|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
مونت بلانك
معلق:
قبل مائتي عام فقط اخترع العالم السويسري بينيديت دي سواسور
فكرة تسلق الجبال حين رعى تسلق جبل مونت بلانك. ولكن خلال فترة قليلة
أدى شغف الجبال بالسير هيومان إلى تسلق جبال في جهات الأرض الأربع،
ليزيد باستمرار من صعوبتها وارتفاعها.
مع ذلك، وعلى أبواب القرن الحادي والعشرين، من الممكن أن
نشعر بعد هناك بما يفترضه الاستكشاف الجغرافي من عيش لتجربة تسلق
الجبال البتول.
أي أن يكون المرء أول من يخوض في عالم انتصاب جدار هائل لم
يمسه أحد من قبل.
عاش في إحدى القرى الضائعة شمال باكستان طقل محظوظ اسمه
أمين. إنه ابن إبراهيم، الصديق القديم لعدد كبير من البعثات. وقد أراد
أن يقدم لابنه البكر هدية كبرى فألقى اسمه على جبل هو إحدى روائع
الطبيعة التي عبرنا آلاف الكيلومترات رغبة منا في تسلقه.. وقد عرف
بلقب، برج أمين الصغير.
معلق:
بعد أن تمتعنا بالفطور الشهي الذي حضره إبراهيم، تبادلنا بعض
الأفكار والذكريات السارة عندما جاء لزيارة بلدنا، حيث عزز فنونه في
الطبخ بأطباق من المطبخ العالمي كالأسماك المجففة وعجة البيض بالبطاطا،
إلى جانب الحديث عما جاء بنا إلى هنا، وهو تسلق برج أمين الصغير، أو
أمين براك في لغة البالتي المحلية.
جون:
سوف نحاول الصعود إلى أمين براك، أو برج أمين، أعني برج أمين
الصغير.
يقول إبراهيم أن المناخ في هذه العام كان غريب جدا، فقد كان
الشتاء جافا عمل معه ثلوجا متأخرة، كما يمكن أن نرى في الجبال المحيطة
بسليم، وهي قرية صديقنا.
إبراهيم:
قد تسقط هذا العام ثلوج كثيرة.
معلق:
عطلت الثلوج تقدمنا، كما حذرنا إبراهيم، أثناء مسيرتنا لبلوغ المكان
الذي أردنا فيه تثبيت القاعدة الأساسية. سبق أن تعلمنا من زياراتنا
السابقة إلى كاراكوروم، أنه لا يمكن لأي بيان من الأرصاد الجوية أن
يصدق أكثر من خبرة هؤلاء الرجال، الذين تعلموا عبر الأجيال سبل مراقبة
وترجمة الإشارات الصادرة عن هذه الطبيعة بقسوتها. لا شك أن بقائهم
أحياء يعتمد على هذه الخبرة والمعرفة.
نحن الآن في سهل جليدي منيع يقع على ارتفاع ثلاثة آلاف متر، بدل أن
نكون في مساحة مريحة يعتاد السكان المحليين على زرعها بالبطاطا.
ولكن لا سوء المناخ ولا التعب يحدان من سعادة هذه اللحظات. نشعر
بامتياز بلوغنا هذه المساحة التي لا يعرفها إلا قلة من سكان الوديان
المجاورة.
النزاع الحدودي القائم بين الهند وباكستان يجعل هذه المناطق مقفلة
على الأجانب، وفي كنفها تنتصب حجارة ثمينة تتوق إلى من يتسلقها. من
أجمل هذه الجبال بلا شك هدفنا المرجو: برج أمين الصغير.
جون:
أعتقد أنه من أجمل الجبال التي لم يتم تسلقها بعد هنا. وهو
يذكرني بالإنجليز الذي ذهبوا لأول مرة لتسلق برج بلا اسم، دون أن
يكترث بهم أحد. ولكنهم أصروا وبعد عامين من ذلك تمكنوا من الصعود.
هناك عدد قليل من الجبال التي لم يتم الصعود إليها بعد. ولا شك أن
محاولة تسلقها هو جهد شخصي.
معلق:
اكتشف جون لاسكانو أمين براك منذ عدة سنوات وبعامل الصدفة
تقريبا. وبعد أشهر قليلة عاد لاسكانو مع بعض الأصدقاء لمحاولة تسلقه،
وقد حالت عاصفة قوية دون ذلك. ولكن أمين ترك أثرا بهم. أقسم جون بعد
ذلك قولا وكتابة أنه لن يعود إلى ذلك الجبل، ما أكد للجميع بأنه سيعود
إليه دون شك. هذه محاولته الثالثة لصعوده.
إلى جانب جون، يشكل خوسي كارلوس تمايو وأدولفو ميدينابيتيا
الفريق الذي سيجرب طريقا جديدا لبلوغ القمة. وهكذا سيواجهون مغامرة
حقيقية تجمع بين التسلق والاستكشاف. أما الخطوة التالية التي
سينجزونها فهي إقامة قاعدة أساسية متقدمة عند أسفل القمة.
العثور على ورقة التوجيهات الخاصة بسبل تركيب الخيمة يرفع
معنوياتنا المشتتة والغير معتادة على النظام.
جون:
لنرى، توجيهات التركيب. من المناسب أن تفريد أي نوع من
البلاستيك تحت أرض الخيمة. ستحول بذلك دون الحاجة لتنظيف الأرض إلى
جانب وقايتها. لا بأس بذلك. اسمع، في حال هبوب الرياح والعواصف امسك
الخيمة، وفي حال الرطوبة افتح الخيمة أو النافذة قليلا. لا بأس بذلك
أيضا. هيا صرنا نعرف كل شيء.
معلق:
سرنا أن يكون المصنع قد فكر بأمثالنا، ثم وضعنا اللمسات
الأخيرة على المنشآت الخاصة بنا جميعا.
الصلابة مطلوبة جدا لمواجهة العواصف التي تجتاح كاراكوروم.
ولكن يبدو الآن أنه هنا وفي مملكة الحجارة بالتحديد، لم يعد من السهل
العثور على حجر.
ولكنا لا نريد أن تأخذ الزوابع ما سيصبح في الأسابيع المقبلة
مطعما وقاعة اجتماعات ومطبخ ومكتبة ومخزن وملهى، وحتى ملاذا نلجأ إليه
من مختلف الأحزان.
بعد حل المشكلات الإدارية نستطيع تكريس كل جهودنا لفن التسلق
الرفيع. لم يسبق لأحد أن تسلق هذا الجبل أو هذا الطريق. أي أننا سنواجه
مصيرا مجهولا. لهذا علينا أن نتبع نصيحة المتسلق العظيم جيم غاوم
القائل: عندما تتسلق إحدى كبريات الصخور، تأكد من تسلحك بالمعدات من
الرأس حتى أخمص القدمين.
الناموسية، والحمالات، والصداقات، وصغارها، وفاتح الشقوق،
والبنسات، والأحزمة، والمسامير والعلاقات، والمراسي المصغرة، والرؤوس
المساعدة، والرصاص. تقلقنا كثرة الأشياء التي سنحملها معنا إلى فوق.
أدولفو:
أنظر إلى روعة الجبل، هذه أول مرة نراه فيها كاملا.
معلق:
انتهت مرحلة الشك والتردد، وساعات النقاشات والنظريات
الطويلة حول أفضل طريق نتبعه. وأخيرا نستطيع مقارنة صورتنا التي
تناقلتها الأيدي كصورة خطيبة المجند، مع الواقع الملموس. حان الوقت
لأخذ القرارات التي يمكن أن تكون أساسية لسلامتنا.
أدولفو:
فلندخل من هنا إذا، عبر هذه الأسطح المغطاة بالجليد حتى هذا
الحاجب. لنرى بعد ذلك علنا نستطيع الانعطاف نحو اليمين أو التوجه إلى
هذه المنحدرات الشبيهة بالسلالم. ستكون هذه الجهة الأشد تعقيدا لأننا
سنعتمد كليا على حالة الجدار. وبعد ذلك سندخل أكثر في الصخر، ونتسلق
الصخرة الجافة فعلا. هذا السقف الذي سنراه هنا وهذا الآخر يحتويان على
الماء. لهذا يمكن أن نبني مخيما فيه، لنتابع بعد ذلك عبر هذه الزاوية
الواضحة جدا من هنا، لنصبح أمام اختيار الخروج من هنا وهذا منطقي جدا،
لندخل بعد ذلك إذا ساعدنا الوقت عبر هذا اللوح الذي نرى فيه بعض
الشقوق. وبعد ذلك نعتمد على السلالم لبلوغ قمة أمين.
جون:
اعتمدنا تسلقا يأخذ بالاعتبار حجم الجبل الهائل وارتفاع
القمة الشاهق واتباع أكثر الطرق مباشرة نحو القمة الرئيسية. لهذا شكلنا
فريقا مختصرا قدر الإمكان يتناسب مع هذا النوع من تسلق الجدران
العالية. لدى أدولفو وخوسي كارلوس تجارب كثيرة في هذا النوع من التسلق.
لهذا أعتقد أنه الفريق المناسب لمحاولة فيها بعض الضمانات.
معلق:
تقدمنا بالخطوات الأولى نحو هدفنا الواقع على سطح أبيض
كالمساحة التي يحتلها هذا الجبل على الخريطة. يعتبر برج أمين كغيره من
جبال كاراكومو غير موجود برأي الغالبية في العالم، ذلك أنها لم تتعرض
للقياس أو التصنيف كما لم ترد على اللوائح الجغرافية. ربما كان من
الصعب على العقول الحسابية أن تضع على صفحة ورقية بعض الأرقام الحزينة
عن الصخور والثلوج والوديان المدهشة كهذه.
وربما كانت الضخامة الهائلة لعمالقة الثمانية آلاف الأربعة
في كاراكوروم، والتي من بينها الكاف الثاني الذي تسلقه خوسي كارلوس،
ربما كانت كفيلة بتغطية أخرى أصغر منها، قابلة للاستكشاف على يد
المتسلقين.
وأخيرا وجدنا بعض الفائدة من تراكب الثلوج، عدى المحافظة على
شبابنا وعذوبتنا. تفيدنا الثلوج المتراكمة عند أسفل الجبل كمسطبة يمكن
تسلقها بسعادة وسرور. وهكذا تمكنا من عبور الثلاثمائة وخمسون مترا
الأولى من الجبل بسرعة.
عندما تمكنا أخيرا من بلوغ دفء الصخور، استطعنا التخلص من
صلابة الجزم، بما فيها من جوارب وتوابع تجعلها كأقدام القط. سيداتي
وسادتي: سوف يبدأ العرض.
يعتقد البعض أن جميع الجبال متشابهة. إذا تسلقت أحدها،
تسلقتها جميعا. وأن عملية التسلق تقتصر على بذل الجهود المضنية في دق
المسامير في الحجارة حتى تستنفذ قواك أو المسامير، أو ما شابه ذلك من
أعمال لا يقوم بها من يتمتع بكامل قواه العقلية كالتعلق بصخرة على
ارتفاع مائة متر.
لا بد أن يتمتع الذين يفكرون هكذا بحاسة سادسة، إنها حاسة
الفضول، هذا القلب الذي ينبض حبا بالمغامرة حتى أوصل الإنسان إلى سطح
القمر. إلى جانب دقة الجغرافيا التي تؤكد أنه لا يوجد جبلان متشابهان،
يعتبر كل جبل فريد بطريقة لها علاقة بالمشاعر والأحاسيس التي تنتاب من
يحاول بلوغ قمتها.
التوتر في كل عملية تسلق ومتعة تخطي الصعاب التي تراكمت رغم
التجارب السابقة، كلها تتجدد وتختصر عطر اضطراب حداثة المرة الأولى.
ولكن في برج أمين الصغير لا نحتاج حتى للمشاعر والذكريات. إنها المرة
الأولى بالمعني الحرفي للكلمة.
أصبح العثور على شيء نقي في الطبيعة اليوم أشبه بثروة تقوي
عضلات متعتنا.
كل شيء في أمين براك جديد. ينتظرنا في القمة أكثر من كيلومتر
في عمودي من الصخر المشحون بالمشاكل والشك والغموض. عشرون يوما من حسن
الطالع، والنفي الطوعي في عالم عمودي.
خلال هذه الأيام الأولى من التجربة والتعب والتحميل، تسلقنا
صخورا وجعلنا من كل ثقب درجة تحملنا إلى أعلى. ولكن سرعان ما اكتشفنا
أن ليس كل مخلوق حي على الجبل يسعى إلى الصعود.
أدولفو:
كانت تنهمر على رؤوسنا الحجارة والثلوج طوال اليوم. ومع ذلك
لا يعتاد المرء على ذلك، فهناك ساعات من النهار تنشط الذاكرة جيدا،
يعرف المرء خلالها أنه عرضة لهذه الكتل، وأن سقوط أي منها على الرأس أو
الكتف قد يسبب الإعاقة.
معلق:
أشد ما يثير الخوف والجزع هنا هو الصمت التام الذي يسود
الجبل عند سقوطها، إنه صمت رهيب قاتل كفيل بخنق الرياح وسحق الحياة.
يدق المرء على المسمار بشدة وهو يلهث معلقا بحزامه لا يثير
إلا الضجيج. لا بد من تحطيم هذا الصمت القابض بقعقعة الأشياء ليثبت
هكذا للجبل ولنفسه أيضا بأنه ما زال هناك، حيا ومصرا على التسلق نحو
القمة.
هذه الثرثرة المعدنية المزروعة أحيانا على طول الوادي بفضل
الصدى. والخيط الرفيع الذي يدلنا على الطريق في متاهة بحر الحجارة هذه،
هما كل ما يشير إلى الوجود البشري في هذا الجسم الهائل لأمين براك.
نتابع التسلق على إيقاع جيد بفضل بعض الأدوات التي لا توحي
بالثقة للوهلة الأولى من ناحيتي الصلابة والأمان.
يكمن سر العمل الناجح في الجدار الصخري بتوزيع المهمات
الأساسية وهي: فتح الطريق، وتأمينها والتحميل عبرها. لا شك أن الأولى
هي الأشد رغبة، ذلك أن فتح الطريق هو بحث وعمل إبداعي خلاق.
يضمن صاحب المهمة الثانية من يسير أولا، إذ يعتمد عليه ألا
يكون لسقوط الأول أي نتائج تتعدى التعليقات الخاصة بفوائد التسلق. أما
الثالث فيتولى مهمة التحميل الشاقة. رغم شهامته وصراحته فهو يعتبر بغل
البعثة، فهو يصعد وينزل عبر الحبال كي يحمل كل ما يلزم.
طبعا ليس كل ما في تسلق الأول فنون ومتعة، فهو أول من يشعر
بالخطر والمجازفة التي هي مزايا أساسية في التسلق.
جون:
نعم، كنا نتعرض لانهيار دائم ومدهش. نعم كانت قريبة، ليس
هناك أي خطأ. وبعد ذلك يأتي الضجيج التي تولده هذه الانهيارات المدهشة
جدا. أضف إلى ذلك سقوط الحجارة والجليد الدائم، تحديدا في المكان الذي
كنا نصعد منه، وكانت تسقط على مقربة منا. هذا ما يشحن المرء أكثر
وأكثر.
يذكرنا كل انهيار بأن حياتنا تعتمد على حدث لا يمكن توقعه،
وكأنه انحراف في الوجهة. يسبب عدم الثقة هذا شعورا عميقا من القلق.
وكأنك تقف على باب زريبة تحمل بيدك محارم بانتظار أن يخرج منها كينغ
كونغ غاضبا. لقد أفلحنا لحسن الحظ حتى الآن، ولكنا متأكدين من ضرورة
التعايش مع الانهيارات حتى النهاية.
عندما تقرر فتح طريق في غاية الصعوبة عبر جدار معقد تجد أن
المجازفة فيه تصبح أشد خطورة. ولكن هذا هو خيارنا، لقد قررنا العمل على
فتح الطريق وليس على بلوغ القمة،ونفضل علاقة خفيفة على الحفر في الصخر.
نفضل الاعتماد على الخطوات الحرة الخالية من التجهيزات، بدل الاعتماد
الدائم على الحبال الثابتة. وبعد ذلك نستلقي في أرجوحة معلقة على
الجدار كي نستمتع بالغروب. لقد جعلنا من حياتنا رحلة من جبل إلى آخر،
لما نجد فيها من مسرة ما يستحق العناء.
ثبتنا الحبل في أعلى نقطة وصلنا إليها، وبدأنا النزول إلى
القاعدة الأساسية، حيث علينا ترتيب ما تبقى من التسلق. أمضينا عشرة
أيام من العمل على الطريق. وقد تخطينا حتى الآن الثلث الأول من الجبل.
ما زال المناخ في صالحنا، وهو شيء يسعدنا بقدر من يقلقنا أيضا.
هناك شيء واحد يمكن التأكد منه في كاراكوروم، وهو أن المناخ
سيتغير بين لحظة وأخرى، ولكن نحو الأسوأ طبعا. ونحن لا نملك طبعا أي
نفوذ على الغيوم والرياح. لهذا سنستمر في العمل وفق الخطة المحددة. لقد
توصلنا إلى ضرورة تعديل استراتيجية ومنطق التسلق.
نزلنا عبر طبقة الجليد بحالة من الدوار التي تصيب البحارة.
بعد قضاء فترة طويلة من التسلق على العنكبوت ليس من السهل التعود على
المشي كالبشر. عدنا إلى دفئ الخيمة كي نستريح.
جون:
يبدو أننا لم نوفق اليوم.
تمايو:
إنها مشقة صعبة جدا وغير مريحة. والحقيقة من جهة أخرى أننا
لو لم نواجه ذلك الجليد لواجهنا تلك الألواح الرطبة كالتي تحت. يمكن
اختصار ما جرى اليوم بأنه يشكل بذلا للجهود الجسدية التي نحقق من
خلالها بين الحين والآخر ما يرفع المعنويات.
أدولفو:
أي أن المعنويات تحتاج إلى ما يرفعها.
تمايو:
بين الاجتماع والآخر علما أني افتقدها أحيانا بين الصخور.
أدولفو:
من حسن الحظ أ، الثلوج هناك أيضا وإلا لكان كل ما حولنا من
صخور وغبار.
تمايو:
يجب أن نصعد بكل شيء إلى هناك، علنا نصل غدا إلى قاعدة البرج
ونبقى للعيش فيها.
أدولفو:
فعلا وسنرى الأشياء بملامح أخرى، ونتخلص من عقدة الصعود
والنزول الدائمين.
تمايو:
عقدة البغال. لأن كل ما نفعله هو التحميل وليس التسلق،
وخصوصا في طرقات منيعة تعمها الرطومة والثلوج والجليد الذي يتكسر
ويسقط.
أدولفو:
كما أني تعرضت لإصابتين حتى الآن، ألم تسمعني حين صفرت لك؟
تمايو:
كنت أعيش لحظات من الخوف تحول دون أن أسمع شيئا.
معلق:
غدا سيكون يوم الانتقال في برج أمين الصغير. سننتقل من
الطابق الأرضي إلى الطابق الخامس. ولن نعاود النزول حتى نهاية المغامرة
أيا كان مصيرها.
هنا يكمن أسلوب الكبسولة الذي اخترناه لتسلق أمين براك.
جون:
نبتعد عن الأرض ولا نعود إليها إلا لأسباب قاهرة أو بعد أن
نبلغ القمة وتنتهي المغامرة. وما المشكلة في ذلك؟ المشكلة هي أننا لا
نستطيع التراجع في حال بروز الخطأ. هناك محاولة واحدة، إنها إمكانية
محددة.
معلق:
نحن على ثقة بأننا نراهن بالكثير عبر هذا النوع من التسلق.
ولكن العيش في عدم الثقة والتقرب من حد المستحيل هي عوامل تضاف إلى هذه
التجربة، حيث نعيش أحاسيس الاكتشاف والبحث عن حدودنا الذاتية.
مرة أخرى ستكون الثلوج التي سقطت في صالحنا. بفضل هذه الثلوج
لن نضطر إلى حمل ليترات بعد أخرى من المياه التي سنحتاج إليها خلال
باقي الرحلة. سنستغل تشققات وأخاديد الصخور كحاويات طبيعية حيث نخزن
السائل الضروري. ولكننا لن نجد إلا الثلوج، أما باقي الثلاثمائة كيلو
غرام من المواد فيجب أن نحملها معنا.
فوق إحدى هذه الرفوف التي تقع على مسافة ستمائة مت من بداية
التسلق، قررنا إقامة المخيم على الجانب الشمال شرقي من أمين براك.
تؤكد الزاوية المشحونة بالصخور والجليد إلى جانبنا، أننا
أحسنا في اختيار مكان الانتقال.
يتطلب التركيب كثيرا من التركيز. يجب التأكد من ثبات كل شيء،
بدءا من زجاجة الماء حتى المطرقة، ذلك أننا لن نعوض خسارة أي شيء نفقده
هنا. وما زال أمامنا جدار بكامله.
انتظرنا حلول الليل بفارغ الصبر، بعد ما أصاب العقل من تعب
لكثرة أسباب القلق وعدم اليقين، وما أصاب الجسد من إرهاق. سنشعل ثلاثة
قناديل خجولة تعلن أننا هنا. ما زال أمامنا أيام كثيرة من العمل الشاق.
بعد أن تعشينا بطاطا للأطفال، سوف نذهب للنوم على قطعة من القماش علقت
على مئات الأمتار من الأرض. الانهيارات، والقلق، والحجارة الطائرة،
كلها تهدد أحلامنا.
هل يمكن أن نحلم بحياة أفضل؟ --------------------انتهت.
إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2014م