|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
جبال هيمالايا سنحدثكم اليوم عن قصة تشمل أجزاء من حكايات أخرى، من بينها قصة هذا البرنامج. التسلق إلى غاشيربروم واحد، أو القمة المختبئة. جئنا قبل خمسة عشر عاما إلى أسفل هذا الجبل البالغ ارتفاعه ثمانية آلاف متر، كي نعيش أول تجربة لنا في عمالقة الأرض. لم نبلغ القمة، ولكن ما عاشوا هناك أحسوا بأولى مشاعر المحبة تجاه همالايا، والوثائقي الذي تحول مع الزمن إلى "برنامج التحدي".
عاودنا المجيء إلى هنا في عدة رحلات لمحاولة حتى تمكنا أخيرا من محاولة بلوغ القمة، إلى جانب رفاق كلية جبل هاكا العسكرية. وقد عايشنا عبر السعي إلى هذه اللحظة الحاسمة والمرغوبة جدا من قبل الجميع، تجارب مكثفة ومأساوية، مليئة بالجهد والشجاعة والتضامن، التي سنقدمها لكم الآن.
=-=-=- تقع أجمل جبال العالم في الزاوية الأنأى من كاراكوروم، ومن بينهما الجبل المخفي.
كررنا تحركات وتعليقات لرحلات أخرى. من المدهش أن ترى السرعة التي تتبخر بها بعض الذكريات. بالكاد تعلق في الذاكرة بعض الأجزاء من وديان بالتستان القاحلة، وقمة جليد عند الغروب، وكوبا من الشاي في كوخ أحد أصدقائنا الحمالين. كنا قد نسينا بعض الأنهر الصغيرة التي عادة ما تفيض في هذه الفترة من العام، حيث تواجه سياراتنا بعض المشاكل المعتادة التي لا تحل إلا بالطرق التقليدية، أي بالقوة كالمعتاد.
وهكذا كالمعتاد، عاودنا لقاء عدد من الأصدقاء القدامى، وعبرنا طرقات سبق أن ممرنا بها، كي نعيش تجربة جديدة في هذه المنطقة الأشد انحدارا في العالم. يبدو أننا نحتاج هنا كالمعتاد إلى تبديل طارئ للسلك.
تابعنا عبر أعالي وديان برالدو، وكتل بالتورو الجليدية، بينما تستمر القمة المخفية على مسافة بعيدة منا مختبئة وسط الضباب الذي ترافقنا على طول الطريق. يقع الجبل الخفي أو القمة الخفية حسب تنوع الأسماء اللغوية، وسط المناطق المنعزلة من الباكستان والصين، ضمن منطقة تطالب بها الهند أيضا. أثناء المسيرة التي تعقبنا خلالها سوء المناخ، وحال دون رؤيتنا للجبال المحاطة بالغيوم، حاولنا ادعاء الأمان الذي كان ينقصنا، علنا نزرع التفاؤل في صدور بعض الشبان من رفاقنا، الذين اعتبروا أول تجربة لهم في كاراكوروم بالغة القسوة فعلا.
الطبيب: أمضينا أياما كاملة وأقدامنا باردة جدا دون أن أعرف السبب أو أفهمه. لا أفهم كيف يقبل البعض في التخصص هنا. لأني كنت دائما أفكر بالعودة. عندما بدأت في نزول الغوندوغورو، أردت العودة بأي ثمن كان، حتى لو كلفني ذلك النزول زحفا،ولكن يجب أن أعود. ولكنك عادة ما تجد شيئا يحول دون عودتك.
أمضينا عدة أشهر في التحضير لهذه الرحلة لأنها لن تكون سهلة.
أدركنا ذلك عبر تجاربنا السابقة، قبل خمسة عشر عاما وفي رحلتنا الأولى إلى هذا الجبل، عجزنا عن بلوغ القمة. حتى أننا خرجنا دون التعرض للأذى بفضل حسن الحظ الذي لم يحالف عام ألف وتسعمائة وتسعون اثنان من أصدقائنا في البعثة الكتلانية، فاختفيا على مقربة من أعلى تلك القمة.
رغم المخاوف عادة ما يتم الاحتفال بالوصول إلى القاعدة الأساسية بالارتياح والأمل. سنكف الآن عن السير لأيام وأيام دون أن نرى شيئا. ضقنا ذرعا بسوء المناخ والمشاكل المستمرة مع الحمالين.
كنا نعرف بأن فترة تحسن المناخ التي استقبلتنا مع وصولنا إلى هناك لن تدوم طويلا، أي أنها أقل بكثير من سوء الأحوال الجوية التي تعقبتنا خلال مسيرة التقدم الطويلة. تقول تجاربنا في كاراكوروم بأن هذه الأيام تعتبر نادرة ولا بد من الاستفادة منها إلى أقصى حد.
وهكذا، قبل أن تهيأ الظروف المناسبة للقاعدة الأساسية، ناقشنا عناصر الاستمرار اللوجستية. والحقيقة أننا قررنا الاعتماد على أبسط الأشياء وأكثرها فعالية، في حال نجاحها طبعا. سيصعد غدا كل من يستطيع إلى دائرة غاشيربروم الجليدية، الواقعة على ارتفاع ستة آلاف متر لنصب المخيم رقم واحد.
ولكنا نعرف جيدا بأن الواقع نادرا ما يتوافق مع تطلعاتنا وأحلامنا. تثير هذه الجبال لدينا مزيجا من الحماس والخوف معا. كما أنها تأتي بالذكريات لأن جزءا كبيرا منا يجد مبررا لهذه الأحاسيس بهذه الكتل الجليدية التي تصبو إلى السماء.
جلست قبل خمسة عشر عاما في هذا المكان بالتحديد، أراقب هذا المشهد بالتحديد. هناك أشياء كثيرة تغيرت خلال هذه الفترة. باستثناء الانطباع الذي تتركه بي هذه الجبال، التي هي الأجمل في العالم. ربما كنا الآن على موعد لا بد منه مع القدر. قبل خمسة عشر عاما تعرض خمسة منا إلى تجربة نارية، تجسدت بأول رحلة لنا في همالايا. كان معنا مانويل مارتينيس. الذي كان أبرز متسلق لجبال الألب لتلك الفترة الذهبية وهو في الحادية والعشرين من عمره. إلى جانب هافو وأنطونيو وكارلوس. أمضينا عدة أيام في فتح الطريق عبر الجليد. كنا نحمل الأثقال، ونحاول التأقلم حتى أقمنا المخيم الثاني، على سفوح غاشيربروم، من حيث استطعنا أن نرى جبال صحراء سينخوان شينو. بدا وكأن كل شيء يبتسم لنا. شعرنا وكأن القمة المخفية على مسافة قريبة منا.
بدأت أجزاء الفيلم هذه في كتابة إحدى القصص.
لا شك أن تلك الرحالة كانت من أبرز الأحداث التي جرت في حياتنا.
في ساعات الفجر الأولى، بدأنا في مسيرة يتحدد هدفها بدقة، وهو بلوغ دائرة غاشيربروم الجليدية. من هناك نسطييع رؤية الشمال الشرقي، من حيث نستطيع التأمل بالطريق الذي قمنا بعبوره.
يعتبر هذا من أجمل المواقع التي يحلم برؤيتها متسلقو الجبال. تتمتع هذه الأماكن واللحظات بالنسبة لنا أهمية فريدة بحد ذاتها. تتلاشى كل الجهود التي بذلت أمام روعة وسحر هذه المناظر الخلابة.
نشعر اليوم بالإعجاب نفسه الذي انتابنا قبل خمسة عشر عاما. ولكن التجربة اليوم تجعلنا حرصا وفعالية. خلال خمس ساعات فقط أحد عشر عضوا من الفريق الذي تشكل من محاكاة المستحيل ومدرسة جبل جاكا العسكرية، تمكنوا من بلوغ هذا المكان المدهش، المحاط بستة من عمالقة الجبال، تسمى بجبال النور. رغم هذه المشاهد الأولى للقمة المخفية، أو غاشيربروم واحد، نعرف أنه ليس جبلا سهلا. إذ تجعله الثمانية آلاف وستة وثمانون مترا القمة الحادية عشرة الأعلى في العالم. ومع ذلك فإن الآلاف الثمانية هذه تجعله الثالث في قلة الانحدار. فهو يتمتع فقط بسبع المنحدرات المتوفرة في إفرست. ولكنا نعرف أيضا أن مجرد تغيير بسيط واعتيادي في المناخ، كفيل بجعل هذا الموقع مكانا معقدا وبالغ الخطورة.
أصبح لدينا الآن فريقا قويا يتمتع بتجربة عدد من البعثات الجبلية العالية جدا. ومع ذلك نشتاق إلى أيام بعثاتنا الأولى، دون أن نعرف السبب.
رضينا مبدئيا عن بناء المخيم الأول ثم عدنا إلى القاعدة الأساسية. ما زال أمامنا الكثير من العمل والحمل، وإقامة المخيم التالي في السلسلة التي تفصل الباكستان عن الصين، قبل أن نطرح على أنفسنا مهمة بلوغ القمة المستهدفة.
لم يكن المناخ حليفا لنا منذ بداية مسيرة التقدم، حتى أن البعثة كادت تعجز عن بلوغ القاعدة الأساسية، ما أورد احتمال توديع الجبل حتى قبل أن نكحل عيوننا برؤيته. ومع ذلك فقد ابتسم المناخ لنا اليوم، وقد أنجز المخيم الأول بعد تخطي كوارث الكتلة التي تعتبر مقدمة ومدخلا للجنان الفعلية التي تتشكل منها جبال النور الستة.
من الطبيعي أن يشعر البعض بالسعادة والسرور بعد أسبوعين قضيناها في كاركوروم.
خوليو: كم أحب البالترو.
قد أنزف وأموت إن لم تعطوني شيئا ولكني اليوم على الأقل رأيت شيئا جميلا. لقد حان الوقت فعلا.
آخر: كيف كانت كتلة الجليد؟
أنطونيو: يقولون أنهم عندما خرجوا كانت بحالة أسوأ مما رأيناه عند خروجنا.
ألبيرتو: بداية الرحلة كانت تختلف عما جرى في ذلك اليوم، حيث كان الجليد أشد ليونة وخطورة من قبل. وقد غصت في إحدى الحفر حتى الخصر.
آخر: بماذا شعرت وأنت معلق الساقان؟
ألبيرتو: من حسن الحظ أن الذي علق هو الساق الأيمن وحده بينما ساعدني الأيسر على الخروج من هناك زحفا. ممتع .. وأخيرا تنشقنا بعض الأجواء الحماسية، بما يساعد بعض الشجعان على الاحتفال بأول حمام لهم خلال عدة أيام. يعتبر هذا موسما عصيبا لم تتمكن فيه أي بعثة بعد من بلوغ القمم الهامة في كاراكوروم.
نحن متسلقين مجربين كي نتمكن من بناء المخيم الثاني في نفس الوقت الذي ما زال أمامنا الكثير من أعمال التحميل. ومع ذلك فإن الحوار الأساسي للمجربين والجدد على حد سواء تركز على المناظر الخلابة التي قدمتها لنا جبال النور. في مثل هذه الأيام فقط يمكن تبرير كل ما نبذله من جهود.
مانويل ألفاريس: سبق أن كنت هنا عام ثلاثة وتسعون، وقد أدهشني جدا هذا النوع من الجبال. لا شك أن أعداد كبيرة من الزوار تتوافق في اعتبار أعالي بالتورو من أجمل المناطق في العالم، فهي تضم أجمل مجموعة من الجبال معا. والحقيقة أننا رغم صعوبة المناخ الذي أحاط بنا أثناء المسيرة، ما حال دون رؤية الجبال المحيطة، فإن وجودنا في القاعدة الأساسية هنا ومشاهدة المناظر الخلابة من حولنا يعوض علينا الكثير من التعب ويؤكد كل ما كنت أتوقعه.
بما أن المناخ بدا جيدا ومستقرا قررنا الاستمرار في مسيرة الصعود دون استراحة. يمكن القول أن السرعة في أعالي الجبال هي مرادف للأمان، أما في بالتورو، حيث عادة ما تندر أيام المناخ الجيد، يمكن ليوم واحد فقط أن يحدد نتائج بعثة بكاملها.
رغم أن تأثير الارتفاع ما زال واضحا إلى جانب التعب في هذه الأيام الأولى، ولكنا نشعر بالسعادة لوجودنا هنا وسط أشد الجبال إثارة للدهشة في العالم.
إنها تمنحنا إجاباتها الخالدة وتعطينا صورة أوضح من مظاهر الطبيعة الأخرى عن عظمة هذا الكون. هذا إلى جانب ما يمكن أن تبعث فينا من إعجاب ورهبة تجاه قدراته الهائلة. أثناء إنجاز أعمال الحمل والتسلق، تستمر القدرات الجسدية والتأقلم في التحسن أيضا.
من الواضح أن سفوح غاشيربروم تفصل بين عالمين مختلفين جدا على كوكب الأرض، وهما الأراضي الصحراوية التي تمتد نحو الشمال في اتجاه الصين، والكاراكوروم، التي تعتبر من أكبر تجمعات الجبال في العالم.
هذا الموقع الفريد والمميز الذي يمكن من خلاله التأمل في هذين العالمين المتناقضين جدا، هو جزء رئيسي من بعثتنا أيضا. يبدو أن الملامح الخلابة للجبال كان تدير لنا الظهر دون صعوبات حتى الآن، ولكن بدءا من هذه السفوح سيتغير الصعود إلى القمة المخفية كليا، وهذا ما تعلمناه جيدا قبل خمسة عشر عاما.
عبر الذكاء الحاد للذين يستطلعون طريقهم الخاص انطلقنا نفتح ممرا جديدا في المخفي. سرعان ما تأكدنا من أن هذه السفوح هي الممر الطبيعي للجبل، ما سيتحول مع الوقت إلى طريق عادي علما أن اكتشافه نشأ بالفطرة وليس بالمنطق.
ولكن تعلمنا هناك بأن دقائق معدودات تفصل بين الحلم والكابوس. استولت العاصفة على كاراكوروم. أجبرنا على التراجع بعد أن أصبحت القمة على مسافة قريبة منا. إنه ترس لم ننساه أبدا منذ ذلك الحين.
ما يثبت أن الظروف السيئة هنا قد تتحول إلى كوارث. أثناء انسحابنا كاد أحد الثقوب المخفية أن يؤدي إلى مأساة. سرعة وكفاءة مانولو وأنطونيو أنقذتاني من ظلمة حفرة بدون قاع، فأعاداني إلى أمل الحياة ونور هذه الجبال التي أعجز عن نسيانها ولو أغمضت عيناي. جعلنا ذلك الانسحاب المأساوي ننضج بسرعة، ومنحنا معرفة حقيقية بقياس هذه الجبال. إلى جانب قسوتها المخيفة. هناك، على ارتفاع ستة آلاف وخمسمائة متر، عند ذلك السفح الذي يفصل بين عالمين منعزلين يحاكيان المستحيل، وفي نفس المكان الذي استعدت في مستقبلي، من المحتمل أن ينتظرنا أخدود آخر. يكمن نجاح بعثتنا في ذلك المنحدر، وسط ظروف هي الأشد صعوبة، حيث انتصرت الجرأة والصداقة فوق أي اعتبارات أخرى. تساعدنا البعثة العددية الأكبر اليوم في الاعتماد على لوجستية مختلفة، إذ استطاع أربعة رفاق، مع بعض الصعوبات، من بلوغ السفح لإقامة المخيم الثاني هناك. تمكنا من تحقيق أكبر فائدة ممكنة خلال الأيام الأولى من تحسن المناخ. يمكن من سفوح غاشيربروم التأمل بخط السير الذي سنتبعه. انفتاح الممر الذي ينطلق من هنا هو الوسيلة الرئيسية لبلوغ القمة. هنا تكمن أهمية التمويل وتعزيز هذا المخيم. هذه هي المجاهل التالية التي تسيطر على مهمتنا التالية.
ألفونصو خويس: (عبر الراديو) إذا أردنا البقاء هنا علينا إحضار مزيد من الوقود والطعام وخيمة أخرى، إلى جانب إحضار الحبال والمعدات اللازمة فيما بعد. فرانسيسكو صوريا: رائع، لنرى كم خيمة لدينا في المخيم الثاني؟
راديو: مبدئيا أربعة.
سوريا: وعدد الفرش؟
راديو: ستة فرش، ستة. صوريا: وعدد ألواح النوم؟ راديو: سؤال جيد سؤال جيد انتظر لحظة.
صوريا: يسرني أن أسمع منك هذا السؤال بدل.
راديو: دعني أرى سبع ألواح.
صوريا: سمعت. عدد أجهزة الراديو؟ راديو: أرسل ما يتوفر لديك.
صوريا: اسمع لدي سؤال آخر، كيف حالكم الآن؟ أعني معنويا؟ هل هناك مشاكل صحية؟ بدل. راديو: كلا، كلا نحن على ما يرام.
صوريا: رائع رائع.. تغلب المنطق في كاراكوروم، وسوء المناخ يفسد إيقاع العمل لدينا. تمكنا حتى الآن من إقامة المخيمين الأولين، كي نرى بوضوح طريقنا نحو القمة.
ندرك بأن العمل يسير على ما يرام، وخلال فترة تحسن المناخ المقبلة نستطيع التفكير بالوصول إلى القمة المخفية.
غطت العاصفة مخيمنا بطبقة من الجليد. بعد تحمل بضعة أيام في المخيمات العالية، بدأنا ننسحب إلى القاعدة الأساسية. عندما يصعب العمل في الأعالي، يصبح من الأفضل الانتظار ضمن وسائل الراحة المتوفر في المخيم. لا يضمن ذلك مستوى أفضل من الأمان حيال المستجدات، بل يتم أيضا توفير المواد الغذائية والوقود الذي يكلف نقلها إلى أعلى الكثير من الجهد والتعب.
ومع ذلك نستمر باستغلال جميع الفرص المتوفرة لنقل اللوازم إلى المخيمات الأعلى، التي تساعدنا على القيام بالخطوة التالية والحاسمة، رغم ثقتنا في أننا غالبا ما نكون الخاسرون في معركة الاستنزاف هذه.
س: كيف كانت العاصفة فوق طوني؟ أنطونيو : سيفتح الذين ينزلون الآن أخاديد تغطيها طبقة رقيقة من الجليد، لا بد أنها ستخدع الذين يتبعونهم، هذا ما سيضحكهم جدا.
مولينا: هذا مخيف جدا، حسنا، هل نرتدي الآن ملابس جافة؟ س: هل أعجبك بالتورو رامون؟ رامون: جدا، أعتقد أني سأمضي العطلة السنوية هنا كل عام.
س: هل ستشتري أحد الشاليهات؟
رامون: على المرء هنا أن يسير ستين كيلومترا ليصعد ثلاثين مترا فقط، لهذا أفضل الذهاب إلى نارانهو.
ما أن يتحسن الطقس حتى نعاود الصعود، قد تكون هذه هي الفرصة التي ننتظر. قد نكون ممن يبحثون عن الأشياء التي لا يمكن فهمها. لا نعرف السر في ذلك، ربما كان نوعا من الاعتذار. ولكن هناك أشياء كثيرة في حياتنا لا نعرف سرها، كما لا نطمح لمعرفة كل شيء. لدينا تساؤلات كثيرة، وأكوام كبيرة من الغموض، الأشبه بالممر الذي ينتظرنا في الأعالي.
ربما لم نفقد بعد تلك الجرأة التي دفعت مانويل مارتينيس وهابيير ألونصو قبل خمسة عشر عاما لتسلق القمة المخفية في هذه الجبال، التي يبلغ ارتفاعها سبعة آلاف متر. ربما كانت تلك المحاولة التي قام بها عملاقي التسلق هذين، الأكثر جرأة مما فعلنا. ورغم عدم بلوغ القمة إلا أن لتلك الجرأة أهمية أكبر في حياتنا من جميع القمم التي بلغناها لاحقا.
هو مشهد لم يتمكن من رؤيته رفيقنا مانولو، إذ مات بعد فترة وجيزة أثناء تسلقه جبال الألب، في حادث أصيب أثناءه هافيير بجروح عميقة. اخترنا هذه المرة الممر الياباني لبلوغ السفح الصغير الواقع على ارتفاع سبعة آلاف وثلاثمائة متر، حيث نفكر بإقامة آخر مخيم لنا.
يعرف رفاقنا جيدا ما ينتظرهم من مجازفات وهم يعبرون هذه المسافة.
إنياكي: تبين أن الممر أشد خطورة مما قالته لنا البعثات التي سبق أن مرت من هنا سابقا. بدا لنا أنه أشد تعقيدا مما توقعنا تقنيا، كما كان في ظروف يمكن القول أنها كانت صعبة لكميات الجليد المتراكمة، خصوصا وأن العمل كان كثيرا علينا نحن الاثنان اللذان عملنا في الواقع هناك.
يعتبر هذا الممر مفتاحا للتسلق بكامله، فهو مرحلة صعبة، وقد يشكل مجازفة خطيرة أثناء الانسحاب في المناخ السيء فهو يستقبل الثلوج المتساقطة من جميع المنحدرات الأعلى.
خوان: قمنا بعدة محاولات تميزت بصعوبات تصاعدية. ما جعلنا في الختام نعتقد بأننا لا نسير في الطريق الصواب. كانت مراحل بالغة الصعوبة ولكنها في الأجزاء الأخيرة منها، كانت شيقة ومدهشة ومسلية إن صح التعبير.
إنياكي: هناك خطوة صعبة جدا من الناحية التقنية قام بها خوان توماس، تتطلب الكثير من هدوء الأعصاب والشجاعة. كانت صخرة قاحلة يغطيها غبار من جليد غير متماسك صعب تقنيا.
ولكن الطريق نحو القمة أصبح مفتوحا، ومن المحتمل أن نجد الفرصة الملائمة إذا ما جئنا إلى هنا لفك رموز ومجاهل هذه القمة.
على أي حال هذا أقل ما في الأمر أهمية.
قد تجد من لا يفهم ما نبذله من جهود لبلوغ أشياء يبدو في الظاهر أنها عديمة الجدوى، ولكنا جئنا نبحث هنا عما هو أبعد من القمة.
جئنا نبدي الوفاء لمنولو وهافو، ولصداقة مر عليها خمسة عشر عاما، ولأنفسنا. لقد علمونا أن نعيش حياتنا إلى حدها الأقصى كل ثانية بكثافة، حتى يضع القدر نهاية لها.
--------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م