لغتنا تواكب العصر

أقلام تحت الشمس : 32- وهكذا كان الإنتقام من القيصرية وكنيستها الارثوذكسية

كاترين الثانية      أقلام تحت الشمس : 32- وهكذا كان الإنتقام من القيصرية وكنيستها الارثوذكسية :   لكن ما ميز عهد كاترين الثانية عن عهود قياصرة روسيا السابقين، هو أن في عهدها إبتدأت القيصرية الروسية تنتهج سياسة متسامحة مع الغرب المحكوم والمروض بقروض المرابين اليهود، وطبيعي أن ينعكس ذلك على سياسة كاترين الثانية الداخلية وخصوصا في تعاملها مع اليهود، فأصدرت قرار في عام 1791 ساوي بين التجار اليهود وغيرهم من التجار في روسيا. وبذلك تكون قد وجهة خنجرا مسموما إلى قلب القيصرية الروسية وكنيستها الارثوذكسية التي كانت إلى حينها (بمنأى) عن مؤامرات اليهود وفتنهم. وضاربة بقرارها عرض الحائط بتلك القاعدة التي إتخذها القياصرة الروس والرافضة لتواجد اليهود في روسيا، والتي كان من أهمها ذاك القرار الذي إتخذته كاترين الاولى زوجة القيصر بطرس عام 1727، والقاضي بطرد اليهود من كل روسيا. حيث أكمل هذا القرار سلسلة من الإجراءات المتخذة ضد تواجد اليهود في روسيا، والتي كان منها ذاك القرار الذي إتخذ في عهد إيفان الرهيب، والذي أغرق كل يهود بولوتسك عام 1563. حيث مُنع بموجب هذا القرار دخول اليهود الأراضي الروسية وإمارة موسكو. وهكذا فتحت كاترين الثانية صفحة جديدة سمحت بموجبها دخول رؤوس الأموال اليهودية، وبالتالي أعطت للمرابين اليهود إمكانية إستخدام نفوذهم المالي لإفساد المجتمع الروسي، وأكمل هذه السياسة خلفها الكسندر الاول الذي سمح عام 1804 للمحافل الماسونية بالعمل في روسيا بشكل رسمي، لتعمل هذه المحافل ضمن النخب الثقافية والعلمية والإقتصادية الروسية، مسيطرة بذلك على الحركات السياسية والإقتصادية التي نشأت حينها. الأمر الذي نجم عنه إصدار قوانين جديدة تسمح لليهود بالتعلم والدراسة في المدارس الروسية بعد أن كان مُحرما عليهم ذلك. واستمر العمل بموجب هذه إصلاحات الى عام 1887، عندما صدر قرار قيصري بإدخال مختلف الاقوام والشعوب والديانات المتواجدة داخل القيصرية في المدارس والجامعات الروسية بما يتناسب مع عديد هذه القوميات والإثنيات. وبذك تم إعطاء اليهود الميدان الأوسع لتآمر على القيصرية وتفجير المجتع الروسي بالنظريات المختلفة والمضادة والتي كان قد أطلقها فلاسفتهم في الغرب. فكل ذلك أدى في النهاية الى تفجير الثورة الشيوعية التي قادها لينين عام 1917. وفي هذا الصدد تبين بأن زعيم الحركة الصهيونية مناحييم وايزمن كان قد إلتقى وقبل الثورة الشيوعية، في بيت المرابي اليهودي دانيال شورين في زويرخ مع فلاديمير لينين في 8\5\1916، في وجود الكاتب الصهيوني جاك ليفي لبحث المخطط الذي وضعه المرابون للقضاء على القيصرية الرافضة إقامة الكيان الصهيوني(دور الدول الإشتراكية في تكوين إسرائيل للدكتور إبراهيم الشريقي -عضو المجامع العلمية الدولية-ص-17). ويذكر في هذا اللقاء أن لينين قال لوايزمن:"على نجاح الثورة في روسيا يتوقف تحرير اليهود من كابوس ملوك أوروبا ورفعهم إلى أعلى المراتب في الدولة. وسوف تحقق الثورة الروسية للشعب اليهودي المشتت ما عجزت عن تحقيقة لهم الثورة الفرنسية". ولينين هو حيام جولدمان ولد من أب يهودي إسمه إيلكوسرول جولدمان وأم إسمها صوفيا جولدمان وعرف بإسم فلادمير إليش أوليانوف. وهو من حول الفكر الإلحادي لكارل ماركس حفيد الحاخام مردخاي ماركس إلى واقع وثورة حكمت نصف العالم بعد الحرب العالمية الثانية. ويعتبر كارل ماركس من الآباء الأوائل والمؤسسين للفكر الصهيوني اليهودي. حيث ذكر في كتابه المسأله اليهودية أنه إتصل عام 1862م بموشي هيس صاحب كتاب الدولة اليهودية، الذي قال عنه الآتي:" لقد إتخذت هذا العبقري لي مثالاً وقدوة، لما يتحلى به من دقة في التفكير، وإتفاق آرائه مع عقيدتي وما أومن به". وما كان دور ثيودور هيرتزل إلا أن أقام بتنظيم سياسي لأفكار موشي هيس (التي تتفق مع آراء كارل ماركس ومع ما يعتقد ويؤمن به) ليطلق الصهيونية اليهودية في مؤتمر بال عام 1897. والحقيقة أن كل ما جرى للقيصرية الروسية ولكنسيتها الأرثوذكسية، لم يكن ليجري لو لم يخطط المرابون اليهود لهزيمة نابليون أمام القوات الروسية، بعد أن تم إيقاف تمويل جيشه بالقروض اللازمة لتلك الحملة. الأمر الذي أدى الى انهزام جيش نابليون امام القوات الروسية وتقسيم بولندا ذو الأغلبية اليهودية. حيث كان لروسيا نصيب الأسد من أراضي البولندية المقسمة. فقد كانت روسيا قبل ذلك لا تحتوي إلا على عدد قليل من اليهود، وكانت اليهودية حينها تعني في روسيا أن معتنقيها هراطقة وأشرار وسيئي الاخلاق والسلوك. لكن بعد هذا التوسع، اصبح اليهود يشكلون نسبة كبيرة داخل القيصرية. وبهذا تكون روسيا وبعد إستراحتها ولقرنين كاملين من مؤامرات اليهود، قد وقعت ومن جديد في شباك مؤامرات اليهود وفتنهم. وفي هذا الصدد كتب ميثم الجنابي في كتابه اليهود واليهودية الصهيونية في روسيا، الآتي :" أن انتقال اليهود من بولندة إلى روسيا كان يعني من الناحية الرمزية، انتقال أحد أسباب الخراب والدمار إلى روسيا. فتقاليد الربا ودولة داخل دولة، أي الطفيلية والانغلاق بوصفهما الوجهين الملازمين للشتات والغيتو جرى نقلهما إلى نطاق الإقامة الروسية. ولم يعق نطاق الإقامة ولا المضايقات الجزئية التي قامت بها السلطات الروسية في سنوات معدودة من القرن التاسع عشر، على تزايد عدد اليهود. فقد ازداد عددهم في مجرى قرن من الزمن حوالي خمس مرات، حيث بلغ عام 1915(بعد قرن على إلحاق بولندة بروسيا عام 1815) حوالي 5،500،000 فرد. وهي اكبر نسبة للزيادة بين سكان القيصرية الروسية آنذاك. وبهذا تكون روسيا قد احتوت عند تخوم القرنين التاسع عشر والعشرين على اكبر تجمع يهودي في أوربا". وبذلك أصبحت روسيا هيّ محطة الترانزيت الكبرى لتجميع اليهود، حيث ستتولى بعد الحرب العالمية الأولى عشائر مدعي بني إسرائيل الروح (بريطلنيا وامريكا) نقلهم إلى فلسطين لإقامة دولة (التوراة). من هذا المنطق نستطيع أن ندرك السبب الحقيقي الذي جعل من المرابين اليهود يدعمون الثورة الشيوعية في روسيا، بعد أن أعطوا الضوء الأخضر لقياداتها اليهودية بمحو كل أثر للكنيسة الأرثوذكسية وتدمير القومية الروسية. فقد دمر الشيوعيون جميع المقدسات التاريخية والروحية لروسيا عبر هدم كنائسها وتحويلها إلى مرابط للخيل ومستودعات لمختلف الأشياء (الشيء نفسه فعله كمال أتاتورك ومجموعته من يهود الدونمة ضد السلطنة العثمانية). وتحول شعار فصل الدين عن الدولة والكنيسة إلى فصل الروس عن تاريخهم الروحي والقومي. فقد جرى سجن ونفيّ وقتل ما يقارب 320 ألف من رجال الكنيسة. وتحت شعار تحويل مدينة موسكو من مدينة بطريركية إلى مدينة اشتراكية، جرى هدم نصف كنائس وهياكل العبادة في موسكو البالغ عددها 900، إضافة إلى هدم 2500 معلم تاريخي أثري. وهكذا تم الإنتقام من القيصرية الروسية وكنسيتها الأرثوذكسية التي كانت قبل الثورة الشيوعية عصية عن إختراق المرابين اليهود لها... --------------------انتهت.   باحث/مهـندس حسـني إبـراهـيم الحـايك فلسطيني من لبنان hosni1956@yahoo.com