لغتنا تواكب العصر

البعد الثالث الخفي في الصراعات والحروب

المسيح يطرد الباعة من الهيكل بالسوط   البعد الثالث الخفي في الصراعات والحروب:   ما من قضية يطرحها الإنسان على نفسه أو على غيره، إلا ويكتشف أن ما يعرفه، أو يسمعه، أو يقرأه، أو يشاهده، لا يجيب عن حقيقة ما يشتهي أو يريد أن يسمع، ويمكن القول أنها لا تلبي طموحه الإنساني أو المعرفي، كما لا تتوائم مع توازنه الفطري. وكأن هناك شيئا غامضا ومجهولا أو بعدا مغمورا تختبأ الحقيقة خلفه، أو تخبأ بشكل مقصود إنتظاراً لحدوث شيء ما، بعكس ما تشتهيه الفطرة البشرية. وكل حدث كان يحدث بتسلسل غريب وغير منطقيّ،  لكنه كان يتجه بإتجاه واحد، وكأن هناك من يوجهه. حتى غدا كل منا يهتف بصمت ولسان حاله يقول ليس هذا المبتغى أو المقصود. فلا البرامج الموضوعة، ولا المخططات المستنبطة، ولا القراءات الخاصة بالأحداث، أو في الصراعات الدولية أو المحلية وما يتنتج عنها مجتمعة من إستنتاجات نظرية أو فلسفية، أو ما تقوم به مراكز الدراسات من محاكاة جدلية للنتائج الخاصة بتلك الأحداث، وما ينجم عن ذلك من إستنباطات، ولا الحلول التي تطرحها المؤسسات الدولية، أو الحكومات الوطنية، أو الجمعيات أو الأحزاب ألتي تتباكى على مصالح الجماهير بمختلف دوافعها و أيديولوجياتها، تضع حلا ينهي تلك المشاكل، أو تقترح توصيات تبشر بإقتراب الحل. بل نجد أن جميع تلك الحلول الموضوعة ساهمت بشكل مقصود إلى حد ما بتفاقم معاناة البشرية، وأضافت أعباء جديدة على كاهلها. كما فرضت عليها تحمل كما جديدا من التضحيات والجهود الإضافية. التي كانت تنعكس دائما بشكل رزم متعددة من الضغوطات المستحدثة والضرائب الإضافية والمتنوعة. هذه الضرائب التي رمت بإستحقاقاتها إلى أبعادٍ زمنية تخطت الأجيال الحاضرة، وألزمت الأجيال القادمة بتحمل قسط كبير من أعبائها. حيث أثبتت الوقائع أن الأمم كانت دائما تلجأ إلى الإستقراض من مصارف المرابين، لتستعين بهذه القروض على حل مشاكلها. فإذا بهذه القروض تتحول إلى أصفاد جديدة تكبل الحكومات بشروط المرابين القاسية، وترهن المؤسسات الوطنية، وتسقط  ما يسمى بالسيادة الوطنية في أيدِ جهة تضاربت الآراء في تحديد هويتها. وإختلف الباحثون حول تبيان مدى سيطرتها وعنف جبروتها وقدرة تحكمها بالمؤسسات الدولية والوطنية. كما إختلفوا حول تحديد طبيعتها وإنتماءاتها وخلفياتها، ليزيدوا على البشرية هَما مضافاً يكتنفه الهالة والغموض. وكأن هناك جهة دولية تعمل بمنطق عصابات المافيا، وتفرض على البشرية أن تقتطِعْ جزءا مهما من ثرواتها وقوتها اليوميّ، لتدفعه دون وجه حق إلى تلك الجهة. حتى غدى الأمر مع السنين والأيام والخطط الخمسية المتتالية، أن ما لدى الشعوب من ممتلكات وثروات ينقص رغم أنها تعمل وتجد. وأن ما لدى تلك الجهة المتربعة على عرش المصارف الربوية يزيد من ممتلكات وثروات رغم أنها لا تعمل ولا تجد. وهذا لعمري مَثلَ أكبر إنتهاك للعدالة الإنسانية وللتوازن الفطري على هذه الأرض. فكل ما قامت به البشرية في سبيل الوصول إلى رفاهيتها وهو الكثير، لم يكن كافيا لتحقيق ذلك. وكأن هناك عاملا غامضا آخرا، أو بعدا خفيا غير واضحا، يجير كل الأحداث العالمية لصالحة، على حساب سعادة البشرية ورفاهيتها. كما أثبتت الأحداث والتجارب التي حصلت على مدى الثلاثة قرون السابقة، بأن القوانين والتشريعات والنظريات الفلسفية  التي وضعت لتنظم علاقات البشرية فيما بينها، وتسهل إسلوب حياتها، وتحل مشاكلها الدائمة أو الطارئة، أو التي يمكن أن تطرأ، أو لتزود البشرية بأمل يبشرها بالأمان والفرج القادم. بأن كل ذلك لم يقدم حلولا لمشاكل البشرية المطروحة، وكأن تلك التشريعات والنظريات لم توضع في سبيل ذلك. وإنما وضعت لتخدم مصالح مجموعة معينة من البشر. فمن الباحثين من أطلق على هذه الجهة المافوية بالحكومة الخفية، ومنهم من أطلق عليها اليد الخفية، ومنهم من أرجعها إلى مجموعة (توراتية) تآمرت على السيد المسيح، بعد أن حمل لها السوط  وطردها خارج الهيكل قائلا لها:" كان هذا الهيكل بيتا للرب.. ولكنكم حولتموه إلى مغارة للصوص ".  ومنهم من أعادها إلى مجموعة من فرسان الحملات الصليبية التي قاتلت صلاح الدين في القدس فهزمها، وتحالفت مع حركة الحشاشين الإسماعيلية لتتأثر بها، وتأخذ عنها مضمون التخفي وإستثمار الإغتيال السياسي، والكيفية التي سيكون عليها تنظيمها السري في البناء. ولتأسس بعد ذلك أخطر المحافل الماسونية التي تحاول السيطرة على البشرية جمعاء. ومنهم من أرجع تلك الجهة إلى مجموعات (إصلاحية) إنشقت عن الكنيسة الكاثوليكية الأم، بعدما تأثرت بهمجية (التوراة)، وسعت إلى ترويض المجتمع الأوروبي لتسقطه في خرافة صكوك الغفران والنذور التي تشترى بها الطهارة من (إله التوراة) الذي شرع كل انواع الفجور. ومنهم من أرجع هذه الجهة إلى مجموعة من المرابين اليهود، إجتمعت في نهاية القرن الثامن عشر بقيادة عائلة روتشيلد، ووضعت أخطر مخطط لسيطرة على شعوب العالم، والذي حمل إسم بروتوكولات حكماء صهيون. ومنهم من يشير إلى جهة مجهولة حملها مسؤولية كل المصائب التي ألمت بالبشرية، دون التجرأ على تسميتها. لكن معظم هذه الإتجاهات والأراء إتفقت على أن هناك خلفية تشريعية حاقدة واحدة، وقفت خلف تلك الجهات المتآمرة رغم شعاراتها المختلفة، التي كانت تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة والظروف المختلفة، وطبيعة المٌنجز أو المطلوب إنجازه في مراحل متعاقبة من التآمر. والمتتبع المنصف لجميع هذه الأحداث يكتشف أن تلك الخلفية التشريعية المقصودة، لم تكن سوى إلهامات شيطانية كتبتها أقلام حاقدة مثلت منبع كل الشرور ضد البشرية. حيث عبرت هذه الأقلام عن آراء كهنة شكلت مجموعة من المرضى النفسيين عاشوا في حواري بابل، وكانوا يقتاتون على ما ينتجه فكرهم المرضي الإسقاطي من بقول ملوثة بعار شرورهم. ويحلمون بوجبات دسمة من لحوم الأضاحي البشرية، وبأرض غنية باللبن والعسل لا توفرها لهم صنعتهم  الوضيعة. فقرروا البحث عن (إله) يكون على مستوى صنعتهم، فإتفقوا على أن يكون (رب الجنود هو ذاك الإله) الذي يشرع شرورهم. وقرروا البحث عن عشيرة مختارة لها جذور لينتموا إليها، فإتفقوا أن تكون عشيرة (بني إسرائيل) هيّ تلك العشيرة المختاره (لإلههم) المختار. وقرروا أن يحركوا صنيعتهم (رب الجنود) من داخل (توراتهم) بإتجاه إسقاطاتهم المرضية، فهرول بمسمى ( إله البراكين الميدياني يهوه)، ليكون (يهوه هو إله) العشيرة المعلن الذي يشرع لها سرقة كل الشعوب، كما شرع لها سرقة أرض فلسطين.   --------------------انتهت.   باحث/مهـندس حسـني إبـراهـيم الحـايك فلسطيني من لبنان hosni1956@yahoo.com