اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 بناء وإعمار3 - التنقيب في الجليد
 

الالماس

       هناك منجم مفتوح  في شمالي غربي الأراضي الكندية. لا يوجد شيء غير اعتيادي في ما يخص عملية التنقيب،  ولكن الغريب في الأمر، هو ما ينتجه هذا المنجم من ألماس يعد من الأنقى في العالم.

     ألماساً تفوق قيمته المليون دولاراً يتم استخراجه يومياً من هذا المنجم.

     عندما تفكر في الأمر، تجد أن قطعة أرض كهذه  تُعد من أغلى العقارات على وجه الأرض. عندما تفكر بما تحتويه قطعة الأرض هذه  وبالرغم من  ذلك فهي لا تختلف عن أية أرض أخرى   حين تنظر إليها.   

      قبل عشر سنوات فقط وجد العالم الجيولوجي ستو بلوسون ألماسً  والثروة.بدأ ذلك قبل عشرين سنة أثناء رحلة بحثه عن الماس.كان الناس يسألونه:" لماذا تتعب نفسك؟ فلا وجود للألماس في كندا." لكنَّ ستو بلوسون وشريكه شاك فيبكي كانا مصممين على إثبات عكس ما يقال.

   لا يتعلق الأمر مجرد البحث عن الكنز، بل يتعداه إلى البحث العلمي.  هو البحث عن أمر تعرف أنه  هناك وما عليك سوى اكتشاف كيفية العثور عليه.

   يتوفر الماس في أماكن قليلة من العالم، مغطىً بأقدم حجارة العالم التي تدعى بالترس القبكمبريّ. وهي متوفرة في إفريقيا وروسيا وأستراليا والبرازيل وكندا. 

  فالحرارة والضغط القويين على عمق مائتي كيلومتر تحت الأرض كفيلين بتحويل الكربون إلى ألماس.

   أنابيب الكمبرلايت هي جذور مخروطية الشكل في البراكين القديمة. عندما ثار بركان من خمسة وخمسين مليون سنة مضت، مرَّت بعض صهارة الكمبرلايت من الطبقة التي تحتوي على الماس ونقلتها إلى السطح.   

   كان شمال كندا قبل عشرين سنة مغطاً بالجليدٍ وثلجٍ  تبلغ سماكته عشرة كيلومترات.   طافت الأنهار الجليدية  فوق الأراضي، وأخذت تنشر أحجار الكمبرلايت فوق مئات من الكيلومترات. كما جوَّف الجليد  رؤوس أنابيب الكمبرلايت اللينة. وعندما ذاب الثلج،  قبل ثمانية آلاف عام، امتلأت المنخفضات بالمياه لتصبح أنهاراً. 

 انتشرت في أراضي كندا ما يفوق المليون هكتارٍ من السهول الجرداء  التي تحوي  عشرات الآلاف من البحيرات ولكن قلة منها تُخفي أنابيب الكمبرلايت وقلة من أنابيب الكمبرلايت تُخفي ألماساً .

   يمكن القول بأن الأمر يشبه البحث عن إبرة في كومة من القش.

   لكنَّ ستو بلوسون كان يمتلك شيئاً جعله يتقدم في بحثه. فهو خبير في جيوليجيا المجلدات، وبما أنه كان يعرف أن أنهار المجلدات الذائبة تحمل الماس معها  لمئات من الكيلومترات، اقتفى آثار الأنهار حتى منابعها بحثا عن أنابيب الكمبرلايت.  كانت الأدلة التي يبحث عنها تكمن في كثبان خلفتها الأنهر الجليدية وسلاسل تلال رملية  تدفقت تحت المجلّدات.

  و أخيراً وجد عام 1991 ما كان يبحث عنه هناك عند بحيرة بوينت لايك، عرفت المنطقة بلقب نورمز كامب.

   أدركوا قبل عشرين سنة أنهم في صدد أمر شديد الأهمية. أدركوا  انه كان عملاً جديداً، وأنهم سيجدون للمرة الأولى الكمبرلايت من النوع الذي يحتوي على الماس.

    و لكنهم، بالطبع لم يعرفوا ما إذا سيكون  قابلاً للاستثمار الرابح أم لا.

   وكان قابلاً للإستثمار. أسس ستو بلوسون وشاك فبكي شراكة مع ( BHP ) بيليتون أستراليا، وبعد سبعة أعوام صُرف خلالها سبع مائة مليون دولار تم افتتاح أول منجم للألماس في شمالي أمريكا.

منجم إكاتي.  كانت تلك بداية لصناعة الماس، التي جلبت أيام ازدهار ليلونايف، عاصمة الأراضي الشمالية الغربية، في وقت كان اقتصاد المدينة آخذاً بالإنحدار. يعتمد الإقتصاد الآن على الماس وهو يبشر بمستقبل مبهر.

تحمل أعمال الحفر الهائلة هذه لقب حفرة بيندا. وهي أهم منجم ألماس في العالم. استغرق إفراغ البحيرة التي كانت هناك تسعة شهور.

    يبلغ علو هذا الجدار حوالي مائة وخمسة عشر مترا. وسيقومون ببناء مائة وعشرين متر أخرى في أسفل المكان.

 قد قاموا بتفجير هذا المنجم على مراحل يتألف كل منها من خمسة عشر مترا.  يفضل تفجيرها أولا قبل بدء التنقيب بشكل فعلي للحصول على جدران جيدة وناعمة. الحجر الذي يتعاملون معه،  من نوع الجرانيت وقد كان قاس على معداتهم، وبخاصة شاحنات الصخور. وقد لجأوا حالياً إلى اعتماد صناديق مطاطية ساعدتهم كثيرا. لقد زادت من حملهم  فمع كل حمولة سُمح لهم بتحميل خمسة عشر طن.

    يُخيل للمرء أنهم  ينقبون عن الجرانيت وليس عن  الماس.فيجب إزالة كمية من الجرانيت تعادل  سبعة أضعاف كمية الكمبرلايت الصافي  للحصول على الشكل المخروطي لرواسب الكمبرلايت.

كان من المستحيل إنشاء حفرة بيندا دون اختراع بارع يكمن بسد داخله مجمد.

يقف السد بين المنجم وما يتبقى من بحيرة بيندا الأصلية. الأعمدة الخمسين مليئة بثاني أكسيد الكربون لذلك فهي دائمة التجمد. تبقى الأرض المحيطة بها مجمدة  حتى عندما تذوب الطبقة العليا في المناخ الأكثر حرارة.  في الربيع عندما يزيد الثلج الذائب من منسوب مياه البحيرة يتولى السد منع المياه من التدفق إلى المنجم.

   يعملون هناك منذ سنتين. وسيستمر العمل في  المنجم بعد ثمانية عشر شهراً، ينتقلون بعدها إلى التنقيب تحت الأرض عن هذه الرواسب،  بعد الفراغ من المواد الخام الموجودة هناك سينتقلون إلى منجم آخر يدعى بالكوالا.

   للمنجم عمر محدد يعتمد على حجم المعادن الخام الموجودة فيه. فبعد خمس أو ثمانية سنوات سيتم استخراج الكمبرلايت بكامله.

يستغرق تحضير المناجم للإنتاج سنوات طويلة. لا بد في منجم كوالا التالي في استخراج الماس، من إزالة طبقة سميكة من الطمي والتراب والغرانيت.

   الماس الموجود في منجم ميزري صغير جداً ولكن هذا المنجم  سيثبت أن له قيمة كبيرة لأنه يحتوي على الكثير من الماس. خلال بضعة أشهر سيبدأون باستخراج المواد الخام التي سيتم شحنها ليلاً نهاراً إلى ايكاتي  التي تبعد تسعة وعشرين كيلومتراً، حيث سيتم تصنيعها.

    يعمل منجم إيكاتي أربعة وعشرين ساعة يومياً وثلاثمائة وخمس وستين يوماً في السنة.

تعبر من الاثنين إلى الجمعة طائرة مرخصة من يلونايف  ثلاثمائة كيلومتراً  نحو الشمال الشرقي وصولاً إلى  المنجم. أمضى الذين ينزلون من الطائرة أسبوعين من الراحة في منازلهم.  ليصعد مكانهم أشخاصا أنهوا وأربعة عشر يوما من العمل المتواصل.

 منجم إيكاتي أشبه مدينة صغيرة تكفي ذاتها. حيث يسكن ستمائة شخص في مكان وسط المجهول، مكان يستمر فيه الشتاء ثمانية أشهر. يستطيع مولد الطاقة هناك أن يزود مدينة يلونايف بالطاقة.

  أينما وجد الماس توضع حراسة. عشرة بالمائة من عمال المنجم يعملون تحت الحراسة. في أي منجم ألماس يكون الأمر أشبه بالسجن. في المقابل هناك مناطق تشبه الفندق، الذي تمارس فيه الرياضات الممتازة في أماكن تمرين مفتوحة على الدوام. 

ينام ثلاثمائة شخص في آن معا بينما يعمل ثلاثمائة آخرين، لأن المنجم يعمل على أساس مناوبة كل اثني عشرة ساعة.   لا شيء باستطاعته إيقاف الإنتاج سوى كثرة الثلوج في الشتاء.

جميع الحفريات وكل ما يحدث في المنجم يركز على مكان واحد، هو محطة التحويل.  

هنا تبدأ رحلة يوم كامل لخامات الكمبرلايت التي  تمر فوق مناخل مهتزة  وأحزمة النقل الميكانيكية  ليتم فرزها. ستفرك، ثم تضخ في دوامات ليتم فصلها، لتمرر بعد ذلك على أدوات تحدد حجمها، وتتحول إلى رداغات وتُغسل.يفصل الماس عن الحجارة الأقل كثافة، ويغسل مجدداً ثم يُمزج مع السيليكون الحديدي، ويخضع للطرد المركزي،  ويفصل لتتم غربلته مجدداً. في نهاية المطاف ينفصل الماس عن التربة التي احتوته لأكثر من خمسة ملايين سنة.

يقع مصنع الفرز والتقييم لمنجم إيكاتي قرب مطار يلونايف.الحراسة مشددة كالعادة في صناعة الماس.

   يفرز المنسقون الحجارة على أساس المقاييس العالمية، حيث يقرر المصنعون ماذا سيفعلون بالحجارة التي يصنفونها وفقاً للمعايير التالية: اللون والنقاء والقص والقيراط، وهي معايير موحدة في العالم. تستطيع الحصول على ألوان الأبيض والبني والرمادي، وهي مطلية،  والبورت.

يجب أن تكون كثير الصبر لتصبح منسقاً حيث يجب أن تجلس ساعات وتنظر فقط للحجر مع كثير من التركيز. يجب أن تتمتع بنظر جيد. يمكنك أن تتخيل ما سيصبح عليه الحجر بعد أن يصقل  ويلمّع ويهذّب.

   لدى   BHPبيليتون مكتب مبيعات في مقاطعة انتويرب  في بلجيكا. خمس وثلاثين بالمائة من الماس القاسي يُباع  لشركة ديبيرز،  وخمس وخمسين بالمائة لشركات أخرى،  وعشرة بالمائة تعود إلى كندا لتوزع على ثلاث شركات في يلونايف لتُقطع وتٌلمّع.

توظف شركة أرسلانيان كاتينغ وركس في يلونايف ثلاثين خبيرا أرمينياً في التلميع.

   سبب استخدامهم ملمعي قطع أرمن هو أنهم أفضل الملمعين في العالم. فلأرمينيا قصة طويلة في تصنيع المجوهرات الجيدة أثناء الحكم السوفياتي،  وقد أحضروا إلى هناك لتعليم الكنديين كيفية تلميع الماس.

   عندما يصل الماس القاسي إلى المصنع يوضع بيان مفصل عن كل واحدة منها  وتفحص وتُوزع لتسلم بعد ذلك إلى الواسم بعلامة. بعد المعلّم هناك مهندس الماس الذي ينظر إليها ويتفحصها عن قرب ثم يقرر ما إذا يجب قطعها أو وسمها للحصول على أفضل وأمثل قطعة ألماس ممكنة من هذه القطعة القاسية .

   تكمن المرحلة التالية بمرور الماس فيغرفة التشذيب حيث يركب على شفرات برونزية مغطاة بزيت خاص ممزوج بغبار الماس.. توضع الماسة للنشر عدة ساعات حتى تُقطع نصفين.

ثم تذهب إلى غرفة التصحيح حيث يُدور الماس القاسي.

في غرفة التلميع  توضع وجوه التلميع على عدة مراحل.. يحتاج المرء إلى خمسة سنوات ليصبح معلماً في التلميع،  ووقت أطول أيضاً ليتعلم كيفية تقطيع الحجارة الأكبر حجماً..

    السبع وخمسون وجها الذين يعطون الشكل المدور واللماع للماس متساوية جميعها ومقابلة  لبعضها البعض فهي متناسقة تماماً  ومصقلة بشكل مثالي  وجميها مشغولة باليد. لذلك فإن الماس المقطوع بشكل دقيق أو الماس الخالي من الشوائب يساوي الكثير لأن صناعته عالية الجودة.

    تكمن المرحلة الأخيرة بالتوقف عند كبير العمال،  الذي يتأمل تقريباً كل ماسة،  ويقيم صقلها ويرى ما إذا كان بالإمكان تحسين هذه الماسة؟ هل هي مثالية؟ هل تطابق المعايير العالية المطلوبة؟ فإذا كانت كذلك تنتقل إلى التنظيف النهائي.أما إذا لم تكن كذلك فتعود أدراجها مجددا. .

ما يميز ألماسهم بشكل خاص ما لديهم من طريقة صنع الماس في إيكاتي وهي على النحو التالي: فلديهم ما يسمى القطع المثالي الثلاثي.إنها قطعة من الماس مثالية النسب والتناسق والصقل..أقل من واحد بالمائة من ماس العالم كله يبلغ هذه الدرجة من الكمال. وهم ينتجون ثلاثين بالمائة من المخزون العالمي..

    تستحوذ كندا حاليا على ستة بالمائة من قيمة السوق العالمي ولا تستطيع تلبية جميع الطلبات على ألماسها..

تشهد بحيرة غريت سليف حركة قوية للطائرات العائمة التي تنقل المؤن للمخيم الشمالي. كانت .يلونايف الواقعة على حافة البحيرة مركز دائم للتنقيب عن الذهب والفضة والنحاس واليورانيوم. .

عند التحدث عن تاريخ يلونايف من الضروري أن يذكر ويفر وديفور.  وهما بائعي لوازم للمنقبين .فقد زودوا حوالي ثلاثين مخيم تنقيب واستكشاف..

    كان ذلك في  فترة الثلاثينيات عندما عرفت الأراضي الشمالية الغربية حركة قوية للبحث عن الذهب، عندها فتح هاري ويفر وبد ديفور متجرهما..

    لم يتغير الكثير في بعض الجوانب، .لا يزال هناك بعض المنقبين المستقلين الذين يحددون أهدافا لهم  في جميع أنحاء الشمال..  كان ستو بلوسون منذ عشرين سنة مجرد واحداً منهم .وقد اعتبر غريباً نوعاً ما لأنه كان يبحث عن الماس..

    تغير الأمر بشكل جذريا عندما عثر ستو بلوسون وشاك فبكي ألماساً.وعندما حددا أربعمائة  وخمسين ألف هكتار من الأراضي،  لم يعد بحثهم سرياً..

سادت أجواء ذعر من عملية التحديد..   

للعالمة الجيولوجية أيرا توماس اسم رائد في أحداث اكتشاف الماس في التسعينيات. فقد عَمِلت لسنوات مع والدها مهندس المناجم.

   لقد كانت فترة مثيرة جداً بالنسبة إليهم كان ذلك في أواخر العام 1991 و الشركاء  ستو بلوسون وشاك فبكي قد أعلنا عن اكتشاف هائل لأنابيب كمبرلايت في بحيرة  بوينت ليك وهذا ما يعتقد بأنه أكبر اندفاع نحو التحديد في تاريخ العالم. هكذا بدأ الأمر عندما اجتمع توماس و شريكه بوب كينيكوت و حددا هذه الأرض التي تدعى الآن ديافيك و التي يبلغ مجموع مساحتها حوالي المليون أكر وكل واحدة من هذه المساحات تبلغ حوالي مائتي و خمسين أكر. هكذا بدأت قصة الماس معهم.

  لا أحد يبحث عن الماس بل يبحثون عن أنابيب الكمبرلايت التي تحتوي على الماس وقد ترافق عملهم بالمسح الجيولوجي للأراضي.  فأنابيب الكمبرلايت أكثر مغنطيسية من الأحجار المحيطة. إسدال المقياس المغنطيسي  من طائرة مروحية غالباً ما يستطيع تحديد أماكن وجود أنابيب الكمبرلايت حتى من خلال الماء ورواسب الجليديد.

   تُظهر  الخريطة المغنطيسية جزءاً من الأرض حيث يظهر الكمبرلايت على نحو نموذجي بخصائص مغنطيسية  لونها أزرق داكن. ثم يتحركون ضمن جماعات لدراسة فيزياء الأرض، ما يعد أساسا كعمل ملحق بالدراسة الجيوفيزيائية المجوقلة التي قاموا بتنفيذها سابقا.  

   يأخذ فريق ديافيك الإستكشافي عينات للصخور يخضعها لاختبارات أكثر تعقيداً.  

   الهدف من المسح المغنطيسي هو قياس التغيرات في حقول الأرض المغنطيسية.  

   خلال العمل ضمن المنطقة التي أظهرت اختلاف على الخريطة المغنطيسية ، دلّت  الإختبارات على أماكن وجود أنابيب الكمبرلايت.

   يقوم الثلاثة بإدخال رادارٍ للمسح تحت الأرض الذي يتفحص ما يوجد على عمق خمسين متر تقريباً .

   يبحث الرادار عما يسمى بالآفاق العاكسة،  وهي دليل آخر على وجود الكمبرلايت في هذا الموقع..

  رغم عثور  ستو بلوسون على أنابيب كمبرلايت تساوي أكثر من بليون دولار، إلا أنه ما زال مستمرا في رحلة البحث عن الكنز. .

   يستعد اليوم للقيام بالحفريات ، أدوات الثقب هناك على الصخور.  هناك مثقاب للتنقيب من النوع الخفيف الوزن،  يمكن نقله بسرعة كبيرة. تكمن الفكرة في الحصول على تأكيد عن بلوغهم الهدف.    ستُنقل فيما بعد مثاقيب أكبر حجما  من النوع الذي يحدد بدقة أكبر كيفية العمل وبعد ذلك تستخدم مثاقيب أكبر حجما لأخذ عينات أكبر من العمق تقدر بأطنان المواد لتقييم الماس.

   ما يأمل به المنقب هو أن يأتي المثقاب بعينات من الكمبرلايت  تحتوي على مؤشرات معدنية تدل على وجود الماس. هذا هو الهدف الأكثر احتمالا  بين الخمسين التي حددها المسح الجيوفيزيائي.

  لكنّ ستو بلوسون قد جنى حتى الآن أموالاً كثيرة من الماس،  حتى أنه منح جامعته القديمة خمسين مليون دولار،  فلماذا يستمر بالبحث عن الورقة الرابحة؟ لأنه لا يستطيع التخلي عن إثارة البحث..

  قد يكون هذا هو اليوم الذي يجد فيه بلوسون منجم يساوي مليار دولار آخر.

نورمز كامب هو المكان الذي وجد فيه ستو بلوسون و شاك فبكي ألماساً لأول مرة في كندا، و حيث بدأ حمى التنقيب عن الماس.  ما زالت BHP بيليتون تتخذه موقعا لمخيم استكشافها الصيفي الدائم.  

 يعتمدون خلال أشهر الصيف الثلاثة على حوالي عشرين شخصاً يقومون بأعمال مختلفة.  فهناك التقنيين الذين يخرجون للقيام بالمسح والجيولوجيين الذين يعملون في الأكواخ على العينات المستخرجة .

  ما يقام بدراسته هناك هو عبارة عن عينات من القلب تُحضر إليهم يومياً من موقع الحفر. هناك الغرانيت الذي لا أهمية له فهو غير قابل للاستثمار ولا منفعة منه.  ما يريدونه هو الكمبرلايت . يفحص يوميا بأدق تفاصيله. يبعث بنصفه إلى التحليل المعدني و البحث عن قطع الماس الصغيرة،  فإذا كان ذا منفعة لهم و من المحتمل أن يكون مثيراً للإهتمام، فيعودون السنة المقبلة و ربما يقومون ببرنامج حفريات آخر . أما إذا كان شديد الأهمية فيقومون بما يسمى أخذ عينات كبيرة  وهو برنامج الحصول على عينات بكميات ضخمة للاهتمام بالأمر حينها.

  هم مسؤولون عن الإستكشاف ضمن هذه الأرض التابعة ل BHP وهي تبلغ حوالي أربعة آلاف كيلومتر مربع،  وهو حجم ولاية أمريكية صغيرة، تمكنوا في هذه المنطقة واستطاعوا إيجاد مائة و ثمانية وثلاثين أنبوب كمبرلايت،  معظمها غير صالح للإستثمار. و لكن ثمانية منها فقط  صالح للاستثمار وفقاً لشروط هذه الأيام وهي ضمن مخطط عملهم في التنقيب.

   رغم أن العينات قد تكون واعدة،  إلا أنها لا تشكل أي ضمانات.  

   عادة ما تخفي الطبيعة هذه الأسرار جميعها،  وهم يحاولون جاهدين  اكتشاف بعض الأسرار التي تخفيها الطبيعة عنهم.

 هناك آلاف من أنابيب الكمبرلايت التي لم تكتشف بعد،  كل ما يحتاجه المرء هو مزيج من العلم وحسن الحظ. .

يقع منجم ديافيك للماس على بعد ثلاثين كيلومتراً من منجم إيكاتي، وهو الثاني في شمالي أمريكا. يقع في الجزيرة الشرقية،  في لاك دو غرا.  يحتاج المرء للهندسة المبدعة للوصول إلى أنابيب الكمبرلايت في قاع البحيرة. فهي ليست مجرد بحيرة يجب تفريغها إنما هي جزء من أكبر بحيرة في المنطقة.

كانت أيرا توماس واحدة من  الجيولوجيين الذين اكتشفوا الماس هناك عام 1995 .

   عمل المهندس المدني ريتشارد أوليف على مشاريع السدود في أنحاء العالم.  لكن بناء سد في المناطق المجاورة للمنطقة القطبية الشمالية يتطلب طرقا مختلفة.  

   توجد على شمالي الآن بركة مياه هادئة، من الصعب التصديق أنها خلال السنوات الست المقبلة ستكون حفرة فارغة عرضها كيلومتر واحد وعمقها ثلاثمائة وخمسين متراً.  سيعمل عدد من الرجال  على اكتشاف أماكن وجود الماس في الحفرة لاستخراجه لاحقاً، لهذا عليهم تفريغ البركة من المياه ما يستدعي إحاطتها بسد للعمل بعد ذلك على إفراغها من المياه.  

   وضع السد قيد الإنشاء منذ ثلاثة أسابيع وهو يمتد بمعدل ثلاثين متراً يوميا. سيتم على مدى السنوات العشر المقبلة بناء ثلاثة سدود و إقامة حفر ثلاث يفترض أن تحتوي على أربعة أنابيب كمبرلايت.  يقدر عمر الحفر بحوالي عشرين سنة.

  تكمن المرحلة الأولى من عملية  بناء السد في  تنظيف قعر البحيرة. ستجد في هذه البحيرة مترين من الترسبات منتشرة في جميع أنحاء القاع.  .

  بدأت أداة رفع الرمال من قاع البحيرة بالعمل في أواخر حزيران عند ذوبان الثلوج. تضخ المواد المستخرجة تُضخ في مكان على بُعد ميلين.  الكابتن بيل هاملتون هو المسؤول عن عملية الضخ..

   يكمن ما يفعله هناك fإزالة بعض المواد الخفيفة نسبياً عن السطح من الطين والحجارة لأنهم يريدون بناء السد على أرض صلبة ولا يريدون أي عوائق بين السد والأرض كي لا ينزلق.

  عند انتهاء رفع الرمال في قسم ما يسارع الغطاسون إلى تفقد المكان.  إنه جزء ضحل من البحيرة والغطاسون يعملون على عمق عشرة أو عشرين متراً تحت المياه.  

   بعد كل عملية غطس،  يُقدم تقرير عن كمية الطمي الذي تمت إزالته من قعر البحيرة.   

  تقتضي المرحلة الثانية وضع مصفاة  اسفل السد مع اتجاه مجرى النهر.  هذا عامل أساسي لضمان سلامة السد.  فهو يحرص على عدم وجود أي تسرب  عبر أساسات السد لأن هذا سيؤدي إلى تآكل وإضعاف السد. أم طريقة تنفيذ العملية فتكمن في  وضع طبقة من الحجارة المطحونة في الأسس  لتشكل مصفاة بسماكة مترين.

 هناك عوامل كثيرة في هذا الموقع تجعله مختلفاً عن معظم مواقع السدود. فالطبيعية لم تزودنا أولا بأي مواد أخرى  غير الصخور.

  قد تكون الصخور هي الأدوات الوحيدة المتوفرة، ولكنها لن تنقص. فالجزيرة مصنوعة من الجرانيت.
 مقلع الحجارة يؤمن الصخور والكسارة تصنع منها أحجاما مختلفة تتراوح بين متر واحد حجارة مطحونة.

  السد هو عبارة عن صخور كبيرة يوضع من خلالها جدار قطع بلاستيكي صلب.

... من الضروري  قبل وضع الجدار، أن يكثّف القلب الداخلي للسد.  أما الطريقة التي تتبع فهي تكثيف اهتزاز الحبيبات المطحونة التي تشكل قلب السد. يتجه المسبر نحو القاعدة مباشرة ليحقن الماء ويهتز المواد  محدثاً بذلك استقرار وثبات.    

تكمن الخطوة التالية  بعد تماسك الداخل في حفر خندق عرضه متر يُدخل من خلاله جدار القطع لمنع تسرب المياه من السد.  

 قاموا بتصميم و بناء آلات أحضرت خصيصا من ألمانيا بهدف قطع  المواد المكثفة  بعد أن ملأ الخندق بالطين و الرداغ لإبقائه مفتوحاً.  تحفر الآلات من خلاله أولاً تخرج المواد و بعد أن تضرب القاعدة يتجهون نحو الأساس حيث هناك جلاميد كبيرة الحجم فيقومون باختراقها.  

لديهم آلات قاطعة تستطيع قطع هذه الجلاميد على شكل رقائق يقومون بإزالتها،  ليصبح لديهم خندقاً يؤدي مباشرة إلى قاعدة الجرانيت المليئة بالرداغ..

المرحلة التالية هي استبدال الرداغ بالبلاستيك القاسي.  الهدف من استعمال البلاستيك القاسي نزوله واستقراره ليملأ كل ركن صغير وصدع للحصول على جدار مستمر عبر السد. وهكذا يصبح السد في هذه المرحلة  قد اكتمل. ما إن ينتهوا من ذلك حتى يصبح بإمكانهم ضخ المياه. ومن ثم يوضع الرأس النهائي للسد.

   بعد سنة تقريباً سينتهي العمل على السد ليستغرق إفراغ المياه ثمانية أسابيع. 

تغيب الشمس في تموز يوليو  هناك في أقصى شمال كندا حوال الساعة الحادية عشر مساء.  قبل شهر من ذلك لا تغرب الشمس تقريباً. يتم الترحيب بأيام ساعات النهار الطويلة جدا في ديافيك , فهناك برنامج مليء لإنجاز البناء .

  لقد سطحوا هذه المنطقة لتعطيهم أساساً متيناً للعمل.  للحصول على ذلك نقلوا مليون ونصف المليون طن من حجارة الجرانيت و قاموا بتخفيض حوالي العشرين متراً من علو المنطقة .  بدأوا  أواخر الربيع بناء مصنع المعالجة .  من الواضح أن هذا سيكون مركز النشاط في العملية إذ ستتم معالجة الماس هناك.  سيعالج من أربعة إلى خمسة آلاف طن من الكمبرلايت يومياً لينتج من خمسة إلى ستة ملايين قيراط من الماس سنوياً في هذا المصنع.

من المعروف أن الشتاء قادم و عليهم إنهاء هذه المبنى قبل حلول الطقس البارد،  لذلك بذلوا جهداً كبيراً لإنجاز العمل قبل تشرين الأول أكتوبر، حيث  تصل الحرارة إلى خمس وأربعين درجة تحت الصفر لتصبح مع الرياح الباردة حوالي ثمانين درجة تحت الصفر، فالمكان هناك يصبح شديد البرودة.

يجب أن يكون بعض الفولاذ الذي يستعمل هناك من نوع خاص وتحديدا من الفولاذ البارد لأنه حين يصبح البرد شديدا في الشتاء يتحول الفولاذ إلى مادة هشة يسهل تحطمها. من الواضح أن التحدي الوحيد الذي يواجه هو المناخ.  لديهم فترة قصيرة جدا للعمل يكون البناء فيها مكثفاً خلال فترة الصيف إذ يستغل أربعة  وعشرين ساعة من ضوء النهار والأحوال الملائمة جداً لذلك. يفكرون دائما بأن الشتاء قادم.

  يعتبر الشتاء من أكبر التحديات التي تواجههم على الإطلاق في التنقيب عن الماس في المنطقة المجاورة للقطب الشمالي. ولكن المفارقة هي أن الشتاء هو الذي يسهل عملية التنقيب.

 تُبنى طريق الجليد سنويا فوق بحيرات الجليد. لتربط المناجم خلال ثمانية أسابيع بالعالم الخارجي.  ضمن هذه الفترة الزمنية القصيرة،  بين شهري شباط ونيسان  تصبح الفرصة متاحة لنقل المعدات الثقيلة،  تقطع ثمانية آلاف شاحنة محملة بالمعدات لستة عشر ساعة من يلونايف إلى مناجم الماس.  

  تشكل القيادة على الطرقات الجليدية في الشتاء تحدياً لهذا يجب أن تتوخى الحذر دائماً للتأكد من عدم القيام بأي خطأ.  الأخطاء مكلفة، قد تخسر أرواحاً لذلك يجب أن تأخذ الوقت وتحسن القيام بالأمور، لأنه لا يوجد مجال للخطأ.  

 يصل طريق الشتاء إلى حوالي خمسمائة كيلومتر، وعادة ما يتم فحصها وتحسينها. يقيس الرادار سماكة الثلج التي عادة ما تبلغ حوالي المترين. تحدد دوريات الأمن سرعة القيادة و المسافة بين السيارات.  فلا بد من بقاء الطريق الجليدية مفتوحة. . 

للأراضي الجرداء طبيعة فقيرة فهي تقنياً صحراء قاحلة، رغم أمطار وثلوج لا تقل عن الأربعين سنتمتراً سنوياً. 

  يعملون ضمن محيط نقي جدا. لم تمسه يد إنسان من قبل لذا يتخذون جميع التدابير اللازمة لعدم الإضرار بهذه البيئة أثناء عملية بناء السد.

  وقع المسؤولون عن عمليات التنقيب عقود بيئية صارمة.  تعتبر ستائر الطمي وسيلة لحماية القائمين عن منجم ديافيك بحماية البيئة. تحصر هذه الستائر موقع عملية بناء السد فتعيد توجيه الطمي العكر وغبار الحجارة إلى قعر البحيرة مجددا. 

ترسل المياه والحجارة المسحوقة في منجم إيكاتي   من معمل التنقيب على شكل ردغ عبر أنابيب تنقلها إلى بحيرة لونغ ليك. تحتاج عملية التنقيب إلى المياه وحدها ما يجعل الردغ عديم الأذى. تبحث BHP بيليتون عن طرق لاستصلاح هذه الأرض، فالبقع الصغيرة الخضراء قد تعد بشيء في المستقبل.

   لديهم التزام تجاه الحكومة الكندية بإعادة الأرض إلى سابق عهدها أو إلى حال مشابهة . لذلك سيقومون بتغطية المنطقة بالصخور كإحدى الخيارات. أما الخيار الآخر فهو أن يقومون بتخضير المنطقة بأكملها.

  حتى الآن  وبعد العام الثاني من الأبحاث، تبدو النتائج واعدة جداً فيما يتعلق بخطة إعادة زراعة المنطقة المشوهة.

  يحاولون قدر المستطاع عدم التأثير بالبيئة أو الثروة الحيوانية لأنهم يعتقدون  بأنها مهمة جداً فهي تعد جزء هام من تراثهم و ثقافتهم.

   في أحد أيام تموز يمر عشرين ألف إيلٍ قرب منجم إيكاتي، تقدر الإحصاءات أن قطعان الإيلة تتراوح ما بين ثلاثمائة وخمسين وأربعمائة ألف رأس. وهي تهاجر مرتين في السنة شمالا في الربيع نحو أراضي كالفينغ،  وجنوبا في الخريف، ولكنها في الخريف وحده تهاجر بهذه الأعداد الكبيرة. يستخدم ثلث القطيع طريق ليك دو غرا لعبور أراضي إيكاتي و منجم ديافيك. يسعى المسؤولون في المنجم  لعدم وجود ما يعيق تقدمها ويتم إيقاف حركة المرور على طريق المنجم،  ولكن بعد خمسة و عشرين سنة سيعود هذا الجزء من السهول إلى الإيلة و غيرها من الحيوانات البرية. .

 بعد استخراج كميات الكمبرلايت ومغادرة  هذه الحُفر ستعاود الثلوج والأمطار ملئها بالمياه تدريجيا. لتعود إلى سابق عهدها مجددا كبحيرات هي جزء من السهول الضالة عبر المساحات الشاسعة.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster