اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 جبل النور
 

جبل النور

 

معلق:

           أبطال هذا الوثائقي قليلون جدا: إنهم ثلاثة رجال وجبل واحد. يرد في قصة تكررت ألف مرة أن مجموعة متسلقين حاولوا بلوغ إحدى القمم. لا شيء جديد هنا، ومع ذلك فهي قصة جديدة، فريدة وأصيلة. أما السبب في ذلك فهو أن للجبل عدة ملامح، كما تتعدد مشاعر من يقتربون إليها بهدف بلوغ القمة. أحاسيس هؤلاء الأشخاص ومعاناتهم ومتاعهم أثناء المحاولة، لن تتكرر أبدا بالطريقة نفسها. وهكذا سنقدم لكم اليوم مغامرة لن تتكرر من تسلق جبال النور.

          الشخصية الأولى لهذه القصة هو الرجل العالق في جدار كاراكوروم. لقد دفعنا تفاؤلنا للاعتقاد بأننا سنجد الوقت لتسلق برج أمين الصغير. ومن بعده قمة أعلى.

          لم نخطئ التقدير هنا عن جهل بل عن سذاجة، ذلك أن قلة من الناس أمثالنا عانت من التقلب المفاجئ في مناخ كاراكوروم. هي السبب في أن خوسي كارلوس تامايو، أحد أكفأ زملائنا في تسلق الجبال، يشعر الآن بأنه سجين.

          حين علق على ارتفاع ألف متر عن الأرض أدرك بأن هذه القمة القريبة، بدأت تتلاشى من بين يديه. كاحتمال أن تصل في الموعد المحدد مع صديقين ينتظرانك على مقربة من هنا في غاشيربروم، أو جبال النور.

          البطل الآخر لهذه القصة هو رامون بورتيا، الذي يعاني من الارتباك والحيرة. لا شك أنه مندهش جدا لجمال هذا المكان ولكن أيضا لأنه وصل إلى مكان الموعد قبل رفيقه.

          سيستمتع لأول مرة في حياته بتحضير كل ما يلزم لبدء رحلة صعود إلى القمة، حالما ينضم خوس كارلوس إلى المجموعة. هناك شيء ما يصعب توقعه في هذا المكان.

          لا شك أن هناك شاهد ثالث على هذه المغامرة.  هناك شاب من تافالا يفكر في القيام بعمل جنوني يستحق منا العناية والاهتمام. خوسي رامون أوسكريس، أو شيستو، يريد الارتباط في رياضتين خطيرتين بحد ذاتهما، وهما تسلق الجبال والتزلج في الوعر.

          هذه أول زيارة له إلى همالايا، كما أنه يمضي أولى أيامه هنا على ارتفاع خمسة آلاف متر، كما يجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع هذه المرتفعات.

رجل:

          ما رأيك بالهمالايا؟

شيستو:

          إنها مدهشة.

رامون:

          أخبره بأنك لن تعود إلى هنا أبدا.

شيستو:

          لن أعود إلى هنا أبدا.

رامون:

          أخبره بأنك عانيت الكثير.

شيستو:

          وكأنه كابوس.

معلق:

          اكتشفنا منذ أيام الكفاءة والحنكة لدى صديقنا، ومدى إتقانه التزلج في مكان ما من كاراكوروم يعتبر غريبا لهذه القضايا.

          لم يتمكن صديقنا كريم الذي يعتاد الصمت والحذر، من التردد في التعليق على موضوع صحتنا العقلية التي أخذت كما يقول تشهد تراجعا مع مرور الزمن.

          لا يمكن أن نتجاهل ما قاله كريم بالكامل، والحقيقة أن لكل شيء سبب. منذ بضعة أسابيع وأثناء الهبوط من الإندو، رأينا سلسلة من المنحدرات الرملية الناعمة المدهشة التي انتهت عند النهر. أما الباقي فهو من صنع الخيال.

          إن كان هناك من يحب الانطلاق في منحدرات بارتفاع ألف وخمسمائة متر من الجليد والثلج، لا يمكنه مقاومة هذا التقليد الكبير للرمال، يكمن الفارق الأكبر في أنه إذا وقع خطأ ما لن يرتطم بصلابة جليد غاشيربروم الثاني بل بمياه نهر إندو العنيفة. إنها مواساة ضعيفة.

          ولكن صديقنا لا يلين بسهولة، فهو يؤكد شخصيا بأن أبناء تافالا على درجة عالية من التعقل والحكمة.

          إنه أول اتصال له في عالم المعادن. كما سبق أن حصل مع هواة الزوارق أثناء نزول أنهر الشمال في الباكستان، وجد المتزلج نفسه أمام منحدر كبير يتطلب كل التركيز، إلى جانب احتمال أن ينتهي به الأمر في مياه إندو. كما أنه يواجه مشاكل أخرى أقل وضوحا، كما هو حال تأثير المرتفعات أو رداة الفعل الغير متوقعة لألواح المزلاج في أجواء مختلفة كهذه.

          تجربة هذا المنزلق علمت خوسي رامون قوة التحدي الذي ينوي القيام به. الهبوط من على ارتفاع ثلاثة آلاف متر يتطلب منه جهد جسدي هائل.

          السؤال الذي يطرحه عل نفسه هو ماذا سيحدث في جدار من الجليد أكبر بستة مرات وعلى ارتفاع ثمانية آلاف متر؟ حيث الكفاءة الجسدية، والتركيز وردات الفعل أقل بكثير، إنها مراهنة تشوبها المجازفة فعلا.

          وقد جاءوا إلى سفح جبل النور لحل هذه المعضلة. وقد حسما الأمر بأن يجربا، علما أنهما على ثقة من صعوبة الأمر.

          استغل رامون كل الفرص المتوفرة كي يطلق العنان لما في داخله من خبرات وتجارب متراكمة.

رامون:

          أتذكر بعثة عام ستة وثمانون، عندما كنا أكثر شبابا، نحلم بالتسلق والصعود. ما زلت وسأبقى نادما إلى الأبد لأني لم أنزل معي تلك الدمية التي وجدتها في القمة. علما أن مجموعة واحدة سبق أن صعدت إلى هناك قبل ثمانية وعشرين عاما، أي تحديد يوم مولدي. يبدو أن اليابانيون الذين صعدوا إلى تلك القمة أخذوا معهم دمية.

          إنها خطوط جليدية رائعة وكأنها تصعد إلى السماء. لم تكن سهلة لأننا تسلقناها بدون حبال أو غيرها، علما أن الأرضية كانت حساسة جدا.  ولكن بعد مرور الزمن أنظر إلى تلك السنوات لأجد بأن أشد ما يثير الدهشة في تلك القصة هو قفزة غيرمو، الذي حلق من على ارتفاع سبعة آلاف متر.

معلق:

          قبل سبع سنوات قمنا كمجموعة من سبع أصدقاء بمراهنة هامة في شوغوليسا، وهي واحدة من أروع جبال كاراكوروم. بعد صعود أربعين كيلومترا نحو نتوء بارز وحساس جدا، قام صديقنا غيرمو دي لا تورري، بالقفز في الفراغ من على ارتفاع سبعة آلاف متر. كانت هذه واحدة من أشد المغامرات خطورة شاهدناها على الإطلاق.

          وتحولت مع الزمن إلى جانبا من التجارب التي تطبع في الذاكرة فلا ينال الزمن منها أو النسيان.

          ولكن الخروج في بعثات مع المجربين القدامى يعاني بعض الثغرات.

رامون:

          سأتولى تنظيم كل شيء، ليحمل تسيستو كل الأثقال.

تسيستو:

          من قال لك ذلك؟

صوت:

          على الشبان تحميل ما يلزم أليس كذلك؟

رامون:

          عليه أن يفعل كل شيء، أما أنا فسأكتفي بإعطاء التوجيهات اللازمة. وسأنتهز الفرصة حتى يصل خوسي كارلوس الذي سيصبح هو المسؤول ونحول نحن الاثنان إلى حمالين وعمال نتلقى الأوامر من خوسي كارلوس.

معلق:

          لم يتردد المتسلقان في بدء عملية التعود البطيئة والضرورية، وينقلون اللوازم إلى منطقة غاشيربروم الجليدية حيث يفكران بنصب أول مخيم لهما. يتمتع هذا المخيم بأهمية فريدة في نوع التسلق الذي سيقومون به، المتميز بالسرعة والخفة، فهو المخيم المجهز والمستقر الوحيد الذي يفكرون بإقامته.

          كما أن الوصول إلى ستة آلاف متر هو امتحان هام لشستو. على اعتبار أن خوسي كارلوس ورامون لهما سوابق في الوصول إلى علو أكبر من هذا. أما هو فهذه المرة الأولى التي يجد نفسه فيها على علو كهذا. ولكن صديقنا لم يجد الراحة بعد، ويعاني الكثير لبلوغ هذه الدائرة الجليدية المدهشة.

          مع ذلك فإن جهده يستحق العناء، ولو كان للتأمل في الجبال الستة من حولنا. يعتبر إحداها الثاني من حيث الارتفاع وهو غاشيربروم الثاني بعلوه البالغ ثمانية آلاف وخسة وثلاثون مترا. إنه هدفه.

          أما هدف خوسي كارلوس فهو يختلف تماما، لأنه لا يفكر بالصعود إلى القمة بل في الهروب بأي شكل كان.

          بعد إطلاقه كل الصابورة سينطلق خوسي كارلوس إلى  الفراغ، في انحدار له مواصفات الانسحاب بكاملها. الحقيقة أنه استنفذ كل المهل. أحيانا ما تتحول الجبال إلى شرك خطير، ليتحول الهروب حينها إلى ثلثي المراجل والحكمة. ولينجو من يستطيع ذلك.

                   ربما تخلف دارتانيان، ولكن أخيرا أصبح المحاربون الثلاثة هنا. لم يعد هناك إلا أن يمنحهم المناخ المتقلب في كاراكوروم فرصة لغزو قمة تقع على ارتفاع ثمانية آلاف وخمسة وثلاثون مترا.

          رغم أن التجربة الجدية في أمين الصغير جعلته يعاود الشعور بتجلد قديم في أحد الساقين، إلا أن خوسي كارلوس لا يفكر إلا بالصعود إلى غاشيربروم الثاني، بأسرع ما يمكن.

          تعتبر قمة الثمانية آلاف هذه سهلة نسبيا لتوفر المعابر فيها.

          عادة ما تكون الأخطاء الحسابية  في هذه الجبال باهظة الثمن، خصوصا عندما نسعى للقيام بنشاط محدد. هذا ما ندركه تماما، وما تؤكده النهاية المأساوية لإحدى المغامرات التي جرت هنا قبل ثلاثة أعوام.

جوردي بونس:

          هذا الفتى، هنري ألبيرت، الذي كان من مونتبيلر، قال في بالتورو، اسمع جوردي، هل تعتقد أني أستطيع تسلق الثمانية آلاف؟ كان هاجسه تسلق الثمانية آلاف ليقوم بعدها بالانزلاق متزلجا على كتلة الجليد هذه. وقد أجبته بالقول أن لا مشكلة في ذلك.

          بعد أن تزلج على الجدار ولكنه  انزلق بسرعة هائلة وعلى ظهره الحمالة من جهة واللوح من الجهة الأخرى.

معلق:

          هذه الصور الوحشية التي سجلت على كاميرا فيديو منزلية، تعتبر نموذجا عما يمكن أن يصيبنا إذا ارتكبنا أي خطأ. يجب أن نحاول بلوغ تلك القمة التي نستطيع من خلالها مراقبة العالم، ولكن من الجهة التي تتوفر فيها الحياة، ونحن نقيس بحذر شديد كل ما يمكن أن نفعله في كل لحظة. لأننا نخاطر هنا بخسارة الكثير. فالواجب الأول للمغامر في همالايا هو البقاء على قيد الحياة.

          سادت في قاعدتنا الأساسية أجواء إحتفالية.

          لقد عاد صديقانا إنياكي أوتشوا دي أولسا، وخوان توماس بعد ان تمكنا من بلوغ القمة المخفية الأدنى. يمكنهما الآن الاحتفال بالنصر بعد عملية تسلق بالغة الخطورة.

           رغم حاجتهما الماسة للتعافي من الجهود المبذولة، نعرف جميعا بأنهما لن يقاوما الرغبة في بلوغ قمة من ثمانية آلاف متر على طريقة جبال الألب.

          على أي حال الجميع الآن يتحدث عن مواصفات جبال النور. لا يمكن لشخص يتمتع بتجربة خوسي كارلوس إلا أن يثير المسائل الأكثر أهمية.

          وأخيرا حلت ساعتنا، رغم بعض الشك الذي ينتابنا حيال تأقلم صديقنا المتزلج، يجب أن نستغل هذه الفترة من المناخ الجيد التي يقدمها الكاراكوروم، لأنها قد لا تتكرر.

          إذا ما وصلنا إلى الكتلة الجليدية دون أن يكون بحالة جيدة عليه التخلي عن الفكرة.

          وقع انهيار جليدي قلب الجدول الذي اختاره خوسي رامون، لهذا على عملية الهبوط أن تنتظر فرصة أخرى. عاودت صديقنا الشاب عوارض أزمة رؤية، لهذا من الحكمة أن يعود إلى القاعدة الأساسية كي ينتظرنا هناك. الطقس رائع جدا، والجبال خلابة فعلا، ولكن ليس من العدل أن يبقى في أي جبل، عليه التراجع رغم صعوبة القرار. ما زال أمامه جبال كثيرة يمكنه الانزلاق منها. لا بد أن يجد فرصة أخرى، خصوصا وأنه يتخذ اليوم القرار المناسب.

          أما الباقون فلن نتوقف عند الكتلة الجليدية لأن الخطة تكمن في التسلق بأسرع ما يمكن. نريد تبديل أول مخيم لنا على ارتفاع ستة آلاف وخمسمائة متر، لنتمكن في اليوم التالي من بلوغ السبعة آلاف وأربعمائة متر مما يبدو أنه المخيم الرابع، بينما هو الثاني بالنسبة لنا. وبعد ذلك لن يبقى أمامنا إلا الانطلاق نحو القمة الهرمية التي يبلغ ارتفاعها ثمانية آلاف وخمسة  وثلاثون مترا في غاسيربروم الثاني.

          كل شيء واضح من الناحية النظرية، ولكنا نعرف بأن الواقع في هذه الجبال لا يتوافق أبدا مع ما نتوقعه. إلى جانب الاختلاف القائم في ممرات الصعود ندرك أن الإحساس  في التسلق يختلف بين مغامر وآخر.

رامون بورتيا:

          كان تسلق جبل غاشيربروم الثاني جميل جدا، أمضى خلالها خوسي كارلوس أوقاتا ممتعة، أما أنا فبحالة سيئة. تسلقت المسافة كلها وأنا أعاني. يمكن القول أن خوسي كارلوس كان هذه السنة هادئ جدا، خاصة لمعرفته بأنه معي، وأن عليه التصرف بليونة لأني فوضوي جدا. ما يعني أن من واجبي التحسن قليلا، بينما عليه التساهل أيضا، وإلا فلن نصل معا إلى أي مكان.

معلق:

          الحقيقة أن صديقانا تمكنا من التسلق الفني ولكن كل على طريقته. يعرف كل منهما الآخر جيدا ما لا يترك داعيا لأي حديث. طباعهما تختلف جدا، ومع ذلك يكملان بعضهما البعض فيما يخص عشقهما للجبال. تكمن رغبتهما الآن في بلوغ قمة هذا الجبل، من حيث يبزغ نور الصباح، هذا النور الذي تستحم في أعلى وأجمل جبال كاراكوروم.

          تركا وراءهما الدائرة الجليدية المدهشة. يبدوان من الأسفل وكأنهما عناكب تنصب شباكها على الحد القاطع للسكين.

  على الحد الفاصل لحياتنا، من حيث نستطيع مراقبة عالم جذاب وبارد يستحيل مسحه من الذاكرة. هناك نلتقي بالقوة التي تدفعنا إلى أعلى، معلقين بين السماء والطارق.

          ولكنا نعرف أن المأساة في هذا المكان يمكن أن تتجسد بين لحظة وأخرى، وقد تأكد من ذلك  خوسي كارلوس ورامون بأنفسهما منذ عدة أيام، عندما شاركا في المحاولة الفاشلة لإنقاذ مانويل ألفاريس،  من جدران القمة المخفية، التي هي الآن أمامهم. إنهما وجهان لعملة واحدة تنطلق في الهواء دون أن تتوقف عن الدوران.  يعرفان جيدا بأنهما لن يتملكان الجبل بالكامل حتى يعودان إلى القاعدة الأساسية.

          رغم التعب الذي أصابهم بعد عبور ألف وخمسمائة متر من الميول، تمكنا أخيرا من بلوغ منطقة مسطحة لنصب الخيمة فيها. يبدو المكان أشبه بشرفة رائعة يمكن من خلالها التمتع بمناظر الكتل الجليدية الخمس والقمم الستة المحيطة. حتى أنك عن بعد تستطيع رؤية جزء من كشمير، التي تثير حربا طاحنة بين الهند وباكستان.

          تندر المناسبات التي يطل فيها المرء على مناظر خلابة كهذه. كما يمكن أن نرى جدران القمة المخفية، التي تسلقها منذ أيام إنياكي وخوان.

          في اليوم التالي من التسلق استمرا في في الصعود ببطء شديد عبر النتوء.

          عند ذلك انضم متسلق جبال جديد إلى المحاولة بالسرعة القصوى.

          إنه إنياكي الذي تأكد من العمل وشعر بالثقة لوجود رفاقه أمامه، قرر الخروج من القاعدة الأساسية لبلوغ القمة بأسرع ما يمكن.

إنياكي:

          بدأت عملية التسلق بالخروج من القاعدة الأساسية في تمام التاسعة والنصف ليلا، ومتابعة التسلق دون توقف حتى المخيم الرابع الذي يقع على ارتفاع سبعة آلاف وأربعمائة متر، ما يعني عبور ألفين وخمسمائة متر.  استرحت في المخيم الرابع مع رامون وخوسي كارلوس من خمس إلى ست ساعات، وفي اليوم التالي صعدنا إلى القمة خلال ساعات خمس دون عوائق تذكر. كان الجليد صلبا وبدون برد أو عواصف ما ساعدنا على التصوير بارتياح، وهذا ما تمنيناه في الأعالي، كي نأتي بصور جميلة سمح لنا بها ذلك اليوم.

معلق:

          نعم أردنا التصوير كي نتقاسم جمال هذه المناطق الفريدة. إنه مكان يستحق التعب لبلوغه، عناء الثمانية آلاف متر، حيث نتنفس أقل من ثلث كمية الأكسجين المتوفر على مستوى سطح البحر، حيث يبطئ كل شيء بدءا من المشي وانتهاء بحياتنا كلها.

          يتوافق الرفاق الثلاثة كل على طريقته وإيقاعه الخاص في الصعود إلى قمة غاشيربوروم الثاني، التي تبدو قريبة جدا. يعتمد كل منهم على نفسه، علما أن الثلاثة يسعون لبلوغ القمة، وتقاسم بعض المناظر الخلابة.

          يشعر المرء هنا وكأن المخفية الهرمية العملاقة التي صعد إليها إنياكي منذ أيام فقط، هي الشاهد الوحيد على ذلك.

          لم يعد أمامهم سوى تخطي العقبة الأخيرة لبلوغ القمة، وهي منحدر مائل فيه نتوء حاد.

          عبروا الأمتار الأخيرة فوق المساحة والزمن، وعلى حد بعض نقاط المياه المتجمدة، والفضاء من حولهم.

          الحد الذي جرت عنده مغامراتنا وحياتنا هذه المرة هو جبل النور، الذي أعرب اليوم عن عطائه وكرمه. لا نستطيع أكثر من الجلوس والتأمل.

          الأمتار الثمانية آلاف وخمسة وثلاثون من قمة غاشيربروم الثاني أصبحت تحت أقدامنا، وكل شيء من حولنا. لمعان الكاراكوروم الساطع من جهة وبريق صحراء سين جيانغ من الجهة الأخرى.

          في الأعماق تبدو هالة الكاراكورم الثاني وكأنه موجود في كل مكان ولا يسيطر على كاراكوروم فحسب بل وعلى حياتنا أيضا. تنبهنا الآن فقط أن لكل شيء معناه، هذه المعاني التي يتساءل المرء في نفسه عنها طوال الجهود المضنية التي يبذلها.

          ولكن عليه النزول الآن، ذلك أن الصعود هو نصف المهمة، أما على هذا الجبل فلا شك أن الهبوط أشد تعقيدا ومجازفة.

          جميعنا يعرف أننا عندما نعود من إلى القاعدة الأساسية فقط نستطيع أن نقلب الصفحة على جبل النور لنشعر بالاطمئنان، ونستمتع بذاكرة تسلق أكثر من ثمانية آلاف متر.

          سمحت الجبال هذه المرة لرفاقنا بالعودة إلى الوادي كي يخبرونا بالقصة ويتقاسمون معنا روائع قمة جبلية، يتدفق فجرها بالنور.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2014م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster