اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 أيسلندا: رحلة إلى باطن الأرض
 

أيسلندا

 

معلق:

          سنبدأ في حلقة اليوم رحلة سبق أن زرعت في المخيلة قبل أن تتم بفترة طويلة من قبل الكائن البشري. سنخوض مع خوليو فيرني في أعماق عالم مجهول من الغموض، يختبئ تحت الطبقات المتجمدة لكتل اسلندا الجليدية. استكشاف كهوف الجليد بتسميتها المتعددة، هو نشاط يتطلب مستوى من التخصص والاستعداد، وقد تمكنا عبر ذلك من الحصول على مشاهد مدهشة سنقدمها لكم اليوم، والتي كدنا أن نعجز عن المجيء بها.

          سنبحث أولا عن مدخل يؤدي بنا إلى عالم ما تحت الأرض الذي تخيل  فيرني أنه بداية الطريق إلأى منتصف هذا الكوكب: أيسلندا. سنتعرف على الحد الفاصل بين الجليد والنار التي ما زالت حتى اليوم تشكل أحدث الأراضي في أوروبا.

=--=-=-=-=-=-=-

هناك جزيرة بعيدة تقع إلى جوار دائرة القطب الشمالي، حيث ما زال بالإمكان التعرف من خلالها على الملامح الفتية لكوكب الأرض، إذ تستطيع حواسنا تخيل ولادة الأرض قبل ملايين الملايين من السنين. تمتزج في هذه الجزيرة العناصر الطبيعية الأربعة مع الطاقة الفتية. فتولد بضربات الجليد والنار مشاهد شبه خيالية. تعرف هذه الجزيرة بلقب: أيسلندا.

          تأتينا عبر تشققات سطحها المتصدع، أصداء ماض جيولوجي يتحول في هذه الجزيرة إلى مراسيم إبداعية خلاقة.

في هذه الجزيرة، التي تشير المعتقدات الكاثوليكية للقرون الوسطى إلى أن فيها أبواب الجحيم، أراد الكاتب خوليو فيرني العثور على مغامرة مفعمة بالخيال والإثارة.

          لم يقع اختيار فيرني، في أعماله الشهيرة، على أيسلندا لبدء رحلته إلى وسط ألرض بعامل الصدفة. كان يدرك بأن الطبيعة النابضة لأيسلندا تخف الكثير من المجاهل وفرص المعرفة، إلى جانب تلك التي تظهر على السطح. أردنا السير على الخطى التي اتبعها فيرني في مخيلته،  فجئنا إلى أيسلندا.

          ربما جذبنا إلى ذلك المكان الغموض الفريد الذي تلف به مخيلتنا عالم الظلمات تحت الأرض، أو ربما كانت الرغبة والحاجة البشرية الماسة للمعرفة.

          ولكن الواقع هو أن المغامرة الوحيدة التي تخيلها فيرني والتي لم تتحقق بعد ما زالت تحافظ على جاذبيتها حتى اليوم.

كارمن:

          ألا يبدو أنه ثقب؟

كارلوس:

          أنظر حتى أن البخار يخرج منه.

كارمن:

          انتبه فالحجارة تتساقط.

كارلوس:

          حسنا حسنا، صرت بعيدا عن المرمى.

كارمن:

          هل رأيت من أين يقذف؟

كارلوس:

          نعم، من هنا. تمهل إنه يثير الخوف..

معلق:

          لم يصل إلى أيسلندا بعد جزء من أعضاء الفريق الذي سيخوض في عدد من الكهوف المميزة جدا. وهكذا قررت كارمن الخروج مع كارلوس للتعرف أولا على عالم الظلمات الذي يسيطر على هذه الجزيرة.

          وقع اختيارنا على مغارة من أصول بركانية، من تلك التي تكثر جدا في هذه الأرض التي صنعتها البراكين. البنى العمرانية الدقيقة للكهوف التي اعتدنا زيارتها في إسبانيا هي نتيجة آلاف أو ملايين السنين من العمل الجيولوجي الحساس والصبور.

          ومع ذلك تسود هنا حالة من التفاعل والعنف والانفجار البركاني الذي منحها شكلها. ما زالت ذكرى نهر الحمم الدافق الذي صمم هذه الأخاديد شاخصة من حولنا مطبوعة على النار. وهكذا بدأت منذ هذه اللحظة رحلتنا إلى باطن الأرض.

          خضنا في مساحة تعانقها القوة الداخلية للأرض التي أحرقت حتى الصخور. تسود الفوضى والركام كل ما حولنا، من توازن غير مستقر. الواقع أن هذه الأنابيب البركانية عادة ما تنتهي بعوائق تنجم عن انهيار الجدران.

 كارمن:

          يبدو أنه يقفل هنا. أليس كذلك؟

كارلوس:

          نعم، سوف ألقي نظرة. انتبهي للكتل، يبدو أنها خطيرة جدا.

كارمن:

          إنه مقفل تماما.

كارلوس:

          فعلا، هيا بنا بسرعة.

معلق:

          سوف نرحل بإحساس المتعة لزيارة هذا الكهف، انطلاقا من مخيلة فيرني، الذي وصف المدخل إلى باطن الأرض وكأنه بئر بركاني شبيه جدا بهذا الكهف.

كارمن:

          يبدو هذا أشبه بالثقب، أنظر.

كارلوس:

          انتبهي. إنه نهر الحمم. بماذا يذكرك هذا؟

  معلق:  سبق أن شعرنا بهذه القوة التي تنبض وكأنها تنفس الحوت من تحت قدمينا. إنها قوة باطن الأرض.

          شعرنا بذلك منذ فترة وجيزة في جزيرة أخرى متآخية مع أيسلندا من حيث طاقة البراكين وعبقرية خوليو فيرني، إنها سترومبولي.

          وهكذا اخترنا الخروج على عجل بين توالي الانفجارات متحدين فوهة البركان المتفاعلة. التحليق من فوق فتحات الوحش أعاد إلينا ذاكرة الأبطال الثلاثة في تلك الرحلة إلى باطن الأرض، التي اخترعها خوليو فيرني، لقد حلقوا بدورهم من هنا أيضا، ولكن رغما عنهم. لقد قذفهم الستوبولي. ومع ذلك بقيت تلك نهاية مفاجئة لمغامرة لا تصدق.

          ولكنا رأينا في ذلك بداية مناسبة لمغامرتنا.  لقد تعرفنا على البركان الذي انتهت فيه رواية فيرني الخيالية. شعرنا أنه من الطبيعي والحافز أن نحلق باتجاه بدايته، حيث عثر البروفيسور ليدينبروك وابن أخيه أكسيل، على البوابة المؤدية إلى باطن الأرض.

          حملتنا الطائرة إلى هذه الزاوية البعيدة والنائية من شرق أيسلندا، المليئة بالصخور البركانية.

إيولوهيو:

          اسمع كارلوس، إلى أين سنذهب؟ لأني هنا قد أضيع..

كارلوس:

          من هنا، هنا أقيم المخيم ومن هنا تقع الكهوف.

فتاة:

          ألوان قوس قزح وظلال الطائرة جميلة جدا..

معلق:

          مع وصول باقي أعضاء الفريق صار بالإمكان متابعة الطريق نحو الهدف: كتلة فاتناجوكول الجليدية، وهي الأكبر في أوروبا. استغرق التحضير لهذه الرحلة فترة طويلة. ومع ذلك لسنا متأكدين مما سنعثر عليه.

          رغم أننا نعمل معا منذ فترة طويلة في البحث عن الكهوف تحت الأرض، إلا أننا لا نعرف بعد مدى اعتمادنا على هذه التجربة. يجب أن نبحث عن مدخل يقودنا إلى باطن الأرض عبر مجموعة كهوف مختلفة، هناك حيث الجليد والنار يخوضان في مواجهة عنيفة.

          عبرنا حقلا لا ينتهي من الحمم، وهي المواد الأكثر انتشارا في أراضي أيسلندا.

          نحن محاطون الآن بأفق معاد بالغ القسوة هو أشبه بملامح الكواكب الأخرى،  نتيجة أصوله البركانية.  نشعر هنا وكأننا نشهد لحظة إنجاب الأرض لنفسها بنفسها.

كارلوس:

          أنظرو إلى المشاهد المحيطة بنا، وكأنها جزء من القمر فعلا.

معلق:

          تعتبر أيسلندا حديثة الولادة في التاريخ الجيولوجي لكوكب الأرض. عمرها البالغ ستون مليون عام تقريبا، لا يعتبر شيئا بالمقارنة مع ملايين السنين الذي هو عمر الأراضي الطافية فوق الحمم في باطن الأرض.

          من فوهات كهذه في براكين أسكيا، خرجت أطنان من الحمم والغازات والرماد التي قذف بها فوق مياه المحيط كي تولد أيسلندا ضمن عملية ما زالت مستمرة. هذا ما ثبت في جزيرة سورتسي التي عامت فوق البحر يوم الرابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين. وهكذا تستمر أيسلندا حية، لتشكل إحدى البلدان القليلة التي ما زالت مساحتها تنمو وتتسع لأسباب طبيعية بالكامل.

          يعج باطن أيسلندا بالغازات والحمم التي تتسرب من أعداد بركانية هائلة ومداخن وينابيع مياه ساخنة أو برك من الطين. بلغت الأنشطة البركانية في الجزيرة مستوى من التفاعل يجعلها تفتح فوهة بركانية جديدة كل خمسة أعوام تقريبا، أو يستيقظ بركان قديم كان يدعي السبات.

          يعود السبب في هذا النشاط الجيولوجي والبركاني الذي يمكن رؤيته في كل مكان، إلى حدث فريد. تعتبر أيسلندا إلى جانب أفار في جيبوتي، المكان الوحيد في العالم الذي يخرج فيه ظهر المحيط من المياه.  لتتسرب منه  الحمم وتنطلق القوى الجيولوجية التي تشكلت منها ملامح الأرض.

           كلمة جيسير هي الأكثر شهرة في العالم من اللغة الأيسلندية، وهي مشتقة من فعل يعني البرعم. يحدث الجيسير عندما تبلغ المياه حد الغليان بسبب السخونة الناجمة عن الحمم الداخلية. عندما يتخطى ضغط البخار الضغط الخارجي يتحطم التوازن بعنف.

          تعتبر المياه عنصرا آخر في تشكيل المشاهد الأيسلندية. ليس من المصادفة أن يتشكل سطح أرض الجليد بنسبة أحد عشر بالمائة منه بالكتل الثلجية. من هذا القلب الجليدي الهائل تولد أنهرا متدفقة تنتشر عبر أيسلندا بحثا عن طريقها نحو البحر، لتشكل في الطريق إلى هناك شلالات هائلة.

          غودافوس، شلالات الآلهة، هي مكان مميز ليس لمجرد وجودها المدهش، بل ولأن السكان الأصليين لهذه الأراضي وضعوا آلهتهم القديمة هنا عندما قرروا اعتناق المسيحية. ربما لم يكن هذا يعني لهم أي عقاب، إذ أنهم كانوا يرمزون إلى الجنة بصورة بركة من تحت شجرة بلوط كبيرة. أما الجحيم فكانوا يرمزون إليه بنار بدون جليد.

          ديتيفوس، هو شلال فريد آخر في أيسلندا. وليس من الصدفة أن يكون الأكبر في الجزيرة. فقوة الطبيعة الأيسلندية التي لا يمكن كبحها، تتحول هذه المرة إلى شلال مياه هائل.

          يعبر مجرى أحد الأنهر الي تنبع من الجليد، في واد مميز جدا. الواقع هو أن ثينغفيلير هو أخدود هائل يتوسع باستمرار.

          يعود ذلك إلى توافقه مع الخط الفاصل بين لوحات البناء الجيولوجية الأسيوية الأوروبية والأمريكية الشمالية. تعتبر أيسلندا مقدمة لبروز أرض جديدة ما زالت تولد بعد، بعد أن صهرت في أعماق البحر وأخذت تنمو وتتشكل مع ضربات الجليد والنار.

          من قمة أعلى جبل أيسلندي، يعرف باسم سيجا دي أودين، كانت آلهة الفايكنغ القديمة تتأمل ما صنعته بفخر: إنه عالم فريد من الحمم والبخار والثلوج والأعاصير والرياح والليالي الطويلة جدا.

           إلى جانب ضعف أيسلندا وقوتها المتلازمتان، لا شك أنها تجربة ملهمة، وكأنها من الروائع الفريدة  الناجمة عن التحديات الدائمة بين الجليد والنار.

فيديل:

          أي رحلة متعبة هذه، أشعر وكأن ظهري سينحني.

معلق:

          وأخيرا وصلنا إلى كفيركفجول، الملاذ الذي استقر فيه مخيمنا الدائم، عندما بلغت فيه شمس منتصف الليل أدنى حد لها.

          توحي طبيعة الأرض هنا أننا صرنا على مقربة من البركان الذي يمنح اسمه للملاذ.

          تشير الأدلة إلى أننا بصدد بركان شبه متفاعل، وهذا وصف قد لا يسبب الراحة التامة لشخص يريد النوم عند أقدام هذا البركان.

          بدأنا المسيرة متوجهين إلى هدف استطلاعنا الأول، وهو شبكة الكهوف التي حفرها نهر ساخن في كنف فاتناجوكول. أحطنا بحواشي أكبر كتلة جليدية في أوروبا. ثمانية آلاف وأربعمائة كيلومتر مربع من الجليد المدفون تحت كثافة تزيد عن ألف متر في الجانب الشرقي من الجزيرة.

          ولكن هذا التراكم الهائل من الجليد والثلوج في فاتناجوكول لن يتمكن من خنف صوت باطن الأرض. يدمر التفاعل والنشاط الجيولوجي أحشاء الكتل ليزهر عبر آلاف الأماكن فتنبع من السخونة مياها متدفقة هي أشبه بنهر الأمازون.

                   تصبح هذه العملية واضحة المعالم في منطقة هزال المثالج. في هذا الجزء النهائي تصبح نسبة الجليد التي يفقدها المثلج بسبب عامل العزلة وخصوصا التصريف الناجم عن السخونة الجيولوجية أكبر مما يتلقاه عبر الثلوج.

          الاتصال الاحتكاكي للنيران في باطن الأرض، على شكل مياه ساخنة، أو مركبات مع الجليد تؤدي إلى شبكة من الكهوف الباطنية شبه الفريدة والعميقة جدا.

          ما زال ما ينتظرنا في الداخل مجهولا يثير قلق الجميع. وأخيرا أصبحنا عند مدخل إحدى الكهوف التي تضيع في أحشاء المثلج.

كارلوس:

          هذا صحيح، نحن الآن أمام فم المغارة الساخنة.

كارمن:

          هناك تسقط الكتل أليس كذلك؟

كارلوس:

          فعلا. يجب أن نسرع الخطى في هذه المنطقة.

معلق:

          مدخل الكهف الذي يتدفق منه مجرى النهر الساخن يتوافق مع نهاية أحد الألسنة الجليدية للفاتناجوكول. إنها منطقة خطيرة.

          هنا خسر الجليد معركته ضد النار، وقد ذاب دون كلل عبر انهيارات متتابعة دبت في قلوبنا القلق.

          تراجع مدخل الكهف خلال السنوات العشر الماضية حوالي مائة مترا، عبر عملية أراد البعض ربطها بالتغيير البيئي للكوكب. يؤدي المناخ الجيد حاليا إلى حالة ذوبان بلا توقف.

            لا نواجه في هذه المغارة خطر الانهيارات وحدها. نحن أمام مشاكل لم نعرف مثلها من قبل، إذ أن ظروف الكهف والمعدات المطلوبة العالية التخصص هي موضع غموض بالنسبة لنا.

          تترافق الخطوات الأولى مع تغيير مفاجئ ينجم عن الفارق برد الأجواء الخارجية والبخار الداخلي للكهف الجليدي. لم نشعر من قبل بأننا على هذه المسافة القريبة من الجحيم.

          بالكاد نستطيع أن نرى أصابع أيدينا. أخذنا نعثر هنا وهناك على أجزاء من حطام حديث يثير القلق. كاد يصبح من شبه المستحيل متابعة التقدم نحو مصدر التيار، حيث هدفنا النهائي. انسحبنا ونحن نشعر ببعض الخيبة حيال نتائج هذا الاتصال الأولي بكهوف الجليد الأيسلندية.

          يقولون أن الإنسان القديم كان يرسم صورا مخيفة على جدران الكهوف ليخيف من خلالها الأرواح الشريرة ويحفز الصيد. ربما كان علينا أن نرسم أيضا كي نهدئ من روعنا. هنا في أيسلندا سيبقى تقمصنا خالدا إلى ألبد.

          ولكنا لا نفكر بالموت على الفور. إن لم يسمح لنا باستخدام الباب الرئيسي سنلجأ إلى باب الخدم. نحن على ثقة بأن ما يخفيه الفانتناجوكول عنا بحرص شديد يستحق العناء فعلا. سنبحث في الجزء العلوي من المثلج عن تشقق يساعدنا على الدخول في الجزء النهائي من الكهف، والوصول مباشرة إلى مصدره.

كارمن:

          إنه يقذف.

فيديل:

          انتبهي يبدو ذلك فعلا. نستطيع البقاء هنا.

كارمن:  

          أفضل إلى أعلى .

فيديل:

          لنتخلص من هذه الأشياء.

معلق:

          نحن في صدد البحث عن تدفق يضرب المثلج من الخارج ويصب في الكهف الذي نستكشفه.

          تمكنا من الوصول إلى عمق بدون سواد. ثم قمنا بخدش الجدران الجليدية التي ضمت النور في كنفها.

كارلوس:

          كيف ترى الحال؟

فيديل:

          يبدو ضيقا من الأسفل. حسنا، لقد عبرت جزءا آخر. سوف أنزل الآن.

كارلوس:

          كيف حال الجليد؟

فيديل:

          الجليد هنا أفضل من فوق. يبدو أشد تماسكا.

كارلوس:

          ماذا يجري هناك تحت؟

فيديل:

          يبدو أن الأمر ينتهي هنا. إنه مكان مقفل . هناك بقعة ماء فقط. لا يمكن الاستمرار. هناك ترعة صغيرة. يجب أن أصعد الآن.

كارلوس:

          هل هناك مجرى هواء؟

فيديل:

          كلا.

معلق:

          لم يحالفنا الحظ في الباب الخلفي أيضا، أو على السطح لنكون أشد دقة. لا يرتبط أي من الأخاديد الكثيرة التي كشفنا عليها بباطن الكهف الساخن. وهكذا إن أردنا التعرف على المغارة التي حفرها النهر الساخن، علينا أن نعاود المجازفة عبر المدخل الرئيسي. ولكن علينا أن نعدل في أسلوب الاستكشاف المتبع.

          تأثر توازن الأجواء البيئية الحساسة في المغارة عبر مجموعاتنا المتعددة التي تحول دون تهويتها المناسبة. لهذا قررنا القيام بعملية استكشاف يشارك فيها ثلاثة أشخاص يستطيعون التحرك بسرعة. أردنا اتباع أسلوب مشابه لتسلق جبال الألب.

          عادة ما يسود بعض التوتر اللحظات التي تسبق الاستكشاف. أما الآن فهي تثير القلق. كي نتمكن من التنفس وسط الغازات في الكهف علينا أن نستخدم جهازا معقدا نأمل أن يعطينا نتيجة حسنة.

كارلوس:

          سنكون هنا بعد أربع ساعات.

فتاة:

          بالتوفيق.

معلق:

          اقشعر جسمي، واحتكت أسناني، وارتجفت رجلاي. يمكن لمشاعر البطل التي وصفها فيرني بوضوح أن تشرح بدقة ما نشعر به الآن.

          سيعتمد بقاؤنا أحياء بعد بضعة أمتار من هنا، على عمل الأجهزة وحسن قدرتنا على استخدامها.

          يؤدي تنشق  الغازات الناجمة عن التفاعلات الجيولوجية في الكهف، إلى الموت الحتمي.

كارمن:

          اسمع،ألا تلاحظ بأن الجو مشحون بعض الشيء؟

فيديل:

          فعلا، لقد انخفض مستوى الأكسجين.  لهذا أفضل أن نضع الأجهزة.

          غطي الأنف.

معلق:    هذا الجهاز الخفيف والمضغوط هو دائرة مغلقة من الأكسجين الذي يمكن من متابعة التقدم، على اعتبار أننا نستمر في التنفس.

          مع تعزز الثقة في الأجهزة التي نستعملها لضمان التنفس، نستطيع التمييز بين العناصر المفاجئة في كهف كهذا. أخذت أضواؤنا تسطع في المرايا الجليدية العاكسة. تكشف أشعة الضوء عن ظلمة زجاجية فتحول السقف خلال بعض الوقت إلى أنوار ساطعة. ندرك مدى حساسية الأشياء المحيطة بنا. يمكن لحرارة الأرض أن تنتصر بين لحظة وأخرى على الجليد وتدمر هذه البنية الزجاجية التي تستضيفنا.

          بعد المرور بمجموعة من الشلالات الصغيرة وصلنا إلى نقطة تتدفق فيها المياه من تحت صخرة تلتحم بالجليد. ما عدنا نستطيع التقدم أكثر. وسط غيم من الغازات السامة ظهرت المياه الساخنة التي ينبع منها النهر الساخن والكهف بحد ذاته.

          تجولنا في أحشاء فاتناجوكول إلى حيث سمحت لنا الجيولوجيا. لقد حققنا الهدف من استكشاف المغارة حتى مصدرها الأساسي. كما أثبتنا النجاح في أسلوب التقدم سريعا. كل شيء يشجع على الاستمرار.

          سنعاود التجربة من جديد في كهوف أخرى من مثلج فانتناجوكول.

          ولكننا لم نغادر بعد الكهف الساخن. علينا أن نعود إلى مدخل المغارة كي ننهي التصوير ونأخذ الجهاز الذي تركناه هناك.

          سقطت أمام أعيننا،  كتلة من أطنان الجليد في المكان الذي كان يجب أن نكون فيه تحديدا.

          تعتبر مكعبات الجليد الصغيرة التي تنجرف مع المياه رسالة تهديد مشفرة موجهة إلينا. لقد خضنا في عالم معدني يشتعل بغضب الجليد والنار القادران على هدم الجبل فوق رؤوسنا. ربما كان فيرني على حق. فنحن دخلاء على الطريق المؤدي إلى باطن الأرض.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2014م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster