|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
أين هي الاحتجاجات العربية الشعبية منها والرسمية على كلّ أعمال الإرهاب والذلّ والهوان؟
2017-12-03
د. بثينة شعبان
لو وقف
العرب جميعاً مع سوريا والعراق لما تجرأ الصهاينة، وأعوانهم على شنّ
حرب مجرمة بحق اليمن البريء، والمستضعَف الذي يستفردون به، فمتى سوف
يدرك العرب أو حكامهم ومنظماتهم الشعبية، أن انتصارهم لبعض هو ضرورة
وجودية لهم جميعاً، وأن الخصوم والأعداء يقضمونهم واحداً تلو الآخر
مثيرين دخان التطبيع حيناً، والمصالحة، والوفاق حيناً آخر.
بعد أن
حضرت احتفالات مئوية وعد بلفور في لندن وجددّت التزام بلادها بالمشروع
الصهيوني ومقتضياته من تهجير للفلسطينيين، واستعمار لأراضيهم، وديارهم،
ومقدساتهم انتقلت تيريزا مي، رئيسة وزراء بريطانيا، إلى جولة خليجية
تهدف من خلالها تبرئة بلادها من إثم حرب إجرامية على اليمن، وتدعو إلى
فك الحصار عن الشعب اليمني وفتح الموانئ في محاولة خبيثة للتغطية على
صفقات السلاح التي أبرمتها المملكة مع آل سعود، والتي بلغت قيمتها
أربعة مليارات دولاراً.
ولإحكام الحملة الإعلامية الهادفة إلى تنظيف صورة المملكة الملطخة
بدماء الملايين من ضحايا إرهابها ضد المدنيين العرب في ليبيا وسوريا
والعراق ومصر وتونس والبحرين، وتبرئتها من جرائم الحرب المشينة التي
ترتكبها ضد الشعب اليمني البريء فقد تزامنت جولة تيريزا مي مع قرار غير
ملزم اتخذه البرلمان الأوربي يمنع بموجبه تصدير الأسلحة إلى آل سعود،
وتناقلت كلّ وكالات الأنباء هذا القرار وسلطّت الأضواء عليه في حملة
مخططة ومدروسة لتبرئة بريطانيا، وأوروبا من جرائم دعم الإرهاب والحرب
السعودية على العرب، ولكن ما لم يتم ذكره مع هذا القرار هو أنه قرار
غير ملزم، وأن بريطانيا قد زودت آل سعود بأسلحة كافية لتدمير اليمن خمس
مرات متتابعة، علماً أن هناك منظمات أكاديمية وشعبية في المملكة
المتحدة قد طالبت رئيسة الوزراء بالإعتذار عن وعد بلفور، وتقديم
تعويضات للفلسطينيين عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم خلال قرن بعد أن
أبرمت حكومة المملكة هذا الوعد للصهاينة وعملت جاهدة على تنفيذه، الأمر
الذي سبب الكارثة الوطنية للشعب الفلسطيني التي يعاني منها طوال قرن.
فهل
تمّ ذكر ضرورة مثل هذا الإعتذار من قبل مضيفي السيدة رئيسة الوزراء
السعوديين؟!! وهل عاتبها أحد على حماسها لتجديد تعهد المملكة المتحدة
بالتزامها بوعد بلفور، واستمرار العمل مع الصهاينة على الساحات
الإقليمية والدولية لإنزال أقسى المعاناة للملايين من العرب في
فلسطين؟!! أم أنهم شرحوا لها دورهم في اجتماع وزارء الخارجية العرب في
القاهرة وإصرارهم على تصنيف حزب الله العربي كمنظمة إرهابية، كما تريد
إسرائيل، كحزب علّهم يحظون بشهادة صهيونية لحسن السلوك، أو سعوا لنيل
رضى السيدة البريطانية التي لم تنل الرضى عن أدائها أبداً لافي بلدها،
ولا في أوروبا ولا العالم، والتي ربما مثلت زيارتها الخليجية لها
الفرصة الوحيدة لتشعر أنها رئيسة وزراء هامة، وناجحة لكثرة تبجيل
الحكام السعوديين بمن يستعمرهم وينهب ثرواتهم، ويدمّر هويتهم ويبقى في
نظرهم السيد المبجّل الذي يطمحون لنيل رضاه بأي ثمن كان.
من
ناحية سياسية أعمّ وأشمل فقد تصاعدت في الأسابيع الأخيرة الدعوات
الأميركية، والأوروبية لفتح الموانئ اليمنية من أجل نقل الجرحى،
والمصابين، وإيصال المساعدات الإنسانية وتمّ تسليط الأضواء على هذه
الدعوات في الأمم المتحدة، وفي الإعلام، وذلك من أجل احتفاظ الغرب
لنفسه بتلك السمة الإنسانية التي يحاول ارتداءها كقناع يخفي بها إثارته
الحروب الإرهابية ضد العرب وتغذيتها بالسلاح لتشغيل مصانع السلاح لديه
وتعزيز اقتصاده الرأسمالي المأزوم.
هل
يصدّق عاقل في أي مكان أن هذه الحرب المجرمة على اليمن، وشعبه،
وتاريخه، وحضارته، كان يمكن أن تحدث وتستمّر لولا دور شركات السلاح
الغربية الفعّال في تزويد الأنظمة الاستبدادية في السعودية وقطر
بالأسلحة التي تفتك بالمدنيين الأبرياء؟! وهل يصّدق عاقل أن الإدارات
الغربية التي تدعي هذا الحرص الإنساني بعد أن تسببت بكارثة إنسانية
تمثل عاراً في جبين البشرية، تعمل بمعزل عن مصالح شركات الأسلحة التي
تتحكم فعلاً بسياسات تلك الدول؟
ولكن
بالمقابل، وعلى مسافة أقرب من تواجدنا البشري، وجذورنا، أين هي
الاحتجاجات العربية الشعبية منها والرسمية على كلّ أعمال الإرهاب
والذلّ والهوان؟ وأين هي الأحزاب، والنقابات، والمنظمات الشعبية التي
ترفع صوتها عالياً في ساحات العواصم، والمدن العربية لتطلق صرخة في وجه
ما يتعرّض له الأشقاء في اليمن، وليبيا، والبحرين، ومصر، وسوريا،
والعراق؟ وأين هي الصرخة، والمحاسبة الشبيهة باستجواب السيدة مباركة
البراهمي، عضو البرلمان التونسي، لوزير خارجية تونس في البرلمان
التونسي؟ تلك المرأة التي تساءلت باسم العرب الشرفاء جميعاً عن اجتماع
الذلّ في الجامعة العربية، والذي أُريد منه محاسبة الحركة العربية
الوحيدة التي أسقطت نظرية التفوّق الإسرائيلي، وتركت العدوّ مربكاً،
وفي حيرة من أمره، الحركة المقاومة الوحيدة التي استعادت للعرب جميعاً
بعضاً من كرامتهم وكبريائهم، من خلال تضحيات أبناء وبنات هذه الحركة،
وتصميمهم على ألا يمرّ العدو من هنا، وإذ بوزراء خارجية يصطفون بكامل
قيافتهم لفتح البوابات للأعداء المستعمرين دون أن يرفّ لهم جفن. لو وقف
العرب جميعاً وقفة رجل واحد مع شعب فلسطين لما سقطت بغداد بيد المحتلين
الآثمين، ولو وقف العرب جميعاً على أسوار بغداد لما سقطت ليبيا، ولما
تجرأ الآخرون على شنّ حرب آثمة تحت مسميات إرهابية، وأقنعة منظمات
إرهابية اختلقوها، ومولوّها، وسلحوّها، ودربوها، وقادوا إرهابيها لهذا
الغرض على سوريا.
ولو
وقف العرب جميعاً مع سوريا والعراق لما تجرأ الصهاينة، وأعوانهم على
شنّ حرب مجرمة بحق اليمن البريء، والمستضعَف الذي يستفردون به، فمتى
سوف يدرك العرب أو حكامهم ومنظماتهم الشعبية، أن انتصارهم لبعض هو
ضرورة وجودية لهم جميعاً، وأن الخصوم والأعداء يقضمونهم واحداً تلو
الآخر مثيرين دخان التطبيع حيناً، والمصالحة، والوفاق حيناً آخر،
والتفاوض بشأن المصير وصداقات مزيفة هنا، وأخرى هناك، لا تمثل سوى
أقنعة، وسراباً لتمرير مخطط متكامل يستهدفهم جميعاً في جميع أقطارهم
على مراحل وبأشكال مختلفة، إلى أن يستيقظوا بعد حين ليقولوا "أُكلتُ
يوم أُكل الثور الأبيض". --------------------انتهت.
المصدر: الميادين نت
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1437هـ / 2002-2017م