|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
جيمس تاون
مع بداية القرن السابع عشر، كان العالم الجديد أرضا لثروات لم تكتشف،
ما جلب المغامرين من جميع أنحاء اوروبا.
وكانت إنجلترا تتنافس على هذه الثروات مع إسبانيا وفرنسا وهولندا.
تعاظمت الشكوك لدى هنود أمريكا حول نوايا الرجل الأبيض وأهدافه.
ولكن التصرف البطولي لأميرة هندية وزواجها الغير متوقع كان ليؤدي إلى
نتائج مأساوية، ما سجل انعطافا تاريخيا في إخضاع أمريكا الشمالية.
--------
في العشرين من كانون الثاني نوفمبر من عام ألف وست مائة وستة، غادرت
لندن ثلاث سفن متوجهة إلى العالم الجديد.
وكان على متنها مائة وأربعين إنجليزيا يبحرون نحو المجهول.
عندما وصلوا إلى اليابسة أخيرا كانوا متأثرين جدا بما شاهدوه.
ما كانت السماء والأرض لتضم أماكن أفضل من هذه مسكنا للبشر.
كانت السفن الإنجليزية متوجهة نحو خليج تشيسابيكي، على الشواطئ الشرقية
لشمال أمريكا، حيث منحت أرض لشركة فيرجينيا كومباني أوف لندن.
عام ألف وست مائة وسبعة،كانت غابات فيرجينيا موطنا لهنود
ألغونكيان،الذي كانوا موحدين تحت زعامة قائد صلب هو بوهاتان.
امتدت أراضيه فوق مناطق شاسعة من فيرجينيا، تسكنها أكثر من ثلاثين
عشيرة من الهنود.
استطلع الإنجليز خليج تشيسابيكي ووقع اختيارهم على جزيرة تقع على بعد
خمسين ميلا إلى الأعلى من نهر جيمس.
ثم قاموا هنا ببناء مستوطنة أطلقوا عليه لقب جيمس تاون، تيمنا بملكهم
جيمس الأول.
إلى جانب أن المستوطنة أقيمت بأموال خاصة، كان عليها تغطية مصاريفها
بنفسها.
كانت تعليمات لندن تدعو للعثور على الذهب أو أي بضائع أخرى يمكن أن
تجني الأرباح في إنجلترا.
قام المستوطنون ببناء مراكز لهم وعززوها بدفاعات مؤقتة، ضد الإسبان
والهنود على حد سواء.
عملت الشركة على حشد مزيد من الرجال إلى المستوطنة كي تتمكن من تحقيق
النجاح .
سرعان ما بدأت سفن المؤن تعود إلى إنجلترا بأساطير عن أنهر فيرجينيا
وما تعج به من حياة وحشية.
ستحصل على جميع أنواع الفاكهة إذا زرعت في فيرجينيا. سيثيرك جميع ما
فيها لدرجة أن تقرر المتابعة بما تفعله.
كان الهنود يراقبون كل ما يفعله الرجل الأبيض بقلق تام، إذ بدا لهم
وكأنه يخطط للبقاء.
كانت عشائر الغونكين تعيش بانسجام تام مع الطبيعة.
كانت جماعات تعتز بنفسها، تزرع غذاءها ودخانها، وتصطاد ما تحتاجه من
الأنهر والغابات.
عائلاتهم كانت محورا تجول حياتهم حولها.
كان لزعيمهم بوهاتا مائة طفل، ولكنه كان يفضل إبنة واحدة من بينهم،
كان اسمها بوكاأونتاس،أي، التي تحب اللعب.
كثيرا ما كانت بوكاأونتاس تجلس إلى جانب والدها قرب النار. وقد سمعت
هناك نبأ وصول الرجل الأبيض إلى أراضي والدها.
لم يتأخر الإنجليز كثيرا حتى أيقنوا أن الأراضي التي يختارونها
للإستيطان تعج بالحشرات والبعوض القاتل.
مع حلول صيف عام ألف وست مائة وسبعة،وجدوا أن المؤن لديهم بدأت تتضاءل.
وأخيرا أجبر المستوطنون على مغادرة حصونهم الآمنة للخروج بحثا عن
الطعام. إلا أن الصيد في هذه المنطقة كان صعبا كما أنهم خافوا من خطورة
التعرض لهجمات الهنود.
كان القوس والنشاب الذي يستعمله الهنود يقتل بصمت، مع أنه لم يكن
بفعالية البنادق التي حملوها معهم من إنجلترا.
مع نهاية الصيف، كان ما يزيد عن خمسين رجلا أي نصف المستعمرة، قد
قتلوا من الملاريا أو الجوع.
غالبية ما تبقى من المستعمرين كانوا أبناء أصغر للأرستقراطيين، ممن لا
يحق لهم ان يرثون الأراضي، وكان عددا قليلا منهم يتقنون المهارات.
جون سميث، كان الشواذ عن القاعدة. فهو جندي مجرب ودبلوماسي لبق، فبرز
من بينهم كزعيم طبيعي.
بدا سميث وكأنه يعرف أفضل طريقة للتعامل مع الهنود، فنصح بأن يعاملوا
بيد من حديد.
أجبره تضاؤل المؤن على الخروج في رحلات تجارية إلى الأراضي الهندية
بحثا عما يمكن أن يساعد المستوطنة على البقاء.
فتعلم أن يتحدث بلغتهم، وأبلغهم أن الإنجليز جاءوا بشكل مؤقت، هربا من
الإسبان، وللتجارة وليس للاستقرار.
إلا أن القلق استمر بالتنامي لدى الهنود حول نوايا الرجل الأبيض.
بعد ستة أشهر من وصول الإنجليز، عثر شقيق باوهاتان على سميث في نهر
تشكاهوميني.
تم القبض على سميث وأخذ أسيرا إلى حيث عرض على الهنود كغنيمة حية. وقد
أخذ بالزورق للعرض من قرية إلى أخرى حيث كان يوضع عند الهنود وهم
يرقصون حول مواقدهم.
وأخيرا بعد عدة أسابيع أحضر سميث ليقف أمام باوهاتان.
إلى جانب الزعيم كانت تجلس زوجاته وأولاده، ومن بينهم ابنته المفضلة
بوكاأونتاس.
وصف سميث مراسيم تقليدية مخيفة. إلى جانب أصوات الطبول والغناء، أجبر
على وضع رأسه فوق حجرين هائلين.
كان الهنود يحيطون به حاملين الهراوات مستعدين لتحطيم رأسه بما
يحملونه.
فجأة، رمت بوكاأونتا نفسها بين سميث وهراوات أعدائه.
ولأنها ابنة بوهاتا المفضلة أنقذ تدخلها حياته.
أصبح سميث عضو شرف في العشيرة وسمح له بالعودة إلى جيمس تاون.
كثيرا ما كانت بوكاأونتاس تزور جيمس تاون وتدهش سميث وغيره من
المستوطنين بمزاحها الطفولي.
كانت تريد أن تعرف كل شيء عن المستوطنين. فنسخت طرقهم وبدأت بتعلم
لغتهم.
وازدادت فضولا بكل ما وراء سلطان والدها.
في تشرين أول أكتوبر من عام ألف وست مائة وثمانية، شاهدت بوكاأونتاس
سفينتين قادمتين من إنجلترا، تحمل معها المؤن وسبعين من المستوطنين
الجدد.
ولكن هؤلاء المستوطنين لم يكونوا مستعدين للمصاعب التي تنتظرهم. كان
الشتاء قاسيا. فأتلفت الرطوبة الذرة، واجتاحتهم الأمراض والمجاعة مرة
أخرى.
في الربيع، صعقت بوكاأونتا حين علمت أن نصف المستوطنين لم يتمكنوا من
مقاومة الشتاء.
فأصدرت أوامر بأن يتم إحضار الطعام كهدايا من عشيرة والدها إلى جيمس
تاون.
حتى أنها حملت بنفسها ديك بري وسلال من الخبز والذرة.
وقد كتب جان سميث يقول: كانت الوسيلة التي أنقذت هذه المستعمرة من
الموت والمجاعة والضياع.
بدأ والدها الزعيم بوهاتان يتقدم في السن وهو على يقين أشد بأن
القادمين الجدد من الإنجليز لا ينوون الرحيل.
أبلغني الكثيرين بأني لست هنا من أجل التجارة بل لمهاجمة شعبهم
والإستيلاء على بلادهم.
لاحظ بوهاتان أن سميث كان يكذب عليه، وأن الإنجليز كانوا يخططون للبقاء
إلى الأبد.
بعد ما أصابه من خيبة أمل، قرر أن يقتل سميث، وجهز للهجوم. وقد حذر
بوكاأونتاس من إبلاغ المستوطنين مهددا بالموت.
ولكنها أسرعت ليلا لآبلاغ سميث بأن حياته في خطر.
مرة أخرى عاندت بوكاأونتاس والدها وعرضت نفسها للخطر في سبيل الرجل
الأبيض.
وفجأة تعرض جان سميث لكارثة أخرى فقد أصيب بجراح خطيرة بعد انفجار وقع
هناك.
فأبحر مباشرة إلى إنجلترا سعيا للعلاج دون أن يبلغ بوكاأونتاس بشيء.
بعد رحيل جان سميث المفاجئ أصبح مصير المستوطنين في خطر.
حسم بوهاتان أمره للقضاء عليهم نهائيا.
منعت كل أشكال التجارة مع جيمس تاون وبدأت حملة من القنص والكمائن
وأعمال الغدر.
لم تأتي المساعدة هذه المرة من بوكاأونتاس.
لإبعادها عن المستوطنين، أرسل بها بوهاتان إلى الحدود الشمالية البعيدة
من أراضيه. من حيث سيستحيل عليها زيارة جيمس تاون.
مع نهاية عام ألف وست مائة وعشرة، بعد أن فقد سكان جيمس تاون زعيمهم،
ولم يحصلوا على المساعدة من الهنود، أصابهم اليأس التام.
فقد أصبحت تنقصهم المؤن مرة أخرى.
وفي سبيل البقاء على قيد الحياة أجبروا على أكل الكلاب والقطط والجرذ
والفئران. حتى أن بعضهم أصبح من آكلي لحوم البشر.
قام الرجال بما لا يمكن أن يصدق. فقد حفروا قبور الأموات ليأكلونهم.
وأقدم أحد المستوطنين على قتل زوجته وتقطيعها إربا وغمرها بالملح
ليأكلها.
هناك رجل واحد شعر بالسعادة حين سمع بأن جيمس تاون كانت تنهار.الملك
الإسباني فيليب الثالث. الذي كانت مستعمراته تنمو وتزدهر.
كان الإسبان يراقبون تطور الإنجليز في العالم الجديد عن قرب.
فما أن يفشل الإنجليز، حتى تقوم إسبانيا بالاستيلاء على أراضي
فيرجينيا لنفسها.
ولكن، ما أن أوشك المستوطنين في جيمس تاون على فقدان الأمل حتى وصلت
السفن من إنجلترا.
وكان على متنها جان رولف، شاب في الثامنة والعشرين من عمره من أصول
فلاحية جاء من شرق إنجلترا.
لاحظ رولف أن التبغ ينمو بريا في فيرجينيا مع أنه من الكماليات في
إنجلترا.
بعد أن اكتشف بأن فيرجينيا تحتوي على تربة ومناخ مناسبين لزراعة التبغ،
جرب لمدة عامين قبل أن يبدأ بإنتاج ورقة التبغ الممتازة.
نجاحات رولف شجعت مستعمرين آخرين على زراعة التبغ.
وأخيرا إتضح بأن جيمس تاون لن تتمكن فقط من تغطية مصاريفها بل أنها
ستتمكن من تحقيق الأرباح أيضا.
ولكن الهنود استمروا في التحرش بالمستوطنين. وعندها أعلن الإنجليز عن
تحذيرا أخيرا.
توقفوا عن الأعمال المعادية وإلا فسوف نجبر على الدخول في الحرب.
فأرسل بوهاتان رده يقول:
إما أن ترحلوا عن بلادي أو أن تقفلوا على أنفسكم في جيمس تاون. وإلا
فسوف آمر شعبي بقتلكم.
بعد أن أبعدت لمدة ثلاثة أعوام عن والدها، عادت بوكاأونتاس مرة أخرى
إلى قريتها، بعد أن أصبحت شابة تبلغ الثامنة عشرة وقد تحول اسمها إلى
اسطورة وصلت إلى أرجاء إنجلترا.
اثارت عودتها خطة لإنهاء الحروب مع الهنود. قرر المستوطنين خطف
بوكاأونتاس وإبقائها أسيرة سعيا لإخضاع والدها بوهاتان.
وضعت الأميرة على متن سفينة يقودها القبطان الإنجليزي صمويل أرغيل.
كانت تلهوا على الشواطئ مع انها حذرت تماما من الذهاب إلى هناك.
ثم حملت أسيرة إلى جيمس تاون.
كتبت رسالة إلى بوهاتان يطالبون فيها بإعادة الأسرى الإنجليز والأسلحة
المسروقة والأطعمة مقابل ابنته.
واستمرت المفاوضات لما يقارب العام.كان بوهاتان يعلم بأن بوكاأونتاس ما
كانت ستتعرض للأذى.
عام ألف وست مائة وثلاث عشر، كان الإنجليز قد وضعوا لهم مستعمرات جديدة
في هينريكو وبيرمودا هاندريد ومدينة اليزابيث.
وقد أخذت بوكاأونتاس إلى مستوطنة هينريكو عند أعالي النهر.
في هينريكو التقت بوكاأونتاس بجان رالف. أعجبت الأميرة الهندية بمزارع
التبغ الإنجليزي الذي كان يبادلها الإعجاب أيضا.
كتب رولف إلى الحاكم دال عن غرابة أن يجد نفسه الآن:
مغرما بفتاة كانت تربيتها تعتمد على القسوة، وأساليبها بربرية، وجيلها
مصاب باللعنة.
كان رولف وزملائه من المستعمرين قد تلقوا تحذيرات بعدم الزواج من نساء
الهنود. إلا أن رغبته بالزواج من بوكاأونتاس كانت قوية، فما كان لرولف
أن يخضع للتحذيرات.
وقد ساهم في تعليمها اعتناق المسيحية وشهد على مراسيم تعميدها ما جعل
من بوكاأونتاس الهندية تصبح ريبيكا الإنجليزية. تيمنا بربيكا
الإنجيلية، أم الشعبين.
حينها بعث رولف برسالة إلى الحاكم يطلب منه إذنا بالزواج من
بوكاأونتاس.
وصل الطلب في لحظات عصيبة من المفاوضات مع بوهاتان. فوافق الحاكم
الإنجليزي مباشرة على الزواج، على اعتبار أنه وسيلة لضمان السلام مع
الهنود.
وكان لا بد من الحصول على موافقة أخرى.
موافقة بوهاتان على الزواج أدهشت الجميع. فبعد أن تقدم في السن، أصبح
بوهاتان متعبا من مقاتلة الإنجليز.
رغم أنه رفض حضور الزفاف، إلا أنه بعث بشقيقه كي يسلم بوكاأونتاس
لزوجها ، وإثنين من أبنائه ليكونا شاهدان.
وقد جرت مراسيم الزفاف في كنيسة جيمس تاون في نيسان أبريل من عام ألف
وست مائة وأربعة عشر.
حضرها الهنود والإنجليز معا
كلمات الأسقف:
نجتمع اليوم هنا امام الله وفي هذا المكان،لنعلن الزواج المقدس بين جون
رولف والسيدة ريبيكا. ونأمل في هذا المجال ألا يستخف أحدا بهذا الزواج
انطلاقا من اعتبارات شخصية. ذلك أن هذا الزواج العظيم والمقدس هو زواج
بين أمتين…""
"… باسم الأب والابن والروح القدس، آمين."
وقد اعتبر الزواج كرابط ودي بين العرقين، يعلن نهاية حروبهما.
ما سمح للإنجليز للإستقرار بثبات في فيرجينيا. واستقر الزوجان إلى
الشمال من جيمس تاون.
بنى رولف بيتا هناك وتوسعت أعماله في زراعة التبغ.
أصبح الهنود أصدقاء للإنجليز، حتى أنهم سمحوا بانتهاك حرمة أراضيهم.
وقد كتب رولف يقول:
أصبح شعبنا يزرع ويحصد بهدوء، ويخرج عبر الغابات يصطاد بحرية وأمان دون
خوف من الخطر تماما وكأنه في إنجلترا.
بعد عام من ذلك رزق العروسان بطفل عمداه باسم توماس.
أطلق على تلك الحقبة لقب سلام بوكاأونتاس.
عام ألف وست مائة وستة عشر، وبعد سنتين من زواجهما، أبحر رولف
وبوكاأونتاس بصحبة ابنهما توماس إلى إنجلترا.
وقد ذهب معهما عددا من الهنود.
أما هدف الزيارة فكان الدعاية لمستعمرات فيرجينيا واثبات نجاحهم في
نشر الحضارة بين الهنود.
بعد ارتدائها الملابس الإنجليزية المعاصرة، وتعلمها أصول المعاملة
الأوروبية،قدمت بوكاأونتاس إلى المجتمع الإنجليزي.
حملت مع من معها من صحبة عبر جولة في أرجاء لندن فادهشوا لكل ما رأوه.
زار الوفد جسر لندن وشهد احتفالات دينية في كنيسة سان بول.
تم استقبالهم بحفاوة حتى شعروا بحرارة الترحيب.
حضر جان رولف وبوكاأونتاس مسرحية تنكرية،وتلقيا التهاني من الملك جيمس
والملكة آن.
بعد قضاء سبعة أشهر في انجلترا، نالت الرطوبة والهواء البارد في لندن
من صحة الهنود.
أصيب عدد منهم بالمرض، حتى أن صحة بوكاأونتاس نفسها ساءت. حان الوقت
للعودة إلى الوطن في فيرجينيا.
في صبيحة ضبابية من أيام آذار مارس من عام ألف وست مائة وسبعة عشر،
صعدت بوكاأونتاس على متن سفينة جورج بصحبة زوجها والطفل، وأبحروا عبر
التايم.
بعد بضع ساعات من شعورها بالمرض، رجتهم أن يأخذونها إلى الشاطئ.
تم الاتصال بالطبيب. ولكن ما كان لأحد أن يستطيع شيئا.
ماتت بوكاأونتا مصابة بالتهاب رئوي وهي لم تبلغ بعد الثانية والعشرين
من عمرها.
وكانت تواسي زوجها على فراش الموت بالقول:
" الموت حق علينا جميعا… كفانا أن الطفل يحيا".
بعد شهر من ذلك عاد إلى فيرجينيا وحده، فقد أجبر على ترك الطفل هناك،
لأنه كان مريضا ولا يحتمل السفر.
ولكن بوكاأونتاس قد تركت أثرها.
كثيرا ممن التقوا بها كانوا يرغبون في السفر إلى أمريكا ولا بد من
الاعتراف بدور شركة فيرجينيا.
منح كل مساهم في الشركة خمسين عقدا في العالم الجديد.
عام ألف وست مائة وتسعة عشر،أخذت صناعة التبغ بالإزدهار في جيمس تاون،
وقد انتشرت المزارع على ضفتي نهر جيمس.
ولكن رولف وغيره من المزارعين كانوا بحاجة ماسة إلى العمال.
في آب أغسطس رست سفينة هولاندية في ميناء جيمس تاون، وعلى متنها عشرون
من العبيد السود.
كانوا أول الأفارقة الذين نزلوا إلى الأراضي الإنجليزية في أمريكا،
وكانوا من الخدم الذين يستطيعون العمل في مزارع التبغ حتى يحصلون أخيرا
على حريتهم.
ولكن سرعان ما اثبتت العبودية أنها الوسيلة الأقل تكلفة في زراعة
التبغ.
ومع نهاية القرن السابع عشر أصبحت العبودية مقبولة في المستعمرات
الأمريكية الشمالية.
دون المنعطف التاريخي الذي سجله زواج بوكاأونتاس من جان رولف ما كانت
المستعمرات الإنجليزية في فيرجينيا لتبقى على قيد الحياة.
أعوام السلام الثمانية التي تلت ذلك، مكنت الإنجليز من تعزيز أنفسهم
ودفع الهنود إلى المناطق الداخلية من البلاد.
عام ألف وست مائة واثنين وعشرين أعلنت شركة فيرجينيا عن إفلاسها فأعلنت
جيمس تاون مستعمرة ملكية. وتحولت إلى أول مستعمرة إنجليزية في شمال
أمريكا.
في محاولة يائسة من الهنود للحئول دون مزيد من انتهاك الأراضي قاموا
بمهاجمة جيمس تاون وقتلوا ثلث المستوطنين فيها. ولكنهم تأخروا كثيرا.
فقد أصبح السكان البيض بأعداد كبيرة تسمح لهم حتى بالنهوض من هذه
الكارثة.
المفارقة هي أن زواج بوكاأونتاس أدى إلى موت الكثيرين من أبناء أمريكا
الأصليين، وتدمير الكثير من حضاراتهم.
منذ عام ألف وست مائة وأربعة وعشرين، هاجر الآلاف من الإنجليز إلى
العالم الجديد ومن بينهم ابن بوكاأونتاس توماس رولف.
شكلت فيرجينيا حجر الأساسا للإحتلال الإنجليزي لشمال أمريكا، على مدار
المائة عام التالية. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م