لغتنا تواكب العصر

مدينتي

عكا لم أدخلها عبرت محيطات محلّقا فوق الغيوم دخلت الهند والسند وبلاد الصين رأيت بلاد الروم والقارة السمراء ولم أعرفها تنشقت عبير غرناطة والحمراء وتنزهت في طليطلة وإشبيليا ورددت آهات الغجر في الأندلس ولم أزرها مضى عمر الشباب على الطرقات وغزا الشيب مفرقي في الترحال حتى صار وطني حقيبة وأنا مسافر ولم أصلها جبال وجرود وديان وسفوح غابات ومروج وبطاح وسهول كثبان وصحاري بواحات مخضرّة ولم أرها أخذ الشيب يملأ رأسي وقد تحققت كل أمنياتي إلا حلم قديم ما زال يؤرقني لم أعشها كأن بيني وبينها جبال وصحاري وغابات ومحيط، كأنها في عالم آخر تسطع فيه شموس وأقمار بعيدة لم أخترقها شبت بعد شباب وعدت أسافر نحو الجذور عدت أبحث عن خطى لم يمحها الزمن أصبو للعثور على ما تبقى من أثر لم أبلغها سرت في مدن العالم وشوارعها أحمل على راحتي باقة عطره من كل بلد إلى مدينة تصهل ولا تحطم اللجام لم أبصرها عطرها أسير أنفاس تمقتها وجدائلها السوداء ليل مجون منسي حبيسة أيد تعيث خرابا بميراث منهوب لم أطأها بجناح مكسور لم أرها ودم يُهدر في غياب حماها لانتماء أشبه بأتلانتا الغارقة. لم أعشها طوبا لدماء تدفقت بحب وسخاء من أجل بوابة ودار وحوش طوبا لأفضل أخ لي سقط عاشقا هلالٌ ينير في سواد ليل حالك ولم أدخلها.. بعد مهما علت الأبراج والحصون المنيعة وتضرجت الجباه بالشوك والأقدام ستتورد الوجوه يوما برؤيتها ودخولها سوف أبلغ عكّا وأسبح في بحرها ولو تحطم صدري شوقا إليها. سوف أبلغها. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل