اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 عالم الآثار - قدماء أمريكا الشمالية
 

الهنود القدماء

 

        في جبال صحراوية نائية من جبال أوتاه، عثر علماء الآثار على اكتشاف مدهش، هي آثار عمرها ثمانية آلاف عام لأقدم شعوب سكنت جنوب غرب أمريكا. ولكن جدالا عميقا أثير حول العلماء وهم يكافحون لإزالة الغبار عن أسطورة داكنة من الماضي، يمكن للتقنيات الحديثة أن تكشف عن حقيقتها.

        ما زالت طقوس الهنود الأمريكيين مزدهرة في جنوب غرب أمريكا. تحتفل القبيلة هنا مع حلول الربيع بعودة الشمس الدافئة وما تمنحه الأمطار من تجدد في الحياة. تكرس الصلوات للجهات المقدسة الأربع، التي يحددها المسار اليومي للأب الشمس، الذي ينير عالم الأحياء نهارا، وعالم الموتى في الليل.

        لا تخصص جميع الطقوس للمقدسات، فمع حلول الربيع تكرس قبيلة أوت الجنوبية رقصاتها للدب، الصورة الأساسية لثقافتهم. تتحدث بعض الأساطير عن ولادة الأوت من التحالف بين الدب الصلب والقوي، والمحارب البشري. رغم أن رقصة الدب هي حفلة اجتماعية، تختار فيها الفتاة وليس الشاب شريكها في الرقص، إلا أنههم يعتبرونه احتفالا مقدسا، بأصول القبيلة.

        تقف وراء هذه  القوة الحيوية للطقوس الأصلية، بعض الأسئلة  التي تشكل تحديا للعلماء: كيف ومتى بدأ الناس يسكنون المناطق الصحراوية لجنوب غرب البلاد؟ كيف طوروا معارف قدرة البقاء على قيد الحياة؟ وتوارثوها جيل بعد جيل. تكمن الأجوبة هنا، في كهوف في أعالي وديان أوتا النائية، حيث عاشت الشعوب القديمة واصطادت ودفنت قبل ما يقارب الثمانين قرن.

        ولكن علماء الآثار في الجنوب الغربي يواجهون بعض المشاكل. أولها ما تعرضت له هذه المناطق من سرقة ونهب على أيدي هواة جمع الآثار، الذين عبثوا بطبقات التربة التي تعتبر هامة بالنسبة لعلماء الآثار. كما تواجه العلوم معارضة العديد من الهنود الأمريكيين، الغاضبين من عبث علماء الآثار الدائم برفات أمواتهم النائمون منذ زمن بعيد. 

        والحقيقة أن علماء الآثار والعلماء ليسوا أبرياء من سلب الجنوب الغربي، فالحقيقة هي أنهم باسم العلوم عبثوا أموات الهنود القدامى واعتبروهم مواد لأبحاثهم المخبرية، دون جدوى. أما اليوم، تساهم التكنولوجيا الحديثة ضمن إشراف الهنود الأمريكيين، في التأكيد على أن العلوم لا تحتاج إلى قض مضاجع الموتى وأرواحهم المطمئنة.

=-=-=-=-=-=

        إنها أراض قاحلة نائية قاسية. يتطلب العيش هنا تجربة ومعرفة مميزة بثروات الصحراء الكامنة. يصل معدل الأمطار السنوي هنا أربعة عشر إنش في العام، وهي تسقط في عواصف رعدية غير متوقعة من حزيران يونيو وتموز يوليو، عادة ما تهطل كفيضان مفاجئ ومدمر. يعلو منسوب المياه فوق التربة الصخرية، لتغادرها وهي جافة  كما كانت من قبل.

        رغم هذه الظروف العصيبة، زرع الهندي القديم حقول الذرة في الوديان التي أصبحت اليوم قاحلة، ونائية بعيدة عن البيئة المعاصرة. وقد خلف وراءه آثار مجموعة من القرى، التي شيدتها شعوب تعرف اليوم بلقب أنسازي، أو القدماء.

        لدينا اليوم فكرة واضحة عما أصاب الأنسازي، فقد أجبرهم الجفاف على مغادرة غالبية مواقعهم، قبل قرنين فقط من وصول الإسبان، وقد سكن أحفادهم في قرى اليوم العصرية.

        ولكن الأسئلة ما زالت تطرح نفسها. من جاء قبل الأناسازي؟ وكيف عاش الناس، قبل معرفة الذرة؟

        تتحدث الصور القديمة التي حفرت على صخور الوادي عن عصور أسطورية قديمة سبقت الزراعة. حين جاءت وفرة الطرائد بشعوب الصيد إلى هذا الوادي القاحل.

         للبقاء على قيد الحياة اضطر الصيادون للتحرك الدائم، فلاذوا في الكهوف لبضعة أشهر قبل متابعة المسير. كانت هذه إحدى محطات توقفهم. إنها مغارة القدماء القريبة من يوتاه. يعمل خبير الآثار فيل غايب هنا لصالح أمة نفاهو، إلى جانب دال دافيدسون من مكتب إدارة الأراضي، يعملان على توجيه فريق من المتطوعين في البحث عن آثار الصيادين الأوائل، التي يسميها علماء الآثار بالثقافة القديمة. إنها فرصة مميزة على اعتبار أن أن هذه الثقافة ما زالت مجهولة لدى آثار الجنوب الغربي.

        يمكن أن ترى ذلك من خلال الأعداد الضئيلة لمواقع الآثار القديمة في الجنوب الغربي، فهي لا تتعدى في هذه المنطقة أكثر من ثلاثة أو أربعة مواقع. وقد قمنا بحفر أعداد.. ما هو عدد المواقع التي حفرنا فيها؟ الآلاف؟

        الآلاف، لهذا فإن العمل في موقع كهذا يضفي أهمية حقيقية.

        أضف إلى أنها مشكلة حماية أيضا. لدينا هنا محمية رائعة تعود للفترة القديمة فعلا، وهي على خلاف غيرها لم تتعرض للإزالة. لو كان موقع كهذا يعود إلى ثمانية آلاف عام، في منطقة مفتوحة من الوادي لتعرض إما للتآكل أو للردم على يد مجموعات أخرى تأتي فيما بعد، ما يحول دون وصول علماء الآثار إليه بسهولة كما جرة بالنسبة لهذا الموقع.

        المواد هنا محمية ومحفوظة بطريقة جيدة لدرجة أنها محاطة بمواد عضوية كألياف الأعشاب واليكة التي تعود إلى ما قبل ثمانية آلاف عام تقريبا.

        ساعدهم العثور على قطعة محمية جدا في التنبه إلى أهمية الموقع. أثناء زيارة إلى سرداب متحف محلي عام ثمانية وثمانين،  عثر على حذاء نسج من ألياف اليكة، فوق تربة الكهف. شكوا عند ذلك باحتمال العثور في الكهف على دلالات من عصر القدماء. ولكن عند وصولهم إلى الكهف عثروا على حفر  لهواة جمع الآثار.

يمكن أن ترى من حولنا أن هذا الجزء من مغارة القدماء قد تعرضت للحفر والنهب في الماضي، ربما حدث ذلك مع نهاية القرن التاسع عشر،  عام ألف وثمانمائة وتسعين، أو ربما قبل ذلك ببضع سنوات.

شهدت تلك الفترة حمى انتشار هواة جمع الآثار لملء المتاحف في الشرق. كان ريتشارد ويثرهيل وأشقائه الأربعة يعملون في مزارع أبقار كولورادو، ثم قادوا عام ألف وثمانمائة وثلاثة وتسعين حملة في أرجاء وادي أوتاه غراند خلال يوم واحد كشف ويثريل عن سبعة وتسعين هيكل عظمي خلال أربعة أيام. شحنها إلى متاحف الشرق حيث ما زالت العظام مقفلة في الصناديق دون أن تخضع للدراسة حتى اليوم. رغم عشوائية الأساليب التي اتبعها ويثيرهيل  إلا أنه  عزز ما عثر عليه بالملاحظات والصور. وقد تنبه إلى أن الأناسازي لم يكونوا أول زوار المنطقة.

        هناك عدد من صائدي الآثار الذين يمكن وصفهم بأوائل مستكشفي الآثار وليس باللصوص، لأنهم كانوا يمارسون علوم الآثار المعتمدة اليوم. لم نعد نمارس البحث الأثري على النحو، ولكنك تعلم أن البعض كان يأتي إلى هنا بحثا عن فخاريات لبيعها، أو غيرها من تلك الأشياء الثمينة الموجودة في هذه الأماكن.

        ما زال هواة الآثار ينهبون عشرات المواقع كل عام، ولكن علماء الآثار قد غيروا أساليبهم جذريا. وهم يعتمدون على أجهزة جديدة للتحكم تمكنهم من تحديد أماكن البحث مسبقا، كما تساعدهم على رؤية ما تحت التراب دون حمل الرفوش.

=-=-=-=-=

        يختلف علم الآثار اليوم مما كان عليه في الماضي، ذلك أن التكنولوجيا ستمكن دال وفيل من رؤية ما تحت التراب، قبل اللجوء إلى الرفوش، ما يساعدهما في عدم  إيذاء البقايا البشرية. يقومون أولا بزرع علامة تساعدهم على تحديد موقع أي قطعة أثرية شوهدت عبر الجهاز.

        إنه هوائي يبث إشارات الرادار الخارقة في الأرض، ضمن مبدأ مشابهة لجهاز كشف الهزات الأرضية، ولكن بذبذبة إشارات أكثر توترا، ما يكشف عما هو غير اعتيادي تحت الأرض.

         إذا تم على سبيل المثال حفر قبر ما ليعاد ردمه فيما بعد، لتمر موجات الرادار فوق تلك النقطة،سيكون المكان المحفور مختلفا، عن التربة المجاورة التي لم تلمس. عندما يتم العبث بالتربة الطبيعية، تبقى على حالها رغم مرور الزمن وهذا ما يكشفه الجهاز.

        أي أن الآلة تكشف انعكاسات للعبث بالتربة والصخور والعظام المدفونة، تستغرق الإشارة جزء من الثانية كي تخبر الآلة ما هو عمق القطعة الأثرية بدقة.  ينجم عن ذلك رسم خريطة مكتملة لما تخفيه التربة تحت أقدامهم. يمكنهم مراجعة الخريطة في الموقع، أما في مختبر الكمبيوتر، فتكشف الخريطة عن أكثر من ذلك.

        يمكن أن ترى في هذا الخط الجيولوجيا الطبيعية، وقد تعرضت لبعض العبث الذي تعلوه الجيولوجيا الطبيعية من جديد، وهذا مكان آخر تعرض للعبث منذ زمن بعيد، ما يعني أن الجيولوجيا استغرقت وقتا لتستقر فوقه ما يعني أن علماء الآثار سيركزون على هذه النقطة، لأنها كما يبدو منطقة هامة لم يسبق لها أن سلبت من قبل هواة جمع الآثار.

        وهكذا يساعدهم الرادار في وضع خطة لأعمال الحفر، لأنهم يعرفون الأماكن التي يتوقعون فيها العثور على حفر المقابر القديمة وتمييزها عن حفر هواة جمع الآثار.

        تبلغ الحرارة في الصباح الباكر كومب واش تسعين درجة بمقياس فرنهايت، وستبلغ المائة عند الظهيرة. أخذ فريق من المتطوعين من مدرسة فور كورنر مسيرة ربع ميل صعودا نحو كهف القدماء.

        هناك مفاجآت دائمة تدرك عندما تبدأ أعمال الحفر. فالظروف الجافة في الكهف ساعدت على حماية المواد التي عادة ما تكون قد دمرت، كما هو حال أجزاء حذاء نسج من ألياف اليكة عمره ثمانية آلاف عام، وهو شبيه جدا بالذي في المتحف، والذي قاد فيل إلى الكهف للمرة الأولى.

        هذه أجزاء الحذاء بعد أن استخرجت من الكهف، هناك بعض الترسبات في الأسفل وكأنها من الرماد. إنها هنا في أعلى المونال، وهو شيء يستخدمونه في فرط البذور، وهم يرمونه إلى النفايات ويعتبرونه جزء منها. يمكن أن ترى العقدة ظهارة هنا على السطح. إنه حذاء مفتوح عادة ما يحشونه بالأعشاب والقش لجعله أكثر راحة. وهو يصنع سريعا. يمكن للشخص المجرب أن يصنع لنفسه حذاءا خلال عشر دقائق. وهو عادة ما يستعمل مرة واحدة.

        كيف كانت الحياة بالنسبة للشعوب التي ارتدت هذه الأحذية قبل ثمانية آلاف عام؟ يعتبر آر جي ماتسون في جامعة بريتش كولومبيا مرجعا في شؤون القدماء من سكان الصحاري.

        اعتمدت شعوب القدماء الذين عاشوا هنا منذ ستة أو ثمانية آلاف عام على صيد وجمع الأغذية. يبدو أنهم اصطادوا أنواعا مختلفة من الحيوانات. لدينا في هذا الكهف مثلا عظام غزال. كما أنهم جمعوا عدد من الأشياء المختلفة.

        للحصول على عظام الحيوانات والبذور وغيرها من العناصر الغذائية يعتمد الحفارون على إلقاء أكواب من التراب في مناخل رقيقة رغم ما ينجم عن ذلك من إثارة الغبار.

        وجدنا في إحدى الكهوف كميات كبيرة من الحبوب والأعشاب، أما في الكهفين الآخرين اللذان يعودان إلى عصور القدماء، فقد عثرنا على أدلة مشابهة. ما يؤكد أنها كانت مواقع لهم يستخدمونها للاستقرار مؤقتا ضمن فترة لا تتجاوز بضعة أسابيع ينتقلون بعد تنظيف المنطقة من مواردها الحيوانية والنباتية، إلى منطقة أخرى أشد وفرة، وهكذا يستمرون على هذا الحال على مدار العام بكامله. 

        المدهش في الأمر هو أن المعلومات المتعلقة بشعوب القدماء تأتي من النباتات المحيطة بكهوفها اليوم. تعتبر نانسي كولام العاملة في خدمات الحديقة الوطنية، خبيرة زراعية تمكنت من إجراء مقارنة بين النباتات العصرية والأدلة المتوفرة عن تلك التي استهلكها سكان الكهوف قبل ثمانية آلاف عام. 

        يتعلق السؤال الكبير الذي نطرحه الآن بما كانت عليه الحياة بالنسبة لهذه الشعوب، التي كانت جماهات كبيرة منها تخرج للبحث عن تلك النباتات، لهذا نريد أن نعرف المسافة التي كانوا يعبرونها يوميا للحصول على الغداء أو العشاء.

        تنتشر بقايا الغداء والعشاء القديمين هنا وسط التراب. لقد أثبت  الحفارون وجود موقد من عصور ما قبل التاريخ. وهم ينخلون ما فيه من آثار لبذور ولقاح قديم.

        أي أننا نستخرج نتائج حوادث ما قبل التاريخ في المطبخ. وعبر التأمل بعدد من هذه الحوادث التي جرت في جميع أرجاء الكهف، وفي أرجاء المنطقة، يمكن أن نحدد ما كانت تأكله هذه الشعوب.

        تركت هذه الشعوب أثرا واضحا في البيئة المحيطة، وقد ساهموا  بصنع البيئة التى نراها من حولنا اليوم، كانوا ينزعون النباتات بكاملها، وهذا سلوك متبع وقد نجد مجموعة كبيرة من الأعشاب التي اقتلعت من الأرض وجيء بها إلى الكهف لانتقاء البذور منها هناك. أي أنهم لم يتبعوا سلوك بيئي.

        إذا هل اقتلعوا جميع النباتات المنتشرة في الوادي ثم انتقلوا منه؟ أم أنهم قاموا بحماية هذه النباتات أو عملوا على نشرها لما تعنيه من أهمية لبقائهم على قيد الحياة. لا بد أن العلوم ستجد الإجابة على ذلك في المستقبل.

=-=-=-=-=

        يعتبر جنوب غرب الولايات المتحدة مستودعا للكنوز الأثرية، يمكن التحدث هنا عن حوالي نصف مليون موقع. ولكن هذا الميراث الغني هو عرضة لعمليات سلب مستمرة، تستولي على آثار الهنود الأمريكيين عنوة وتجليها عن المنطقة كليا.

        يحاول اللصوص التعبير عما يفعلونه بأنهم ليسوا من لصوص القبور، يدعون أنهم ينظرون إلى ما في القبور من أثريات وما شابه ذلك ولكنهم لا يسرقون القبور. والحقيقة أن الأشياء التي يبحثون عنها هي الفخاريات والأغطية التي يجدون لها أسواق جاهزة تأتي من القبور. لهذا فهم لا يستحقون أي تسمية أخرى أقل من لصوص القبور. وأرى أن كل من يقوم بذلك يعكس قلة احترام للتاريخ البشري بكامله. 

        أثناء ما يجرونه من أبحاث في كهف القدماء، استخدم الأثريون رادار اختراق التربة الذي حدد لهم أماكن الدفن المحتملة داخل الكهف. ولكن حين أخذوا يحفرون عميقا عبر طبقات الأرض، توصلوا إلى علامات واضحة تشير إلى قبور بشرية قديمة، حفرت في الكهف بعد حقبة قدماء الصيادين بفترة طويلة.

         بدأنا في وحدة حفر هنا بمساحة متر مربع، وسرعان ما اكتشفنا كسر في طبقة الطور التاريخي للحفرة، يوحي بوجود حفرة دخيلة. بعد قليل من الحفر عثرنا على ركبة شخص لم تتعرض للنهب والسرقة بعد.

        عندما اكتشفنا أنها مقبرة تحولنا بأعمال الحفر إلى هنا، وذلك لاهتمامنا بعدم العبث في البقايا البشرية، والوصول إلى المراحل المبكرة لشعوب القدماء. وهكذا تحولنا عن وحدة الحفر وتابعنا الحفر عميقا، حتى توصلنا إلى هذه العلامة وهي حفرة لصخرة منتصبة، بدأت في الظهور على المستوى الثاني من باسكيت ميكر. من المحتمل أن تكون مقبرة أخرى لهذا نريد البقاء بعيدا عنها. أي أننا علقنا بين منطقتين، ما أجبرنا على التحايل عليها والحفر عميقا.

        يرى الهنود الأمريكيين مهانة في أعمال الحفر التي يقوم بها علماء الآثار بين قبور مواتهم القدماء. ينطبق هذا على أي شخص  يعامل هذه القبور كمادة عادية للدراسة والبحث دون أي تقدير أو احترام لجلالة الموت.

        حاولنا في هذه المنطقة أن نتصرف بحرص شديد. حيث نعمل على تجنب البقايا البشرية إلى أقصى درجة ممكنة، ذلك أننا لا نقوم بحفريات تستهدفها عن قصد، عند العثور عليها نسعى للتحول عن نقطة البحث لتجنبها. عملنا على تجميع كل البقايا التي تم العبث بها خلال أعمال نهب سابقة تعرضت لها المنطقة، لنضعها في مكان محدد. أحيانا ما نعمل على إعادة دفنها بالطريقة المناسبة إذا ما بلغنا اهتمام أي قبيلة بطقوس إعادة الدفن.

ولكن ماذا عن عشرات الآلاف من هياكل الهنود العظمية التي ما زالت منتشرة في متاحف ومستودعات المتاحف؟ صدر مؤخرا عن منظمة الهنود الأمريكيين المناهضة لانتهاك الحرمات تقريرا يقول: هناك نصف مليون من رفات أجدادنا في المختبرات والمتاحف والجامعات. نعتقد أن الوقت قد حان اليوم لإثارة نقاش جدي حول معاني الاحترام.

هناك المئات من الهياكل العظمية المنتشرة في قاعات المتاحف ومستودعاتها منذ مائة عام، دون أن تخضع للدراسة. لهذا من الصعب الدفاع عن موقف جهة لم تفعل شيئا حتى الآن بما جمعته من آثار. فلماذا تسعى للحصول على المزيد؟ إنها مسألة المعاملة بالتساوي. فنحن نعامل القبور الإنجليزية بطريقة تختلف عن تلك التي نعامل بها قبور الهنود. أي أن الأمر يتطلب المساواة بينهما. ما يعني عدم الكيل بمكيالين في التعامل مع الأحياء والأموات.

        يتحدث الهنود هنا عن ميراث يعود لمئات السنين، أسست له شعوب الأناسازي القديمة التي كانت مثلهم تحتفل بعودة الشمس والأمطار التي تمنح الحياة. لقد أدركنا من علوم اليوم الكثير عن هؤلاء الأجداد، وعمن سبقهم من الصيادين القدماء. والحقيقة أن معارفنا كثيرا ما تصل على حساب القيم الهندية الأمريكية.

        ما زالت أعمال نهب القبور مستمرة حتى اليوم، لتهدد القبور القديمة. ولكن بمساعدة التكنولوجيا الحسية المتقدمة، أصبح بمقدور علماء الآثار حفر المواقع دون تسبيب الأذى أو حتى لمس الهياكل البشرية فيها.

        وهكذا يبدو أن أسلوبا جديدا من الأبحاث الأثرية قد يظهر حديثا في الجنوب الغربي.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster