اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 عالم الآثار - أسرار معركة بيغ هورن
 

موقع بيغ هورن

 

        تحت هذه الألواح الرخامية المنتصبة في تلال مونتانا، تقبع مفاتيح واحد من أهم أجزاء تاريخ أمريكا الغربي.

        اصطدمت هنا قبل مائتي عام حضارتين مختلفتين. لتولد الأسطورة قبل أن يتلاشى الدخان. عثر علماء الآثار اليوم على جانب جديد من المعركة، يتحدث عن  أصداء سفك الدماء الهندية التي يتم تجاهلها منذ زمن بعيد. ماذا حصل فعلا لكوستر، في معركة بيغهورن؟

        كانوا أكثر الأشداء شجاعة. مائتان وعشرة رجال من فرقة الفرسان الأمريكية السابعة، التي كان على رأسها الشهير جورج أرمسترون كوستر. أشقر الشعر أزرق العينين عرف بقلة خوفه وتحدياته وشجاعته الفريدة. أما خصمه فكان أوغلالا سيو الشهير بالثور الجالس، الذي اشتهر بازدرائه بالبيض وكراهيته الشديدة لمستوطناتهم.

        تقاطع مصير الرجلان على جسر شيد فوق نهر بيغهورن الصغير. كان لفرقة الفرسان السابعة هنا وقفة مأثورة، كادت تكون الأخيرة. وسط آخر وقفة مجيدة، سقط كوستر ورجاله الواحد تلو الآخر. ولكن ما مدى صحة هذه الأسطورة؟

        استطعنا للمرة الأولى حبك اللحظات المأساوية الأخيرة من ذلك اليوم الدموي على الجسر الممتد فوق بيغهورن. بحث علماء الآثار في ساحة المعركة عن الرصاص والأزرار وفتات العظام، حتى توصلوا إلى تقليد فريد على الكمبيوتر لتبادل إطلاق النار.

        وكأنهم يبعثون الحياة في المشهد الأسطوري، لوقفة كوستير الأخيرة.

        على مسافة مائتي ميل إلى الجنوب من ساحة معركة بيغهورن، تنتصب التلال السود فوق السهول الكبرى. هنا بالتحديد، بدأت قصة الوقفة الأخيرة لكوستر.

        يعتبر هنود السو أن التلال السود هي محور العالم،  وهم مستعدون للدفاع عنها بأي ثمن. كانت أمريكا تتوجه غربا، بقيادة جيش الولايات المتحدة. فجاء الرد حساما بالمواجهة من قبل هنود السو في شمال شيان، الذي أخذوا يهاجمون العربات وقطارات التموين المتنقلة في المنطقة.

        جرى عام ألف وثمانمائة وثمانية وستين التوقيع على معاهدة سلام، يتم التعهد بموجبها السماح لهنود السو بالسيطرة على التلال السود إلى الأبد. ولكن سرعان ما نكث هذا العهد، بعد اكتشاف مناجم الذهب. فانطلق عمال المناجم في أراضي السو المقدسة. رفض آلاف الهنود هذا الاجتياح، وجالوا في أراض مشاع من وايومينغ ومونتانا.

        أصدرت الحكومة الأمريكية قرارا بعودة الهنود إلى محمياتهم في الحادي والثلاثين من كانون الثاني يناير من عام ألف وثمانمائة وستة وسبعين. مر كانون الثاني بكامله، دون تنفيذ القرار.

        أطلقت ثلاث أرتال إلى السهول الشمالية لتطويق الهنود وإعادتهم إلى المحميات.

        من بينها رتل فرقة الفرسان السابع بقيادة الجنرال جورج أرمسترونغ كوستر. رغم اعتباره واحدا من أبطال الحرب الأهلية، إلا أنه كان مليء بالتناقضات. تعطشه للنجاح جعله يتعرض إلى سلسلة من الأخطاء في الأحكام. كان من أبرزها مهاجمة الثور الجالس.

        كان زعيم السو الروحي هذا قد رأى حلما شاهد فيه جنودا على ظهور الجياد تنزل إليه كالجنادب، وتسقط في المخيم، بجنود قتلى.

حشد سيتينغ بول رجال السو والشايان على ضفة نهر روزبود غريك  القريب من نهر بيغهورن، وقد جاءوا إليه بالآلاف.

        يوم الخامس عشر من حزيران يونيو هاجم كوستر، ما حصل بعدها أشبه بأساطير الحدود التاريخية. ولكن الحقيقة الكاملة عن هذه المعركة لم تنشر بعد. عام ألف وتسعمائة وثلاثة وثمانون حصل علماء الآثار على فرصة فريدة. اشتعلت مروج ساحة المعركة  كاشفة عن وجه الأرض لأول مرة منذ ما يقارب المائة عام. ساهم دوغ سكوت الذي يعمل في خدمات الحديقة الوطنية، مع ريتشارد فوكس في مشروع للحفريات في ساحة المعركة، اشتملت على استخدام كاشف المعادن.

                وقفنا بداية في صف واحد مع مجموعة من الناس ضمن ما يسمى بخط التمشيط، ثم مشينا معا عبر ساحة المعركة.

        كشف علماء الآثار عن أكثر من تسعة آلاف أداة أو أثر، شكل كل منها تذكار صامت لسفك الدماء الغاضب قبل قرن من اليوم.

        عثر هنا عند هذه العلامة على أكثر الأشياء التي وجدت هنا غرابة.  إنه إصبع شخص مقطوع وملتصق بخاتم شبيه بهذا. وهو يمثل بعض من ثلاثين أرملة ويتيم بقوا وراءهم، دون أن نأتي على ذكر الرجال الذين قتلوا.

        تحت الطبقة الأولى من سطح الأرض عثر كاشف المعادن على مئات من الرصاص المطلق والظروف الفارغة. للمرة الأولى منذ مائة عام، يتمكن علماء الآثار من إعادة تصوير معركة ليتل بيغهورن. يكشف ذلك عن تبادل إطلاق النار القاتل الذي واجه رجال كوستر في اللحظات الأخيرة من المعركة. هنا يمكن الإجابة على سؤال قديم عما إذا كان لكوستر  وقفة بطولية أخيرة فعلا؟

        تعتبر معركة ليتل بيغ هورن إحدى النزاعات الأمريكية الأكثر دراسة. ولكن جزءا كبيرات منها يعتمد على التقديرات والأساطير.

        بدأت أسطورة كوستر من هنا وهي أسطورة مهيبة، انطلقت مبدئيا مع تصاعد دخان الأسلحة من ساحة القتال. نزل كوستر عبر جدول صغير في محاولة منه لمهاجمة قرية تقع على الجانب الآخر من نهر ليتل بيغهورن. فقوبل بحشود من الهنود فانحرف بعيدا عن النهر شمالا إلى تلة كوستر، وهناك عمل مع رجاله على تنظيم دفاع عن الشهامة والمجد بلا جدوى، حيث واجهوا الهنود حتى الرصاصة الأخيرة وحتى آخر رجل، وكثيرا ما يقال أن آخر الرجال كان كوستر بنفسه.

        ولكن أعمال الحفر التي جرت في ليتل بيغهورن قلبت هذه الأسطورة رأسا على عقب.

كشف علم الآثار أنه أثناء محاربة الجيش مستعملا البنادق ومسدسات البكر، استعمل الهنود حوالي واحد وأربعين نوعا من الأسلحة.  ما زالت الرصاصات وضروفها المطلقة تحمل علامة واحدة من أثر إطلاقها. عبر تفحص هذه البصمات القديمة بمساعدة الكمبيوتر، تمكن علماء الآثار من رؤية هذه المعركة الطويلة جدا تستعيد الحياة.

دوغ سكوت:    عند الخوض في تحديد نوعية الأسلحة المستعملة،  ودراسة بصمات الإطلاق الفردية، ومن خلال التعرف على مجموعات ظروف الرصاصات الهندية، تمكنا من التعرف على مواقع هندية جديدة لم تكن معروفة. بعد  إضافة ذلك إلى دقة خريطة الكمبيوتر، استطعنا ملاحقة تنقل الأفراد عبر ساحة القتال.

        عبر التأكد من تحرك الناس، وتناقل الأسلحة بين أيدي هؤلاء الناس، تمكنا من رؤية الديناميكية التي تميزت فيها هذه المعركة.

        تؤكد النظرية الجديدة أن كوستر قد وصل فعلا إلى فوهة الجدول الصغير، كما أن القرية الهندية كانت فعلا على الجانب الآخر من النهر. ولكنه لم يهاجم، كما لم يواجه حشودا من الهنود. تبين لنا أنه وجد هناك قرية خالية من السكان.

        أما السبب فهو أن  كوستر كان قد أمر نائبه الرائد رينو بمهاجمة الهنود في الوادي. ما دفع المحاربين بعيدا عن القرية، وأجبر النساء والأطفال على الفرار من القرية.

        توجه كوستر نحو التل وهو يطارد النساء والأطفال الهنود الفارين من القرية. والحقيقة أنه نصب مخيما فوق التلة، شمال الجناح الأيمن في موقع هنا وأخذ جناحه الأيمن من جديد نزولا نحو النهر، ولكنه أجبر عل العودة والانتظار. أي أن قيادة كوستر بكاملها انتظرت عند التل.

        انتظر كوستر وصول الدعم القادم من الكابتن بينتين العامل لديه، والذي تلقى أوامر بمراقبة وادي النهر في وقت مبكر من ذلك اليوم. ولكن بينتين كان يساعد رينو في الهجوم، فانتظر رجال كوستر دون جدوى.

        أثناء انتظارهم تزايدت أعداد الهنود ممن عبروا النهر وصعدوا إلى هذه المنطقة، عبر التسلل واصطياد الجنود. وأخيرا أصبحت التراكم هائلا لدرجة أن الكابتن كيوه، أرسل أرسل الفرقة جيم إلى هذه المنطقة ليخفف من تهديدها.

        بعد لحظات، أطلق الهنود الهجوم المعاكس، بقيادة الشاياني لام وايتمان. انهرت فرقة جيم وفرت باتجاه تلال كالهون.

        تلال كالهون هي الأماكن الوحيدة التي عثر فيها على إثباتات أثرية، وتحديدا على الاستقرار التكتيكي،  خاصة عبر مظروف الرصاص. رأينا ظروف الرصاص مصطفة فيما اعتبرناه خط التمشيط. كان الرجال يركعون ويطلقون النار عبر مسافة خمسة ياردات، على طول خط التمشيط.

        ولكن هذا الاستقرار التكتيكي لم يدم طويلا، لأنه تحول إلى بداية للنهاية. سحق رجال كوستر عبر هجمات متكررة قادها هونكابابا سو، مع غال، إلى جانب ما عرف أسطوريا بلقب كريزي هورس. كان غال قد فقد زوجتين وثلاثة أطفال له أثناء هجوم رينو المباغت على القرية.

        وسط حالة من الغضب العارم، اجتاح غال ضفاف بيغهورن، وهاجم بنفسه الرجال المتمركزين في تلال كالهون، ثم انضم كريزي هورس إلى الهجوم، ليتمكنا معا من دفع الجنود إلى تلة كوستر، حيث حاصروهم. بلغ اليأس ببعض الجنود أن حاولوا الفرار نحو النهر، ولكنهم علقوا في واد عميق.

        وأخيرا اجتاح الهنود آخر تلة مقاومة، وقتلوا ما تبقى فيها من جنود، وتدفقوا عبر القمة نحو النهر، باتجاه الوادي العميق حيث قتل آخر الجنود.

        وأخيرا انتهت المعركة، بعد أن استغرقت أقل من ساعة ونصف الساعة.

        وهكذا وجدنا في أسطورة الوقفة الأخيرة أنه لم يكن هناك وقفة أخيرة، بل كانت كفاحا يائسا وسط حالة من الارتباك والفوضى والرعب والخوف الشديد، كما هو الحال في غالبية المعارك. والحقيقة أن غالبية المعارك الحاسمة، عادة ما تنتهي بعد حالة من الضعف النفسي.

        للتأكد من هذا النص الذي صاغه علم الآثار، لجأ ريتشارد فوكس إلى مصدر يتم تجاهله منذ زمن بعيد. القصص التاريخية واللوحات الفنية التي أنجزت على أيدي المحاربين الهنود أنفسهم، وهي جمعها تؤكد الخطوط العريضة لما أورده علم الآثار من معلومات.

        تلجأ القصص الهندية للمجاز والاستعارة لوصف الخوف والرعب. تصرفوا وكأنهم بحالة من الثمالة، كانوا يطلقون النار في جميع الاتجاهات، تصرفوا وكأنهم مجانين، لعبوا أدوار الموتى وأشكال أخرى من التعبير المجازي.

        وجدنا أن الجنود لم يكثروا من إطلاق النار، ولم يطلقوا النار في كثير من الأماكن، وهذا ما يرد في العديد من القصص الهندية، حتى أن بعضهم رمى سلاحه بعيدا، ما يشكل دليلا على حالة الرعب السائدة هناك. والحقيقة أنه كثيرا ما كانت رصاصات الهنود تتوافق مع المواقع التذكارية، في ساحة القتال، ما يؤكد بأن الجنود قد ماتوا فعلا هناك، ولكن ليس أثناء القتال. عبر تعقب القصص الهندية في هذه المواقع، نستمع إلى قصص عن رجال هاربون سعيا للبحث عن مخبأ آمن. لا بد من التوضيح هنا أن هذا ليس جبنا، لأن هؤلاء الجنود شاركوا في المعارك وكانوا من البواسل، ولكن عندما يتغلب إحساس الرعب والخوف النفسي على المرء، يصبح بلا جدوى. أي أننا بدل موقف المأثرة البطولة الأخير، نقف حيال عامل نفساني يتجسد بموقف إنساني من الخوف والرعب.

                كثيرا ما يتم التركيز في سرد القصة على الأخطاء العسكرية، وكل ما ارتكب من أخطاء.

                أدت الأعمال الأثرية للسنوات العشر الماضية، وتقديرا لما يتوفر من سرد تاريخي عن تلك المعركة، تغيرت أشياء كثيرة في المنطقة. يعتبر تعيين المراقبين من أبرز هذه المتغيرات.

        من الضروري والهام أن نقوم باستعراض، لما أحسن الهنود القيام به، فلا شك أن هناك أشياء أحسنوا القيام بها في ذلك اليوم. فقد اعتمدوا استراتيجيا، على الطريقة التي نفهم فيها العسكرية.

        تنتمي بربرا بوهير إلى أصول من هنود الشيروكي والأوتي، وهي من الأقلية العاملة في الحديقة الوطنية.

                هناك ثلاثمائة وتسعة وخمسون وحدة في نظام الحديقة اليوم، تعمل من بينها ستة وثلاثين امرأة مراقبة، وأنا الأمريكية الهندية الوحيدة من بينهن جميعا، لهذا أحيانا ما أشعر بالعزلة أحيانا.

        كشف عملاء الآثار في ساحة القتال أنه تم التفوق على  كوستر بعدد الرجال والسلاح والقوة القتالية في ذلك اليوم.

                سبق أن استهين بالقوة النارية للهنود جديا، وذلك من قبل غالبية المؤرخين، مع أنها مسألة هامة. نقدر اليوم أنه كان هناك ثمانمائة بندقية على الأقل، ما يعني التفوق العددي بنسبة سبعة إلى واحد. حيال هذا التفوق بقوة السلاح لا يمكن التحدث عن الفرص.

        أعتقد أننا عثرنا على تسعة أنواع من الرصاص منتشرة حول هذه العلامات، ما يعني أن عددا من الهنود كانوا يطلقون النار على هذا الشخص وحده. لا أتخيل نفسي مكان هذا الشخص في تلك الظروف، التي يحاول فيها شحن بندقيته وإطلاق النار بينما يأتيه الرصاص من جميع الاتجاهات. لا شك أنه مات هناك.

        لم يكن لدى الهنود أسلحة فحسب، بل اتضح أيضا بأن أسلحتهم كانت متفوقة، أخذا بالاعتبار قرب المسافة التي اشتعلت فيها الاشتباكات.

        لم تكن أسلحة الجنود سيئة بل كانت ممتازة ولكنها كانت بنادق بشحنة واحدة، أي أنها يجب أن تلقم وتطلق النار ليعاد تلقيمها من جديد. أما بنادق الهنود فكانت من تلك التي يمكن أن تطلق سبع رصاصات على الأقل دون توقف لإعادة التلقيم. لهذا أعتقد أن كثافة النيران على وجه الخصوص لعبت دورا حاسما في المعركة لهزيمة قيادة كوستر.

        وأخيرا، فإن القصة التي تتحدث عنها الرصاصات ومظروفها الذي وجد تحت التراب  في ليتل بيغهورن، لم تكن لمعركة فريدة، بل هي مأثرة مأساوية لنزاع تاريخي بين ثقافتين، برزت سخرية القدر فيها عبر أدق التفاصيل.

                كان الرصاص الذي يستعمله الهنود من عيار أربعة وأربعين، وهو يصنع هارتفورد كونيكتكوت. أما رصاص الجيش الطويل الظرف فقد صنع في سبرينغ فيلد، مساشوسيس، على مسافة قريبة. أي أننا هنا أمام نزاع بين ثقافتين تستعملان أسلحة تصنعهما ثقافة واحدة.

        قاتل الجنود فيما كانوا يؤمنون به من التوسع غربا وإقامة المستوطنات. ولكن السو والشايان كانوا يقاتلون في سبيل أسلوبهم في الحياة، وحماية المساحات المفتوحة وصيد الثيران، وهي مسائل يعرفونها منذ  عدة قرون.

        فاز الهنود بهذه المعركة على البعيد، ولكنهم خسروا الحرب. أما على مدى الثمانية أشهر التالية فقد أعيد غالبية السو والشايان إلى محمياتهم، أما الثور الجالس، وهو آخر زعماء الهنود الذي اعتبر معاديا، فقد أجبر على الاستسلام.

                لم يسبق أن قدمت وجهة النظر الهندية كما تقدم وجهة النظر الغير هندية. كتبت أحداث المعركة على أيدي غير الهنود ونشرت بأيدي غير الهنود. وأعتقد أن هناك سوء فهم كبير على اعتبار أن الهنود بطبعهم شعوب هادئة، لسنا من الشعوب التي تكتب وتوثق، نحفظ تاريخنا كله شفهيا. أعتقد أنه كان من الأسهل على الآخرين التعامل معنا في الماضي بعد أن نموت.

        كيتي بيل ديرنوز هي هندية نشأت هنا، وهي تعمل اليوم في المتحف، حيث تشرف على العناية بأكثر من أربعة وعشرين ألف قطعة أثرية وحوالي ألفي صورة لفرقة الفرسان السابعة والزعماء الهنود في تلك المرحلة.

                لدينا في المجموعة حوالي مائة وخمسين صورة لجورج أرمسترونغ كوستر، وما أعرفه هو أن كوستر هو شخص يحب أن تؤخذ له الصور، والتأكد من أن صورته كانت جيدة. أصبحت اليوم آلف هذا الرجل جدا.

        عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين غير الكونغريس اسم المنطقة من ساحة معركة كوستر إلى النصب الوطني لساحة معركة ليتل بيغهورن.

                سررت جدا بتغيير الاسم لأن جدي مدفون في هذه المقبرة الوطنية. وكان جندي هندي كما دفنت جدة جدي كيتي بيل ديرنوز هنا معه. أي أن هذا جزء من وطني، وأعتقد أن الاسم يجب أن يعكس الموقع الجغرافي لهذه المنطقة وليس اسم شخص مثل كوستر الذي لم يمض هنا أكثر من أسبوع واحد.

        كانت ساحة القتال هذه في الماضي موقع للجيش الأمريكي ورمز للسيطرة الأمريكية على السكان الأصليين. أما اليوم فتوضع أسس لنصب جديد، تكريما للمحاربين الهنود الذين سقطوا في ليتل بيغهورن.

        بهذا نقيس مستوى تغيير الوعي التاريخي الأمريكي، كي يسمح بإقامة نصب تذكاري من هذا النوع. ليشكل شهادة على الرغبة في مواجهة الحقائق الأثرية المتعلقة بالماضي.

                هؤلاء الرجال الذين كانوا هنا في بيغهورن هم أكثر من مجرد صور في كتب، فأحيانا ما أرى صورا لهم في ساحة المعركة وسط حر النهار، يرتدون ملابسهم العسكرية الرسمية، بعد أن عبروا عشرون ميلا لبلوغ ساحة القتال وما عنته لهم من رعب وخوف وحر وإرهاق.

        أشعر بالرأفة نحوهم، وسط حر ذلك الأحد من شهر حزيران يونيه.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster