 |
|
بنيامين ديزرائيلي
|
أقلام
تحت الشمس : 30- كل يهودي هو يوشع ومردخاي وأستير :
وهكذا بعد صدور وعد بلفور، وبعد أن دفع المرابون اليهود
بالولايات المتحدة الأمريكية لكيّ تدخل الحرب إلى جانب
بريطانيا، وبعد أن سمح المرابون اليهود لحكومة لويد جورج
بالموافقة على دخول جيوشها إلى فلسطين لتنفيذ خطة هربرت
صاموئيل، المستوحاه أفكارها من رواية تانكريد أو الحرب
الصليبية الجديدة التي كتبها ديزرائيلي عام 1847. إبتدأ تنفيذ
المشروع (التوراتي) في فلسطين من خلال إرسال أول قوة يهودية
ضمن جيوش اللنبي الداخلة لإحتلال القدس. وديزرائيلي هو رئيس
الوزراء البريطاني الذي وضع الأسس التي أدت إلى نكبة فلسطين،
من خلال شرائه أسهم مصر في قناة السويس لصالح عائلة روتشيلد.
بعد أن إكتشفت المخابرات البريطانية بأن الخديوي إسماعيل فريسة
سهلة يمكن إصطياده بقروض المرابين اليهود، لذلك تم توريطه في
المحافل الماسونية كما تم توريطه في إفلاس الخزينة المصرية
وتجويع الشعب المصري كمقدمة لكل الأحداث التي جرت بعدها وتم
الحديث عنها في مقالات سابقة. وهكذا إستطاعت عائلة روتشيلد أن
تضع أياديها القذرتين على مصر لتخرب فيها كما تشاء. وتأسس فيها
أحزاب مختلفة التوجهات وتصنع رموز قادت ذاك الإنهيار المريع في
مشروع الأمة الحضاري. لذلك بعد أن أخذ المرابين اليهود كل ما
يمكن من الخديوي إسماعيل وأصبح عبئاً ثقيلا عليهم. قام
ديزرائيلي بالإتصال برئيس الحكومة العثمانية الماسوني مدحت
باشا حينها لإصدار فرمان بعزل الخديوي إسماعيل في 26\6\1879م.
وتعيين مكانه محمد توفيق خديوي على مصر. فكان الخديوي الجديد
يشغل منصب الإستاذ الأعظم للمحفل الماسوني الوطني المصري
الأكبر. كما كان نائبه وزير العدل المصري حسين فخري من كبار
رجالات المحفل. وبهذا الثنائي إطمأن المرابين إلى أن خططهم في
إفساد المصريين والإستمرار في مشروعهم (التوراتي) أصبحت مأمونة
الجانب. لكن ربما يسأل سائل: كيف يمكن لديزرائيلي الذي كان
رئيس لوزراء بريطانيا أن يملي على حكومة السلطنة العثمانية أمر
تعيين خديوي جديد لمصر، وأن تجاريه حكومة السلطنة في ذلك وهيّ
تعلم أبعاد المخطط (التوراتي) في فلسطين الذي يسعى لتحقيقه
اليهودي ديزرائيلي؟.
وللإجابة على هذا السؤال، علينا في البداية معرفة أن الدول الأوروبية
حين منعت جيوش محمد علي من تهديد مركز السلطنة العثمانية بعد أن أرسل
جيشه الى بلاد الشام بقيادة نجله ابراهيم باشا، لم تفعل ذلك حبا في
السلطنة العثمانية التي أخذ يهود الدونمة يتغلغلون داخل مراكزها
الحساسة. لكنهم فعلوا ذلك كرها في روسيا القيصرية التي تزعمت الكنيسة
الأرثوذوكسية، وكانت لحينها عصية عن إختراق الأخطبوط اليهودي لها.
وخوفا من المطامع القصيرية الروسية في الوصول للمياه الدافئة وتهديد
تنفيذ (المشروع) التوراتي في فلسطين الذي أصبح آمن الجوانب. لذلك إكتفت
الدول الإستعمارية حينها بفرض إتفاقيات ومعاهدات تكبل فيها السلطنة(كل
هذه الإتفاقات ألغاها فيما بعد السلطان عبد الحميد عند إستلامه السلطة
بعد أن حل البرلمان، والغى العمل في الدستور عام 1978، وجعل المشوع
التوراتي في خطر من جديد). لذلك فرض المرابين الذين يقودون مجمل
العملية الإستعمارية على السلطنة أثناء حملة محمد علي نص بعض القوانين
في الدستور العثماني سمحت في تغلغل الماسونيين الأتراك من يهود الدونمة
الى بعض المراكز الحساسة في السلطنة، مقابل ذلك تعهد المرابون اليهود
بالتوقف عن تمويل حملة محمد علي ضد السلطنة العثمانية. وتعززت هذه
الهيمنة بعد حرب القرم، وخصوصا بعد أن وقفت فيها اوروبا مجتمعة مع
السلطنة العثمانية وضد روسيا القيصرية. مانعة بذلك من تقسيمها قبل
الأوان المحدد لذلك، وذلك بسبب إستحالة تنفيذ المشروع (التوراتي) في
فلسطين حينها. لذلك كان ديزرائيلي في تلك الفترة من أكثر المدافعين عن
وحدة السلطنة العثمانية. وخصوصاً بعد نجاحه في مؤتمر برلين عام 1878 من
فرض سياسته على الدول المجتمعة هناك، وإلزامها بعدم المساس بالوضع
القائم في السلطنة العثمانية(عقد هذا المؤتمر بعد إنتهاء الحرب الروسية
العثمانية، وكان الهدف منه مراجعة معاهدة سان ستيفانو الذي تضمن
تنازلات واسعة من العثمانيين للروس). وقيل حينها أن ديزرائيلي كان قد
تقدم في هذا
المؤتمر، بمذكرة حول المسألة
اليهودية، تدعو إلى إقامة دولة يهودية في
فلسطين. وهذا ما دفع بالكاتب
الروسي الشهير دوستويفسكي أن يشير إلى ذلك في كتابه (يوميات كاتب).
مؤكداً فيها أن دفاع ديزرائيلي عن السلطنة العثمانية لم يكن حبا بها،
وإنما كان يعبر في ذلك عن كره اليهود الشديد لروسيا القيصرية وكنيستها
الارثوذكسية. فالسلطنة كانت بوحدتها حينها تشكل حاجزاً يمنع روسيا من
الوصول إلى الممرات الحيوية المؤدية إلى
الهند. والحقيقة أن قيصر روسيا بطرس الأكبر، كان يطمح الوصول بروسيا
وكنيستها الأرثوذكسية إلى بلاد المياه الدافئة. حيث أوصى خلفائه بأن
يتقدموا بحدودهم ما إستطاعوا إلى القسطنطينية من جهة، وإلى الهند من
جهة أخرى، وأن يقيموا لهم قواعد برية وبحرية على البحر الأسود، وأن
يجتاحوا إيران حتى يصلوا إلى الخليج العربي وإلى المياه الدافئة. لقد
إعتقد بطرس الأكبر أن روسيا بما تملك من إرث كنسيّ يجعلها بالفعل من أن
تكون الوريثة الشرعية للإمبراطورية البزنطية. ولعل هذه المطامع التي
سعى بطرس الأكبر لتحقيقها كانت سوف تطيح بأسس المشروع (التوراتي)
العالمي لو تحققت. لذلك عمل المرابون منذ البداية ضد هذه المطامع
القيصرية، كما خططوا لقضاء على روسيا القيصرية وكنيستها الارثوذكسية
على أيدي الشيوعيين كما ذكرنا سابقا. وقد لخص دوستويفسكي دوافع الكره
اليهودي لروسيا في يومياته، موضحاً أن ثمة تناقضاً أساسياً بين
الإعتقاد السلافي الذي يمثل روح المسيحية، لأن كنيستها الأرثوذكسية
تمثل أطهر أشكال المسيحية، والإطار الديني الجامع للمسيحيين، كما تشكل
الجامعة السلافية الإطار الحضاري أو العرْقي لهذا الإعتقاد. وبين
الإعتقاد اليهودي المعادي للمسيحية، والمتمثل بأن كل يهودي هو يشوع بن
نون ومردخاي وأستير، أي أن في كل يهودي توجد عناصر الإنتقام الدموي
(المستمد من يوشع التوراة) والمؤامرة (المستمدة من مردخاي التوراة)
والإغواء (المستمد من إستير التوراة)، وكل هذه العناصر التي تحدد طبائع
اليهودي تتنافى مع تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية، وتهدد جوهر المعتقد
المسيحي الجامع. لذلك إعتقد دوستويفسكي أن ما يمثل صعوداً للعقيدة
اليهودية في العالم، هو نفسه ما يمثل تراجُع للعقيدة المسيحية
السلافية، والعكس صحيح. ومن هذا المنطق رأى دوستويفسكي أن مستقبل
العالم منوط بإرادة الشعب الروسي تحت رعاية الكنيسة الأرثوذكسية
وبقيادة القيصر لهزيمة اليهودية المعادية للمسيحية، وبالتالي هزيمة
المشروع (التوراتي) العالمي.
--------------------انتهت.
باحث/مهـندس حسـني إبـراهـيم الحـايك
فلسطيني من
لبنان
hosni1956@yahoo.com
| 
