جبران خليل جبران (1883 - 1931)
اﻟﺘﺎﺋﻪ
ﻟﻘﻴﺘﻪ
ﻋﻠﻰ
ﻣﻔﺘﺮق
اﻟﻄﺮق،
وﻛﺎن رﺟﻼ ﻣﻌﺪﻣﺎ
ﻻ ﻳﻤﻠﻚ
ﺳﻮى
ﺛﻮﺑﻪ
وﻋﻜﺎزه، ﺗﻌﻠﻮ
ﻣﺤﻴﺎه ﻣﺴﺤﺔ أﻟﻢ
ﻋﻤﻴﻖ.
وﺣﻴّﺎ ﻛﻞﱞ ﻣﻨﺎ اﻵﺧﺮ
وﻗﻠﺖ
ﻟﻪ: " ﺗﻌﺎل إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻲ
وﻛﻦ
ﺻﻴﻔﻲ". وﻗﺒﻞ اﻟﺪﻋﻮة.
. . واﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻨﺎ زوﺟﺘﻲ ﻣﻊ أوﻻدي ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺒﻴﺖ،
ﻓﺎﺑﺘﺴﻢ
ﻟﻬﻢ
ورﺣﺒﻮا
ﻣﻦ
ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ
ﺑﻤﻘﺪﻣﻪ.
ﺛﻢ
ﺟﻠﺴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺪة،
وﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺒﻄﺔ
ﻣﻦ
ﻟﻘﺎء ﻫﺬا
اﻟﺮﺟﻞ
اﻟﺬي
ﻳﻜﺘﻨﻔﻪ اﻟﻐﻤﻮض،
وﻳﻬﻴﻤﻦ
اﻟﺼﻤﺖ
ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ.
واﺟﺘﻤﻌﻨﺎ ﺑﻌﺪ
اﻟﻌﺸﺎء ﺣﻮل
اﻟﻨﺎر، ورﺣﺖ
أﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ
ﺟﻮﻻﻧﻪ.
وﻗﺺ
ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻛﺜﺮ
ﻣﻦ
ﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻟﻠﻴﻠﺔ، وﻓﻲ اﻟﻴﻮم
اﻟﺬي
ﺗﻼﻫﺎ. ﻏﻴﺮ
أن ﻣﺎ أروﻳﻪ اﻵن، إﻧﻤﺎ ﻫﻮ
زﺑﺪة
ﻣﺎ ﻛﺎﺑﺪ
ﻓﻲ أﻳﺎﻣﻪ ﻣﻦ
ﻣﺮارة،
وإن ﻛﺎن ﻫﻮ
ﻧﻔﺴﻪ أﺛﻨﺎء ﺳﺮده
ﻟﻄﻴﻔﺎ،
ﻗﺮﻳﺒﺎ
ﻣﻦ
اﻟﻘﻠﺐ.
وﻫﺬه
اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت أﺛﺮ
ﻣﻦ
ﻏﺒﺎر
ﻃﺮﻳﻘﻪ،
وﺑﻌﺾ
ﻣﻦ
ﻧﺘﺎج اﻟﻤﺸﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﺑﺪﻫﺎ
وﺗﺤﻤﻠﻬﺎ. وﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺗﺮﻛﻨﺎ،
ﺑﻌﺪ
ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم، ﻟﻢ
ﻧﺸﻌﺮ
أن ﺿﻴﻔﺎ رﺣﻞ ﻋﻨﺎ، ﺑﻞ واﺣﺪا
ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺰال
ﺧﺎرج اﻟﻤﻨﺰل
ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ،
وﻟﻢ
ﻳﺪﺧﻞ.
اﻟﻤـــﻼﺑﺲ
ﺗﻼﻗﻰ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻘﺒﺢ ذات ﻳﻮم
ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ
اﻟﺒﺤﺮ.
ﻓﻘﺎل ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻟﻶﺧﺮ:
" ﻫﻞ ﻟﻚ
أن ﺗﺴﺒﺢ؟". ﺛﻢ
ﺧﻠﻌﺎ ﻣﻼﺑﺴﻬﻤﺎ، وﺧﺎﺿﺎ اﻟﻌﺒﺎب. وﺑﻌﺪ
ﺑﺮﻫﺔ
ﻋﺎد اﻟﻘﺒﺢ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ
وارﺗﺪى
ﺛﻴﺎب اﻟﺠﻤﺎل، وﻣﻀﻰ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ. وﺟﺎء اﻟﺠﻤﺎل أﻳﻀﺎ ﻣﻦ
اﻟﺒﺤﺮ،
وﻟﻢ
ﻳﺠﺪ
ﻟﺒﺎﺳﻪ، وﺧﺠﻞ ﻛﻞ اﻟﺨﺠﻞ أن ﻳﻜﻮن
ﻋﺎرﻳﺎ، وﻟﺬﻟﻚ
ﻟﺒﺲ
رداء اﻟﻘﺒﺢ، وﻣﻀﻰ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ. وﻣﻨﺬ
ذﻟﻚ
اﻟﻴﻮم،
واﻟﺮﺟﺎل
واﻟﻨﺴﺎء ﻳﺨﻄﺌﻮن
ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻼﻗﻮا
ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺑﻌﻀﻬﻢ
اﻟﺒﻌﺾ.
ﻏﻴﺮ
أن ﻫﻨﺎﻟﻚ
ﻧﻔﺮا
ﻣﻤﻦ
ﻳﻔﺘﺮﺳﻮن
ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﺠﻤﺎل، وﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ
رﻏﻢ
ﺛﻴﺎﺑﻪ، وﺛﻤﺔ ﻧﻔﺮ
ﻳﻌﺮﻓﻮن
وﺟﻪ اﻟﻘﺒﺢ، واﻟﺜﻮب
اﻟﺬي
ﻳﻠﺒﺴﻪ ﻻ ﻳﺨﻔﻴﻪ ﻋﻦ
أﻋﻴﻨﻬﻢ.
أﻏﻨﻴﺔ اﻟﺤﺐ
ﻧﻈﻢ
ﺷﺎﻋﺮ
ﻣﺮة
أﻏﻨﻴﺔ ﺣﺐ،
وﻛﺎﻧﺖ
راﺋﻌﺔ. وﻛﺘﺐ
ﻋﺪة
ﻧﺴﺦ ﻋﻨﻬﺎ وأرﺳﻠﻬﺎ إﻟﻰ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ
وﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻣﻦ
اﻟﺮﺟﺎل
واﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء،
وﻟﻢ
ﻳﻨﺲ
أن ﻳﺮﺳﻠﻬﺎ
ﺣﺘﻰ إﻟﻰ اﻣﺮأة
ﺷﺎﺑﺔ ﻟﻢ
ﻳﺴﺒﻖ
ﻟﻪ أن ﺷﺎﻫﺪﻫﺎ
ﺳﻮى
ﻣﺮة
واﺣﺪة.
وﻛﺎﻧﺖ
ﻫﺬه
ﺗﻘﻴﻢ
وراء اﻟﺠﺒﺎل. وﺟﺎﺋﻪ رﺳﻮل
ﻣﻦ
ﻗﺒﻞ ﺗﻠﻚ
اﻟﺸﺎﺑﺔ ﺑﻌﺪ
ﻳﻮم
أو ﻳﻮﻣﻴﻦ،
ﻳﺤﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ ﺗﻘﻮل
ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ: " دﻋﻨﻲ أؤﻛﺪ
ﻟﻚ
أﻧﻨﻲ ﺗﺄﺛﺮت
ﺗﺄﺛﺮا
ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﺄﻏﻨﻴﺔ اﻟﺤﺐ
اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﺘﻬﺎ
ﻟﻲ. ﺗﻌﺎل اﻵن، وﻗﺎﺑﻞ واﻟﺪي
وواﻟﺪاﺗﻲ،
وﺳﻨﺘﺨﺬ
اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ
اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ اﻟﺨﻄﺒﺔ".
وﻛﺘﺐ
اﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺟﻮاب
اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ،
وﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ: "ﻟﻢ
ﺗﻜﻦ
ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ
ﺳﻮى
أﻏﻨﻴﺔ ﺣﺐ
ﺻﺪرت
ﻋﻦ
ﻗﻠﺐ
ﺷﺎﻋﺮ،
ﻳﻐﻨﻴﻬﺎ ﻛﻞ رﺟﻞ ﻟﻜﻞ اﻣﺮأة".
وﻛﺘﺒﺖ
إﻟﻴﻪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘﻮل:
" أﻳﻬﺎ اﻟﺨﺒﻴﺚ
اﻟﻜﺎذب ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺗﻚ!
ﺳﺄﻗﻴﻢ
ﻣﻨﺬ
اﻟﻴﻮم
إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺔ أﺟﻠﻲ،ﻋﻠﻰ ﻛﺮاﻫﻴﺔ
اﻟﺸﻌﺮاء
ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ
ﺑﺴﺒﺒﻚ!".
اﻟﻠﺆﻟﺆة
ﻗﺎﻟﺖ
ﻣﺤﺎرة ﻟﻤﺤﺎرة ﺗﺠﺎورﻫﺎ: "إن ﺑﻲ أﻟﻤﺎ ﺟﺪ
ﻋﻈﻴﻢ
ﻓﻲ داﺧﻠﻲ. إﻧﻪ ﺛﻘﻴﻞ وﻣﺴﺘﺪﻳﺮ
وأﻧﺎ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺑﻼء وﻋﻨﺎء". وردت اﻟﻤﺤﺎرة اﻷﺧﺮى
ﺑﺎﻧﺸﺮاح
ﻓﻴﻪ اﺳﺘﻌﻼء: " اﻟﺤﻤﺪ
ﻟﻠﺴﻤﺎوات واﻟﺒﺤﺎر. ﻻ أﺷﻌﺮ
ﻓﻲ ﺳﺮي
ﺑﺄي أﻟﻢ.
أﻧﺎ ﺑﺨﻴﺮ
وﻋﺎﻓﻴﺔ داﺧﻼ وﺧﺎرﺟﺎ". وﻣﺮ
ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻟﻠﺤﻈﺔ
ﺳﺮﻃﺎن
ﻣﺎﺋﻲ، وﺳﻤﻊ اﻟﻤﺤﺎرﺗﻴﻦ
وﻫﻤﺎ ﺗﺘﺴﺎﻗﻄﺎن
اﻟﺤﺪﻳﺚ.
وﻗﺎل ﻟﻠﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺨﻴﺮ
وﻋﺎﻓﻴﺔ داﺧﻼ وﺧﺎرﺟﺎ: " ﻧﻌـﻢ
أﻧﺖ
ﺑﺨﻴﺮ
وﻋﺎﻓﻴﺔ. وﻟﻜﻦ
اﻷﻟﻢ
اﻟﺬي
ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺟﺎرﺗﻚ
ﻓﻲ داﺧﻠﻬﺎ، إﻧﻤﺎ ﻫﻮ
ﻟﺆﻟﺆة
ذات ﺟﻤﺎل ﻻ ﺣﺪ
ﻟﻪ".
اﻷﻣﻴﺮﺗﺎن
ﻛﺎن
ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ
ﺷﻮاﻛﻴﺶ
أﻣﻴﺮ
ﻳﺤﺒﻪ اﻟﻨﺎس ﻛﻠﻬﻢ
ﻣﻦ
رﺟﺎل وﻧﺴﺎء وأوﻻد. وﺣﺘﻰ ﺑﻬﺎﺋﻢ
اﻟﺤﻘﻞ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺄﻟﻔﻪ وﺗﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺤﻴﻴﻪ وﺗﺄﻧﺲ
ﺑﺤﻀﻮره.
ﻏﻴﺮ
أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا
ﻳﻘﻮﻟﻮن
إن زوﺟﺘﻪ اﻷﻣﻴﺮة
ﻻ ﺗﺤﺒﻪ، وﻳﻐﻠﻮ
ﺑﻌﻀﻬﻢ
ﻓﻴﺤﺴﺐ
أﻧﻬﺎ ﺗﻜﺮﻫﻪ.
وذات ﻳﻮم،
ﺟﺎﺋﺖ
أﻣﻴﺮة
إﺣﺪى
اﻟﻤﺪن
اﻟﻤﺠﺎورة، ﺗﺰور
أﻣﻴﺮة
ﺷﻮاﻛﻴﺶ،
وﺟﻠﺴﺘﺎ ﺗﺘﺤﺪﺛﺎن،
وﺳﺎﻗﻬﻤﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ
إﻟﻰ ذﻛﺮ
زوﺟﻴﻬﻤﺎ. ﻗﺎﻟﺖ
أﻣﻴﺮة
ﺷﻮاﻛﻴﺶ
ﺑﺤﺮارة
وﺗﺤﻤﺲ:
"إﻧﻲ ﻷﺣﺴﺪك
ﻋﻠﻰ ﺳﻌﺎدﺗﻚ
ﻣﻊ اﻷﻣﻴﺮ
زوﺟﻚ.
وإن ﻛﺎﻧﺖ
ﻗﺪ
ﻣﺮت
أﻋﻮام
ﻃﻮال
ﻋﻠﻰ زواﺟﻜﻤﺎ. أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺈﻧﻲ أﻣﻘﺖ
زوﺟﻲ، إﻧﻪ ﻟﻴﺲ
ﻟﻲ وﺣﺪي،
وأﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﺗﻌﺲ
اﻣﺮأة".
ﺣﺪﻗﺖ
إﻟﻴﻬﺎ اﻷﻣﻴﺮة
اﻟﺰاﺋﺮة
وﻗﺎﻟﺖ:
"اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ
ﻫﻲ أﻧﻚ
ﺗﺤﺒﻴﻦ
زوﺟﻚ.
ﻧﻌﻢ!
ﻻ ﺗﺰال
ﻟﺪﻳﻚ
ﻋﺎﻃﻔﺔ
ﺟﺎﻣﺤﺔ ﻧﺤﻮه
ﻟﻢ
ﺗﻄﻠﻘﻴﻬﺎ
ﺑﻌﺪ،
وﺗﻠﻚ
ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة
ﺣﻴﺎة ﻛﻴﻨﺒﻮع
ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎن. وﻟﻜﻦ
واﻫﺎ ﻟﻲ وﻟﺰوﺟﻲ
ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﻄﻮي
ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﻋﺎﻃﻔﺔ،
ﺳﻮى
ﻛﻼ ﻣﻨﺎ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻵﺧﺮ
ﺑﺼﺒﺮ
ﺻﺎﻣﺖ.
وأﻧﺖ،
وﻏﻴﺮك
ﻣﻦ
اﻟﻨﺎس، ﺗﺤﺴﺒﻮن
ذﻟﻚ
ﺳﻌﺎدة!".
وﻣﻴﺾ
اﻟﺒﺮق
ﻛﺎن
ذات ﻳﻮم
ﻋﺎﺻﻒ، أﺳﻘﻒ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﻴﺴﺘﻪ اﻟﻜﺒﺮى،
وﺟﺎﺋﺘﻪ اﻣﺮأة
ﻏﻴﺮ
ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ، ووﻗﻔﺖ
أﻣﺎﻣﻪ، وﻗﺎﻟﺖ
: " ﻟﺴﺖ
ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ . ﻫﻞ ﻟﻲ أن أﺧﻠﺺ
ﻣﻦ
ﻧﺎر اﻟﺠﺤﻴﻢ
؟".
ﺣﻤﻠﻖ
اﻷﺳﻘﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة،
وأﺟﺎب : " ﻻ! ﻟﻴﺲ
ﺛﻤﺔ ﻣﻦ
ﺧﻼص إﻻ ﻷوﻟﺌﻚ
اﻟﺬﻳﻦ
ﺗﻌﻤﺪوا
ﺑﺎﻟﻤﺎء واﻟﺮوح".
وﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ
ﻳﺘﻜﻠﻢ
اﻧﻘﻀّﺖ
ﻣﻦ
اﻟﺴﻤﺎء ﺻﺎﻋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺒﺮى،
ودوى اﻟﺮﻋﺪ،
واﻧﺪﻟﻌﺖ
اﻟﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻣﻸت أرﺟﺎﺋﻬﺎ.
وأﻗﺒﻞ رﺟﺎل اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻣﺴﺮﻋﻴﻦ،
وﺧﻠّﺼﻮا
اﻟﻤﺮأة
. وﻟﻜﻦ
اﻷﺳﻘﻒ ﻛﺎن ﻗﺪ
اﺣﺘﺮق،
وﻗﻀﻰ
ﻃﻌﻤﺎ
ﻟﻠﻨﺎر.
دﻣﻮع
وﺿﺤﻜﺎت
ﻟﻘﻴﺖ
ﺿﺒﻊ ﺗﻤﺴﺎﺣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﻴﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ
اﻟﻨﻴﻞ، واﺳﺘﻮﻗﻒ
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻵﺧﺮ
وﺗﺒﺎدﻻ اﻟﺘﺤﻴﺔ. ﺗﻜﻠﻤﺖ
اﻟﻀﺒﻊ وﻗﺎﻟﺖ:
" ﻛﻴﻒ ﻗﻀﻴﺖ
ﻳﻮﻣﻚ
ﻳﺎ ﺳﻴﺪ؟".
أﺟﺎﺑﻬﺎ اﻟﺘﻤﺴﺎح ﻗﺎﺋﻼ: " ﻗﻀﻴﺘﻪﻋﻠﻰ أﺳﻮء
ﺣﺎل، وإﻧﻲ ﻷﺑﻜﻲ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻲ أﺳﺎي وﻋﻨﺎﺋﻲ. واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﻦ
ﺣﻮﻟﻲ
ﺗﻘﻮل
داﺋﻤﺎ : "ﻟﻴﺴﺖ
ﻫﺬه
ﺳﻮى
دﻣﻮع
اﻟﺘﻤﺴﺎح، وﻫﺬا
ﻳﺤﺮﺟﻨﻲ
إﻟﻰ ﺣﺪ
ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻮﺻﻔﻪ".
ﻗﺎﻟﺖ
ﻟﻪ اﻟﻀﺒﻊ ﻋﻨﺪ
ذاك: " ﺗﺘﺤﺪث
ﻋﻦ
أﺳﺎك وﻋﻨﺎﺋﻚ.
وﻟﻜﻦ
ﻓﻜﺮ
ﻓﻲ أﻳﻀﺎ، وﻟﻮ
ﻟﻠﺤﻈﺔ.
إﻧﻲ ﻷﺣﺬق
إﻟﻰ ﺟﻤﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ،
وﻏﺮاﺋﺒﻪ
وﻣﻌﺠﺰات
ﺑﺪاﺋﻌﻪ،
وأﺿﺤﻚ
ﻣﺴﺘﺒﺸﺮة
ﻋﻦ
ﻓﺮح
ﺧﺎﻟﺺ
ﻳﻘﻌﻢ
ﻧﻔﺴﻲ، ﻛﻤﺎ اﻟﻨﻬﺎر ﻳﻀﺤﻚ،
ﻏﻴﺮ
أن أﻫﻞ اﻷدﻏﺎل ﻳﻘﻮﻟﻮن:
" ﻟﻴﺲ
ﻫﺬا
ﺳﻮى
ﺿﺤﻚ
اﻟﻀﺒﻊ
".
اﻟﺮاﻫﺐ
واﻟﻮﺣﻮش
ﻛﺎن
راﻫﺐ
ﻳﻌﻴﺶ
ﻣﺮة
وﺳﻂ
اﻟﺮواﺑﻲ
اﻟﺨﻀﺮ،
وﻛﺎن ﻧﻘﻲ اﻟﺮوح،
أﺑﻴﺾ
اﻟﻘﻠﺐ،
وﻛﺎﻧﺖ
ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻬﺎﺋﻢ
اﻟﺒﺮ
وﻃﻴﻮر
اﻟﺠﻮ
ﺗﺄﺗﻴﻪ أزواﺟﺎ ﻓﻴﻜﻠﻤﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺼﻐﻲ إﻟﻴﻪ ﻣﺴﺮورة
ﻣﺴﺘﺒﺸﺮة،
وﺑﻮدﻫﺎ
أن ﺗﺘﻘﺮب
ﻣﻨﻪ، وأن ﺗﺒﻘﻰ ﺣﺘﻰ ﻣﻐﺮب
اﻟﺸﻤﺲ
ﻣﻌﻪ، وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺼﺮﻓﻬﺎ
ﻋﻨﻪ، وﻳﺘﺮﻛﻬﺎ
ﻟﻠﺮﻳﺢ
واﻟﻐﺎﺑﺎت ﺑﻌﺪ
أن ﻳﻠﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺮﻛﺘﻪ.
وﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻜﻠﻢ
ذات أﺻﻴﻞ ﻋﻦ
اﻟﺤﺐ،
رﻓﻌﺖ
ﻓﻬﺪة
رأﺳﻬﺎ وﻗﺎﻟﺖ
ﻟﻠﺮاﻫﺐ:
" ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ
اﻟﺤﺐ،
ﺣﺪﺛﻨﺎ
أﻳﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ
ﻋﻦ
رﻓﻴﻘﺔ ﺣﻴﺎﺗﻚ،
أﻳﻦ
ﻫﻲ؟".
ﻗﺎل اﻟﺮاﻫﺐ:
" ﻟﻴﺲ
ﻟﻲ رﻓﻴﻘﺔ ﺣﻴﺎة". وارﺗﻔﻌﺖ
ﻋﻨﺪ
ذاك ﺻﻴﺤﺔ دﻫﺸﺔ ﻛﺒﺮى
ﻣﻦ
ﺟﻤﻬﺮة
اﻟﻮﺣﻮش
واﻟﻄﻴﻮر،
وراﺣﻮا
ﻳﺘﻬﺎﻣﺴﻮن
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ:
" ﻛـﻴﻒ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ
أن ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ
ﺣﺪﻳﺚ
اﻷﻟﻔﺔ واﻟــــــﺤﺐ،
ﻓﻲ وﻗﺖ
ﻻ ﻳﻌﺮف
ﻓﻴــــﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻨﻬﻤﺎ؟". واﻧﺴﻞ ﺟﻤﻌﻬﻢ
ﺑﻬﺪوء
وﺗﺮﻛﻮه
وﺣﻴﺪا،
وﻫﻢ
ﻟﻪ ﻣﺰدرون.
واﻧﻄﺮح
اﻟﺮاﻫﺐ
ﻋﺸﻴﺔ ذﻟﻚ
اﻟﻨﻬﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﺼﻴﺮﺗﻪ،
وﻋﻴﻨﺎه ﻓﻲ اﻷرض، وﺑﻜﻰ ﺑﻜﺎء ﻣﺮا،
وﺿﺮب
ﺑﻴﺪﻳﻪ
ﻋﻠﻰ ﺻﺪره.
ﻓﻲ
اﻟﺴﻮق
ﺟﺎﺋﺖ
ﻣﺮة
ﻓﺘﺎة ﻣﻦ
اﻟﺮﻳﻒ
إﻟﻰ اﻟﺴﻮق،
وﻛﺎﻧﺖ
آﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻼﺣﺔ واﻟﻈﺮف،
ﻳﺘﻮزع
ﻣﺤﻴﺎﻫﺎ اﻟﻮرد
واﻟﺰﻧﺒﻖ،
وﺷﻌﺮﻫﺎ
ﺑﻠﻮن
اﻟﻐﺮوب،
واﻟﻔﺠﺮ
ﻳﺒﺘﺴﻢ
ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ. وﻟﻢ
ﺗﻜﺪ
ﻫﺬه
اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ
اﻟﺴﺎﺣﺮة
اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ
، ﺗﻈﻬﺮ
، ﺣﺘﻰ أﺣﺪق
ﺑﻬﺎ اﻟﺸﺒﺎن ﻳﻨﺸﺪون
اﻟﺘﻌﺮف
إﻟﻴﻬﺎ واﻟﺘﻘﺮب
ﻣﻨﻬﺎ. ﻫﺬا
ﻳﻮد
أن ﻳﺮاﻗﺼﻬﺎ،
وذاك ﻳﺮﻳﺪ
أن ﻳﻘﺴﻢ
اﻟﻜﻌﻚ
ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻓﻬﺎ،
وﻛﻠﻬﻢ
ﻳﺒﺘﻐﻮن
ﺗﻘﺒﻴﻞ ﺧﺬﻫﺎ.
أﻟﻢ
ﻳﻜﻦ
ذﻟﻚ
ﺳﻮﻗﺎ
، ﺑﻌﺪ
ﻛﻞ ﺣﺴﺎب؟. ﻏﻴﺮ
أن اﻟﻔﺘﺎة أﺣﺴﺖ
ﺑﺼﺪﻣﺔ،
وأﺻﺎﺑﻬﺎ ذﻋﺮ
واﻣﺘﻌﺎض. وﺣﺴﺒﺖ
اﻟﺴﻮء
ﻓﻲ ﺳﻠﻮك
اﻟﺸﺒﺎن، ﻓﺰﺟﺮﺗﻬﻢ،
وﺑﻠﻎ ﺑﻬﺎ اﻟﻐﻴﻆ
أن ﺻﻔﻌﺖ
واﺣﺪا
أو اﺛﻨﻴﻦ
ﻣﻨﻬﻢ
ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ، ﺛﻢ
اﻧﺼﺮﻓﺖ
ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﻻ ﺗﻠﻮي
ﻋﻠﻰ أﺣﺪ.
وﻓﻴﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺘﺠﻪ ﻋﻨﺪ
اﻟﻤﺴﺎء ﻧﺤﻮ
ﺑﻴﺘﻬﺎ اﻟﺮﻳﻔﻲ،
ﻗﺎﻟﺖ
ﻓﻲ ﺳﺮﻫﺎ:
" إﻧﻲ ﻷﺷﻌﺮ
ﺑﺎﺷﻤﺌﺰاز.
ﻣﺎ أﻗﻞ أدب أوﻟﺌﻚ
اﻟﺮﺟﺎل،
وأﺣﻂ
أﺧﻼﻗﻬﻢ.
ﻫﺬا
ﺷﻴﺊ ﻻ ﻳﻄﺎق،
وﻻ ﻳﻤﻜﻦ
اﻟﺼﺒﺮ
ﻋﻠﻴﻪ".
واﻧﻘﻀﻰ ﻋﺎم ﻛﺎﻧﺖ
اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺗﻔﻜﺮ
ﺧﻼﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮا
ﺑﺎﻷﺳﻮاق
واﻟﺮﺟﺎل.
ﺛﻢ
ﻗﺪﻣﺖ
ﻣﺮة
ﺛﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻮق
وﻣﺤﻴﺎﻫﺎ ورد وزﻧﺒﻖ،
وﺷﻌﺮﻫﺎ
ﺑﻠﻮن
اﻟﻐﺮوب،
واﻟﻔﺠﺮ
ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﻳﺒﺘﺴﻢ.
إﻻ أن اﻟﺸﺒﺎن ﻛﺎﻧﻮا
ﻳﻨﻈﺮون
إﻟﻴﻬﺎ، وﻳﻤﻴﻠﻮن
ﻋﻨﻬﺎ، وﻗﻀﺖ
ﻧﻬﺎرﻫﺎ ذاك وﻫﻲ وﺣﻴﺪة،
ﻣﺒﻌﺪة،
ﻻ ﻳﻘﺘﺮب
ﻣﻨﻬﺎ أﺣﺪ.
وﻟﺪى
اﻟﻌﺸﻴﺔ، ﻋﺎدت إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ
وﻫﻲ ﺗﺼﻴﺢ ﻓﻲ ﺳﺮﻫﺎ:
" ﻣﺎأﻗﻞ أدب أوﻟﺌﻚ
اﻟﺸﺒﺎن! إﻧﻲ ﻷﺷﻌﺮ
ﺑﺎﺷﻤﺌﺰاز
ﻻ ﻳﻄﺎق،
وﻻ ﻳﻤﻜﻦ
اﻟﺼﺒﺮ
ﻋﻠﻴﻪ".
اﻟﻨﺴﺮ
واﻟﻘﺒﺮة
ﺗﻼﻗﻰ ﻧﺴﺮ
وﻗﺒﺮة
ﻋﻠﻰ ﺻﺨﺮة
ﻓﻮق
رﺑﻮة
ﻋﺎﻟﻴﺔ. ﻗﺎﻟﺖ
اﻟﻘﺒﺮة:
"
ﻃﺎب
ﺻﺒﺎﺣﻚ
ﻳﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ"،
ﻓﻨﻈﺮ
إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﺴﺮ
ﻣﻦ
ﻋﻞ، وﻗﺎل ﺑﺼﻮت
ﺧﺎﻓﺖ:
"
ﻃﺎب
ﺻﺒﺎﺣﻚ".
وﻗﺎﻟﺖ
اﻟﻘﺒﺮة
: " أرﺟﻮ
أن ﻳﻜﻮن
ﻛﻞ ﺷﻴﺊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺮوم،
ﻳﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ".
ﺟﺎﺑﻬﺎ
اﻟﻨﺴﺮ:
" ﺟﻞ ﻛﻞ ﺷﻴﺊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺮوم.
وﻟﻜﻦ
أﻻ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ
ﻧﻨﻲ ﻣﻠﻚ
اﻟﻄﻴﻮر،
وﻧﻪ ﻻﻳﺠﻮز
ﻟﻚ
أن ﺗﺨﺎﻃﺒﻴﻨﺎ
ﻗﺒﻞ أن ﻧﺒﺪأك
ﺑﺎﻟﻜﻼم؟". ﻗﺎﻟﺖ
اﻟﻘﺒﺮة:
" ﻳﻠﻮح
ﻟﻲ ﻧﻨﺎ ﻣﻦ
اﻷﺳﺮة
ﻧﻔﺴﻬﺎ". ﻧﻈﺮ
إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﺴﺮ
ﺑﺎزدراء وﻗﺎل: "ﻣﻦ
ﻫﻮ
ﻫﺬا
اﻟﺬي
ﻗﺎل ﻧﻲ وﻳﺎك ﻣﻦ
ﺳﺮة
وﺣﺪة؟".
ﺟﺎﺑﺖ
اﻟﻘﺒﺮة:
" وﻟﻜﻨﻲ أود أن أذﻛﺮك
ﺑﻬﺬا
اﻷﻣﺮ
، وﻫﻮ
أن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻄﺎﻋﻲ
أن
ﻃﻴﺮ
ﻓﻲ اﻟﻌﻼء ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻮ،
وﻓﻲ ﻣﺴﺘﻄﺎﻋﻲ
أن أﻏﻨﻲ وأدﺧﻞ اﻟﻔﺮح
ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮب
اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت
اﻷﺧﺮى
ﻣﻦ
ﺑﻨﺎء اﻷرض، وﻻ ﺗﻤﻠﻚ
ﻧﺖ
أن ﺗﻘﺪم
ﻟﻬﺎ ﻓﺮﺣﺎ
وﻻ ﻣﺘﻌﺔ". ﻋﻨﺪ
ذاك ﻏﻀﺐ
اﻟﻨﺴﺮ
وﻗﺎل: " ﻓﺮح
وﻣﺘﻌﺔ! ﻧﺖ
ﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ
اﻟﺼﻐﻴﺮة
اﻟﻤﺪﻋﻴﺔ!
ﻧﻲ ﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻄﻴﻤﻚ
ﺑﻨﻘﺮة
وﺣﺪة
ﻣﻦ
ﻣﻨﻘﺎري، وﻣﺎ ﻧﺖ
إﻻ ﺑﺤﺠﻢ
ﻗﺪﻣﻲ
". ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ
اﻟﻘﺒﺮة
إﻻ أن ارﺗﻤﺖ
ﻋﻠﻰ
ﻇﻬﺮ
اﻟﻨﺴﺮ
وﺧﺬت
ﺗﻨﻘﺮ
رﻳﺸﻪ. وﺣﺲ
اﻟﻨﺴﺮ
ﺑﻀﻴﻖ
وﻧﺰﻋﺎج،
وﻃﺎر
ﺑﻘﻮة
وارﺗﻔﻊ ﻣﺎ ﺳﺘﻄﺎع
اﻻرﺗﻔﺎع وﻗﺪ
ﺿﻤﺮ
أن ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻘﺒﺮة
ﻋﻦ
ﻇﻬﺮه،
وﻟﻜﻨﻪ ﺧﻔﻖ
ﻓﻲ ذﻟﻚ.
وﺧﻴﺮا
ﻧﻄﺮح
ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺨﺮة
ﻋﺎﻟﻴﺔ ذﺗﻬﺎ
ﻃﺎر
ﻋﻨﻬﺎ، وﻫﻮ
ﺷﺪ
ﻣﺎ ﻳﻜﻮن
ﻏﻴﻈﺎ
وﺣﻨﻘﺎ، وﻟﻢ
ﺗﻔﺎرق اﻟﻘﺒﺮة
اﻟﺼﻐﻴﺮة
ﻇﻬﺮه،
وراح ﻳﻠﻌﻦ
ﺗﻠﻚ
اﻟﺴﺎﻋﺔ وﻣﺎ ﻗﺪر
ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ. واﻗﺘﺮﺑﺖ
ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻟﻠﺤﻈﺔ
ﺳﻠﺤﻔﺎة ﺻﻐﻴﺮة،
وﺳﺘﻐﺮﻗﺖ
ﻓﻲ اﻟﻀﺤﻚ
ﻣﻦ
اﻟﻤﻨﻈﺮ،
وﺳﺘﻤﺮت
ﺗﻀﺤﻚ
ﺣﺘﻰ ﺳﺘﻘﻠﺖ
ﻋﻠﻰ
ﻇﻬﺮﻫﺎ
وﻧﻈﺮ
اﻟﻨﺴﺮ
ﻣﻦ
ﻋﻠﻴﺎﺋﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﺤﻔﺎة وﻗﺎل: " ﻧﺖ
ﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ
اﻟﺒﻄﻴﺌﺔ
اﻟﺤﺪﺑﺎء،
اﻟﻼﺻﻘﺔ ﺑﺪا
ﺑﺎﻷرض! ﻣﻤﺎ ﺗﻀﺤﻜﻴﻦ؟".
ﺟﺎﺑﺖ
اﻟﺴﻠﺤﻔﺎة: " ذاك أراك ﺗﺤﻮﻟﺖ
إﻟﻰ ﺣﺼﺎن وﻗﺪ
رﻛﺒﻚ،
ﻃﻴﺮ
ﺻﻐﻴﺮ،
ﻏﻴﺮ
أن اﻟﻄﻴﺮ
اﻟﺼﻐﻴﺮ
ﻫﻮ
اﻷﺣﺴﻦ".
ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺴﺮ:
" ﻧﺼﺮﻓﻲ
ﻟﺸﺄﻧﻚ.
ﻧﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺳﺮة،
ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ
ﺧﺘﻲ اﻟﻘﺒﺮة،
وﻻ دﺧﻞ ﻟﻐﺮﻳﺐ
ﻓﻴــــــــﻬﺎ".
اﻟﻨﺒﻲ واﻟﻐﻼم
ﻟﻘﻲ اﻟﻨﺒﻲّ" ﺷﺎرﻳﺎ" ذات ﻳﻮم
ﻏﻼﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﻘﺔ،
وﻣﺬ
ﺑﺼﺮ
ﺑﻪ ﻫﺬا،
ﺳﺮع
إﻟﻴﻪ وﻗﺎل: "ﻃﺎب
ﺻﺒﺎﺣﻚ
ﻳﺎ ﺳﻴﺪ!"
ورد اﻟﻨﺒﻲ ﺗﺤﻴﺘﻪ: "ﻃﺎب
ﺻﺒﺎﺣﻚ
ﻳﺎ ﺳﻴﺪ!"
وﺗﺎﺑﻊ اﻟﻜﻼم ﺑﻌﺪ
ﻗﻠﻴﻞ : "أراك وﺣﻴﺪا".
ﺟﺎﺑﻪ اﻟﻐﻼم، ﺿﺎﺣﻜﺎ ﻓﺮﺣﺎ:
" ﻟﻘﺪ
ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻲ وﻗﺖ
ﻃﻮﻳﻞ
وﻧﺎ ﺿﺎﺋﻊ ﻋﻦ
ﻣﺮﺑﻴﺘﻲ.
وﻫﻲ ﺗﺤﺴﺐ
ﻧﻲ وراء ﻫﺬه
اﻟﻮﺷﺎﺋﻊ.
وﻟﻜﻦ
أﻻ ﺗﺮى
ﻧﻨﻲ ﻫﻨﺎ؟" ﺛﻢ
ﺣﺪق
إﻟﻰ وﺟﻪ اﻟﻨﺒﻲ وﻗﺎل: " ﻧﺖ
ﻳﻀﺎ وﺣﻴﺪ.
ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﺖ
ﻣﻊ ﻣﺮﺑﻴﺘﻚ؟".
ورد اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎﺋﻼ: " ﻫﺎ! اﻷﻣﺮ
ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ. اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻣﻐﺔ
ﻧﻨﻲ ﻻ ﺳﺘﻄﻴﻊ
أن ﺿﻴﻌﻬﺎ أﻏﻠﺐ
اﻷﺣﻴﺎن، وﻟﻜﻨﻲ اﻵن، إذ ﺗﻴﺖ
ﻫﺬه
اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻛﺎﻧﺖ
ﻫﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻓﻲ
ﻃﻠﺒﻲ
وراء اﻟﻮﺷﺎﺋﻊ".
ﺿﺮب
اﻟﻐﻼم ﻳﺪا
ﺑﻴﺪ
وﺻﺎح: " ﻧﺖ
إذن ﺿﺎﺋﻊ ﻣﺜﻠﻲ. أﻟﻴﺲ
ﺣﺴﻨﺎ أن ﻳﻜﻮن
اﻹﻧﺴﺎن ﺿﺎﺋﻌﺎ؟ّ" ﺛﻢ
ﻗﺎل: " ﻣﻦ
ﻧﺖ".
ﺟﺎﺑﻪ اﻟﺮﺟﻞ
: " ﻳﺪﻋﻮﻧﻨﻲ
اﻟﻨﺒﻲ ﺷﺎرﻳﺎ، وﻧﺖ؟
ﻗﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ
ﻧﺖ؟".
ﻗﺎل اﻟﻐﻼم: " ﻧﺎ ذﺗﻲ وﺣﺪﻫﺎ،
وﻣﺮﺑﻴﺘﻲ
ﺗﺒﺤﺚ
ﻋﻨﻲ، وﻫﻲ ﻻ ﺗﻌﺮف
ﻳﻦ
ﻧﺎ". وﺣﺪق
اﻟﻨﺒﻲ إﻟﻰ اﻟﻔﻀﺎء ﻗﺎﺋﻼ: " ﻧﺎ ﻳﻀﺎ ﺗﻬﺮﺑﺖ
ﻣﻦ
ﻣﺮﺑﻴﺘﻲ
ﻟﺒﺮﻫﺔ،
وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻌﺜﺮ
ﻋﻠﻲ ﺧﺎرﺟﺎ". وﻗﺎل اﻟﻐﻼم: " وﻧﺎ أﻋﺮف
أن ﻣﺮﺑﻴﺘﻲ
ﺳﺘﺠﺪﻧﻲ
ﺧﺎرﺟﺎ ﻳﻀﺎ". وﺳﻤﻊ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻟﻠﺤﻈﺔ
ﺻﻮت
ﻣﺮأة
ﺗﻨﺎدي اﻟﻐﻼم ﺑﺎﺳﻤﻪ، ﻓﻘﺎل ﻫﺬا
: " ﻧﻈﺮ!
ﻗﻠﺖ
ﻟﻚ
ﻧﻬﺎ ﺳﺘﺠﺪﻧﻲ".
وﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻟﻠﺤﻈﺔ
ﻳﻀﺎ ﺳﻤﻊ ﺻﻮت
ﺧﺮ
ﻳﻘﻮل"
ﻳﻦ
ﻧﺖ
ﻳﺎ ﺷﺎرﻳﺎ؟".
وﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ: "ﻧﻈﺮ
ﻳﺎ وﻟﺪي!ﻟﻘﺪ
وﺟﺪوﻧﻲ
ﻳﻀﺎ
".
و
أدار ﺷﺎرﻳﺎ وﺟﻬﻪ ﻟﻠﻌﻼء، وﺟﺎب : "ﻧﺎ ﻫﻨﺎ
".
ﺟﺴﺪ
وروح
ﺟﻠ ﺲ
رﺟﻞ وﻣﺮأة
ﺑﺠﺎﻧﺐ
ﺷﺒﺎك ﻳﻄﻞ
ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺑﻴﻊ،
وﻛﺎﻧﺖ
ﺟﻠﺴﺘﻬﻤﺎ ﺗﺠﻌﻠﻬﻤﺎ ﺟﺪ
ﻣﺘﻘﺎرﺑﻴﻦ،
ﻓﻘﺎﻟﺖ
اﻟﻤﺮأة:
" ﻧﺎ ﺣﺒﻚ.
ﻧﺖ
ﺟﻤﻴﻞ، وﻏﻨﻲ وﻧﺖ
ﺑﺪا
ودﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ
ﻛﺒﻴﺮ
ﻣﻦ
اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ".
وﻗﺎل اﻟ ﺮﺟﻞ:
"وﻧﺎ ﺣﺒﻚ.
ﻧﺖ
ﻓﻜﺮة
ﺟﻤﻴﻠﺔ، ﺑﻞ ﻧﺖ
ﺷﻴﺊ ﺗﺴﺎﻣﻰ ﻋﻦ
أن ﺗﻨﺎﻟﻪ ﻳﺪ.
ﻧﺖ
أﻏﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻤﻲ".
ﻏﻴ ﺮ
أنّ اﻟﻤﺮأة
أدارت وﺟﻬﻬﺎ ﻋﻨﻪ وﻧﻔﺘﻠﺖ
ﻏﺎﺿﺒﺔ وﻗﺎﻟﺖ
: " أرﺟﻮك
ﻳﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ
أن ﺗﻔﺎرﻗﻨﻲ ﻣﻨﺬ
اﻟﻠﺤﻈﺔ،
ﻓﺄﻧﺎ ﻟﺴﺖ
ﻓﻜﺮة،
وﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻄﻮف
ﺑﻚ
ﻓﻲ ﺣﻼﻣﻚ.
ﻧﺎ ﻣﺮأة
أود أن ﺗﺸﺘﺎق إﻟﻲّ، أن ﺗﺸﺘﻬﻴﻨﻲ. ﻧﺎ زوﺟﺔ وأم ﻷﻃﻔﺎل
ﻟﻢ
ﻳﻮﻟﺪوا
ﺑﻌﺪ
".
واﻓﺘ ﺮﻗﺎ..
.
وﻗﺎل اﻟ ﺮﺟﻞ
ﻓﻲ ﺳﺮه
: " ﻫﺎ ﻫﻮ
ذا ﺣﻠﻢ
ﺧﺮ
ﺗﺒﺪد
ﻣﻨﺬ
اﻵن وﺗﺤﻮل
إﻟﻰ ﺿﺒﺎب
".
و
ﻗﺎﻟ ﺖ
اﻟﻤﺮأة،
وﻫﻲ ﺗﺘﺄﻣﻞ وﺣﻴﺪة
: " ﻣﺎ ﻟﻲ وﻟﺮﺟﻞ
ﻳﺤﻮﻟﻨﻲ
إﻟﻰ ﺿﺒﺎب وﺣﻠﻢ
؟"
اﻟﻤﻠﻚ
ﺣﺎط ﺷﻌﺐ
ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺻﺎدق ﺑﻘﺼﺮ
اﻟﻤﻠﻚ،
ورﺣﺖ
اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ
ﺗﺼﺮخ
ﺛﺎﺋﺮة
ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻨﺰل
ﻫﺬا
ﻣﻦ
ﻋﻠﻴﺎء ﻗﺼﺮه،
وﻗﺪ
ﺣﻤﻞ ﺗﺎﺟﻪ ﺑﻴﺪ،
وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ
ﺑﺎﻟﻴﺪ
اﻷﺧﺮى،
وﺳﺘﺤﻮذ
ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ
ﺣﻴﻦ
ﺑﺼﺮﺗﻪ
ﺻﻤﺖ
ﻣﻬﻴﺐ
وﻗﻮر،
ووﻗﻒ ﻣﺎﻣﻬﻢ
وﻗﺎل: "ﻳﻬﺎ اﻷﺻﺪﻗﺎء!
ﻟﺴﺘﻢ
ﺑﻌﺪ
اﻵن رﻋﺎﻳﺎي ﻓﻬﺎ ﻧﺎ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻦ
ﺗﺎﺟﻲ وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻲ
ﻟﻜﻢ،
و ﺑﻮدي
أن ﻛﻮن
وﺣﺪاً
ﻣﻨﻜﻢ
، ﻟﺴﺖ
ﺳﻮى
رﺟﻞ ﻋﺎدَي، ﻏﻴﺮ
ﻧﻲ أودَ ﻛﺮﺟﻞ،
أن أﻋﻤﻞ ﻣﻌﻜﻢ،
وﻧﺠﻬﺪ
ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﻲ أن ﻳﻜﻮن
ﺣﻈﻨﺎ
أوﻓﻰ وﺟﻤﻞ وﺣﺴﻦ.
ﻻ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻠﻚ
! ﻓﻠﻨﺬﻫﺐ
إذن إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻮل
واﻟﻜﺮوم
وﻧﺸﺘﻐﻞ ﻳﺪاً
ﺑﻴﺪ.
ﻛﻞ ﻣﺎ أرﻳﺪ
ﻣﻨﻜﻢ
أن ﺗﺪﻟﻮﻧﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻞ أو اﻟﻜﺮم
اﻟﺬي
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻲ أن أذﻫﺐ
إﻟﻴﻪ ، ﻓﻜﻞ وﺣﺪ
ﻣﻨﻜﻢ
اﻵن ﻣﻠﻚ!".
وﻋﺠﺐ
اﻟﻨﺎس، وﺧﻴﻢ
ﻋﻠﻴﻬﻢ
اﻟﻬﺪوء،
ﻓﺎﻟﻤﻠﻚ
اﻟﺬي
ﺣﺴﺒﻮه
ﻣﺼﺪر
ﺑﻼﺋﻬﻢ،
ﺗﺨﻠﻰ اﻵن ﻋﻦ
ﺗﺎﺟﻪ وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ
وﺳﻠﻤﻬﻤﺎ ﻟﻬﻢ،
وﺻﺒﺢ ﻛﺄي وﺣﺪ
ﻣﻨﻬﻢ.
ﺛﻢ
ذﻫﺐ
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ
ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ، وﻣﺸﻰ اﻟﻤﻠﻚ
ﻣﻊ ﺣﺪﻫﻢ
إﻟﻰ ﺑﻌﺾ
اﻟﺤﻘﻮل.
إﻻ أن ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺻﺎدق ﻟﻢ
ﺗﺴﺮ
ﺣﺴﻦ
ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ،
وﻋﺎدت ﺳﺤﺐ
اﻟﺴﺨﻂ
واﻻﺳﺘﻴﺎء ﺗﺘﻠﺒﺪ
وﺗﺘﺮﻛﻢ
ﻓﻲ آﻓﺎﻗﻬﺎ وﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ، وﻋﺎد اﻟﻨﺎس ﻳﺼﺮﺧﻮن
ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻬﻢ
ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻧﻬﻢ
ﻳﺮﻳﺪون
ﻣﻦ
ﻳﺤﻜﻢ
ﺑﻴﻨﻬﻢ
وﻳﺪﻳﺮ
ﻣﻮرﻫﻢ،
وﺻﺎح اﻟﺸﻴﺐ
واﻟﺸﺒﺎن ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ
ﺑﺼﻮت
وﺣﺪ
: " ﻧﺮﻳﺪ
ﻣﻠﻜﻨﺎ
!".
و
ﺑﺤﺜﻮا
ﻋﻦ
اﻟﻤﻠﻚ
ﻓﻮﺟﺪوه
ﻳﻜﺪح
ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻞ، وﺗﻮا
ﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ، وﺳﻠَﻤﻮه
ﺗﺎﺟﻪ وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ،
وﻗﺎﻟﻮا
: " اﻵن ﺣﻜﻤﻨﺎ ﺑﻌﺰم
وﻋﺪل
".
ﻗﺎل:
" ﺳﺄﺣﻜﻤﻜﻢ
ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻌﺰ،
وأدﻋﻮا
آﻟﻬﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض أن ﺗﻌﻴﻨﻨﻲ ﻋﻠﻰ أن ﺣﻜﻤﻜﻢ
ﻳﻀﺎ ﺑﻌﺪل".
ﺛﻢ
ﺟﺎﺋﻪ رﺟﺎل وﻧﺴﺎء ﻛﻠَﻤﻮه
ﻓﻲ ﺷﺄن وال ﺳﺎء ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ،
وﺗﺨﺬ
ﻣﻨﻬﻢ
ﻋﺒﻴﺪاً،
وﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ
إﻟﻴﻬﻢ
إﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﻢ
ﻋﺒﻴﺪ،
ﻓﺄﻣﺮ
اﻟﻤﻠﻚ
رﺳﺎً ﺑﺈﺣﻀﺎر اﻟﻮاﻟﻲ،
ﺣﺘﻰ إذا ﻣﺜﻞ ﺑﻴﻦ
ﻳﺪﻳﻪ
ﻗﺎل ﻟﻪ : " إن ﺣﻴﺎة ﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻣﻮازﻳﻦ
اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎدل ﺣﻴﺎة أي ﻧﺴﺎن ﻏﻴﺮه.
وﻣﺎ دﻣﺖ
ﻻ ﺗﻌﺮف
ﻛﻴﻒ ﺗﺰن
ﺣﻴﺎة ﻫﺆﻻء
اﻟﺬﻳﻦ
ﻳﻌﻤﻠﻮن
ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻟﻚ
وﻛﺮوﻣﻚ
ﻓﻘﺪ
ﻧﻔﻴﺘﻚ
وﻋﻠﻴﻚ
أن ﺗﺘﺮك
ﻫﺬه
اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ".
وﻓﻲ اﻟﻴﻮم
اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺟﺎﺋﺖ
اﻟﻤﻠﻚ
ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺧﺮى
وﻛﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺷﺄن ﻣﻴﺮة
ﻗﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﻠﺐ
ﺗﻘﻴﻢ
وراء اﻟﺘﻼل، وﺣﺪﺛﺘﻪ
ﻋﻦ
اﻟﺒﺆس
اﻟﺬي
ﻧﺸﺮﺗﻪ
ﻓﻲ اﻟﺒﻼد، ﻓﺠﻴﺊ ﻓﻮراً
ﺑﺎﻷﻣﻴﺮة،
وﺣﻜﻢ
ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﻠﻚ
ﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﻗﺎﺋﻼ: " إنَ ﻫﺆﻻء
اﻟﺬﻳﻦ
ﻳﺤﺮﺛﻮن
ﺣﻘﻮﻟﻨﺎ
وﻳﺒﺬﻟﻮن
اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻜﺮوﻣﻨﺎ
ﺷﺮف
ﻣﻨﺎ ﻧﺤﻦ
اﻟﺬﻳﻦ
ﻧﺄﻛﻞ اﻟﺨﺒﺰ
اﻟﺬي
ﻳﺼﻨﻌﻮن،
وﻧﺸﺮب
اﻟﺨﻤﺮ
اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺼﺮون،
وﻣﺎ دﻣﺖ
ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ
ذﻟﻚ،
ﻓﺈن ﻋﻠﻴﻚ
أن ﺗﺘﺮﻛﻲ
ﻫﺬه
اﻷرض وﺗﺒﺘﻌﺪي
ﻋﻦ
ﻫﺬه
اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ".
ﺛﻢ
ﺟﺎﺋﻪ رﺟﺎل وﻧﺴﻮة
ﺧﺒﺮوه
أن اﻷﺳﻘﻒ ﻳﺮﻏﻤﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ اﻟﺤﺠﺎرة وﻧﺤﺘﻬﺎ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ، ﺛﻢ
ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ
ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻘﺎء ﻋﻤﻠﻬﻢ
ﻫﺬا،
وﻫﻢ
ﻳﻌﺮﻓﻮن
أن ﺧﺰﺋﻦ
اﻟﺴﻘﻒ ﻣﻸ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ
واﻟﻔﻀﺔ، وﻳﺒﻴﺘﻮن
ﻣﻊ ذﻟﻚ
ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮع
ﻻ ﻳﺠﺪون
ﻣﺎ ﻳﻘﺘﺎﺗﻮن
ﺑﻪ.
وﻧﻮدي
ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻘﻒ، وﺣﻴﻦ
ﻣﺜﻞ ﺑﻴﻦ
ﻳﺪي
اﻟﻤﻠﻚ
ﻗﺎل ﻟﻪ: " ﻫﺬا
اﻟﺼﻠﻴﺐ
اﻟﺬي
ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺪرك
ﻧﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ إﻋﻄﺎء
ﺣﻴﺎة ﻟﻘﺎء ﺣﻴﺎة. وﻟﻜﻦ
ﻧﺖ
ﺧﺬت
ﺣﻴﺎة ﻣﻦ
ﺣﻴﺎة دون أن ﺗﻌﻄﻲ
ﺷﻴﺌﺎً. وﻟﺬا،
ﻋﻠﻴﻚ
أن ﺗﺘﺮك
ﻫﺬه
اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ، وأن ﻻ ﺗﻌﻮد
ﺑﺪاً
".
وﻫﻜﺬا،
ﻣﺮ
ﺷﻬﺮ
ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻚ،
وﻛﻞ ﻳﻮم
ﻳﺄﺗﻴﻪ ﻓﻴﻪ رﺟﺎل وﻧﺴﺎء ﻳﺨﺒﺮوﻧﻪ
ﻋﻦ
اﻷﻋﺒﺎء اﻟﺘﻲ أﻟﻘﻴﺖ
ﻋﻠﻰ ﻛﻮاﻫﻠﻬﻢ،
وﻛﺎن ﻛﻞ ﻳﻮم
ﻳﻤﺮ
ﻣﻦ
ذﻟﻚ
اﻟﺸﻬﺮ،
وﻳﺸﻬﺪ
ﻇﺎﻟﻤﺎً
أو ﻛﺜﺮ
ﻳﻨﻔﻰ ﻣﻦ
اﻟﺒﻼد.
وﻋﺠﺐ
ﺷﻌﺐ
ﺻﺎدق، وﻣﺘﻸت اﻟﻘﻠﻮب
ﻏﺒﻄﺔ
وﻓﺮﺣﺎً.
وذات ﻳﻮم
أﻗﺒﻞ اﻟﺸﻴﺐ
واﻟﺸﺒﺎن وﺣﺎﻃﻮا
ﺑﺒﺮج
اﻟﻤﻠﻚ
وﻧﺎدوه ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ
وﻫﻮ
ﻳﺤﻤﻞ ﺗﺎﺟﻪ ﺑﻴﺪ،
وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ
ﺑﻴﺪ.
ﺛﻢ
ﺧﺎﻃﺒﻬﻢ
ﻗﺎﺋﻼ : " واﻵن ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪون
ﻣﻨﻲ؟ ﻫﺎ ﻧﺎ أﻋﻴﺪ
إﻟﻴﻜﻢ
اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ رﻏﺒﺘﻢ
إﻟﻲ ﻓﻲ ﺣﻤﻠﻬﺎ " وﻟﻜﻨﻬﻢ
ﺻﺎﺣﻮا
: " ﻻ! ﻻ! ﻧﺖ
ﻣﻠﻜﻨﺎ اﻟﺼﺎﻟﺢ، اﻟﻌﺎدل. ﻟﻘﺪ
ﺟﻌﻠﺖ
أرﺿﻨﺎ ﻧﻈﻴﻔﺔ
ﻣﻦ
اﻷﻓﺎﻋﻲ، ورددﺗﻬﺎ ﺧﻠﻮاً
ﻣﻦ
اﻟﺬﺋﺎب،
وﻧﺤﻦ
ﺟﺌﻨﺎ ﻧﺘﺮﻧﻢ
ﺑﺤﻤﺪك
واﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻴﻚ.
اﻟﺘﺎج ﻟﻚ
ﻓﻲ ﺟﻼل، واﻟﺼﻮﻟﺠﺎن
ﻟﻚ
ﻓﻲ ﻣﺠﺪ
". ﺟﺎب اﻟﻤﻠﻚ
ﻋﻨﺪﺋﺬ
ﻗﺎﺋﻼ : " ﻻ. ﻟﺴﺖ
ﻧﺎ! ﻟﺴﺖ
ﻧﺎ! ﻧﺘﻢ
ﻧﻔﺴﻜﻢ
اﻟﻤﻠﻚ.
ﻓﺄﻧﺘﻢ
ﺣﻴﻦ
ﻗﺪرﺗﻢ
ﺑﻲ اﻟﻀﻌﻒ وﺳﻮء
اﻟﺤﻜﻢ،
ﻛﻨﺘﻢ
ﻧﻔﺴﻜﻢ
ﺿﻌﺎﻓﺎً ﺳﻴﺌﻲ اﻷﺣﻜﺎم. واﻵن ﻧﻤﺎ ﺗﺴﻴﺮ
اﻟﺒﻼد ﺳﻴﺮﻫﺎ
اﻟﺤﺴﻦ،
ﻷن ﺗﻠﻚ
ﻫﻲ ﻣﺸﻴﺌﺘﻜﻢ.
ﻣﺎ ﻧﺎ إﻻ ﻓﻜﺮة
ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﻜﻢ
ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ، وﻻ وﺟﻮد
ﻟﻲ إﻻ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻜﻢ،
ﻟﻴﺲ
ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺺ
ﺳﻤﻪ ﺣﺎﻛﻢ.
اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﻮن
وﺣﺪﻫﻢ
ﻫﻢ
اﻟﺬﻳﻦ
وﺟﺪوا
ﻟﻴﺤﻜﻤﻮا
ﻧﻔﺴﻬﻢ".
وﻋﺎد اﻟﻤﻠﻚ
ﻓﺪﺧﻞ
ﺑﺮﺟﻪ
ﻣﻊ ﺗﺎﺟﻪ وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ
وﻣﻀﻰ اﻟﺸﺒﺎن واﻟﺸﻴﺐ
ﻛﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ وﻫﻢ
ﻓﻲ ﻏﺒﻄﺔ
وﺳﺮور.
وﻛﺎن ﻛﻞ وﺣﺪ
ﻳﺤﺴﺐ
ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﻪ ﻣﻠﻚ
ﻳﺤﻤﻞ ﺗﺎﺟﺎ ﺑﻴﺪ،
وﺻﻮﻟﺠﺎﻧﺎ
ﺑﻴﺪ.
ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﻞ
ﻗﺎل رﺟﻞ ﻵﺧﺮ
: " ﻛﺘﺒﺖ
ﺑﻄﺮف
ﺣﺬﺋﻲ،
ﻋﻨﺪﻣﺎ
ارﺗﻔﻊ ﻣﺪ
اﻟﺒﺤﺮ،
ﺳﻄﺮاً
ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﻞ.
وﻻ ﻳﺰال
اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن
ﻋﻨﺪه
ﻟﻴﻘﺮﺋﻮه،
وﻳﺤﺮﺻﻮن
ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻳﻤﺤﻮه
ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺷﻴﺊ".
و
ﻗﺎل اﻟﺮﺟﻞ
اﻵﺧﺮ
: " وﻧﺎ ﻛﺘﺒﺖ
ﻳﻀﺎ ﺳﻄﺮا
ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﻞ،
وﻟﻜﻦ
ﻛﺎن ذﻟﻚ
ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻧﺨﻔﺾ
اﻟﻤﺪ،
وﺟﺎﺋﺖ
ﻣﻮاج
اﻟﺒﺤﺮ
ﻓﻤﺤﺘﻪ، وﻟﻜﻦ
ﻗﻞ ﻟﻲ : " ﻣﺎذا ﻛﺘﺒﺖ
؟".
ﺟﺎب اﻟﺮﺟﻞ
اﻷول وﻗﺎل : " ﻛﺘﺒﺖ
ﻫﺬا
: " ﻧﺎ ﻣﻦ
ﻫﻮ
ﻛﺎﺋﻦ
". وﻧﺖ
ﻣﺎذا ﻛﺘﺒﺖ؟".
وﻗﺎل اﻵﺧﺮ
: " ﻫﺬا
ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ
: ﻟﺴﺖ
ﺳﻮى
ﻗﻄﺮة
ﻣﻦ
ﻫﺬا
اﻷُوﻗﻴﺎﻧﻮس
اﻟﻜﺒﻴﺮ
".
اﻟﻬﺪاﻳﺎ
اﻟﺜﻼث
ﻛﺎن
ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ
ﺑﺸﺮي
ﻣﺮةً،
ﻣﻴﺮ
ﻋﻄﻮفٌ،
ﻣﺤﺒﻮبٌ
وﻣﻘﺪرٌ
ﻣﻦ
ﺟﻤﻴﻊ رﻋﺎﻳﺎه.
ﻏﻴﺮ
ﻧﻪ ﻛﺎن ﺛﻤﺔ رﺟﻞ ﻓﻘﻴﺮ
اﻟﺤﺎل، ﻣﻌﺪمُ،
ﺟﻌﻞ دﺑﻪ ودﻳﺪﻧﻪ
ذم اﻷﻣﻴﺮ،
و اﻟﺘﺸﻬﻴﺮ
ﺑﻪ، و ﺗﺤﺮﻳﻚ
ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺑﺪاً
ودﺋﻤﺎً ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻨﻴﻊ ﻋﻠﻴﻪ.
وﻛﺎن اﻷﻣﻴﺮ
ﻳﻌﺮف
ذﻟﻚ،
وﻟﻜﻨﻪ
ﻇﻞ
ﺻﺎﺑﺮاً
ﻻ ﻳﺤﺮك
ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﺳﺎﻛﻨﺎً. وﺧﻴﺮاً
ﺧﻄﺮ
ﺑﺒﺎﻟﻪ أن ﻳﻀﻊ ﻟﻪ ﺣﺪاً،
وأرﺳﻞ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ
ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺸﺘﺎء ﺧﺎدﻣﻪ، وﺣﻤﻠﻪ ﻛﻴﺲ
ﻃﺤﻴﻦ،
وﻋﻠﺒﺔ ﺻﺎﺑﻮن،
وﻗﺎﻟﺐ
ﺳﻜﺮ.
ﻗﺮع
اﻟﺨﺎدم ﺑﺎب اﻟﺮﺟﻞ
وﻗﺎل : "أرﺳﻞ إﻟﻴﻚ
اﻷﻣﻴﺮ
ﻫﺬه
اﻟﻬﺪﻳﺎ،
ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺬﻛﺎر،
ودﻟﻴﻞ رﻋﺎﻳﺔ"
وﺷﻌ ﺮ
اﻟﺮﺟﻞ
ﺑﺎﻟﺰﻫﻮ،
وﺧﺬه
اﻟﻌﺠﺐ،
إذ ﺣﺴﺐ
أن اﻟﻬﺪﻳﺎ
ﺗﻜﺮﻳﻢ
ﻣﻦ
اﻷﻣﻴﺮ
ﻟﻪ، وذﻫﺐ
ﻓﻲ ﻧﺸﻮة
اﻟﻜﺒﺮﻳﺎء
إﻟﻰ اﻟﻤﻄﺮان
وﺧﺒﺮه
ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻷﻣﻴﺮ
ﻗﺎﺋﻼ: "أﻻ ﺗﺮى
ﻛﻴﻒ أن اﻷﻣﻴﺮ
ﻳﻄﻠﺐ
رﺿﺎي؟".
و
ﻟﻜ ﻦ
اﻟﻤﻄﺮان
ﻗﺎل : " ﻳﻪ! ﻣﺎ ﺣﻜﻢ
اﻷﻣﻴﺮ،
وﻣﺎ أﻗﻞ ﻓﻄﻨﺘﻚ!
ﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ
ﺑﺎﻟﺮﻣﻮز
اﻟﻄﺤﻴﻦ
ﻟﻤﻌﺪﺗﻚ
اﻟﻔﺎرﻏﺔ واﻟﺼﺎﺑﻮن
ﻟﻘﺬارة
ﺳﺮﻳﺮك
واﻟﺴﻜﺮ
ﻟﻴﺤﻠﻮ
ﻟﺴﺎﻧﻚ
اﻟﻤﺮ".
و
ﺻﺒﺢ اﻟ ﺮﺟﻞ
ﺧﺠﻼً ﻣﻨﺬ
ذﻟﻚ
اﻟﻴﻮم،
ﺣﺘﻰ ﻣﻦ
ﻧﻔﺴﻪ، وﺷﺘﺪت
ﻛﺮاﻫﻴﺘﻪ
ﻟﻸﻣﻴﺮ
ﻛﻤﺎ ﻟﻢ
ﺗﻜﻦ
ﻣﻦ
ﻗﺒﻞ ﻗﻂ،
وﻣﺘﺪت
ﻫﺬه
اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ
ﻟﻠﻤﻄﺮان
اﻟﺬي
ﻛﺸﻒ ﻟﻪ
ﻃﻮﻳﺔ
اﻷﻣﻴﺮ،
وﻃﻠﻌﻪ
ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪه.
إﻻ
ﻧﻪ ﺳﻜ ﺖ
ﺑﻌﺪ
ذﻟﻚ،
وﻟﻢ
ﻳﺘﻌﺮض
ﻟﻸﻣﻴﺮ
ﺑﻜﻠﻤﺔ..
.. ..
اﻟﺴﻠﻢ
واﻟﺤﺮب
ﻛﺎن ﻣ ﺮة
ﺛﻼﺛﺔ ﻛﻼب ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺲ
ﻳﺘﺪﻓﺄون
وﻳﺘﺤﺪﺛﻮن.
ﻗﺎل اﻟﻜﻠ ﺐ
اﻷول ﺑﻠﻬﺠﺔ اﻟﺤﺎﻟﻢ:
"ﻧﻪ ﺣﻘﺎً ﻟﻌﺠﺐ
أن ﻧﻌﻴﺶ
ﻓﻲ ﻫﺬا
اﻟﻴﻮم
ﻋﻴﺸﺔ اﻟﻜﻼب. ﻓﻜﺮ
ﻓﻲ اﻟﻴﺴﺮ
اﻟﺬي
ﻧﺴﺎﻓﺮ
ﺑﻪ ﺗﺤﺖ
اﻟﺒﺤﺮ،
وﻓﻮق
اﻟﺒﺮ،
وﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﺠﻮ.
وﺗﺄﻣﻞ اﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت
اﻟﺘﻲ ﺗﺖ
ﺑﺎﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ
ﻟﻠﻜﻼب، وﺗﻤﺘﻌﺖ
ﺑﻬﺎ ﻋﻴﻮﻧﻨﺎ
وآذﻧﻨﺎ وﻧﻮﻓﻨﺎ".
وﺗﻜﻠﻢ
اﻟﻜﻠﺐ
اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻗﺎل: "ﻧﻨﺎ ﻛﺜﺮ
ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن.
ﻧﻨﺎ ﻧﻨﺒﺢ اﻟﻘﻤﺮ
ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ
ﻛﺜﺮ
ﻳﻘﺎﻋﺎً ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ﺟﺪادﻧﺎ،
وﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻧﺤﺪق
إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء، ﻧﺮى
ﻣﻼﻣﺤﻨﺎ ﻧﻘﻰ ﻣﻦ
ﻣﻼﻣﺢ اﻷﻣﺲ
وأوﺿﺢ".
1.
و
ﺗﻘﺪم
اﻟﻜﻠﺐ
اﻟﺜﺎﻟﺚ
وﻗﺎل: "ﻏﻴﺮ
إن اﻟﺬي
ﻳﺸﻮﻗﻨﻲ
ﻛﺜﺮ
ﻣﻦ
ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﻮق،
وﻳﺨﻠﺐ
ﻟﺒﻲ، ﻧﻤﺎ ﻫﻮ
ﻫﺬا
اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ
اﻟﻘﺎﺋﻢ
ﺑﻴﻦ
ﻣﻤﺎﻟﻚ
اﻟﻜﻼب!".
و
ﻧﻈﺮ
اﻟﻜﻼب اﻟﺜﻼﺛﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﻢ
ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻟﻠﺤﻈﺔ،
وإذا ﺑﻤﻄﺎرد
اﻟﻜﻼب ﻳﻘﺘﺮب
ﻳﺎ ﻟﻠﻬﻮل!.
ووﺛﺐ
اﻟﺜﻼﺛﺔ، وﺿﺮﺑﻮا
ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ
ﻫﺪى
ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع. وﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا
ﻳﺮﻛﻀﻮن،
ﺻﺎح اﻟﻜﻠﺐ
اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻓﻴﻬﻢ
ﻗﺎﺋﻼً: "ارﻛﻀﻮا
ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻣﻦ
ﺟﻞ ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ،
اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ورﺋﻨﺎ ﺗﺘﻌﻘﺒﻨﺎ".
الصفحة التالية
|