|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
المشروع الصهيوني قد بدأ قبل مئة عام من تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين
2017-04-24
بثينة شعبان
يتساءل المفكّرون والحريصون، والمنتمون من العرب، كيف يمكن تغيير الوضع
المتردي والمتشرذم لهذه الأمة، وأيّ معجزة يمكن أن تنقل أبناء الضاد من
موقع المستهدَفين، والمشتَّتين، والمتفرقين، والمهجرّين، واللاجئين في
كل أصقاع الأرض إلى موقع المستقرّ على أرضه والشامخ بحضارته، وكرامته،
والمعتمد على عناصر قوته في مواجهة الأعداء والطامعين؟
السؤال صعب ومعقّد، ولا شك أنه يمكن مقاربته من أوجه عدّة، إذ لا جواب
واحدا، أو أحادي النظرة يمكن أن يكون كافياً للإجابة عن مثل هذا
السؤال، ولكن فلنبدأ من البداية، فقد قرأنا وعلى مدى عقود استراتيجيات
غربية معادية، وواضحة، ومفصّلة عن استهداف هذه الأمة في معظم أقطارها،
وفي كل عام أو كل بضعة أعوام على الأكثر يجري تحديث هذه الاستراتيجيات
وتعديلها بحسب الواقع المتغيّر على الأرض، كي تكون أقرب إلى تحقيق
الأهداف المرجوّة منها.
واليوم، ونحن نتحدث في نهايات العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين،
نلمس أن الندرة النادرة من أبناء الأمة قرأوا هذه الاستراتيجيات التي
وُضعت لتدمير بلدانهم، وقتل الملايين من العرب في سبعينيّات
وثمانينيّات وتسعينيّات القرن الماضي، وأذكر منها على سبيل المثال لا
الحصر، ما كتبه جون لويس، ودانيال بايبس، وما كتبه أوديد ينون، وما
كتبته مجموعة باحثين في استراتيجية "الاختراق النظيف واستراتيجية
السيطرة على الإقليم"، وما كتبته أخيراً مادلين أولبرايت، وستيف هادلي،
وما نشرته مراكز أبحاث إسرائيلية وأميركية، وهذا بحدّ ذاته يحتاج إلى
وقت واهتمام الباحثين على الجانب العربي، على الأقل كي يدركوا ما هي
المخططات الموضوعة ضد أمتهم ويتمكنوا من تقديم أبحاث تعالج التحديات
المرسومة والموضوعة لنا، وكي يتعلموا من التاريخ ويتحققوا ما الذي جرى
تنفيذه من هذه الخطط والبرامج، وكيف؟ أي ما هي العوامل في واقعنا
العربي، أو ما هي الثُغر في جدار العروبة، أو في جدران الدول الوطنية
التي مكّنت أعداءنا من النفاذ إلى عقر دارنا، وتنفيذ كلّ أو بعض ما
يخططونه للنيل من ثقافتنا وحضارتنا واستقرارنا، وأخيراً للنيل من
وجودنا على أرضنا.
وإذا قال قائل إنها استراتيجيات قديمة وقد عفّى عليها الزمن، إذ إننا
اليوم في القرن الواحد والعشرين، وقد مضت عقود على هذه الدراسات
والأبحاث، فإنّني أذكّر بأن المشروع الصهيوني قد بدأ قبل مئة عام من
تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وأن السيطرة الصهيونية التي
نراها اليوم على مصادر المال، ووسائل الإعلام في العالم، بدأت في مؤتمر
بازل عام 1897، الذي وضع هدف السيطرة على أسواق المال ووسائل الإعلام
العالمية.
أي
إن هذه الاستراتيجيات والخطط لا تبطل، ولكن يجري الاحتفاظ بالهدف أولاً
ودائماً والثابت منها، والعمل على تحقيقه في خطة طويلة الأمد، بينما
يجري تعديل وتطوير الجزء المتحرك منها بما يتلاءم والواقع المتجدّد، أو
المتغير في الأماكن المستهدفة. أو ليس مستغرباً جداً، ولا أريد أن أقول
مستهجناً، أننا وفي أمة "إقرأ" لم نبادر حتّى اليوم إلى تجميع عصارة
مفكرينا وتنسيق رؤاهم وإحداث قنوات التعاون، والتفكير، والحوار بينهم،
بحيث يضعون استراتيجيات وخططاً تسعى على الأقل إلى تعطيل وتقويض كلّ ما
يخطط لنا من عدوان واستهداف لمواطن قوتنا وجذوة حضارتنا وهويتنا
وعنفوان كرامتنا.
لعلّ الصعوبة الأساسية التي تواجه مثل هذا العمل تكمن في الاختراقات
التي نفذت إلى الفكر والوجدان في بعض الحالات، بحيث أصبح من الصعب فرز
المنطق الوطني عن المنطق التابع والمرتهن لإرادة الأعداء، وتتخذ هذه
الاختراقات أشكالاً، ومظاهر مختلفة، بحيث تسمع أحياناً ممن احتُلت
أرضهم، وامتُهنت كرامتهم الحديث المبجّل عن إنصاف الأسرة الدولية، وعن
ضرورة احترام الشرعية الدولية، والعمل وفق القانون الدولي، وذلك كي
يسترضوا الأعداء، أو يقفوا معهم صفاً واحداً ضد عناصر القوة الوحيدة
المؤهلة لاستعادة الكرامة وتحقيق أيّ نوع من التوازن، الذي لا ربدّ منه
لانتزاع الحقوق وتحقيق تسويات تحافظ على الكرامة والأمن والعيش الكريم.
والسؤال هو ما الذي حققته" الشرعية الدولية" للعرب في السبعين عاماً
الماضية، وكم هو عدد المرات التي جرى فيها استخدام حق النقض الفيتو
لمنع حصول إجراء عادل ومتوازن على أرض فلسطين، ولمصلحة شعب فلسطين
وحقوقه؟ والسؤال أيضاً من هي "الأسرة الدولية" التي تعدّ العرب مساوين
في الحقوق، والواجبات للشعوب الأخرى، وحتى من هي الدول الغربية التي
تعدّ العرب مساوين في الكرامة الإنسانة لهم، أو لأعداء أمتنا الذين
يستهدفونها بأساليب وطرق شتى؟
لا
بدّ أن تبدأ الخطوة الأولى في مسافة الألف ميل بفرز الغثّ من السمين،
وتثبيت بوصلة الانتماء والحكم على كل من يعاكس هذه البوصلة بما يستحق.
ولا بد أيضاً من دراسة معمّقة ومتأنية لكلّ الاستراتيجيات التي
تستهدفنا ووضع نقاط التحدي الماثلة أمامنا واقتراح أساليب استجماع
القوة والردّ من خلال تحصين مقومات وجودنا وقوتنا، والاعتماد على
القلّة القليلة المؤمنة بهذا المسار، وتخطيط عوامل النجاح لها على
المدى المتوسط والبعيد. لا شك أن مثل هذه الخطة تحتاج إلى أكثر من جيل
ولكن قطع مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة. --------------------انتهت.
المصدر: الميادين نت
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1437هـ / 2002-2017م