اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 أرض الغروب البطيء
 

مدينة لابونيا

 

معلق:

                   ندعوكم اليوم لمرافقتنا في رحلة على مشارف أوروبا العصرية. إنها رحلة هائلة، تجري بالقرب من منازلكم، حيث يمكن بعد الخوض في الطبيعة البرية، القاسية أحيانا والمدهشة باستمرار، تلك الطبيعة الباقية فوق أعالي الدائرة القطبية الشمالية. سنعبر اللابونيا الفنلندية مشيا على الأقدام، في هذا البلد الجليدي، كي نصل إلى نهاية هذه القارة من الشمال، نحو الحدود الشمالية. سوف نمشي لبلوغ هذه النقطة القصوى، ونجر زحافاتنا، نحو أرض، الغروب البطيء.

أرض الغروب البطيء.

هناك مشكلة ما. انطلقنا منذ عدة أيام من الوطن، وقد اقتصرت على عدم ارتكاب أي خطأ في المنعطفات أو في ترجمة توجيهات استعمال المغاسل في مناطق الاستراحة. لا يوجد أثر هنا لموظفي الجمارك الفضوليين العابثين. ولا أثر للإجراءات البيروقراطية المملة للحصول على التأشيرات والأذون وغيرها من الأوراق الأخرى. ولا حتى شوارع مليئة بالحفر.

هذا لأننا نتقدم عبر أوروبا العصرية حسنة الاتصال فيما بينها.  من حسن الحظ أننا نقود شاحنة تكفي لعدة كيلومترات وهي معتاد على التجارب العصيبة كي لا ننسى معنى السفر في الظروف الصعبة.

          وهكذا بين مشكلات ميكانيكية وعبور هانئ في الباخرة، عبرنا أوروبا الوسطى كي نصل إلى فنلندا، حيث يقع هدفنا لابونيا بلد الجليد. في قلب الأراضي الفنلندية عبرنا حدودا أكثر اصطناعية من تلك التي وضعها الإنسان: الدائرة القطبية الشمالية. ومع ذلك بعد عبورها شعرنا أننا ندخل مناطق مختلفة.

          خلفنا وراءنا عالم لا علاقة له بما يستقبلنا هنا. في الأراضي التي تتخطى هذه الحدود، سلمت الطبيعة ما لديها من سلطات للبرد والريح والثلوج والجليد. هي التي تصمم المشاهد في هذا العالم البري من القطب الشمالي.

          للتعرف على هذه المساحة الفريدة انتقلنا إلى لابونيا الفنلندية. نسعى إلى عبور هذه المنطقة بالتزلج في قلب الأراضي الجليدية. ستكون هذه أول تجربة عميقة لنا مع العالم القطبي، والمرحلة الأولى من مشروع كبير نأمل أن ينتهي في القطب الشمالي الجغرافي. جئنا كي نتعلم سبل العيش في مملكة الجليد والزوابع. مع أن هذا هو ما يفعله سكان البلد منذ آلاف السنين.

          يمكن نفهم سبب مجيء الكائن البشري إلى منطقة منيعة مثل ليبونيا  من خلال الرنة. إذا جاءت أولى قبائل الصيادين  إلى هنا تطارد هذا الحيوان من أوروبا الوسطى قبل حوالي خمسة آلاف عام. تحول هؤلاء الصيادون إلى رعاة وقاموا بتشييد حضارة كاملة، شيدت حول هذا الحيوان وامتدت إلى جميع أرجاء اسكندنافيا.

          تعتبر الرنة شبيه بالجمل، من حيث أنها توفر لصاحبة عدة احتياجات. فهي تعطيه الغذاء والجلد والأدوات وقوة الجر. تحدد هجراتها الثمانية أسلوب حياة هذه الشعوب التي أطلق عليهم بعض المؤرخون لقب: شعوب الفصول الثمانية.

          العلاقة  بين السكان الأوائل لهذه المنطقة التي سنجوب فيها الآن، وحيوان الرنة هي علاقة حميمة جدا لدرجة أن أكثر من ثلاثمائة كلمة من اللغة الفنلندية تتحدث عن الرنة. يمكن للفنلندي أن يعرف قسوة الشتاء القادم من خلال سلوك الرنة وحال فروها. من سوء الحظ أن الفرو معدوم لدى أعضاء فريق العبور، لهذا علينا أن نثق بالبيانات الرسمية.

          نتولى بأنفسنا دفع الزحافات أثناء عبور المنطقة الواقعة في أقصى الشمال الفنلندي.

          لن تساعدنا في ذلك أي رنه. لا أحد بكامل قواه العقلية مستعد لمرافقتنا في رحلتنا إلى أقصى الشمال من القارة الأوروبية.

          نحن الآن في أشد مراحل فصل الشتاء القطبي طولا. تبدأ الثلوج في لابونا بالهطول خلال تشرين الثاني نوفمبر، ولا تتراجع حتى نهاية حزيران يونيو. لقد توجهت قطعان الرنة نحو الجنوب، حيث يمكن تحمل الأجواء أكثر. إنها تفر من أجواء شتاء عقيم وجليدي حيث تهبط الحرارة إلى أقل من خمسين درجة تحت الصفر. لم تتمكن البتول من الرحيل، ولم يبقى لها إلا الدفاع عن بذرة حياة داخل قفص يمكنها من الانبعاث مع حلول فصل الربيع البعيد جدا. 

          انتهينا من جزء الرحلة الأول مع وضوح الدليل الذي يؤكد بلوغنا منطقة تثير القلق إذ لا يمكن حتى للرنة أن تحتملها. عبرنا خمسة وعشرون كيلومترا مذ أن غادرنا منطقة نورغام، الواقعة على الحدود بين فنلندا والنرويج. لم يخيم الليل القطبي على الشمال بعد. الشمس ترفض الاختفاء لتجعل من لابونيا أرض الغروب البطيء.

          سنستمتع طوال فترة العبور بضيافة لابونيا، مستفيدين من هذه الأكواخ المنتشرة في أرجاء المنطقة. ما على المقيم فيها إلا أن يعيدها إلى ما كانت علي قبل الاستعمال. وليس في ذلك أي سلوك كريم فحسب بل فيه الكثير من التضامن. قد يضطر فريقنا نفسه للجوء إلى الأكواخ التالية وسط عاصفة أو بعد سقوط أحدنا في المياه الجليدية.

          يتشكل فريق العبور من خوان منويل إيريا، وخوان ماريا أغيلور، وثلاثة عناصر من كلية جبل جاكا العسكرية، هم العقيد فرانسيسكو صوريا، والقائدين فرانسيسكو غان وبينيتو مولينا. وقد شارك الثلاثة في رحلة عبور القطب الجغرافي الجنوبي. صدقنا القديم أغيلور والقائد غان شاهدا الكوكب أيضا من أعلى قمة فيه: قمة إيفريست، أو القطب الثالث.

          بناء على هذه التجربة أخذنا نحضر لمشروعنا الكبير الذي سينتهي في القطب الجغرافي الشمالي. نحن في لابونيا لنكون على اتصال بالعالم القطبي ونمشي فوق المياه المتجمدة.

          هناك نهر ما زال يقاوم اجتياح الجليد، ويتدفق بقوة نحو مصبه في بحيرة إيناري التي هي هدفنا أيضا.

          تشير هذه السهول البيضاء الفسيحة إلى أننا أمام أكبر بحيرة في لابونيا، وإحدى أكبر البحيرات الأوروبية. تبلغ مساحة لإيناري التي سنعبرها في الأيام القليلة المقبلة حوالي ألف ومائة  كيلومتر مربع من هذه المنطقة التي تعلو مائة متر فقط عن سطح البحر. تحيط بنا مئات البحيرات الأخرى الأصغر حجما، تحاصرها غابات أشجار صنوبرية ونباتات أخرى متنوعة.

          تقدمنا عبر بحر من المياه العذبة المتفرعة، المجاور لشقيق أكبر له بمياه مالحة، هو المحيط القطبي المتجمد، حيث يقع القطب الشمالي الجغرافي. تشكل هذه الحقيقة واحدا من الأسباب التي دفعتنا للمجيء إلى هنا. نأمل أيضا بالحصول على تجربة توضح ما يعنيه جر الزحافة عبر مسافة طويلة من المياه المتجمدة.

          تعتبر هذا من الفوارق الكبيرة بين المشي في القطب وعبور أنتارتيدا.

          لقد وصلنا إلى القطب الجغرافي الجنوبي،  بعد مسيرة دامت ستون يوما، مشينا خلالها فوق أطنان من الجليد تجثو فوق اليابسة في أنتارتيدا. أما القطب الجغرافي الشمالي في المقابل، فيمكن بلوغه بعد بحر متجمد، أحيانا ما تقتصر طبقة الجليد فوقه على بضعة أمتار فقط، كما أنها متحركة. سبق أن كتب روالد أمونديسين، أحد أكبر المستكشفين للقطب قائلا: لا بد من تجربة المشي على جليد متحرك لمن يرغبون في الوصول إلى القطب الجغرافي الشمالي. وقد جئنا اليوم إلى ليبونيا للحصول على شيء من هذه التجربة.

          نعتقد أن هذا من أفضل الأماكن في العالم. تغطي حوالي عشر الأراضي  الفنلندية آلاف من الأحواض والبحيرات التي تجمعت من ثلوج بليستوسينو.

          العثور على مواطن محلي مشغول بالصيد هو أكبر دليل على ما يوجد تحت أقدامنا. طوال فصل الشتاء، يفتح  الكثير من الصيادين ثقوب في الجليد الذي يغطي البحيرات، لينصب فيها شباكه التي يأتي لتفقدها بين الحين والآخر. يمكن القول أن هذا النوع من الصيد التقليدي إلى جانب صيد الحيوانات البرية ورعاية الرنة، كانت مصادر الثروات الأساسية للشعب الفنلندي.

إلى جانب صيد  الأسماك يهتم البعض بدراجات الجليد الخاصة بصديقنا الأخير. ليس من المحتمل أن يقبل استبدالها بزحافة تحمل ثمانين كيلو غرام من السمك. لهذا تابعنا جر الزحافات الثقيلة ونحن نتخيل وصول الصياد إلى بيته الدافئ والمريح منذ عدة ساعات بفضل دراجة الجليد، ليجلس الآن ويستمتع برائحة السمك في الفرن.

الحقيقة أننا لا نستطيع الشكوى، فالأكواخ التي نلجأ إليها للاستراحة مع نهاية كل جولة  تتميز بظروف لا بأس بها بشكل عام.

رغم البرد القارس والجليد الذي يسيطر على كل شيء، لم نسمع طوال هذه الأيام أصوات أنتارتيدا القاسية، ولم نشعر بالبحر الجليدي المخيف الذي ينتظرنا في الطريق إلى القطب الشمالي.

نحن في أجواء المشاهد القطبية ولكنه ليست مقفرة بالكامل.  نعيش تجربة قاسية ولكنها ما زالت إنسانية، نستطيع التعلم فيها واستخلاص العبر دون أن نفكر باستمرار في حل مشكلات معقدة. نستطيع التمتع بإحدى أجمل المناطق الأوروبية التي ما زالت برية بعد. يعرف سكان فنلندا بأن هذه المناطق القاسية الصعبة والمنيعة هي من أهم ثرواته.

نعود إلى البحيرة بشعور دائم في الدهشة. رغم عدم شعورنا بالعظمة والقسوة  القطبية الشاسعة، ولكننا نجد في لابونيا تنوع كبير في المشاهد والمناظر الخلابة التي تختبئ فيها روائع الأشياء الصغيرة.

 يجب أن لا ننسى بأننا نسير فوق مياه البحيرة. يجب أن نحاذر جدا، خصوصا وأن الأبرد هذا العام لم يكن كالمعتاد، لهذا فإن سماكة الجليد تثير القلق، خصوصا في بعض المناطق التي تكثر فيها الشقوق المخفية وراء طبقة رقيقة من غبار الثلوج التي سقطت حديثا.

أثناء الاستراحات القصيرة بحماية الزلاجات تحدثنا عما يثيره من قلق رؤية سكك المزلاج وقد غطته قشرة رقيقة من المياه دون أن نعرف ما إذا كان تحتها جليد صلب أم هو حمام مزعج وخطير.

          نتابع المسير خلف نجمة الشمال القطبية. قسمت الرحلة إلى مسيرات يبلغ طول كل منها خمسة وعشرين كيلومترا نقترب فيها أكثر وأكثر نحو الهدف. اتبعنا تقنية التقدم نفسها التي اعتمدت في عبور أنتارتيدا وجليد بتغونيا الجنوبية. ولكنا في الوقت نفسه نسعى لتحسين العناصر اللازمة كالمواد والتجهيزات والأغذية. ومع ذلك نحن على ثقة من أن التجربة والخبرة ستكون قليلة عندما نواجه المحيط المتجمد.

تسلقنا إلى التل الصغير حيث يوجد الكوخ الصغير الذي سنأوي إليه ليلة أخرى في قلب فنلندا.

كادت الشمس تنطفئ من كفاحها المستمر في مواجهة ظلمة الشتاء الحالكة، ثم عادت لتعزز نورها في غروب يعانق الأفق على مد العين والنظر.

ما زال الجليد هنا السيد المطلق الذي نلوذ خوفا منه إلى كوخ نستريح فيه ونعد للقيام بمسيرة يوم غد.

تستقبلنا ميزة القطب  الأساسية بصفعة على الوجه. يبدو أن عاصفة هبت أثناء فترة الراحة. ترددنا قليلا ولكنا قررنا متابعة المسيرة رغم كل شيء.

تأكدت لنا إمكانية الشعور هنا أيضا بهذا البياض الشاسع الذي تضربه الرياح. كما وصفه الكابتن سكوت في أنتارتيدا، ذلك الحلم الذي تحول إلى قبر له.

تحولت بحيرة إيناري إلى رياح شمالية غربية بيضاء حقيقية، ولكن الأمواج فيها ليست سائلة، بل ثلجية عدوانية تلفنا وتضربنا بعنف. ما جعل بقاؤنا معا هو الهدف الأساسي مهما كلف الأمر.

اقتصرت الرؤية على الزحافة السابقة. ما يجعل هذه الوجهة مسألة حاسمة.  يفترض البقاء متخلفا وسط هذا الغضب الضبابي والأصم مواجهة خطر الضياع أو  السقوط وحيدا في تشقق يعرضنا لأقصى حدود المجازفة.

          تراودنا ذكريات المستكشفين الذين شدوا زحافتهم وسط أجواء وحشية منيعة. ونحن على مسافة ألفي كيلومتر من القطب الجغرافي الشمالي.

تلاشت العاصفة لتمنحنا فرصة لتنفس الصعداء والسير قدما نحو الكوخ التالي كي نستريح. أعاد الهدوء السكينة إلى سطح بحيرة إيناري، ولكن ليس إلينا. بدأنا نفهم الآن السبب الذي يجعل بابا نويل يلعق الشحار من مدخنة موقد إلى أخرى.

لا شك أن أي عمل مهما بلغت صعوبته يبقى أسهل من تمضية فصل الشتاء هنا.

الشمس الساطعة والسماء الزرقاء يحفزانا على عبور المرحلة الأخيرة من مسيرة هي أشبه بالملاحة في البحر.  عدنا لاستشارة الخريطة للمرة الأخيرة. إنها أشبه بالخرائط البحرية التي تعتمدها بواخر تبحر هنا في فصل الصيف.

كما أننا نعتمد على بحار من بيننا هو خوان منويل إيريا. ولكنا لا نملك أشرعة تساعدنا على دفع هذه الزحافات البائسة. مع أننا قلما نستطيع استخدامها هنا.

كادت ريح باردة هبت فوق سطح البحيرة أن توقف مسيرتنا، وهي لا تحمل أنباء سارة. إنه رسول العاصفة الذي يعود بقوة متجددة. ما يشجعنا على الاستمرار في التقدم هو اقترابنا من تحقيق الهدف.

أعمت أبصارنا الثلوج العاصفة حتى كدنا نصطدم برافد إحدى البواخر الراسية في ميناء منطقة إيناري. وصلنا إلى الميناء ينتابنا شعور أن فيه مكان سينجو من العاصفة. لقد أنجزنا مسيرتنا بعد عبور مائتين واثنين وأربعين كيلومترا، بين الدرجتين تسعة وستين وسبعين شمالا، خلال أحد عشر يوما. وأخيرا نستطيع أن ننزع الزلاجة.

خلفنا وراءنا المركب الذي ينتظر أن يمنحه الجليد فرصة للملاحة، وسنذهب كي نستعيد قوانا. دفء النار ووجبة طعام جيدة يبعدان ذكرى ما مررنا به من صعاب، ولكنها تجلب في الوقت نفسه أفكارا سيئة. لا يبقى في مثل هذه الظروف إلا أن يطرح أحدهم السؤال الحاسم.

ثم قال أحدهم: لم لا؟  وافقنا جميعا على تساؤله: لم لا نتابع المسيرة إلى نهاية الأراضي الاسكندنافية ونهاية القارة الأوروبية من جهة الشمال؟

تركنا وراءنا  أرض الغروب البطيء لندخل الأراضي النرويجية.

تمتزج السهول المرشوشة بالبحيرات في لابونيا الفنلندية بالجبال التي تنفتح عند أقدامها خلجان كلما اقتربنا من ضفاف المحيط المتجمد القطبي.

في منطقة كافجورد ركبنا الباخرة لبلوغ جزيرة يقع فيها رأس الشمال، حيث تقع اقرب منطقة أوروبية متحضرة من القطب الشمالي.  يفاجئنا وجود كائنات بشرية في منطقة قريبة من القطب كهذه، حيث يؤثر المناخ على العيش بالكامل. طوال الأشهر الستة من فصل الشتاء، الذي يمتد من تشرين أول أكتوبر حتى نيسان أبريل، بالكاد يستطيع المقيمون هنا الخروج من منازلهم.

تكاد شؤون العمل تتوقف بالكامل هنا، كما توحي بذلك مراكب الصيد الراسية على رصيف ميناء هونينغسفاغ الصغير. هذا هو العامل الأبرز من الفوارق بين القطب الشمالي وأنتارتيدا. فعلى الدرجة سبعين من القطب الجنوبي لا يمكن العثور على أدنى أثر للحياة البشرية.

بدأنا المرحلة الأخيرة من مسيرتنا الاسكندنافية  بتوق كبير نسبيا. نريد الوصول إلى رأس الشمال كي تنتهي مغامرتنا في مكانها المناسب. كان الهدف من جولة لابونيا واضحا. لم يكن الهدف من المجيء إلى هنا بلوغ نقطة محددة فقط، بل أردنا من ذلك تحقيق حلم طالما راودنا، وهو الإطلالة على القطب الجغرافي الشمالي.

إنه حلم يبدأ في أرجاء مخيلة المفكر الإغريقي هيباركو، وهو أول من الأوروبيين الذين قسموا الكرة الأرضية إلى خطي زوال مغناطيسي يجتمعان عند قطبي الأرض. تاريخ المغامرات البشرية لمعرفة العالم جعلت من بلوغ هاتين النقطتين أقصى تعبير لارادة لا حدود لها.

عند أقدام الدائرة التي  تحدد راس الشمال، شعرنا بأنفاس العالم القطبي تنادينا. خوان فرانسيسكو رينغارد، هو رحالة وكاتب فرنسي من القرن السابع عشر، مر من هنا وكتب بعض العبارات التي نشعر الآن وكأنها تنبع فينا بالقوة نفسها، وهي تقول:

          لقد عبرنا العالم طولا وعرضا، بحرا، وبرا، ذهبنا إلى هنا وهناك خلف عناد الحياة المخادع، كي نصل إلى هنا أخيرا، حيث تقفل دائرة الأرض".

ولكن الدائرة بالنسبة لنا لا تقفل هنا، فمصيرنا يستمر نحو الشمال، حيث القطب الجغرافي الشمالي.

ولكن هذه قصة أخرى.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2014م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster