اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 عالم الآثار - عالم نياندرتال التاريخي
 

إنسان نياندرتال

 

        جال إنسان نيانديرتال طوال عشرات الآلاف من السنين السهول المكشوفة في أوروبا، يواجه الدببة والماموث والشتاء المتجمد في عصر الجليد.

        وبعد ذلك اختفى. فأثار اختفائه جدالا وتوقعات دامت لأكثر من قرن، وما زال الغموض يكتنفه حتى اليوم.

        تخيل نفسك في حقبة مرت قبل مائة ألف عام، حيث كانت طبقة من الجليد بسماكة ميل كامل تغطي سيبيريا وسكاندينافيا، أما باقي أوروبا، فتغطيها مساحات شاسعة من المروج، ورياح عاتية ونباتات ضعيفة. في الوديان المحمية، كان إنسان نيانديتال يختبئ تحت الصخور وفي الكهوف، يصطاد بعض الحيوانات المألوفة اليوم، ويواجه أخرى انقرضت اليوم. دببة الكهوف المخيفة، وأسود الكهوف، وعمالقة الثيران، والماموث الصوفي.

        سيطر إنسان نيانديرثال على أوربا بكاملها على مدار أجيال غابرة، إلى أن ظهر نوع جديد وحديث من البشر وأخذ ينمو وينتشر ببطء من أفريقيا.  يبدو أن إنسان النياندرتال والقديم الآخر قد تعايشا بسلام ظاهر. ثم اختفى إنسان نيانديتال.

        لماذا اختفى إنسان نيانديتال ليتحول الإنسان المعاصر الشكل البشري الوحيد السائد على الأرض؟

        لا نملك إجابة على هذا السؤال، أي أنه جواب تصعب الإجابة عليه، ولكن هناك مجموعة من الأبحاث الجارية على الأحافير والأبحاث الأثرية المتعلقة بالبقايا التي خلفها.

        لم يخمد إعجابنا بهذا الإنسان القديم منذ مائة وخمسين عاما، حين التقينا به لأول مرة. وقد منحه الفنانون ملامحه البشرية، ويعمل أخصائيو التاريخ البشري على جعله يمشي ويتحدث من جديد. ومع ذلك ما زال السؤال المتعلق بصلته بنا يطرح نفسه. هل تعايش النيانديتال والإنس العصري بسلام؟ أم بنزاع؟ هل تبعا مسارات منفصلة؟ هل يحتمل أن يتزاوجا؟ هناك مسألة واضحة واحدة في نظر علماء الآثار، وهي أن حياة النيانديرتال، لم تكن سهلة.

=-=-=--=-=

        عام ألف وثمانمائة وستة وخمسون، عثر على هيكل عظمي بشري في كهف ضمن وادي نياندير الألماني. وقد أثار اكتشافه جدال دام أكثر من مائة وخمسين عاما، حول النيانديرتال.

        قام علماء الآثار مع بداية القرن في تمشيط السفوح المحيطة بجنوب فرنسا، بحثا عن عظام النيانديرتال.

وصفت المحاولة الأولى لإجراء دراسة علمية على هذا الاكتشاف على يد لاشابيل بالكارثة، فقد ضللت  جيلا بكامله. شوهت عظام هذا النياديرتال بسبب التهاب في العظام. ولكنها جعلت العالم الفرنسي يستخلص منها بأن ساقي إنسان النياديرتال عموما كانت مقوسة، ما حال دون استقامة مشيه، فولدت بذلك صورة رجل الكهوف الوحشي.

        كيف لهذا المخلوق البائس أن يتفوق على صعوبات عصر الجليد؟ والحقيقة أن العلماء يبذلون قصارى الجهود لتسليط الضوء على أحفور العظام.

        وهم يعتمدون على أحدث التقنيات المعاصرة للتوصل إلأى صورة حقيقية للنيانديرتال، هي نفس التقنيات التي تعتمدها الشرطة للتعرف على المفقودين. يحتاج الطبيب الفني مايكل أنديرسون أولا إلى نسخة جمجمة خاصة به، وقد صنع قالبا للجمجمة في سبيل ذلك.

        هذا قالب من قطع ثلاث. تطبع إحداها العينان. هذه هي النسخة، إنها نموذج مطابق للأصل، وهي الطبعة النهائية.

        جمجمة النيانديرتال مشابهة للجمجمة البشرية، كما أن مقاييسها تبقى ضمن المعدل العام للإنسان المعاصر. ولكن هناك مجموعة من المزايا الفريدة لجمجمة النيانديرتال. يبرز من بينها الجبهة المنخفضة، والأهداب العالية هنا، كما تمتاز فتحات أنف كبيرة، هذا ما يميز جمجمة النيانديرتال إلى جانب الذقن المنحدرة إي أنها ليست مدببة كما هو حال غالبية الذقون البشرية المعاصرة.

        اعتمد أنديرسون على نصوص التشريح البشري الحديث للحصول على طبقة من عضلات شمع شبيهة بتلك التي غطت في الماضي جمجمة النيانديرال.

        العضلات، التي تغطي الجمجمة، هي ذات العضلات التي تغطي الجمجمة المعاصرة.يقول علماء التشريح ان هذا الشخص كان في الأربعين من عمره، أي أنه عجوز قياسا لأعمار النيانديرال. بقي سنان فقط في الجمجمة ما يوحي بأنه أصبح عاجزا عن العناية بنفسه، ويؤكد بأن الحياة كانت صعبة على النيانديرتال. حاولت أن ألون شعر الذقن بالرمادي أو الرصاصي، ولكن من المحتمل أن يكون وجهه مليء بالندوب، وقد تعرض لضربات شديدة. هذه صورة تقريبية له. أعتقد أن هذه الصورة قد تعرف من قبل أبناء القبيلة التي ينتمي إليها.

        هذا نموذج عن النيانديرتال بكامله. وقد أعده أنديرسون انطلاقا من التقنيات الدقيقة نفسها. لم تعد العظام القديمة تعكس صورة من الضعف والوحشية، بل صورة مألوفة عن القوة والصلابة والعضلات.

        أول ما يمكن ملاحظته عند النظر إلى  النيانديرتال، سواء كان ذلك النموذج المكتمل أو مجرد العظام، سترى أنها كانت متراصة جدا.

        يمكن القول مثلا أن العضلات التي تغطي العظام، كانت توازي ضعف العضلات البشرية. أي أن بنيته الجسمانية كانت أشبه ببطل كمال الأجسام العالمي،  دون العمل على صنعه. كانوا جميعا هكذا، لأن الأجسام هي جزء من كفاحهم اليومي من أجل البقاء، وليس للفوز بالمنافسة العالمية.

        يعتبر استهلاك الطاقة العالية من المشاكل التي ترتبت عن هذه البنية. فهو أشبه بالرياضي الذي يجب أن يستهلك سعرات كثيرة، ما وضع  النيانديرتال في حلقة مفرغة. فهو يحتاج إلى سعرات كثيرة ليحافظ على قوته الجسدية، ولكن الحصول على هذه السعرات يدفعه إلى العمل المستمر للحصول على كميات الطعام. وهكذا كان عالقا في دوامة تجدد نفسها.

        لماذا تمتع  النيانديرتال بجسم أبطال كمال الأجسام؟ تجيب الأدوات التي صنعوها على هذا السؤال.

إنها أدوات يتطلب صنعها الكثير من البراعة. وقد صنعها  النيانديرتال، ليتوصل بذلك إلى أدوات يمسكها بالأيدي، كأن يمسك السكين من شفرتها وليس من الممسك، أو الرماح الغير فعالة عند الرماية. ما كان يعرف القوس والنشاب، أي أنه كان مجبر على الاقتراب لمسافات فاعلة، ربما عبر الكمائن، لينقض على فريسة بحجم الغزال على سبيل المثال.

        أي أن أدواته المحدودة وقوة جسمه الصلبة، المعززة بعضلات هائلة، تركت أثرا لها على العظام. ولكن هذه العظام نفسها تتحدث عن تاريخ أكثر سوادا، عن كفاح  النيانديرتال المستميت للبقاء على قيد الحياة. سنتحدث  عن ذلك بعد قليل.

=-=-=-=

        تتحدث عظام  النيانديرتال عن قصص مخيفة للمخاطر التي تعرض لها الكائن التاريخي في عصر الجليد.

إريك ترينكاوس:       وجدنا عظام الوجوه محطمة، وعظام الأذرع والأقدام والأيدي وكسور متنوعة في جميع أجزاء الجسم تقريبا، ويبدو أنهم تحركوا رغما عنها.

الشيق في الأمر هنا هو أن الكسور التي تجدها في أجسامهم شبيهة بالكسور التي تعثر عليها في صور أشعة مصارعي الثيران على وجه الخصوص. يوحي ذلك بالمواجهات  المباشرة مع الحيوانات الهائلة الحجم.

الصدمات، وتشوهات النمو وانخفاض معدلات الحياة، كلها توحي بأن  النيانديرتال كان يواجه أوقاتا عصيبة. وأن أي نوع من الكائنات البشرية الحديثة التي انتقلت إلى تلك المنطقة، لأي سبب كان، سواء تعلقت بالنظام أو التكنولوجيا، تمكنت من زيادة معدل الحياة لديها، وقدرة صغارها بمختلف الأعمار على البقاء حية، إلى جانب النمو الضمني من الناحية الديموغرافية، سيؤدي عبر آلاف السنين إلى الحلول محل سكان  النيانديرتال.

        لكن المخاطر وحدها لم تكن سبب في عدم تفوق  النيانديرتال، يعتقد لويس بينفورد الذي تخصص بالنيانديرتال طوال ثلاثين عاما، أن بعض الجوانب المتعلقة بالسلوك، جعلته أقل قدرة على التأقلم مع المتغيرات من الإنسان المعاصر. يبدو أن عدم كفاءته في استخدام النار كانت من أبرز هذه الفوارق.

        يمكن القول أن الإنسان المعاصر حين لا يجد مصادر وفيرة من الوقود في البيئة المجاورة، يأتي بالحجارة ويشعل النار فيها، ومع احتراق الوقود تزداد السخونة في الحجارة حيث يمكنه بعد أن تخمد النار أن يحمل هذه الحجارة إلى مناطق نومه، وهي تبدو في الأبحاث الأثرية كحجارة مواقد مشققة. لم يتم العثور على مثل هذه الحجارة في مناطق  النيانديرتال، رغم إقامته في ظروف بيئية قاسية، ولكنه لم يعتد على مثل هذا السلوك الضروري.

        ولكن إن صح ما يقوله بينفورد، فهناك مشكلة أساسية أكبر، تكمن في فشل وضع الخطط، والاستفادة من توقع أحداث المواسم القادمة، كما هو حال مواسم وفرة السلمون.

        وجدنا صعوبة في العثور على عظام السلمون ضمن مناطق  النيانديرتال رغم شهرتها بوفرة هذه الأسماك على اعتبار أنها غذاء أساسي للدببة التي عاصرتهم.  أي أنهم على ما يبدو كانوا يستغلون البيئة بشكل عشوائي، وليس انطلاقا من خطط وجداول موسمية مبرمجة، كما يفعل الإنسان العصري.

        فهل مات النياندرتال لقلة ذكائه؟ تقول الجمجمة الأثرية أن دماغه بحجم الدماغ المعاصر، بل وربما أكبر. هنا نطرح السؤال القائل: كيف يستخدمه؟

        أعتقد أن النياندرتال كان ذكيا، ولكن طريقة الذكاء المستخدمة نظمت بطريقة مختلفة من حيث تحقيق الأهداف. كما أن سلوكه شبيه جدا بسلوكنا باستثناء أنهم  مجموعة من البشر التي تحتاج إلى برنامج بداية ليصبحون مثلنا. أعتقد أن في ذلك بعض الرومانسية، لأنه لا ينظر إلى الأمور من منطلق ما كانوا فعلا عليه. هذا ما نود معرفته، وما يسعى إليه الكثيرون.

        ما الذي كان عليه النياندرتال فعلا. ظهرت أثناء البحث المستمر عن هويته، معلومات جديدة حول العلاقات الغير اعتيادية بين رجال النياندرتال ونسائهم.

=-=-=-=-=

        عاش إنسان النياندرتال وتحمل ظروف حياته القاسية طوال مائة ألف عام. بعد ذلك ظهر الإنسان المعاصر في أفريقيا أولا، لينتشر بعد ذلك تدريجيا في الشرق الأدنى وأوروبا، حتى حوالي خمسة وثلاثين ألف عام، حيث اختفى النياندرتال عن وجه البسيط.

        يبدو أن هناك الكثير من مزيج  شهدته مناطق  أوروبا الوسطى أكثر من الغرب. ولكن يبدو أن المسألة قد جرت سلما، وحتى في غرب أوروبا، حيث يبدو أن النياندرتال قد اختفى بأعداد هائلة دون حدث معين، من المحتمل جدا أنه تعرض للمنافسة على الموارد.

        السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يعتبر النياندرتال فرع جانبي مات وانتهى بالنسبة لنا؟ أم أن كل منا يدب على الأرض حاملا معه أثرا من هذا النوع البشري الغريب في جيناته؟

        لا شك أن علماء البيولوجيا والكيمياء قادرون أكثر على التحدث عن نسبة الجينات التي نتقاسمها مع النياندرتال، وقد أكدوا أننا نتقاسم حوالي خمسة وتسعين بالمائة من  المواد الجينية مع الشمبانزي، ما يعني أننا نتقاسم الكثير مع النياندرتال رغم غياب التهجين بيننا.

إن كنا نتقاسم الكثير، فلماذا غاب النياندرتال وأسلوبه في الحياة عن الأرض؟ يؤكد لويس بينفورد أن خصوصيات في سلوك النياندرتال جعلته يختفي من الوجود. ولا يوجد خصوصية أبرز من العلاقة بين ذكور وإناث النياندرتال.

        هل كانوا مجتمعا يعتمد العائلة خليته الأساسية التي يتعاون فيها الآباء والأمهات على رعاية أبنائهم؟  هذه مسألة نود أن نعرف عنها المزيد.

        توصل بينفورد في موقع النياندرتال في كومبي غرينال جنوب غرف فرنسا، إلى خلاصة بالغة الأهمية.  تقول نظريته أن الرجل والمرأة، كانا يعيشان بعيدا عن بعضهما البعض. وكانا يأكلان كل ما يجدانه خارج الكهوف. أي أنهما لم يحملا شيئا معهما لتقاسمه في الكهف،  أي أن المؤسسة الإنسانية الحيوية، العائلة، قد غابت تماما.

        يجب أن نتخيل أنهم  يأكلون غالبية ما يستهلكون من طعام فرديا وفي موقع العثور عليه. أما الأشياء التي كانوا يعودون بها إلى الكهف فهي تلك التي تحتاج إلى تحضير، كما هو حال التكسير أو التسخين أو ما شابه ذلك. أي أننا لا نرى صورة عائلة تأتي إلى البيت لتناول الطعام. هذا ما تبين من مختلف الأنواع التي عثرنا عليها في الكهوف. والوتيرة التي استطعنا فيها تمييز مناطق الإناث عن الذكور، وهذه مسألة خاضعة للجدال، علما أن هناك شبه إجماع يوحي بأن الأنثى كانت تسكن بمفردها في أغلب الأحيان، وأن الرجال كانوا يأتون بين الحين والآخر، المهم أن الحياة بينهم لم تكن مجموعة  دائمة مختلطة.

        هل كان التعاون بين المرأة والرجل من أسباب تفوق الإنسان المعاصر على النياندرتال؟ ذلك التفوق الذي أودى بالنياندرتال إلى عالم النسيان. يتعارض الكثيرون مع بينفورد، ويقدمون الأدلة التي تثبت اهتمامه بالعائلة، وتؤكد أن تفكيره شبيه جدا بتفكيرنا.

        يعتبر النياندرتال أول إنسان دفن موتاه متعمدا. لدينا حوالي عشرين مقبرة للنياندرتال تضم أطفالا  ونساء ورجال وشيوخ، يدفنون من يموت من أبنائهم سواء كانوا أطفالا أو راشدين. ما يوحي بأنه يهتم بالفرد لما له من دور اجتماعي هام في المجموعة. بالتالي فإن أهمية هذا الفرد إلى جانب الرغبة في تعزيز الدور الاجتماعي الذي يقوم به، تجرى مجموعة من الطقوس التي نسميها مراسيم الدفن.

        لا أرى ما يقنع في الإثباتات التي يقدمونها حول العناية بالجرحى أو الشيوخ التي لها صلة بالجانب الحسي أو الوجهة الروحية تجاه العالم. هناك أنواع من الحيوانات التي تبدي بعض التحمل والعناية وتساهم في دعم الحيوانات المصابة أحيانا. وهناك أمثلة جميلة بين قرود المكاك في اليابان، التي تعتني جماعيا بصغارها التي تولد بتشوهات أو ضعف خلقي. لهذا لا أرى في الأدلة التي تقدم أي إثبات مقنع.

        إنهم يتحركون ويمشون ويحملون الأدوات وينطقون باللغة، أي انهم يتمتعون بكفاءات شبيهة بنا. قد يعبرون بلهجة مختلفة عنا لأن أفواههم ووجوههم أكبر ولكن إذا حاولت أن تعلمهم الصينية أو الإنجليزية أو الفرنسية أو السواحلية أو أي لغة أخرى. لن يجدوا أي صعوبة في التحدث باللغات البشرية.

        ولكن لويس بينفورد يعتقد أن الإنسان المعاصر هو صاحب أول اللغات الفعلية.

        لسنا هنا بصدد الاتصالات، علم أن الإنسان القديم اعتمد وسيلة فعالة. لم تكن بالضرورة خطابة أو أصوات بمخارج تشكل منظومة اتصال كاملة. تكمن الفكرة في كيفية التنظيم.

        ترى ما الذي حدث فعلا عند اللقاء بين النياندرتال عديم اللغة والتكنولوجيا وسبل جمع الطعام من جهة، والإنسان العصري الحديث كليا؟

التوقعات هنا تصبح شيقة جدا انطلاقا  من المعلومات  الأوروبية الغربية، التي توحي بأن النياندرتال قد عاش في الفترة التي كان فيها الإنسان العصري الحديث موجودا.

        انتشر تدريجيا، وامتزج مع النياندرتال، وأنجبوا صغارا أجدادهم من النياندرتال والإنسان المعاصر بيولوجيا وتشريحا، وهذا انتشر ما نجم عن هذا التهجين جنوبا وشمالا، حتى التوصل إلى ما نعرفه اليوم بالإنسان المعاصر، وبالتالي الاختفاء الكلي قبل خمسة وثلاثين عاما لما يعرف اليوم بالنياندرتال.

        أي مفارقة ساخرة في أن تساهم الشعوب القديمة التي اعتبرت يوما أقل من البشر، أن تساهم اليوم في جينات جميع الأحياء منا. 

        لم يبق اليوم أي من النياندرتال حيا. ولكنهم لم يختفوا عن وجه الأرض بلا تفاعل بل نقلوا جيناتهم وصغارهم الذين تحولوا بدورهم إلى أسلاف لأوروبا المعاصرة.

        وهكذا منح النياندرتال وجه البشر، وهو شبيه بنا في أشياء كثيرة.

        اعتنوا بالمرضى والمصابين في عالم تجتاحه الأوبئة والمخاطر. قاموا بدفن موتاهم بعناية فائقة، وربما أملوا بحياة أفضل في العالم الآخر. ولكنهم عجزوا عن التفكير بما يتعدى غذاء يومهم وبقائهم على قيد الحياة. يبدو أن قصر النظر هذا هو السبب في فنائهم. ومن المحتمل كأبناء لهم، أن نفعل أكثر من هذا لنتذكر ما جرى.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster