرات، أي أنه تقلص حوالي عشرين بالمائة منذ كانون الثاني يناير. وبما أن الورم الآن على شكل كروي، فإن تقلص الحجم يعتبر أكبر.

عبر استخدام شكل من إدخال الحرارة صناعيا يحاول أطباء شتوتغارت زيادة فعالية العلاج الكيميائي. وتعتمد المغنطة الكهربائية لتسخين الجسم حتى تبلغ حرارته واحد وأربعين درجة. كل هذا على اعتبار أن الخلايا السرطانية والسليمة أيضا لا تحتملان ذلك.

تحدثت مع الكثير من المرضى، فقال البعض أن لا جدوى منها، بينما يقتنع البعض الآخر تماما. أما أنا فكونت رأيا خاصا بي وهو أني على قناعة تامة بهذه الطريقة وأعتقد أنها ستساعدني جدا.

لن نتخلى أبدا عن المرضى الراغبين بمكافحة المرض. لن نكذب عليهم، هذا ما لن نفعله، ولكنا نساعده على التمسك بالأمل.

والعائلة أيضا مفعمة بالأمل. يتحدث جون ستافنير كل يوم مع زوجته وأطفاله عبر الهاتف.

ستافنير، نعم ألو كيف حالكم جميعا؟ الجو بارد وأنت في العمل، نعم. أنا بخير، أبلغني ميغود أنه تقلص سنتيمتر واحد. سنتمكن من التعامل معه لاحقا.

عزيزتي فراو ستافنير! رغم علمي بحالة زوجك الصحية، إلا أن خبر وفاته فاجأني وصدمني جدا. تفضلي بقبول أحر التعازي لك ولجميع أفراد العائلة.

أنت امرأة مستعدة، وتعرفين بأن النهاية آتية لا محال، ولكن عند وقوعها كنت تصرخين هانز هانز ماذا تفعل؟ ثم صرخت بدوري هانز، وابتعد لبعض الوقت ثم مات. تنفس عميقا لبضع مرات أخرى، فظننت أني أستطيع استعادته وإبقائه معنا لبعض الوقت ولكن..

تملك الأمل جون ستافنير وعائلته طوال ثلاثة أشهر. ولكن السرطان في نهاية الأمر كان أقوى من المحاولات العلاجية. واستمرت العائلة بالعناية به حتى النهاية.

كان الطبيب يأتي إلى البيت باستمرار لإعطاء زوجي الحقن والسوائل، أما أنا فتوليت إعطائها له في الليل بعد أن تعلمت ذلك. وقبل أسبوعين يوم الأربعاء، تعرض لآلام حادة، لم يتخلص منها رغم جميع المهدئات، وبلغ الألم حدا عجزت فيه عن معرفة ما سأفعله. عندها اتصلت بالأخت روساليند وشرحت لها ما يجري، وبعد ذلك قلت: لدي إحساس بأن شيء ما قد انفجر في جسمه.

بعد أربعة أسابيع قضاها فرانز إرلينغير في البيت أضطر للعودة إلى مستشفى فينا العام.

ما زلت أحافظ على أكبر قدر من عزيمتي، ليس كلها بالطبع، ولكني أتمرن بهذا الجزء يوميا على أمل تحسينها.

حالته تزداد سوءا ولكنه لا يستسلم.

لا أشعر مبدئيا بالمرض. بل استمتع بالطعام والشهية مفتوحة. ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في هذا الألم.

على مدار الأسابيع القليلة الماضية استنفذت هذه المشكلة حيويته في سالزبورغ. ولم يدرك أحدا هناك سبل التخفيف من ألمه.

عندما بلغ الوجع حده الأقصى في الفترة الأخيرة فقط لم أعد أحتمل، ففكرت حينها بالاستسلام. من الصعب جدا على المرء أن يستسلم ببساطة. يكف المرء عن الاكتراث بأي شيء حتى لو اقترح عليه أحدهم القتل الرحيم لقبل به.

لا شك أن الألم شديد فعلا، ولكنه قابل للاحتمال بعد أن تتم إزالة خمسة وتسعين منه على الأقل ما يحول دون العذاب على الأقل.

يمكن للمسكنات الحديثة التي تعتمد على المورفين أن تخفف الألم نهائيا.

مع ذلك يقل استعمالها اليوم تدريجيا كما تعطى جرعات صغيرة منها. ذلك لأن بعض الأطباء يعتقدون بأن المريض قد يدمن على المورفين، الذي يمكن أن يقصر بعمره أيضا.

يعرض هذا الاعتقاد ثلثي مرضى السرطان للمعانات والألم بلا ضرورة.

هناك عدة أسباب وراء هذا المستوى المتدني من العناية بمرضى السرطان حتى في بلد متقدم مثل النمسا في قلب أوروبا. يكمن السبب الأول بالجهل، ولهذا صلة بحقيقة أن هذه المسكنات قد منحت ألقابا سيئة.

لا داعي لاستمرار معانات فرانز إرلينغير دون جدوى. فالكمبيوتر يحدد مستوى الأكسجين في الدم ليحول بذلك دون زيادة الجرعة من المسكات.

أضغط على هذا الزر كل ربع ساعة كي أحصل على جرعة إضافية من المسكنات المحددة. وما أن أشعر بعودة الألم حتى أضغط على الزر بأسرع ما يمكن لتوجيه ضربة قاضية للألم.

كان فرانز إرلينغير قبل عام واحد يستطيع التنزه مع أصدقائه. زوجته دائما إلى جانبه. في أيار مايو من عام ستة وتسعين تزوجا في سالزبورغ.

لا يوجد مصعد لغرفة الرخام الشهيرة في قلعة ميرابيل، بل هناك العديد من السلالم شعرت بضعف شديد فعجزت عن تسلقها. ولكنهم الآن نقلوا كل شيء إلى مكتب في الطابق الأرضي. ففعلنا كل ما يلزم هناك بسرعة عدت بعدها مباشرة إلى المستشفى.

في حزيران يونيو من عام ستة وتسعين، نال الورم من أعصاب فرانز إرلينغر، فأقعده من الوسط إلى أسفل القدمين.

ينال ذلك من عزة النفس إذ يشعر المرء بالعجز، وأن عليه أن يترك الآخرين يفعلون كل شيء عنه، بما في ذلك التبول مثلا، وهي مسألة محرجة، ليس لما تشعر به أثناء ذلك، بل إن العملية بكاملها مزعجة، لأن اعتناء شخص آخر بك، يؤكد أنك بلا جدوى.

في تشرين الثاني نوفمبر من عام ستة وتسعين اجتمع كبار خبراء السرطان في فيينا ضمن المؤتمر العالمي للسرطان، حيث تقدم الصيادلة والأطباء بكل السبل المعتمدة لمكافحة هذا المرض.

ولكن المعلومات كانت حزينة. إذ شهدت السنوات القليلة الماضية بعض التحسن في معالجة بعض أنواع السرطان فقط مثل اللوكيميا. أما بخصوص الأمراض القاتلة كأورام الأمعاء والثدي والبروستات فلم يتم التوصل إلى تقدم يذكر.

سجلت في الولايات المتحدة مائة وثمانين ألف إصابة بسرطان الرئة، تعالج جميعها بالكيمياء والأشعة والجراحة. مات أكثر من تسعين بالمائة من هؤلاء الأشخاص لعدم استئصال الورم سريعا.

إذا قارنا ذلك بفتح نفق ما أستطيع القول أننا في منتصف الطريق، ولكن استمرار التقدم يعتمد على صلابة الصخور، وضرورة أن ننتظر التوصل إلى أدوات حديثة كي نجربها قبل أن نتابع التقدم.

يؤكد بيرند غانزباشير بأن العلاج الكيميائي والعمليات والأشعة والركود كلها ستقدم في المستقبل فرصا قليلة للعلاج.

كما يعتقد بأن المستقبل ملك للعلاج بالجينات، لهذا فهو يعمل على عدد من التجارب في الولايات المتحدة، خاصة بعد أن ثبت بأن العجز الجيني هو السبب في عدم توقف الخلايا عن الانقسام.

ما زال البحث جاريا عن مشكلة الجينات بسرعة هائلة، لدرجة أن هناك إمكانية للتوصل إلى علاج.

نقوم اليوم بتجارب مخبرية نأخذ فيها عينة من الدم نعرف من خلالها كل شيء عن عمل أعضائنا.غدا سنأخذ خلية على سبيل المثال، أو غشاء خلية مخاطية، نضعها على آلة تحدد لنا كل بنيتنا الجينية. سنرى من خلالها أي جينات لدينا، وما يمكن أن تفعله هذه الجينات. سنعرف في نهاية المطاف ما في داخلنا، من إيجابيات وسلبيات، وأعتقد أننا سنواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع الأمر.

تؤكد إحدى الأمثلة على ذلك بأن هذا المستقبل أصبح هنا.

ماري نوردهوك ويستجك وزوجها في الطريق إلى المستشفى. ماتت جدتها من سرطان في الرحم، كما أصيبت شقيقتها بسرطان الثدي. أصبح الجميع يعرف منذ عام بأن هناك مشكلة جينية يعاني منها خمسة بالمائة من المصابين بمرض الثدي. رغم أن احتمال القلق لا يتعدى الخمسة بالمائة إلا أن ماري نورد هوكويستجيك أرادت أن تفحص جيناتها.

وقد تلقت اليوم نتيجة تقول بأن خلايا جسمها تحمل هذا العجز الجيني.

يمكن إجراء هذا الفحص الجيني أيضا في مستشفى فيينا العام.ولكن ماذا تعني نتيجة فحص إيجابية بالنسبة للمرأة؟

المدهش في الأمر هنا هو أنك ستعثر على الكثير من الناس بالتركيبة نفسها. يولد هؤلاء الأفراد بنسخة تعمل كما يجب وأخرى لا تعمل جيدا. ما يعني أن تسعين بالمائة منهن ستعاني من سرطان الثدي بوقت مبكر، وأن هناك احتمال بنسبة تقارب الخمسين بالمائة بأن يتعرضن لسرطان الرحم.

يحرز باحثوا الجينات تقدم ملحوظ من حيث التشخيص، إذ يتم تدريجيا تحديد عجز الجينات المسؤولة ولو جزئيا عن مجموعة من إصابات السرطان.

ولكن ما الجدوى من معرفة احتمال أنك ستتعرض للسرطان في مرحلة ما من حياتك؟ طالما أننا لم نتوصل بعد إلى العلاج المناسب لهذا العجز الجيني؟

أمامك خيار إجراء فحوص وقائية محددة بدعم نفسي واجتماعي أيضا، يحظى المريض خلالها بالعناية اللازمة فعلا. أضف إلى ذلك إمكانية اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لعمليات استئصال الثدي والرحم.

قررت ريت ويستجيك في نيذرلند اتخاذ هذه الخطوة الجذرية. تعرف بأنها تحمل جينات يمكن أن تسبب سرطان الثدي والرحم، ذلك أن أمها وخالتها توفيتا بسرطان الرحم.

قررت ريت ويستجيك أن تتخذ خطوة وقائية باستئصال رحمها السليم المعافى.

لا شك أن الجراح قال أثناء العمل بأنه من الجنون استئصال أنسجة سليمة. لأن هذا العمل يخالف الهدف الرئيسي للطب والدواء.

ولكن عملية صغيرة كهذه من جهة أخرى يمكن أن تحول دون وقوع كوارث أكبر.

كما تخفف ماري نوردهوك عن نفسها بالقول أن تجميل الثدي بعد عملية الاستئصال يمكن أن يحقق نجاحا مدهشا.

قبل عامين تعرضت شقيقتها لسرطان الثدي، وعندما تكرر المرض توقفت عن التردد، وقررت إجراء عملية لاستئصال الثدي.

بعد أسبوع واحد جاء زوجها وأطفالها لزيارتها في المستشفى، بعد أن نجحت العملية دون مضاعفات تذكر. لا شك أن العملية لا تمنح ضمانة بأن السرطان قد يظهر لأن الجراح لا يستطيع التخلص من جميع الأنسجة.

في تشرين الثاني نوفمبر من عام ستة وتسعين جلست عائلة ألبريشير على مائدة الغداء في فندق باد هوفغاستين. مرت ثلاث سنوات على آخر مرة احتاجت فيها ألبريشير إلى علاج خاص بسرطان الثدي.

لا تقدم نتائج المختبر والفحوص العديدة الأخرى أي دليل على الأورام التي انتشرت في جميع أرجاء جسمها. قبل عام فقط اعتبر البعض أن فرصها في الحياة شبه معدومة. أما اليوم فيبدو أن غابريل ألبريشير قد تغلبت على السرطان.

أذكر أني بدأت أفكر بكتابة رسائل وداعية لأفراد العائلة والأصدقاء، أشكرهم فيها على الوقوف إلى جانبي في اللحظات العصيبة، وعلى صداقتهم أيضا. وقد مر كل منهم في مخيلتي وكأنه فيلم، فقلت في نفسي أني ما زلت أستطيع كتابة الرسائل للجميع، دون أن أسبب لهم التعاسة، بل لجعلهم يتذكرون اللحظات الجميلة التي قضيناها معا.

من الصعب أن يعبر المرء عما يكنه من حب لامرأة كما أحب زوجتي. لا شك أن القلق أحيانا ما يجعلك تفقد كل شيء، دون أن تعرف بعد ما سيحدث. ولكنا تخطينا الأزمة الآن وهذا ما يسعدني جدا.

عانت غابريل ألبريشير من السرطان لأربع سنوات. وقد غيرت مكافحة المرض حياة إدارة الفندق بالكامل.

أنا الآن بخير. أستطيع التمتع بكل ما في حياتي، ولم أعد أغار من امتلاك البعض لأشياء أكبر وأجمل أو أفضل مما أملكه. كان ذلك يزعجني جدا في الماضي. لماذا يملك الآخرين ما لا أملكه رغم أني أعمل مثل زوجي وما إلى هنالك. والحقيقة أن الأشياء التافهة لم تعد تشغلني على الإطلاق.

يمكن أن ترى ذلك في عينيه ولكني لم أعد افهم ما يريد قوله، ولكني شعرت بأنه يريد أن يقول شيئا.

استمر بالكفاح، كان يريد أن يفعل شيئا، فتابع المحاولة، كان ذلك رهيبا.

يوم الثامن من آب أغسطس من عام ستة وتسعين توفي فرانز إرلينغر قبل ثلاث ساعات من وصول فريق الكاميرا للقيام بالزيارة الأخيرة له.

كان يأمل على الأقل لو أنه يستطيع الجلوس على كرسي العجلات، لم يكن يرغب بأكثر من ذلك.

مع نهاية تشرين أول أكتوبر من عام ستة وتسعين، زارت روث برينكمان ابنتها في أسفل النمسا.

في تموز يوليو تعرضت برينكمان لعملية جراحية أخرى استأصلت خلالها ثلاثة أورام معا. أحدها بين الكبد والصدر، والثاني وسط المعدة، والثالث خلف المثانة.

أصابها فتور شديد بعد التشخيص. أصابها فتور تجاه الألم، نجم عن عدم الثقة والقلق مما قد يحدث. فقدت قدرتها على الاستمتاع بما يخبئه المستقبل، وكأنه فقدت الأمل بكل ما يمكن أن يخبئه لها.

يمكن لروث برينكمان أن تشعر بالسعادة فقط خلال اللحظات التي تمضيها مع أحفادها.

تكافح روث برينكمان مرض السرطان بكل آفاته، كما تكافح في سبل الحديث عنه بانفتاح.

جلست إل جانب امرأة من أسفل النمسا، فقالت أنها تحسدني جدا لأني أتحدث بحرية عن مرضي. وأضافت أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك حيث تعيش. بل بالعكس فهي تسافر إلى مستشفى في فيينا كي تبقي على المرض سرا. هل تتخيل ذلك؟

فقدت روث برينكمان ثلاثة عشر كيلوغراما منذ أن أخضعت لآخر عملية لها. ولكن عليها الآن أن تركز على الخطر التالي، فقد ظهر ورم جديد في البنكرياس.

لا شك أن الأمر يزداد سوءا الآن خصوصا بسبب أحفادي. لأني أود أن أرى كيف يكبرون، كم أريد أن أكون معهم. ولكن المرض يزداد سوءا.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster