وثائقي فيديل

وثائقي فيديل

فيديل

فيلم من إنجاز إستيلا برافو

معلق:

حكم فيديل كاسترو هذه الجزيرة الكاريبية لأكثر من أربعين عاما. ليصبح من الشيوعيين الباقين على قيد الحياة في عالم رأسمالي. وهو شرير بالنسبة للبعض، أما للبعض الآخر فهو رمز للمقاومة والعدالة الاجتماعية.

فيديل:

هذه الشجرة لم تكن هنا. لنذهب إلى البيت الذي كان لجدتي.

معلق:

عام ستة وتسعين وهو في السبعين من عمره، قام فيديل بزيارة بيت الطفولة، مع صديقه القديم، الروائي الكولومبي الشهير عالميا، غابريل غارسيا ماركيز.

فيديل:

وضعت مسمارا على لساني الذي كنت أشتم به المدرسة.

معلق:

بدأ فديل حياته في بيران، وهي منطقة زراعية إلى الشرق من كوبا. وكان الثالث في عائلة تتألف من ثلاثة صبيان وأربع بنات.

رامون كاسترو:

كانت أمي من عائلة فلاحة فقيرة وقد تعلمت القراءة والكتابة دون أن تذهب إلى المدرسة، وكان أبي أمي أيضا، لا يحسن القراءة والكتابة. وقد جاء إلى كوبا مجندا إسبانيا قبل انتهاء الحرب.

قبر والديه.

تحول أنهيل، والد فيديل كاسترو، من مجرد عامل مهاجر إلى صاحب مزرعة ثري لقصب السكر.

فيديل:

كان هناك لوح يعلوه التاريخ، كان مواجها نحو ذاك الاتجاه.

ذهب فيديل من هذه المدرسة الصغيرة إلى أخرى كاثوليكية في مدينة سنتياغو الكوبية الثانية، ومنها إلى مدرسة النخبة الثانوية اليسوعية في هافانا.

أنهيل فيرنانديس:

يمكنه الاعتزاز في حقيقة أنه صاحب أفضل ذاكرة عرفته بالمطلق.

سأخبرك عما كان يفعله بالمواد التي لا يحبها. لقد كان يحفظها عن ظهر قلب، بل يصورها في ذاكرته. ما يعني أنه كان يمزق الورقة من الكتاب، ويردد محتواتها وكأن الكتاب ما زال مفتوحا أمامه.

الأب لورينتي:

جاء من مدرسة لم يتمرن فيها تقريبا على كرة السلة، بل تمرن فيها على كرة القدم، أما في هافانا فكانت كرة السلة هي المطلوبة. لهذا أراد أن يتعلم السلة على الفور، فجاء يسألني قائلا: هل يمكن أن تضع لي إنارة فوق الإطار حتى أتمكن من متابعة التمرين بعد أن يلجأ الجميع للنوم؟

عندما تخرج فيديل كتبت ملاحظة تقول أن فيديل من معادن الأبطال، وأن تاريخ بلاده يجب أن يتحدث يوما عنه.

عندما وصل فيديل كاسترو إلى جامعة هافانا لدراسة القانون عام خمسة وأربعين كانت الأجواء السياسية مشحونة جدا لدرجة أنها سرعان ما تحولت إلى العنف. وقد شارك فيديل في المناظرات، ولكن ليس كشيوعي، بل كقومي راديكالي، يميل إلى فرض العدالة الاجتماعية.

ألفريدو غيفارا:

تمتع فيديل منذ ذلك الحين بمواصفات مميزة، فقد كان يسيطر بالكلمة على الاجتماعات الأكثر تعقيدا والظروف الأشد صعوبة.

خوسي إغناسيو راسكو:

بدأ في الجامعة يكشف عن طموحه الغير محدود للوصول مهما بلغ الثمن. أي أنه لم يكن من تلامذة ماكيافيل بل أستاذا له، وكان يعتبر أن الهدف يبرر الوسيلة، ولا بد من الوصول إلى ما أريده متى شئت وبأي شكل من الأشكال.

كان طلاب كلية الفلسفة في غالبيتهم من الفتيات، الجميلات جدا، لدرجة أنه قد أطلق لقب علبة السكاكر على أحد بيوت الطالبات اللواتي يأتين من المحافظات. كان فيديل يكثر من زياراته إلى كلية الفلسفة، بعد أن أخضعته ملامح إحدى الفتيات هناك.

بيتير بورني:

لقد تزوج من ابنة رجل ينتمي إلى نخبة نظام فولهينسيو باتيستا الطاغية. ولكن هذا الزواج لم يستمر أكثر من عامين، بعد أن تعرض للسجن لنشاطاته الثورية، ثم طلقا نتيجة الضغوط العائلية.

باوديو كاستيانوس:

كانت جامعتنا رائعة جدا بل كانت عظيمة حيث تلقينا جميعا العلوم إلى جانب فيديل أيضا. وقد قمنا بتنظيم الحركة الطلابية والحركة العمالية معا.

معلق:

عام أربعين انتقلت كوبا من مرحلة الدكتاتورية إلى الانتخابات. كان عام اثنين وخمسين يمارس المحاماة، عندما ترشح في الانتخابات عن حزب الأورتوذوكس، وهو تحالف مناهض للفساد. وقد اتخذت الحركة شعارا لها بطل الاستقلال الوطني خوسي مارتي.

لم تجر الانتخابات. بل قام الجنرال باتستا بانقلاب لاستعادة دكتاتوريته العسكرية.

ماكس ليسنيك:

كان العديد من الشبان يتبنى الأفكار الثورية، وقد أيدوا فيديل لأنهم رأوا فيه من مواصفات القائد، ولأنه كان يقول أنه لا بد من العمل الثوري لحل هذه المرحلة من تاريخ كوبا، لعدم وجود خيار آخر.

معلق:

أصبح فيديل حينها يقود منظمة سرية تضم الآلاف من النشطاء، فنظم هجوما على ثكنة المونكادا في مدينة سنتياغو، للاستيلاء على الأسلحة.

فيديل:

أردنا أن نثير نهوضا شعبيا لإسقاط باتيستا، أما في حال عدم حصول النهوض الشعبي، أو في حال تمكن باتيستا من الرد بقوة أكبر، لضربنا هنا في سانتياغو، كنا نفكر عند ذلك بحمل سلاح ثكنة المونكادا والصعود إلى بها إلى الجبال للقيام بحرب العصابات من هناك.

معلق:

ما كادت هذه العملية تبدأ حتى وقعت مجموعة من رجال فيديل في مواجهة دورية عسكرية. قتل تسعة وستون من أصل مائة وخمسين مشاركا. سقط ثمانية منهم فقط أثناء القتال، أما الباقون فقد قتلوا بعد الأسر. نجا فيديل بحياته لتعاطف أحد الضباط معه، لتبدأ بذلك أشهر محكمة في التاريخ الكوبي.

مارتاروخاس:

ضرب فيديل بكلتا يديه على الطاولة أثناء دفاعه قائلا: لا يهم إن أدنتموني، فسيبرئني التاريخ! هذا ما قاله فيديل، ما أصاب الجميع بصدمة دون حراك. ثم كرر وهو يقف على قدميه قائلا: لقد انتهيت!

عند مروره من أمامي وهم يأخذونه مكبلا، سألني هل سجلت الملاحظات؟ فأجبته بنعم.
معلق:

حكم على فيديل بالسجن خمسة عشر عاما في جزيرة مغلقة. وقد أطلق على حركة السياسية لقب السادس والعشرين من تموز بعد وقوع كارثة الثكنة، ثم هرب بيانا يعتمد على دفاعه في المحكمة تحت عنوان: سيبرئني التاريخ. وقد أصبح البيان برنامج عمل لثورة عام تسعة وخمسين.

فيديل:

أحيانا ما أشعر بالاشتياق للأيام التي قضيتها في السجن. لأني في السجن وجدت الوقت الكافي للقراءة، وكنت أقرأ من اثني عشر إلى ست عشر ساعة. ولم أجد بعد ذلك فرصة للقراءة ساعات طويلة كهذه.

معلق:

سجن فيديل ورفاقه لمدة عامين فقط. فقد أجبر باتيستا على الإعلان عن العفو العام عن السجناء السياسيين بعد مرحلة من الاضطرابات الشعبية.

غادر فيديل وشقيقه راؤول متوجها إلى المكسيك بعد ستة أسابيع من الإفراج عنهما، مع مجموعة من أتباعه، لوضع خطة جديدة لمحاولة إسقاط الديكتاتورية.

جال فيديل على المهاجرين الكوبيين في الولايات المتحدة لجمع المال. ساهم الفقراء والأغنياء بدعم قضيته في فلوريدا، حيث ترتكز قوى معارضته الرئيسية اليوم.

بعد عام من ذلك، تمكن فيديل بدعم من شقيقه راؤول من جمع قوة لحرب العصابات جاهزة للعودة إلى كوبا. وقد أصبح يقف إلى جانبهم الآن طبيب أرجنتيني يسمى تشي غيفارا. تقول الأسطورة أنه انضم إلى حركة السادس والعشرين من تموز يوليو بعد أقل من اثني عشر ساعة من لقائه الأول بفيديل.

صعد على متن يخت غرانما الشهير الآن من المكسيك، وقد وضعت خطة كي يتوافق وصوله مع موعد انتفاضة شعبية في سنتياغو.

خوان ألميدا:

سقط أحد الرجال في الماء قبل ساعات قليلة من الإنزال، بدأنا نبحث عنه دون أن نجد له أثرا ونحن نصرخ باسمه روكي، روكي، دون جدوى. وبعد قليل صرخ فيديل يقول أن أحدا لن يتحرك من هنا حتى ننقذ حياته. أدى ذلك إلى رفع معنويات الجميع الذين شعروا بالأمان إلى جانبه فقد تأكد لهم أنه لن يتخلى عن أي شخص منهم.

إستيلا فرافو:

وهل عثرتم عليه؟

خوان ألميدا:

نعم عثرنا عليه، رغم أن العثور عليه قد أفسد عملية الإنزال.

معلق:

فشلت الانتفاضة الشعبية، ووصلت غرانما بعد يومين من موعدها المحدد، إلى مكان خاطئ، ما تسبب بوقوع كارثة كبرى، إذ لم يبق من الثمانين مقاتلا إلا اثني عشر فقط، بينما قضي على جميع الآخرين.

مارشالي فرادي:

كان فيديل ورفاقه يختبئون في حقل لقصب السكر، فكادوا يسمعون حركة دوريات جيش باتيستا من حولهم. ولكن على مدار خمسة أيام بلياليها لم يبق من رجال فيديل إلا أربعة فقط، وهو يردد: إننا ننتصر! إننا ننتصر!.

معلق:

كانت خطة المقاومة تكمن بالانسحاب إلى جبال سيرا مايسترا، حيث تمكن فيديل وراؤول وتشي ورفاقهم الاثني عشرة الباقين على قيد الحياة من الاجتماع هنا مرة أخرى.

كان غيفارا أول قائد عينه فيديل كاسترو في سيرا مايسترا بموافقتنا جميعا هو تشي غيفارا، على اعتبار أنه الأكثر تدريبا ولأنه يعرف الطرقات ولأنه الاستراتيجي الأفضل. فعين التشي. وبعد ذلك عينني مع راؤول، ومن ثم كميلو وكميليتو ثم تبعنا الباقون.

معلق:

سرعان ما ضم فيديل مجموعات من النساء إلى وحداته.

بيتير بورني:

كانت سيليا سانشيس من أهم النساء في حياته. وهي ابنة أحد أطباء الأرياف الذين كانوا يقدمون الرعاية الطبية المجانية لكثير من الفلاحين في المنطقة، وقد كانت متعاطفة جدا مع حركة فيديل الثورية.

معلق:

بقيت سيليا سانشيس إلى جانب فيديل طوال عشرون عاما، حيث احتلت مواقع حكومية بارزة حتى وفاتها عام تسعة وسبعين.

عزز فيديل وقادته وحداتهم بتجنيد رجال على مدار السنتين التاليتين من مختلف الوجهات السياسية.

ساعد سكان الجبال حرب العصابات المناهضة لباتيستا.

وكان لا بد من دعم المدن، من حيث صدرت النشرات الدعائية والصحف، حتى انطلاق المحطة الإذاعية عام ثمانية وخمسين تبلغ الناس بمجريات الأحداث.

اهتمامات فيديل الدائمة بالعلاقات الخارجية جعلته يستعرض نشاطاته الثورية أمام العالم أجمع. والرد على الشائعات المتكررة التي تتحدث عن مقتله.

فيديل:

تعتمد فلسفتنا السياسية على التمثيل الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، والاقتصاد المخطط له جيدا.

أعتبر أن الكثير مما فعلناه يفوق جدا ما تخيلناها في تلك الفترة، وبعض الأحداث التي وقعت كانت أشد قسوة وصعوبة، مما كنا نتخيله في تلك الفترة.

معلق:

شهد كانون الثاني يناير من عام تسعة وخمسين، دخول فيديل منتصرا إلى هافانا، أي أن هزيمة باتيستا استغرقت خمسة وعشرون شهرا فقط. وكان فيديل بعد تحقيق النصر يسعى لتحويل كوبا إلى أمة موحدة ومستقلة.

واين سميث:

لن أنسى أبدا الخطبة الأولى التي ألقاها، بعد أيام قليلة من دخوله إلى هافانا. كنت أشاهد عبر التلفزيون كيف أطلقت مجموعة من الحمائم، كرمز للسلام ولكن واحدة منها رفرفت في الهواء وتوقفت على كتفه، ما أدهش الحضور.

خوان ألميدا:

تأثر الجميع جدا، خصوصا وأن الشعب الكوبي في تلك الفترة كان مؤمن جدا، وكان في ذلك الحدث توافق مذهبي بين المعتقدات الأفريقية الخاصة برقص الحمائم. منذ ذلك الحين، بدأ الناس يعتقدون بأن فيديل جاء يحمل رسالة من المسيح.

معلق تلفزيوني من الأرشيف:

دخل فيديل كاسترو إلى هابانا قبل ثلاثين يوم حيث استقبلته الحشود كأحد أبرز أبطال التاريخ الكوبي، وكان الجنرال باتيستا وأبرز مساعديه قد فروا قبل أسبوع من البلد، الذي تركوه لفديل ومن معه من جيش الثوار، ومؤيديه. عمت مساء فيديل كاسترو.

فيديل: مساء الخير.

معلق أرشيف:

لا بد أنه كان أسبوعا شاقا، ملا هو شعورك الآن؟

فيديل: أشعر أني بخير، مع شيء من التعب.

معلق أرشيف:

بلغني أنك رأيت أمك لأول مرة منذ أربع سنوات في عيد الميلاد الحالي.

فيديل:

أخذت تبكي في البداية لعدة دقائق دون أن تتفوه بكلمة واحدة. فيديليتو! تعال إلى هنا..

معلق أرشيف:

مرحبا فيديل الصغير.

فيديليتو:

مرحبا.

معلق أرشيف:

يبدو أنك تحمل جروا جميلا هل هو لك؟

فيديليتو:

كلا، بل هو هدية قدمها أحدهم لوالدي.

معلق أرشيف:

متى تعتقد أنك ستقوم بزيارتنا مرة أخرى؟

فيديل:

أعتقد أني سأفعل عندما تسنح لي الفرصة بذلك.

معلق أرشيف:

وهل ستأتي بالذقن أو بدونها؟

فيديل:

من المحتمل جدا أن أذهب قريبا إلى الولايات المتحدة بالذقن، فأنا لا أفكر الآن بحلقها، بعد أن اعتدت عليها، كما أنها تعني الكثير بالنسبة لبلدي، وسأحلق ذقني فقط عندما أفي بجميع تعهداتنا كحكومة جيدة.

معلق:

هرب العديد من الكوبيين المرتبطين بنظام باتيستا إلى فلوريدا.

فليب أجي عميل سابق في السي أي إيه:

كنت أتتبع عبر التلفزيون المحاكم الثورية التي تشكلت مباشرة، وقد اعتبرت بداية للمشاكل مع الولايات المتحدة، والحقيقة أن عددا كبيرا من عملاء السي أي إيه أخضعوا للمحاكمة لأنهم شاركوا بالجرائم والتعذيب لدى باتيستا.

معلق:

بعد ثلاثة أشهر فقط من دخول هابانا قام فيديل بجولة في الولايات المتحدة، وهو يحمل أملا بمناقشة قضية ثورته.

فيديل:

أنتم معتادون في الولايات المتحدة على رؤية حكومات تأتي لطلب الدعم المالي. أما فقد جئت إلى هنا سعيا للعلاقات الحسنة، والتفاهم الجيد، والعلاقات الاقتصادية الجيدة. لدينا اليوم شعب فقير ولكنه يعيش في بلد غني، وما نسعى إليه اليوم هو العمل في بلدنا الغني.

معلق:

ولكن الرئيس أيزنهاور رفض استقباله، وتحولت المهمة إلى نائب الرئيس نيكسون، الذي كتب في مذكراته يصف فيديل بالشيوعي الذي يجب الإطاحة به.

واين سميث:

لقد عجزت الولايات المتحدة عن التفاهم المنطقي مع فيديل كاسترو، لقد توصلت إلى هذه النتيجة على مضض في مرحلة أكدت فيها لصانعي السياسة في أمريكا بأن كوبا هي قطعة أرض استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.

معلق:

وكان استقبال نيويورك أكثر دفئا من واشنطن.

كونشيتا فيرنانديس/ سكرتيرة سابقة:

ارتدى بزة رسمية لأول مرة في حفل استقبال جرى يوم وصولنا الأول. نظر يومها إلى المرآة وقال يجب أن أنزعه فأنا أبدو أشبه بتيتو هنا. وما أن انتهى الحفل حتى اختفى تماما. ثم وصل في الثانية فجرا ونحن بانتظاره جميعا في السفارة، بادرته في السؤال أين ذهبت؟ فقال ذهبت إلى الحي الصيني لتناول حساء تقليدي هناك. جال وحده في نيويورك في تلك الليلة. هذا هو طبعه.

معلق:

سرعان ما شعر فيديل بأنه مشرد عندما طلب منه فندق شيلبورن المغادرة بعد تعرضه لضغوط المعارضين السياسيين. فهدد فيديل بنصب مخيم خارج مبنى هيئة الأمم.

نونيس هيمينيس:

قام صاحب فندق تيريزا الأسود الواقع في حي هارلين للسود، بعرض الفندق بكامله ومجانا لفيديل والوفد المرافق له. فرد فيديل على الفور لنذهب إلى فندق تيريزا.

معلق:

جاء لزيارته في فندق تيريزا عدد من الزعماء البارزين الذين جاءوا للمشاركة في الجمعية العمومية لهيئة الأمم، وكان من بينهم جمال عبد الناصر، ونهرو من الهند، والزعيم الأسود مالكولم إكس، هذا إلى جانب الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشيف.

نونيس هيمينيس:

كان خروتشيف رد على سؤال طرحه أحد الصحافيين حول ما إذا كان فيديل شيوعيا فقال: لا أعرف ما إذا كان فيديل شيوعيا ولكني متأكد من أني شخصيا فيدلي.
=-=-=-=-=-=نهاية الجزء الأول.

الجزء الثاني

معلق:

اعتبر قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي على الفلاحين العمود الفقري لثورة فيديل. كان خمس وسبعون بالمائة من الأراضي الكوبية ملك للأجانب في ظل باتيستا.

كان أغلب مصانع السكر في أيدي الولايات المتحدة، طرح في البداية تجريد الملاكين من بعض الأراضي ولكن عائلة فيديل نفسها لم تنجو من ذلك أيضا.

رامون:

أراد فيديل أن نكون الأوائل، فرد والدي بأنه أنشأ ابنه ليكون محاميا كي يدافع عن مصالحه، إلا أن هذا المحامي هو الذي وقع قانون الإصلاح الزراعي.

نونيس هيمينيس:

عندما أراد فيديل قراءة أهم قانون في الثور الكوبية،

فيديل:

أرادوا أن يتحكموا بكل شيء.

نونيس هيمينيس:

تملكه التأثر الشديد لدرجة أنه فقد صوته، وكان ذلك حدثا بارزا أمام الكاميرات المحلية والعالمية، وفيديل عاجز عن الكلام أمام الميكرفون. وهكذا خرج راؤول ليقف خلف الميكرفون، ويتابع قراءة القانون، الذي يجرد كبرى الشركات الأمريكية من ممتلكاتها في كوبا.

فيديل:

قررنا أن نؤمم عبر التجريد المرغم من الملكية، الشركات التالية:

واحد. شركة الكهرباء الكوبية.

معلق:

سرعان ما تدهورت العلاقات الكوبية الأمريكية خلال العام الأول من الثورة.

فيديل:

أربعة وعشرون. يونايتد فروت كومباني.
معلق:

أممت كوبا كبرى الشركات الأمريكية.

بيتير بورن:

يعتبر فهم العلاقة التاريخية بين كوبا والولايات المتحدة حلقة مركزية لفهم الثورة الكوبية. كانت تلك حركة وطنية تمكن كوبا من ترأسها، فالشعب الكوبي كان يكافح منذ تأسيس البلد في سبيل سيادته الوطنية والاستقلال.

معلق:

وضع فيديل التعليم في قلب الثورة إلى جانب الإصلاح الزراعي، وقد أعلن عام واحد وستين عام التعليم. حيث توجه آلاف الشبان إلى المناطق النائية في الجزيرة، لتعليم الفلاحين القراءة والكتابة.

وكن عدد آخر من الكوبيين في الوقت نفسه كان يرحلون إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى حشود المهاجرين. دعمت السي أي إيه خططا لاستخدام المهاجرين الكوبيين لاجتياح الجزيرة واستعادة أملاكها.

فيليب آجي:

بدأت السي أي إيه تخطط لاغتيال فيديل وراؤل وكل القادة الذين تستطيع النيل منهم، ومن بينهم فيديل على وجه التحديد لضرب معنويات الشعب الكوبي ما يضمن نجاح هجوم خليج الخنازير.

معلق:

عام واحد وستين، ورث جون كندي خطة الهجوم عن أيزنهاور. فسمح بالاستمرار بهن ولكنه لم يقبل باستخدام القوات الأمريكية كوحدات قتالية. قام المخربين تجهيزا للهجوم بحرق الآلاف من حقول ومزارع قصب السكر. كما قام طيارون من المهاجرين الكوبيين بالإغارة على الجزيرة مستخدمين طائرات أمريكية مطلية.

لجأ فيديل مرة أخرى إلى الشوارع لاستعراض الشعب الكوبي، ضمن أسلوب تحول لاحقا إلى أيقونة للعمل الثوري هناك.

فيلما اسبين/ مقاتلة سابقة:

بدأ فيديل يسأل هل أنتم مع الإصلاح الزراعي؟ والناس من أمامه تلوح بأسلحتها في الهواء، وهي تصرخ مجيبة نعم! هل أنتم مع الإصلاح السكاني ومع الإصلاح التربوي ومع كل ما فعلته الثورة في مجالات التربية والصحة، والجميع يردد خلفه نعم نعم!! وحينها قال: ما فعلناه يسمى بالاشتراكية.

فيديل:

وسوف ندافع عن ثورتنا الاشتراكية بهذه الأسلحة،

خوسي رامون فيرنانديس/ قائد خليج الخنازير:

قاد فيديل شخصيا العمليات هناك، وقد رفض باستمرار دعوتنا له بأن يبقى على مسافة أبعد من خطوط القتال.

معلق:

خرج أسطول اجتياح خليج الخنازير من نيكاراغوا، ضمن التوافق بين سوء التخطيط والاستراتيجية مع المقاومة الكوبية المكثفة، انتهاء المعارك خلال اثنين وسبعين ساعة. جرى استبدال الأسرى الكوبيين المهاجرين بأطعمة للأطفال.

وهكذا تحولت الحرب المعلنة ضد البلد إلى حرب غير معلنة ضد زعيمه.

فيليب أجي:

هذه سياسة طويلة الأمد تتبعها حكومة الولايات المتحدة وليس السي أي إيه وحدها فهي تتلقى الأوامر ولا تحدد من سيتم اغتياله، بل تنفذ الأوامر التي تصلها من أعلى مستويات لجنة شؤون الأمن الدولي، وإدارات كل من أيزنهاور وكندي وجونسون.

إستيلا برافو:

كم عملية اغتيال وجهت ضدك؟

فيديل:

عدة محاولات لا يعرفها أحد.

إستيلا برافو:

عدة محاولات..

فيديل:

سأعرف عندما أصعد إلى السماء.

خوان ألميدا:

السي أي إيه متورطة في جميع محاولات اغتياله، بالسلاح وعبر دس السم بالحليب، وبالسيجار، والشعر وسبل متعددة أخرى. أعتقد أنه أكثر من حاولوا اغتياله. إنها الحقيقة.

يبدو أنه كالقطط بسبعة أرواح. لأنه يسقط واقفا على الدوام.

فيديل:

أعتقد أن الحظ حالفني، وأعتقد أني لست حيوان عادي،

وأظن أن الطريقة التي أتحرك بها لا تمنح الفرص للناس.

أليس والكر/ كاتبة:

لم يتمكنوا من قتل هذا الرجل الذي أصر بأن يبقى على حاله، في مواجهة أعظم قوة في العالم، إنه ظاهرة مميزة.

مارشال فرادي:

عند مواجهته العدوانية المعلنة للولايات المتحدة التي هي العملاق المتسلط في الشمال، بمن كان سيستنجد لحماية ثورته؟ السويد؟ أم الهند؟ لم يكن هناك إلا قوة واحدة أخرى في العالم، يمكن أن تعد ببقاء الثورة على قيد الحياة، وهذه القوة هي الاتحاد السوفيتي.

فراهن على القوة السوفيتية. بعد عام من ذلك، جاء خروتشيف بفكرة نصب الصواريخ السوفيتية على الأرض الكوبية.

جورج ريسكيت/ مستشار حكومي:

كان للصواريخ هدفا مضاعفا هو تعزيز قوة المنظومة الاشتراكية، وإقناع الولايات المتحدة بعدم الهجوم على كوبا، كي لا يتحول ذلك إلى حرب عالمية.

آرثر شليسنغر:

تردد فيديل في قبول الصواريخ ولكنه قال بعد ذلك إذا أردت إرسال الصواريخ فليكن ذلك عمل معلن. ولكن خريتشوف اعتقد أنه يستطيع القيام بذلك سرا ومفاجأة الولايات المتحدة به.

معلق:

أدى اكتشاف الصواريخ من قبل طائرات التجسس الأمريكية إلى وضع الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على شفير حرب نووية، إلى أن تم لالتوصل إلى اتفاق سري بين خريتشوف وروبرت كندي، ينص على سحب الصواريخ الكوبية إذا قبل أمريكا بسحب صواريخها من تركيا وتعهدت بعدم اجتياح كوبا.

آرثر شليزنغر:

أدى قرار خروتشيف بسحب الصواريخ دون إشعار فيديل كاسترو أو إبلاغه بالأمر إلى إثارة الغيظ لدى هذه الأخير الذي لم يغفر لخروتشيف فعلته أبدا.

معلق:

دعي فيديل إلى زيارة الاتحاد السوفيتي لتعزيز أواصر العلاقة السياسية والشخصية بين البلدين.

فيديل: كنت أقف هنا وخريتشوف هناك، ولا أعرف أي حيوان مر بيننا، فأطلقت النار بذلك الاتجاه،على مسافة عشرة أمتار من خروتشيف، الذي كان فلاحا، وأذكر جيدا أنه أومأ برأسه عدة مرات على هذا النحو. وكأنه يقول في نفسه، من أي كارثة نجوت. أتعرف بماذا أفكر الآن؟ ماذا كان سيجري إذا ما وقعت حادثة أثناء رحلات الصيد هذه، أطلق فيها النار على خروتشيف؟

رجل:

يا إلهي.

فيديل:

هل تتخيلون ذلك؟

بيتر بورن:

كان يواجه خيارات صعبة، إذ أنه عمليا كان بحاجة إلى الاتحاد السوفيتي ذلك أن اقتصاد بلده كان يعتمد على السوفيت كليا. أخذ بعد ذلك يبحث عن سبل للعلاقات مع السوفييت يسعى من خلالها إلى الاستقلال عن الموقف السوفيتي وتحديدا في السياسة الخارجية.

أنجيلا ديفيس:

كانت هناك أحداث على وشك أن تقع، وقد مكنت قدرة فيديل على التعامل مع هذه المتغيرات والبروز كنموذج عن إمكانية بلدان العالم الثالث للتحرك بعيدات عن العالم الرأسمالي نحو مستقبل مختلف.

معلق:

قدمت الثورة الكوبية وعلى رأسها فيديل وتشي غيفارا، نموذجا للآخرين ممن يبحثون عن المتغيرات السياسية في أمريكا اللاتينية.

قدم فيديل وتشي غيفارا الدعم لبلدان أمريكا اللاتينية الساعية لاتباع تجربتهما المسلحة.

تشي غيفارا:

على التاريخ أن يأخذ فقراء أمريكا بعين الاعتبار، الذين قرروا إلى جانب المضطهدين والمحتقرين في أمريكا اللاتينية أن يكتبوا تاريخهم بأيديهم وإلى الأبد.

معلق:

تخطى غيفارا حدود الخطابات، فأثناء قتاله ضمن العصابات في أدغال بوليفيا، وقع في كمين تعرض بعده للاغتيال.

فيديل:

إذا أردنا نموذجا عن الرجال، نموذج من الرجال الذين لا ينتمون إلى هذا العصر، بل نموذج من الرجال الذين ينتمون إلى العصور المقبلة، أقولها من القلب، أن هذا النموذج، هو غيفارا.

معلق:

عام سبعين، قدمت ثورة أليندي في تشيلي نموذج آخر عن التغيير، هو طريق السلام نحو الاشتراكية. قام فيديل حينها بجولة تأييد في البلاد.

أورتينسيا أليندي، أرملة الرئيس أليندي:

أعتقد أن أكثر ما تأثرت به في فيديل هو الاستماع إليه. وكأن لديه الوقت اللازم للإجابة على جميع الأسئلة باهتمام شديد، وهو ينظر مباشرة في عيني الشخص الذي يتحدث إليه. وهذه ميزة تثير الإغراء لهذا قلت لسلفادور أليندي في تلك الليلة أني أعتبر فيديل بارع جدا في الإغراء.

فيديل:

المميز في تشيلي هو أنها تشهد عملية فريدة، هي عملية تغيير، يحاول فيها الثوار، إحراز التغيير عبر السبل السلمية.

الرئيس التشيلي سلفادور أليندي:

.. الشعب التشيلي، الذي كان وسيبقى دائما إلى جانب الشعب الكوبي وتجربته الثورية..

معلق:

لم يحظى توجه تشيلي نحو الاشتراكية بموافقة أمريكية أكبر من توجه كوبا. دعمت السي أي إيه انقلاب بينوتشي الذي انتهى بمقتل بينوتشي عام ثلاثة وسبعين.

أوقعت هزيمة تشيلي صدمة موجعة باليسار، فأصبحت كوبا ملاذا آمنا للاجئين السياسيين القادمين من أرجاء المنطقة.

أمر الرئيس ريغان بالقيام بهجوم مباشر على غرانادا، لإسقاط الثورة هناك. عند إنزال رجال البحرية الأمريكيين، وقع عمال البناء الكوبيين على مرمى النيران.

كان عهلى فيديل أن يعترف بقوة الوجود الأمريكي في المنطقة مع عودة القتلى والجرحى من هناك.

فيديل:

شهدت المنطقة تحولات كثيرة على مدار الخمسة وعشرين والثلاثين عاما الماضية، وأعتقد أننا أخذنا نعزز استقلالنا وانتماؤنا الوطني أكثر من أي وقت مضى.

معلق:

أعيدت رفات تشي غيفارا إلى هابانا بعد ثلاثين عام على اغتياله في بوليفيا.

استقبل جثمانه على أرض المطار من قبل ابنته التي لم يعرفها أبدا، والرجل الذي ارتبط باسمه إلى الأبد.

أليدا غيفارا، إبنة تشي غيفارا:

ودعنا والدي قبل ثلاثين عاما، لتعود إلينا اليوم رفاته، التي لم تهزم، بل تحول صاحبها إلى بطل، ونحن أيضا سنقدم أرواحنا، دائما نحو النصر، الوطن أو الموت، سننتصر.

فيديل:

أحيانا ما أحلم وأخبر بمن حولي عما أشهده في الحلم، وكم أحلم بأني أتحدث معه وهو حي يرزق. إنه شخصية مميزة ليس من السهل أن يستسلم المرء لموته. أما السبب في ذلك برأيي فهو الإحساس بوجوده، إلى جانبي على الدوام.

أنجيلا ديفيس:

إذا سنحت لي فرصة كتابة التاريخ يوما فسأكتب عن فيديل كزعيم لواحدة من أصغر الدول في العالم، الذي ساهم في تحسين مصير الملايين في العالم أجمع.

نيلسون مانديلا:

سيدي الرئيس، سيدي الرئيس.

فيديل:

بل أخي.

نيلسون منديلا:

كيف حالك؟

فيديل:

أخي.

نيلسون مانديلا:

تفضل. تسرني رؤيتك جدا. يجب أن تخبرني متى ستأتي إلى جنوب أفريقيا؟

فيديل:

بأقرب فرصة ممكنة.

نيلسون مانديلا:

كلا كلا. متى ستأتي إلى هناك؟

فيديل:

لم يسبق لي أن زرت وطني جنوب أفريقيا، مع أني أحبه كوطن لي، كما أحك وأحب شعب جنوب أفريقيا.

نيلسون منديلا:

متى ستأتي لزيارة جنوب أفريقيا؟

فيديل:

يبدو أني سأذهب الآن على الفور معه إلى هناك.

نيلسون مانديلا:

نحن رحب به هناك علىالدوام.

ريكس نيتلفورد/ جامعة ويست إنديا:

تعتبر أفريقيا مسألة أساسية بالنسبة للواقع الكوبي، وبما أن أفريقيا هي الوطن الأم للعديد من الكوبيين، فقد شعر الكثيرون برغبة عميقة في المساهمة في تحرير أفريقيا.

وطالما منحته المصداقية سواء كنت على صواب أو على خطأ لتفهمه العميق وإصراره الدائم الذي اعتاد عليه في شرح سياساته.

خوان ألميدا:

ذهبنا إلى كل الأماكن الذي دعينا إليها، حيث اعتبرنا أن فيها قضايا عادلة، إنها الحقيقة، وقد مددنا يد العون لجميع الحركات الثورية في أفريقيا والعالم أجمع.

معلق:

دعم فيديل قادة التحرر في أفريقيا، كما هو حال سيكوتوري، وأميلكار كابرال، وأغوستينو نيتو في أنغولا.

فيديل:

لم نتمكن من الوقوف مكتوفي الأيدي عندما قامت الوحدات النظامية في جنوب أفريقيا باجتياح أنغولا. وعندما طلبت الحركة الشعبية لتحرير أنغولا مساعدتنا، قدمنا لها كل ما يلزم.

معلق:

عام خمسة وسبعين، عندما توجهت أنغولا نحو الاستقلال من البرتغال، دعمت السي أي إيه وحدات مضادة للثورة بدعم من الأبرتهيد في جنوب افريقيا.

أرسل فيديل ستة وثلاثون ألف جندي كوبي على الفور لردع التقدم الجنوب أفريقيا عن العاصمة الأنغولية لواندا.

فيديل:

أيها الأنغوليون والكوبيون، سوف يستمر النضال، والنصر حتمي، الوطن أو الموت!..

جمع:

سننتصر!.

معلق:

لعب أكثر من خمسين ألف كوبي على مدار أربعة عشر عاما من الحرب، بين أطباء ومدرسين ومهندسين، وجنود، دورا حاسما في أنغولا، حيث فقد ألفين منهم قتلى هناك.

عام ثمانية وثمانين، أرسل فيديل بمزيد من الوحدات الكوبية لحسم معركة كويتو كوانافال، الذي قادها شخصيا من هابانا. وكانت الهزيمة التي ألحقت بجنوب أفريقيا هناك مسمارا كبيرا دق في نعش الأبرتهيد.

فيديل:

لو أن كوبا هزمت حينها لسجل ذلك نهاية ثورتنا. وقد حصل كل ذلك بعد عام خمسة وسبعين. لا بد من جمع كل هذه المعلومات علما أننا لم نكتب بعد تاريخ الثورة الكوبية. ولكني أعتقد أن واحدة من أنصع الصفحات التاريخية للثورة الكوبية، هي تلك التي تتحدث عن تعاونها وتضامنها ودعمها المجاني لجنوب أفريقيا.

لتتحول أفريقيا إلى نموذج لعالم مستقبلي أكثر عدالة وأكثر إنسانية.

وإذا تمكنتم من ذلك، سنتمكن منه نحن أيضا.

بيتر بورني:

يرمز ارتباط فيديل بعصر ما بعد الاستعمار، إلى الاستقلال والسيادة الوطنية للبلدان الصغيرة أكثر من أي شيء آخر، ليهز القوى الإمبريالية، إلى جانب حقيقة أن بقائه لفترة طويلة هناك عزز دوره وجعله يمتد إلى الأفق العالمية انطلاقا من هذه الجزيرة الصغيرة جدا.

=-=-=-=-=-نهاية الجزء الثاني.

الجزء الثالث

بناء الأمة أسهل بكثير من رفع صروح المجتمع، وهذا ما تفعله اليوم كوبا, وهي تحتاج لكل الوقت اللازم، وسوف تحتاج إلى التواضع والضعف وعطاء الروح لنفسها ولغيرها كي تنشأ.

معلق:

ركزت كوبا طوال السبعينات والثمانينات معاركها على المجال الاقتصادي، وكان طموحها يرتكز على عناصة الثروات المشتركة، بالرغم من الحصار الأمريكي، وقد تحقق ذلك عبر التخطيط المركزي، وبدعم من الاتحاد السوفيتي.

كانت كوبا كغيرها من البلدان النامية تعتمد على زراعة واحدة، هي السكر. وقد ضمنت كوبا شراء كل ما يمكن لكوبا أن تنتجه. سعى فيديل لتعزيز النماذج الشخصية في محاولة منه لرفع مستوى المحصول عام تسعة وستين. وكانت محاولة فاشلة. لأن تبعية البلاد، ومشاكل التخلف كانت بالغة الوضوح.

فيديل:

يتطلب تعويض النقص في التدريب التقني وفي الثروات اللازمة لتحقيق تطور مكثف، الكثير من التجهيزات، والكثير من المدارس وأشخاص من ذوي الكفاءة لخوض هذه المعركة. لأن الخروج من التخلف، هو مهمة عصيبة. أما الخروج من التخلف ضمن ظروف كوبا المحاصرة من قبل الولايات المتحدةت يعتبر مهمة أشد صعوبة من غيره.

معلق:

مفارقة استقلال كوبا واعتمادها على الاتحاد السوفيتي في آن معا، تطلب من فيديل عملا من التوازن دام أكثر من ثلاثين عاما.

ولكن الفوائد بالنسبة للكوبي العادي كانت هائلة، فقد مكنت الروابط مع الاتحاد السوفيتي من جعل كوبا تحافظ على خدماتها في مجالي التربية والتعليم والرعاية الصحية. وكانت تلك بداية للتنوع الصناعي الأكبر.

رمزي كلارك/ مدعي عام أمريكي سابق:

أكد نظام العناية الكوبية بالشعب أنه بإمكان بلد فقير يفتقد إلى الثروات، أن يعلم المواطن ويؤمن له المسكن والرعاية الصحية والعمل وكل ما يلزم الإنسانية. أنظر إلى باقي أنحاء العالم الذي يحتاج جديا إلى مثل هذا النموذج.

معلق:

بدأ فيديل في أواسط الثمانينات، يواجه المصاعب الاقتصادية والصناعية، كما أن الموارد الغذائية كانت تقل باستمرار. وبدا ظهور نخبة اقتصادية قابل للتميز. أصبحت البيروقراطية الغير متجاوبة والتغيب من العيوب الشائعة.

رد فيديل على هذه الأزمة بالإشراف شخصيا على كل جوانب المجتمع الكوبي، فكان ينتقد ويعالج ويعيد التنظيم باتباع أسلوبه الفريد.

ساول لانداي/ كاتب:

اشتهر الكوبيون في ظل فيديل كاسترو، في الفن وصناعة الأفلام وكتاب ولاعبي كرة المضرب وملاكمين وعلماء وجنود. أي أنه أخذ بلد متخلف وجعل منه شيئا، ولكن بكلفة باهظة، وهذا هو الجانب الذي تركز عليه الصحافة الأمريكية والمناوئين له. أعتقد أن هذا الجانب من الكلفة معروف جدا، وهو تفريق العائلات عن بعضها وإيداع البعض في السجون، حيث اتبعت سياسة قمع صارمة، كان جزء منها ردا على العدوانية الأمريكية.

بيتر بورن:

لا يوجد مجال لحرية التعبير وليس هناك صحف أو تلفزيونات أو إذاعات مستقلة. في هذا المجال لم تتعزز حقوق الإنسان في كوبا كما يجري في الديمقراطيات الغربية، أما إذا قارنت احترام حقوق الإنسان في كوبا مع ذلك القائم في أمريكا اللاتينية، سترى أن كوبا متفوقة عليها جميعا.

معلق:

يعتبر فيديل أن حقوق الإنسان تكمن أولا بالرعاية الصحية والإسكان والتربية والتعليم، حيث تسجل كوبا نجاحا ملحوظا. أما المناوئين لفديل فيرون حقوق الإنسان في بحرية معارضة الحكومة، حيث تعبر كوبا أقل قوة. وما زالت حقوق الإنسان أمام أعين المشاهد.

فيديل: تعتبر الافتراءات أشد المظالم التي وجهت للثورة إجحافا، وهي لم توجه ضدي شخصيا بل ضد حقوق الإنسان ككل، لأني أعتقد أن هذا البلد قدم الكثير لحقوق الإنسان، وهو من أكثر البلدان احتراما وتقديرا للمبادئ والنشاطات الإنسانية.

صحفي:

أريد أن أسألك عن أكبر خطأ ارتكبته كزعيم للثورة الكوبية على مدار الأعوام الثلاثين الماضية؟

فيديل:

عدم توقع انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي، وعدم البدء في العمل مسبقا تحضيرا لذلك، ولكن أخذ برنامجنا بعين الاعتبار، كان يجب ان نتوقع ذلك.

معلق:

سافر غوباتشوف إلى كوبا عام تسعة وثمانين، لتوقيع اتفاقات تجارية جديدة بعيدة المدى. بعد أشهر انهار الاتحاد السوفيتي ولم تعد هذه الاتفاقات صالحة. فواجهت ثورة فيديل أكبر تحدياتها منذ أيام سيرا مايسترا.

فيديل:

قام الاتحاد السوفيتي بأشياء هامة، كما ارتكب أخطاء جسيمة أيضا. أحرز تقدما في مجالات العلوم، ولكنه لم يتمكن من تطبيق ما أحرزه من تقدم في أبحاثه العلمية على المستوى العملي والإنتاجي. لهذا أعتبرها إنجازات كبيرة، ولكن الاتحاد السوفيتي قد دمر من داخله.

معلق:

بعد عامين من انهيار الاتحاد السوفيتي تدنت عائدات التصدير بنسبة ستين بالمائة، والاستيراد بنسبة سبعين بالمائة، طبقت إجراءات توفير حاسمة، وندرت كميات الوقود، وكاد الانتاج يتوقف لغياب المواد الخام.فأقفلت بعض المصانع، ما هدد بالقضاء على الإنجازات الاجتماعية للثورة.

اختار بعضهم الرحيل، وتوقع الكثيرون في ميامي نهاية فيديل.

شمر فيديل كالمعتاد عن ساعديه، ولكنهما ساعدي رجل أوشك على السبعين، ولكنه حاول أن يلهم الشعب لتعزيز قوة الإرادة والشخصية.

فيديل:

نحن الآن في مرحلة خاصة بالغة الصعوبة بل هي الأصعب في تاريخنا. وذلك لأننا أصبحنا اليوم بمفردنا في مواجهة الإمبريالية وحدنا. وما الذي نحتاجه لمواجهة الإمبريالية بمفردنا؟ نحتاج إلى الوحدة، ونحتاج إلى الشجاعة، والوطنية، والروح الثورية، فالشعب الضعيف والبائس والجبان، يستسلم ويعود إلى العبودية، أما الشعب الكريم والشجاع مثل شعبنا، لا يمكن أن يستسلم ولن يعود أبدا إلى العبودية.

معلق:

رغم عدم ثقة فيديل بالأسواق الحرة التي تتحكم في العالم، لم يجد خيارا آخر إلا التعاون معها.

فبدأت موجة من بناء الفنادق التي اعتبر منتجات كوبية قابلة للتسويق.

جرى البحث عن زبائن جدد للسيجار الكوبي، والنيكل، والسكر، ومنتجات التكنولوجيا الحيوية. ثم أقام مشاريع مشتركة مع الدول الأوروبية تحديدا.

عامل:

آمل أن تعمر طويلا أبي وبصحة جيدة.

معلق:

لا يعرف الكوبيون الكثير عن حياة فيديل كاسترو الشخصية. ويقال أن له سبعة أطفال وأنه تزوج لما يزيد عن ثلاثين عاما.

فيديل:

أولا. كانت حياتي ترافق الثورة، منذ سنوات مبكرة. ولم أتمتع بظروف ملائمة لبناء عائلة. ثانيا. طالما كنت أعارض، المزج بين الشؤون السياسية والمشاكل الشخصية. وقد تمتعت في هذا المجال بالحرية المطلقة. حفنة قليلة في هذا العالم تتمتع بمثل هذه الحرية.

واين سميث:

يتمنى غالبية السياسيين عدم التحدث في شؤون حياتهم الشخصية، ويعتبرون أنها من شأنهم الخاص جدا، ولكنهم لا يتمتعون بقدرة فيديل كاسترو على رفض التحدث بالأمر.

معلق:

حرص فيديل كاسترو طوال حياته السياسية على المحافظة على علاقات وطيدة مع شخصيات بارزة تتعاطف مع كوبا.

فيديل:

وهذه خصيصا للصور(..)

معلق:

وهو لا يستثني شخصيات صحفية عالمية كما هو حال تيد تورنير من السي إن إن، المقرب من فيديل منذ بداية التسعينات، الذي دعي للقيام بجولة على أ{جاء كوبا من قبل الزعيم شخصيا.

مترجمة فورية:

إنها واحدة من أبرز محطات التلفزة في الولايات المتحدة.

رجل:

فليعلم بأننا نريد الاشتراكية.

مترجمة فورية:

إنه يقول..
فيديل:

كلا لا داعي للسياسة فهو من أصدقاء كوبا.

هل سترقصون اللمبادا؟ أريد أن أرى ذلك.

لا أعرف كيف وصلت هذه الزجاجة إلى هنا أظنها جاءت من نيويورك.

تيد تورنر:

أين الكاميرات أريد أن آخذها معي ليراها أصحاب شركة بيبسي يوم الاثنين، حين ألتقي برئيس الشركة، روجير ريكو، من عائلة ريكو، ربما كان من أصول كوبية أيضا.

معلق:

لم ينجو فيديل من أزمة ظروف ما بعد السوفيت، حيث يندر الوقود، وترفض السيارات أن تعمل.

واين سميث:

أصر فيديل على أن تستقل كوبا بالكامل عن الولايات المتحدة، وقد نجح في ذلك، حتى أني أجرؤ على القول بأن كوبا اليوم استقلت بالكامل ولأول مرة في التاريخ، إذ أنها لم تعد مستعمرة اسبانية، ولك تعد محمية أمريكية، ولم تعد من الدول التي تعتمد على الاتحاد السوفيتي، إنها مستقلة تماما.

معلق:

استمر الحصار الأمريكي على الرغم من تصويت الجمعية العمومية لصالح كوبا. فقد عمل الجناح اليميني في الكونغرس الأمريكي، على تشديد الحصار في لحظات كوبا العصيبة.

جيسي هيلمز/ سناتور أمريكي:

دعني أوضح تماما، أنه إذا ما أبقى فيديل على كوبا بوضع أفقي أو عامودي، لن يهمني ذلك أبدا، فهذا أمر يعود له وللشعب الكوبي، ولكن عليه ولا بد له من مغادرة كوبا.

دياس بلارت/ عضو كونغريس عن ميامي:

سيكون لهذا تأثير هام في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ كوبا، ذلك أنه لن يحول دون تعاون العالم معه فحسب، بل سيتلقى الشعب الكوبي رسالة متجددة، تقول بأن الشعب الأمريكي وأعضاء الكونغرس ونوابه، يقفون إلى جانبه، وأنهم يعارضونه بشدة وسيستمرون في العمل ضده بحزم. شكرا.

جيسي هيلمز:

سيعود سيناتور فلوريدا البارز إلى مجلس الشيوخ..

شارلز رانغيل/ عضو الكونغرس عن هارليم:

لدينا تجارة مع الصين الشيوعية، وفيها أناس أطلقوا النار علي يوما، ثم غفرنا لهم ذلك فيما بعد. أما كوريا الشمالية فكانت أول ما تسبب في ذهابي إلى هناك أولا ونحن نقيم علاقات تجارية معها. أما في فيتنام فقد خسرنا عشرات الآلاف من الأمريكيين هناك. أي أننا إذا أردنا أن نغضب فعلا من أحد علينا بألمانيا واليابان وإيطاليا، وإذا ما أردت أحقادا خذ بعين الاعتبار أني لست مسرورا بما تلقيته من سوء المعاملة. ولكن إذا غفرنا للجميع باستثناء جزيرة صغيرة، لأنها سمحت لروسيا الشيوعية بأن تنصب الصواريخ هناك، ثم تراجعت بعد ذلك وأخرجت الصواريخ منها، إلى متى سنستمر بمعاقبة كوبا بكاملها؟
فيديل:

يستهدف هذا الحصار أمة بكاملها، يستهدف ملايين الأفراد، ولو كنت شخصيا ثمنا لهذا الحصار، لاعتبر الثمن بسيط واقتصادي، بل أنا مستعد للتفاوض على حياتي، ولكني لست مستعدا للتفاوض على الثورة، أو على الاشتراكية ، أو على المبادئ.

لويس أورتيغا/ صحفي من ميامي:

نشأة معاداة كاسترو على يد الولايات المتحدة منذ البداية، فهي التي أسست الجهاز المعادي لكاسترو، حيث يتولون دور معارضته.

معلق:

ساند المهاجر الكوبي في ميامي معارضة الولايات المتحدة لكاسترو منذ بداية الثورة، ولكن أحفادهم من الذين ولدوا في أمريكا بدأوا يتساءلون عن الحكمة في اتباع هذه السياسة.

فرانسيسكو أراوكا/ راديو بروغريسو ميامي:

لدى العديد من الشخصيات السياسية والمالية في العالم آراء عن فيديل كاسترو تختلف عن تلك السائدة في ميامي، لماذا، السؤال هنا هو لماذا؟

رجل على الهاتف:

لأن فيديل كاسترو، وأقول هذا كي يعرف العالم أجمع، بأني بقيت سبعة عشر عاما دون أن أرى أمي بسبب فيديل كاسترو، لأنه فرق بيننا، أتعرف ما يعنيه أن يبقى المرء بعيدا عن أمه سبعة عشر عاما؟

فرانسيسكو أروكا:

لقد غادرت بلدي عام اثنين وستين ولم أعد حتى عام تسعة وسبعين، أي أني بقيت أيضا سبعة عشر عاما دون أن أرى أمي. ومع ذلك لا أشاطرك الرأي.

أنت على الهواء في ميامي عمت صباحا.

صوت امرأة:

ما كنت أعرف أنه يوجد في ميامي هذا العدد الهائل من الشيوعيين.

فرانسيسكو أروكا:

هل لديك شيئا آخر؟

صوت امرأة: كلا لا شيء.

فرانسيسكو أروكا:

شكرا.

=-=-=-=-=-=-نهاية الجزء الثالث.

الجزء الرابع

شكل فيديل تحالف غير متوقع حول مشكلة الحصار. عندما دخل هابانا قبل أربعين عاما، كانت السلطات الكاثوليكية معادية للثورة، أما اليوم فإن فيديل يقدم للمبعوث البابوي ترحيب خاص تجهيزا لزيارة البابا التاريخية.

فيديل:

إنها شخصيات معروفة، غورباتشوف، سأضعه هنا لاحترام الشخصيات الأفريقية التي هنا. وهذا هو ستالين.

أسقف:

إنه ستالين(..)

فيديل:

ولينين. وأخيرا السار.

أجرينا بعض التغيرات ففي البداية كان للمؤمن حق الانضمام إلى الحزب، واستغرق الأمر عدة سنوات كي نتمكن من إقناع البعض بأن عدم السماح للمؤمنين بالانضمام إلى الحزب يشكل انتهاكا لحق الدستوري للعضو. وسمح للمؤمنين بدخول الحزب. علاقاتنا مع الكنائس كانت جيدة نسبيا، أما علاقتنا مع الكنيسة الكاثوليكية فلم تكن جيدة بشكل عام، وذلك بسبب الهيكلية المتربعة على سلطة الكنيسة في بادئ الأمر، ولأن الكنيسة إلى حد ما كانت للأثرياء وحدهم.

معلق:

التوجه العملي لفيديل ساعد الكنيسة على مزيد من الاتصال بأتباعها في كوبا، مقابل إدانة البابا العلنية للحصار الأمريكي.

غياني مينا/ صحفي إيطالي:

منحت زيارة البابا لفيديل والثورة الكوبية القدرة على البقاء، رغم ميولها الماركسية، كما أكد الدور القيادي الذي لعبته كوبا تقليديا في أمريكا اللاتينية على مدار السنوات الماضية. وهذه المسألة في مصلحة البابا لأنه بحاجة إلى استرداد أتباعه ليس في أمريكا اللاتينية فحسب بل وفي العالم الثالث بكامله.

الأب جورينتي:

إنها لغة يعرفها فيديل كاسترو لأنه عاشها من قبل، وقد حفظ الإنجيل عن ظهر قلب ويمكنه التحدث به كاملا، وبما أنه من أصول إسبانية، فهو يتبع مثلا شعبيا يقول بما معناه لنترك مجالا للاحتمالات، وهم محاذرون جدا، ما يعني أنهم يفسحون المجال إمكانية وجود الآخرة، من المحتمل أن يكون هناك آخرة من يدري.

معلق:

عندما وجهت هيئة الأمم المتحدة دعوة لفديل لزيارة مقرها في نيويورك، لم تتمكن الحكومة الأمريكية من رفض السماح له بالدخول.

بطرس غالي:

أيها القائد.

فيديل:

نريد عالم يسوده السلام، والعدالة والكرامة، يتمتع فيه الجميع، دون استثناء، بحق العيش الكريم. شكرا جزيلا.

لا يمكن أن نتحدث عن بناء الاشتراكية في ظروف مثالية، ولكنا سندافع عن جميع الإجازات الاجتماعية التي حققتها الاشتراكية في بلدنا. لقد أجبرنا على الانفتاح اقتصاديا، بعد أن خسرنا رؤوس أموال وأسواق وتكنولوجيا، ونحن اليوم بحاجة إلى أسواق وتكنولوجيا ورؤوس أموال، كي نتمكن من تطوير بلادنا، لهذا شرعنا الأبواب واسعة.

أصدق كل ما يرد في الصحيفة، إلا عندما يسء التحدث عنا.

دوايان أندرياس/ رجل أعمال:

أعتقد أن عليه المجئ إلى الولايات المتحدة شهريا للتحاور مع عدد من الشخصيات المؤثرة، ليحدثهم عما يريد القيام به وسبل إعادة بناء كوبا، وكيف يعمل على إعادة الأسواق إلى الدولة وكيف يحاول خصخصة الكثير من المشاريع، ولماذا تحتفظ الحكومة هناك بمشاريع الخدمات كما نفعل جميعا.

معلق:

انتظر لحظة من فضلك. نحن النساء لدينا نظرة في الملابس. هكذا أفضل.

فيديل:

رجل:

إنه لشرف عظيم بالنسبة لجميع زملائي في داو جونز وول ستريت جورنال، أن نستقبلك اليوم بيننا. ربما كان هذا رمزا لما يشهده العالم من متغيرات، أن يأتي الرئيس الكوبي لزيارة وال ستريت جورنال.

رجل:

أهلا بك سيدي الرئيس.

امرأة:

عمت مساء.

رجل:

التقينا على الغداء، هل يمكن أن أطلب توقيعك على هذا العدد من المجلة الذي يعود لعام واحد وستين؟

فيديل:

لن أنكر بأن الرأسمالية قدمت مساهمات هامة في التطور البشري، فالاشتراكيون والشيوعيون لا ينكرون ذلك، وأنا أستطيع أن أؤكد لك بأني شيوعي عن قناعة عميقة وإصرار وثبات، ولنقل أني اشتراكي ماركسي، وشيوعي دون أي تردد على الإطلاق.

ديان أندريس:

إنه كما يقول تماما، شيوعي سابق، وثوري سابق، منشغل كليا في تقديم البضائع ولخدمات والإسكان لشعبه.

رجل:

أظنك تعرف السيد والاس لست متأكدا من ذلك..

السيد ولاس:

قابلتك لأول مرة عام ستين عندما كنت هنا سيدي الرئيس، ولكن ماذا جرى للديمقراطية والانتخابات الحرة؟

فيديل:

لقد اكتشفنا أشكال جديدة من الديمقراطية، واكتشفنا سبل أخرى أشرف لمساهمة الشعب في الحكم.

لا بأس.

هناك عدة سبل. لضربه على رأسه.

امرأة:

إنه لطيف جدا، إنه وسيم جدا. حسنا أستودعك..

صحفي:

ما هي رسالتك لسكان هارليم؟

فيديل:

أشعر بكثير من العطف تجاه سكان هارليم، لما فعله في الماضي، منذ خمس وثلاثين عاما، عندما لم نجد مكانا نسكنه في نيويورك، فاستقبلوني في أحد الفنادق. لا يمكنأن أنسى ذلك.

أنجيلا ديفيس:

في هارليم، ما زال اللقاء التاريخي الذي جرى بين فيديل ومالكولم يشكل جزءا من ثقافة مهارليم. وعندما سمعت بأنه يفكر بزيارة هارليم قلت في نفسي لا يهمني أينما كنت في هذا العالم، لا بد أن أحاول الذهاب إلى هارليم.

الأسقف كالفين بوتس:

نرحب بك في الكنيسة هذه المعمدانية حيث نؤمن بالحقيقة والعدالة والمساواة، وحيث نقف إلى جانبك في القول، نعم لكوبا، ولا للحصار.

فيديل:

وأخيرا انتهيت، بارتداء قميص رسمي، وبزة رسمية، وربطة عنق، أما الحذاء فلم أنتعله لأني لم أستطع ذلك، لأني متقدم في السن ولم تعد قدماي تسمحان بذلك. حتى أصبحت شخصية أنيقة مرموقة. أخبرتكم أني ذهبت إلى الفندق لارتداء هذه الملابس، لأني قلت في نفسي، بما أني ذهبت في المرة الماضية بهذه الملابس، كيف لي أن أظهر في هارليم بملابس شخصية أنيقة؟

هناك حركات شعبية تتشكل بقوة كبيرة، وأعتقد أن هذه الحركات، هي التي ستتمكن في نهاية المطاف، من المواجهة باتباع تكتيك جديد. لن يعتمد ذلك على الطريقة البلشفية، أو على طريقتنا نحن، لأن هناك عالم مختلف، لا بد من اتباع تكتيك جديد في هذا العالم الذي نحاول اليوم أن نعيش فيه.

مارشال فريدي:

لا يمكن أن نحسب ما كان جرى منذ أن بدأ فيديل يتعامل بتميزه الفريد، وقد كان مزيجا من شخصيته الكامنة، وكينونته المميزة، إلى جانب القوى التاريخية التي شغلها. وكأن كاتبا من معدن تولستوي قد حلم بشخصية فيديل لرواياته.

ساول لاونداو:

فيديل كاسترو هو وشخصية اخترعها غابريل غارسيا ماركيز، الذي تمكن من اتباع تقنيات الواقع الافتراضي المتطورة في عبقرية الأدب الإسباني، لتحويل هذا الجهاز الأدبي إلى شخصية حية ترزق، ستموت عام ألفين وواحد وثمانين، بعد سنة واحدة من رفع الحصار الأمريكي عن كوبا.

غبريل غارسيا ماركيز:

الموقف الذي يتبعه، وتاريخ حياته، كلها توحي بشخصية محددة، كما أن حالته مميزة جدا في الحياة، لدرجة أنه بكل بساطة، ربما كان مميزا منذ البداية أو أنه أصبح مميزا بعد ما تمكن من القيام به، ولكن فيديل الذي أعشقه جدا، هو الغير مميز.

فيديل:

سوف يرى الناس في النهاية أننا صمدنا بثبات، ودافعنا عن قناعاتنا، وعن استقلالنا وأردنا أن نفرض العدالة الاجتماعية، وأننا كنا ثوارا. وإذا كان يذكر ديفيد لأنه قاتل الجالوت، فإن الشعب الكوبي، يرمز إلى ديفيد أصغر بكثير في وجه حكومة أكبر بكثير، ولهذا لا بد أن تبقى ذكراه، كما بقيت ذكرى دفيد.

--------------------انتهت.