|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
التحدي
معلق:
سنقدم لكم اليوم مغامرة أسطورية، ذلك أن أسطورة تسببت
بولادتها ونشأتها. إنه سباق بين دراجة هوائية ومظلة نارية يقلد خرافة
الأرنب والسلحفاة التي كتبتها لافونتان. ولدت الفكرة داخل فريقنا، كما
تطورت بمساهمة الجميع إلى أن تحولت إلى الحلقة التي ستشاهدونها الآن.
أما المكان الذي سيتم في السباق فكان سهل الاختيار. الأندلس.
على اعتبار أننا بعد التجوال في أرجاء العالم رأينا من غير الممكن ألا
نعد برنامج وثائقي يستعرض هذا المزيج الرائع من المناظر الخلابة
والثقافات، التي لا نكاد نصدق بعد أننا لم نجل فيه من قبل حتى الآن.
وهكذا تبين الأندلس من جميع وجهات النظر، هي المكان المناسب
للتمتع بهذه المغامرة الأسطورية.
=-=-=-=-=-=-
معلق:
إنها خرافة في صورة استلهمت من قصة جان دي لا فونتان، التي تحدثت
فيها عن سلحفاة وأرنب اتفقا على الخوض في سباق بينهما.
فلنبدأ إذا على الطريقة التقليدية لسرد الحكايات القديمة..
كان يا ما كان..
لاوري:
مرحبا خوانما، كيف حالك؟ هل تحب المظلات؟
خوانما:
إنها قديمة جدا.
لاوري:
بل جميلة جدا.
خوانما:
أشد ما يعجبني في الواقع هو الملاحة الجوية، أو التحليق في
الهواء.
لاوري:
طبعا التحليق والملاحة.. عادة ما نسير في المظلة مع الريح،
ولكن هذا في الواقع مدهش جدا.
خوانما:
لا بد أنها مظلة رائعة، ولكن إن كانت تأخذك مع اتجاه الريح
فهذا يعني أني أستطيع التغلب عليك في دراجتي.
لاوري:
أي حديث هذا لدي آلة آخذها حيثما شئت وسوف ترى ذلك.
خوانما:
هل أنت واثق من أنك تستطيع التغلب على دراجتي؟
لاوري:
تخيل أني مستعد جدا لدرجة أني كنت أحضر للقيام برحلة في أيام
العطلة القادمة. يمكن أن نتأكد من ذلك إن شئت. هل أنت في إجازة؟
خوانما:
نعم، لدي أسبوع واحد.
لاوري:
صحيح؟ لماذا لا نتسابق وجها لوجه كي نرى من يصل أولا؟
خوانما:
حسنا تعجبني فكرة وجها لوجه.
معلق:
وهكذا تراهنا واتفقا على نقطة سباق مشتركة. أما على ماذا فلا
يهم، ولا أهمية أيضا لشخصية الحكم في هذه اللعبة. فنحن مثل لافونتين
نعتبر أن ليس لهذه التفاصيل أهمية. المهم أن لدينا متسابقان مستعدان
للخوض في متعة التحدي.
لاوريانو كاسادو في المظلة وخصمه جان منويل مونتيرو على الدراجة
الجبلية أصبحا على وشك الانطلاق. رأس غاتا. من هذه النقطة الواقعة إلى
أقصى الشرق من شواطئ ألميرينسي، اختار الطرفان الانطلاق في اتجاه
الشمس.
سيقطعان تسعمائة كيلومتر وسط شبه الجزيرة عبر مجاهل الأندلس.
تم الاتفاق على قلة من القوانين، باستثناء الممرات الإجبارية.
سيعتمد كل منهما على نفسه في العثور على طريقه الخاص. على
خوانما أن يختار الطرق والمنعطفات المناسبة ليتقدم بسرعة. وعلى
لاوريانو أن يحدد الطريق المناسب له أيضا. ففي السماء مناطق لا يمكن
عبورها كال سي تي آر، وهي أماكن يمنع فيها مرور المظلات.
على الطرفان أن يبحثا عن نقطة الانطلاق بالقرب من منارة
غاتا.
لا بريق المنارة ولا نور القمر سينفع أي من الصديقان في
معرفة وجهتهما. كلاهما يجهل كل شيء عشية بدء السباق.
لاوري:
أنظر إلى ضوء القمر.
خوانما:
وما علاقة ذلك بالأمر؟
لاوري:
أحيانا ما يكون محاطا بهالة من حوله، أما الآن فهي ليست
هناك.
خوانما:
تخنق أشعة الشمس أنفاس ضوء المنارة. حان وقت انطلاق البطلين
معا، شرط أن تكون الأحوال الجوية في صالح لاوريانو.
لاوري:
لا يمكن أن أخرج هكذا. فالطقس سيئ جدا والرياح عاصفة، أي أنك
اليوم ستتغلب علي.
خوانما:
يجب أن أنتهز الفرصة لأنك عندما يتحسن الطقس ستعوض كل ما
فاتك من فرص.
إلى اللقاء في ساغريس.
معلق:
أي أن السلحفاة قد انطلقت، بخطواتها البطيئة، تبذل كل ما
لديها من جهد لتعجل ببطئ. وهكذا كما يرد في قصة لافونتان، يسارع صديقنا
على عجلاته فوق الرمال والصخور عل شواطئ ألميرينس، ليتخطى كل المساحات
التي أمامه، بينما يتمنع لاوريانو عن الانطلاق. إذا انتهز هذا الفرص
بكاملها سيتمكن من بلوغ رأس سان فيسيتنتي أولا.
لاوريانو يعرف أيضا بأن فرصته الوحيدة في النصر تكمن في
انطلاقه في الهواء. نظرا إلى أن الساعات تتلاشى دون أن يتغير شيئا، قرر
البحث عن مكان أنسب نحو الشمال ليتمكن من الانطلاق غدا.
كان اليوم الأول من السباق في صالح خوانما، الذي استطاع عبور
أكثر من مائة كيلو متر على الطرقات وفي الوعر، ما يجعله أشد قسوة.
أشد ما يبعث به الحماس هو التأكد من أن هذه المسافة بكاملها تفصل بينه
وبين لاوريانو ومظلته. منشغلا بهذه الأفكار دخل خوانما إلى ألبولودوي،
وهي بلدة جميلة تقع في ألبوخارا على شواطئ ألميرينسي. ما زالت آثار
الحضارة العربية بارزة هنا عبر طريقة بناء المنازل وسبل العمران على
اختلافها، كما هو حال مستوعب الماء هذا الذي ما زال حتى اليوم رغم
القرون الماضية يؤدي الوظيفة نفسها.
صباح اليوم التالي، وبعد قضاء يوم كامل من الانتظار رغم
التأكد من أن الدراجة أصبحت على مسافة بعيدة جدا، قرر لاوريانو التحليق
في السماء على متن المظلة، لتبدأ بذلك المسابقة الحقيقية.
وجه لاوريانو مظلته في صحراء تابرناس نحو الغرب، وهكذا تنطلق
المظلة. يركب منطاده وكأنه يمتطي جوادا على طريقة بلدان الغرب البعيد
ويسعى إلى مغامرة وتحديات في مواجهة رجل يركب الدراجة ويقبل التحدي.
على خلاف التقدم الذي يفترض أن يحرزه لاوريانو حين يضطر
للانطلاق بالمحرك، يجد نفسه في مواجهة عدد من العقبات. تفترض شروط
التحليق بالمظلة أن تتمكن الموجات الحارة التي تنتج عن التسخين على
الأرض من جعله يطير بضع ساعات في اليوم الواحد فقط.
ولكن لا شك أنه يستطيع التحليق بسرعة أربعين كيلو مترا في
الساعة إذا كانت الظروف مواتية.
عندما أصبح لاوريانو في الفضاء أدرك خوانما أن التقدم الذي
أحرزه أصبح في خطر. المبنى الصلب لقلعة لاكالاورا، يؤكد له بأنه أصبح
بالقرب من مدينة غواديس الغرناطية.
لقد عبرا ثلاث مسافة السباق. ورغم جميع التوقعات ما زالت
الغلبة لصالح خوانما.
أضعفت القمم العالية من جبال نيفادا خوانما في طريقه عبر
محافظة غرناطة.
دخل صديقنا إلى غواديس عبر حي سنتياغو الفريد، الذي يتألف من
ألفي مغارة مسكونة منذ العصور العربية.
يعبر لاوريانو السهول التي تحميها وتغذيها جبال نيفادا. وكما
يفعل القرصان اسبرونسيدا، انطلق فاتحا شراعه كاملا للريح، الذي أخره
يوما كاملا، ليقف الآن إلى جانبه، ليجعله يعبر أحيانا سبعون كيلو مترا
في الساعة.
لا يمكن لخوانما أن يعتمد على مثل هذه المساعدة، فهو بالكاد
يستطيع الاستراحة مستغلا بعض المنحدرات، لينطلق مسرعا وهو يخاطر حتى
بالسقوط، في محاولة منه لزيادة المسافة التي تفصل بينه وبين خصمه.
نحن الآن في الصيف وحرارة الشمس تسطع بشدة. عثور راكب
الدراجة على بركة ماء في هذه الظروف أشبه بعثور الكوندي مونتي كريستو
على حامضة. ينتهز خوانما الفرصة لتخزين الماء فما زالت أمامه عدة ساعات
من المسير.
مع ذلك ونتيجة درجات السخونة انتهت ساعات التحليق بالنسبة
للاوريانو اليوم. ولكن على أي حال لديه ما يكفي من الأسباب لشعور
بالارتياح، بعد أن اختصر جديا المسافة التي تفصله عن خوانما. علما أنه
ما زال يشك في قدرته على التحليق غدا.
ثم بزغ فجر آخر من سوء حظ السلحفاة المسكينة، بعد أن أمضت
الليل رافعة قدميها إلى أعلى محاولة عدم التفكير بما ينتظرها في اليوم
التالي. وهكذا انطلق خوانما في السير ثانية. توجه عبر شوارع البلدة
التي منحته دفعا في السعي إلى مرحلة جديدة. وهو يأمل على الأقل عبور
مائة كيلو متر أخرى على الطرقات المعبدة والوعرة.
بزغ الفجر مناسبا للاوريانو الذي أخذ يحلق فوق السهول الخصبة
وقنوات الري. ولا بد أن يتمكن اليوم من عبور المسافة التي سبقه فيها
خوانما خلال الأيام الماضية إن لم تنشأ أمامه أي مشكلة.
تعرف السلحفاة ذلك جيدا، لهذا تنطلق بكل ما لديها من قوة.
يستخدم خوانما كل براعته على الدرجة ويتصبب عرقا ويعاود الشرب حتى
يقترن التفكير لديه بالعمل، وتترافق حركة ساقيه مع إيقاع تنفسه أثناء
اندفاعه.
تخطى خوانما قلعة لاريال، دون أن يسمع بعد صوت المحركات
الآلية.
ليس من السهل تحديد الوجهة وسط سهول الزيتون التي لا تنتهي
في محافظة جان. كما أن الخرائط هنا ليست حديثة كما يجب.
مشكلة العثور على الطريق المختصر والأنسب هنا هو الأشد صعوبة
على خوانما. لأن أي خطأ في التقدير قد يعني تأيره عدة ساعات من الجهد
على الدراجة، سيعرف لاوريانو كيف يستغلها.
يمنح السماء لمن يسافر في الجو نظرة نموذجية للكشف عن وجهته،
دون أن تزعجه الجغرافيا.
تعتمد الملاحة الجوية على البوصلة تماما كما في البحر. وهناك
سبل أحدث اليوم كالجي بي إس التي اعتمدها حتى أصبح على مشارف قلعة
ريال. عليه أن يتوقع الآن آثار خصمه الذي مر من هنا منذ بعض الوقت.
أخذ النهار ينحسر بسرعة كبيرة كما تنحسر المسافة الفاصلة بين
المتسابقين.
يخاف خوانما وهو يعبر بساتين الزيتون أن يسمع بين الحين
والآخر أصوات المراوح تزأر فوق رأسه تعلن تعقب لاوريانو له.
مع ذلك على هذا الأخير أن يؤجل مطاردته لبضع دقائق على
الأقل. لقد نفذ الخزان من الوقود، وعليه التوقف للتعبئة والاستمرار لأن
الظروف المناخية تساعده على التحليق لساعات أخرى. أما محرك خوانما فهو
أبسط بكثير، ما يمكن من تعبئته دون توقف.
بعد أن حمل ما يلزمه من طاقة الوقود والفكر، انطلق من جديد
مستعدا لاستغلال الهدنة التي منحتها له الأحوال الجوية. فهو يشعر بأن
هذه الجولة قد تكون حاسمة بين المتسابقين.
وسط صحراء الزيتون الخضراء، التقى خوانما بواحة على شكل
نداوة.
ولكن هذا اللقاء لا يبعث السرور في راكب الدراجة، لأن الأرض
الموحلة تبتلع وتعيق عجلاته وتوهن قواه. كما تجبره على السير على
أقدامه. سمع خوانما ضجيج غريب عن هذه الأماكن لا يريد سماعه. كاد يبلغ
اليأس وأقدامه تغوص في الوحل حين مر المنطاد من فوق رأسه بسرعة هائلة.
عند المغيب تمكن خوانما أخيرا من الخروج إلى اليابسة، وقد مضى على عدم
سماعه صوت المحرك وقت طويل.
خوانما:
كيف حالك؟ رأيتك من مسافة بعيدة.
لاوري:
كيف حالك خوانما؟ كيف كانت رحلتك؟
خوانما:
جيدة بل رائعة ولكني متعب.
لاوري:
وأنا أيا، كان تحليقا يتطلب المناورة.
خوانما:
كم عبرت اليوم؟
لاوري:
مائة وعشرون كيلومترا ولكن وسط رياح شديدة.
خوانما:
يا إلهي يجب أن أبذل جهدا كبيرا لبلوغك.
لاوري:
حسنا حان وقت العشاء والاستراحة.
خوانما:
يجب ان آكل شيئا على الفور.
معلق:
كان على الأرنب أن يقوم بأربع قفزات فقط، أعني هنا القفزات
التي يقوم بها عندما تطارده الكلاب قبل أن تتمكن منه لسوء الحظ وتجعله
يعض على التراب والحديد. هذا ما يرد في أسطورة لافونتين، وهذا ما يحاول
لاوريانو أن يقنع فيه خصمه.
ما بدأ بمجرد دعابة مسلية تحول الآن إلى تحد ومغامرة حقيقية
شبيهة جدا بما عشنا معا في إنجاز هذا البرنامج.
انطلقا اليوم في نفس الوقت ومن نفس المكان لأول مرة منذ بدء
السباق. يمكن لخوانما أن يقدر عن قرب حقيقة الفرص المتاحة أمامه
للفوز. من الواضح أن نتيجة هذا التقدير لا تلهب الحماس في صدور المشاة.
من المحتمل جدا أن يموت على الدراجة، إن لم يأخذ بالاعتبار حقيقة أن
المسابق الجوي قد يتخطاه بأسبوع كامل.
توقف لاوريانو ثانية لحاجته الماسة للوقود. ولكنه سيتوقف بضع
دقائق فقط. وقد حالفه الحظ أن توقف بالقرب من إحدى محطات الوقود. ملامح
عامل المحطة توحي بأن قلة من الزبائن كهذا ينزلون عليه من السماء.
توقف لاوريانو هذا منح خوانما فرصة للتفكير بالفرص المتاحة أمامه.
أي أن المتسابقان ما زالا متحمسان جدا، علىاعتبار أنه ما زال
أمامهما مسافات طويلة يمكن أ، يحدث فيها كل شيء. كما أنهما يتقاسمان
قوة هائلة، هي التحديات الشخصية التي قبل بها كل منهما، والتي تقودهما
اليوم إلى شوارع إشبيليا، وهي النقطة التي اتفق على أن تكون ممر إجباري
في السباق.
على مقربة من وادي الكبير وبرج الذهب كشواهد محددة، يعاود
الرفيقان اللقاء ثانية وهما متشوقان لمنافسة مدنية أهل بأفضل الأفلام
الجاسوسية.
عندما عبروا الوادي الكبير من جسر تريانا، أضطر لاوريانو من
تغيير وجهته، والقيام بالتفاف واسع بما يحول دون مساسه بمنطقة الحركة
الجوية لإشبيليا، التي أقيمت لتفادي حوادث الطيران الذي يستخدم مطار
المدينة.
ترك خوانما إشبيليا وراءه منذ فترة طويلة وأخذ الآن يغوص
عميقا في الغابات المحيطة بمنتجع روسيو. ولكنه يعرف بأن وحدته في
العبور منفردا لن تدوم طويلا. وهذا ما حدث فعلا عندما ظهر المنطاد في
السماء فجأة، ليؤكد أنه ما زال يتعقبه عن قرب.
انتهى بذلك ثلثي مرحلة السباق، ما يعني أن التعب أخذ ينال من
المتسابقين معا. أصبح الهدف النهائي لرأس سان فيسينتي يقترب منهما أكثر
وأكثر، وهما يستمران هما على تعادل نسبي. بينما شعر المتسابق الأرضي أن
المنطاد قد يفوز في السباق، على اعتبار أن الدوافع الآلية أشد قوة
وسرعة من ساقيه المتعبين.
ولكن الأجواء قررت وضع العصي في طريق المنطاد والوقوف إلى
جانب الدراجة. تملك الضباب من مرتفعات دونيانا ما حال دون انطلاقة
لاوريانو.
فسارع خوانما لوضع مزيد من الكيلومترات بينهما.
وصل خوانما راكبا دراجته إلى منطقة أيامونتي، حيث تقع الحدود
بين اسبانيا والبرتغال والتي يرسمها نهر غواديانا.
خوانما:
أعطني تذكرة إلى البرتغال.
موظف:
مائة وخمسة وعشرون بيسيتا.
معلق:
رغم المعجزات الحقيقية التي قامت بها الدراجة الجبلية خلال
الأيام الماضية، إلا أنها ما زالت تستطيع المشي على سطح الماء.
لم يعد أمامه إلا البحث عن حليف يساعده في بلوغ الأراضي
البرتغالية عبر مياه نهر غواديانا الجارفة.
قرر لاوريانو الانطلاق ولو أن الضباب لم يزل بالكامل بعد. أي
أنه سيحاول المخاطرة بالتحليق وسط انعدام الرؤية.
ولكن ليس أمامه خيارا آخر إن كان يريد الحصول على فرصة ما
لبلوغ رأس سان فيسينتي أولا. أخذ الشعور بمرور المساحة والزمن يتملك
معنويات كلا المتسابقين. التعب المتراكم منذ عدة أيام لعبور مئات
الكيلومترات، كلها تجتمع في أحاسيس خوانما كي توحي بأن هذا هو أطول
أيام التاريخ البشري. وأن الكيلومتر الواحد في البرتغال يزيد عن الألف
متر، وأنه إن أراد الوصول أولا عليه اليوم عبور أكثر من مائتي كيلومتر.
مع ذلك، بدا الأمر مختلف جدا على متن المظلة. أخذت الدقائق
تختفي بينما شعر كليهما أن أفق الهدف النهائي يبعد أكثر فأكثر عن
رغباتهما.
يعي كلاهما جيدا بأنه على مسافة بضعة كيلومترات. هذه هي
المرحلة الحاسمة التي سيتقرر فيها كل شيء. لم يعد هناك فرص أخرى، وليس
هناك جولة أخرى لتعويض الخسارة ومعالجة الأخطاء.
سادت العزلة التي تميز اللحظات العصيبة على الأرض، جميع
المناطق التي يتقدمان بها، ليصبح كل منهما أقرب إلى الآخر. إنهما الآن
في أقصى الجنوب. يقول ساراماغو أن العالم كان يتناحر هنا في هذه
الأرجاء. وهي اليوم بالغة الأهمية أيضا لصور أسطورتنا هذه.
ليس بالضرورة أن يصل الأسرع أولا، المهم أن ننطلق في الوقت
المناسب. لدينا أكبر مثال على ذلك في الأرنب والسلحفاة، كما تؤكد
لافونتينو في خلاصة قصتها.
لدى أسطورتنا خلاصتها أيضا، ولكن لا علاقة لها بمن يصل أولا.
لقد أثبتت التجارب أن المخيلة هي الأفضل، لأنها المحرك الأشد
مرحا ودفعا للحياة. مغامرة السعي وراء المشاعر لن تخيبنا أبدا لأنها
تعزز مشاعرنا، وعيشنا، وحكمتنا. لأننا عبر آثارها نتحسس شعور الاكتشاف،
والحماس الذي تثيره المغامرة. أي أننا نتعلم ونتفهم أكثر بقليل.
خوانما:
كيف حالك؟ ألست اليوم أفضل؟
لاوري:
بلى ولكن هناك الكثير من الرياح.
خوانما:
وأخيرا وصلنا.
لاوري:
كانت بالنسبة لي تجربة رائعة.
معلق:
هذا هو رأس سان فيسينتي الذي حلم فيه إنريكي البحار بكثير من
الرحلات المدهشة التي غيرت العالم. لهذا نعتبر أنه أفضل مكان لفهم
واستيعاب خلاصة أخرى لأسطورتنا، تقول أن نهاية الرحلة تعني بداية
لأخرى. يجب أن نرى ما لم نره، واتباع طرقات جديدة. يجب أن نبدأ الرحلة
من جديد. باستمرار.
الرحلة لا تنتهي أبدا. --------------------انتهت.
إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2014م