اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 أمين الصغير2
 

أمين الصغير

 

معلق:

          ثلاثة نقاط ضوء وسط ستار الظلام الحالك، هكذا نبدو من أسفل الجبل في الليل. أما الستار فقد حاكته مخاوفنا وعدم الثقة أثناء التسلق، مع الفجر يتدفق فينا الحماس، ويصبح الحلم مثل الجبل، وكأنه عملاق بلقب الأطفال.

يسطع في الثلج نور جريء  يلغي  كل الأعذار ويقول: حان وقت النهوض والعودة إلى العمل. مع أن إلقاء نظرة على مسافة خمسمائة متر تكفي لتحويل أشد الناس كسلا إلى أفضل العمال. من حولنا إبر حادة من الصخور وهاوية تقشعر لها الأبدان. لا شك أننا في إحدى الوديان الضالة لكاراكوروم.. ولكن لماذا؟

أحسنت سؤالا عزيزي واتسون. تذكرنا أثناء صنع الشاي كل الأسباب التي جاءت بنا إلى هنا.

بدأ كل شيء قبل بضع سنوات. عندما قام أبو محمد، الراعي العجوز من ضيعة قندي، بعرض كتلة هائلة مخفية في أحد الوديان الأقل شهرة لجاره وصديقه القديم إبراهيم.

فأطلق إبراهيم نفسه عليها لقب برج أمين الصغير، على اسم ابنه.

منذ بضع أيام جاء الجد محمد لزيارتنا في القاعدة الأساسية أثناء إحدى رحلات صيده، فاستطعنا أن نتذكر معا تلك الفترة التي شاركنا فيها مع إبراهيم لأول مرة في جمال برج أمين الصغير.

كان إبراهيم يعرف جيدا ما يفعله عندما عرض البرج البتول، الذي لم تشب بشرته شائبة.

هذا طبيعي عزيزي واتسون، ماذا يمكن أن نفعل إلا التوجه لتسلقه.

جون:

إبراهيم من فضلك أخبر الجد محمد بأننا نشكره جدا لأنه جاء بنا إلى هنا كي نرى برج أمين الصغير. فنحن سعداء جدا بهذا التسلق وبهذه المنطقة.

معلق:

          من المحتمل جدا ألا يفهم الجد بعد السبب الذي جعلنا نشكره، فهو على أي حال دلنا على صخرة بلا جدوى. ولكن الجميع يعرف هنا أن هؤلاء الأجانب لا يعرفون قيمة الماعز، ويبددون الوقت في تسلق الجبال، دون دافع آخر سوى معاودة النزول منها.

          نحن سعداء بما حكمت علينا به الفطرة من متعة التجارب القاسية التي لا تمحوها الذاكرة. أمضينا عدة أيام في تسلق برج أمين. لا شك أن إحساس لمس هذه الثقوب رائع جدا، خاصة وأن قلة قليلة من الناس فقط تأملت بها من قبل.

          وضعنا خطة مسيرة تغطي الجانب الشرقي الشمالي لأمين، حتى القمة التي يبلغ ارتفاعها ألف وثلاثمائة متر شبه عمودي لم يتسلقها أحد من قبل. أنت هنا لا تتبع أحد ولا تعتمد على مذكرات أحد في التقدم، بل تفتح بيديك الطريق الذي تختاره بعقلك. صعدنا إل القمة شبرا شبرا، حتى تخطين كل الجدران المستقيمة المنيعة والمجهولة.

اتفقنا نحن الثلاثة الذي شكلنا الفريق على اختيار أسلوب في التسلق يليق بهذا الجبل. لا يمكن أن نهين عظمة وروعة هذه الصخور بضرب الأزاميل فيها دون إشارة أو استئذان.  .  

 وهكذا اتفقنا على أسلوب فيه الكثير من المجازفة، يقلل من احتمالات بلوغ القمة في سبيل مزيد من النظافة والاحترام. يعرف هذا الأسلوب بلقب كبسولة، وهو يعتمد على العيش في الصخرة، وسحب الحبال الثابتة التي تساعدنا نظريا على الانسحاب والتمويل. وهكذا تحولنا برغبة منا إلى غرقى في عالم معدني.

نقطع الحبال بثقة القاعدة الأساسية، كي نعيش معلقين في برج أمين كل الأيام اللازمة لبلوغ القمة. أو كل الوقت الذي نستطيع التحمل فيه إذا ما أفسد شيء ما.

لا ينفع الاعتماد في الجدران الجبلية على الكفاءات الطبيعية التي تقدر عاليا في رياضة التسلق. يتطلب برج أمين الصغير وأشقائه العمالقة الكثير من التقنيات والليونة وإرادة من حديد، والتعود على العيش لعدة أيام في الفراغ بين الصخور، وقدرة التحليل لاتخاذ القرارات المناسبة. باختصار شديد التجارب المتراكمة وبعض المواهب.

يضيف برج أمين الصغير إلى جانب ضخامة وصعوبة الجبال العمودية تعقيد آخر هو العلو. تقع قمة أمين الصغير على ارتفاع ستة آلاف متر. ما يتطلب جهدا كبيرا في مكان يستهلك فيه الجسم نصف الأكسجين المتوفر على سطح البحر.

ولكن أكثر ما يقلقنا هو ما ينزل علينا من الطابق العلوي

كميات كبيرة من الغيوم والضباب المتصاعد من حولنا، مع أطنان من الجليد والصخور التي تتلامس لتوحي برعد كأنه عقوبة سماوية، من حسن الحظ أنه بعيدا عن المنحدر الذي نسلكه.

إلى جانب المصاعب الناجمة عن الارتفاع الحاد والانهيارات الثلجية والبرد القارس والعزلة التامة التي تجعل عمليات الإنقاذ شبه مستحيلة من خارج الجبل، إلى جانب هذا كله تجد عقبات أخرى عديدة تجعل من تسلق أمين بمسالكه محاولة محفوفة بالمخاطر.

تعتبر نشرات الأحوال الجوية من أسباب المجازفة الخطيرة. لا شك أن السرعة هامة في تسلق أي جبل مرتفع، ولكن هذا ينطبق خصوصا على جبل كاراكوروم، حيث يعرف المرء أن العاصفة آتية عاجلا أم آجلا، بقوة أكبر أو أصغر من سابقتها. والمسألة الأشد ثقة وتأكيدا هي أننا نتوق الآن لفنجان من القهوة الساخنة، ومبررا نلجأ فيه إلى الفراش المحمول. عندما تصل العاصفة سنكون قد عبرنا أكبر مسافة ممكنة من الجبل.

عندما تكون محاطا بفضاء ضاغط باستمرار، تصبح الفعالية والتركيز أشد أهمية. يجب أن نزيد الاهتمام بنقل معدات الأمان بسرعة أكبر. لتفادي التعب الذي يؤدي إلى ظروف توتر غير مريحة. ولكن هذا غير ممكن على الدوام، فأحيانا ما يستغرق المرء فترة طويلة في تثبيت وسيلة أمان فاعلية، ولكن على أي حال غالبا ما يسود القلق عندما تدوس مسمارا لا يوحي بالثقة، أوحى صوته ببعض الغرابة.

دفع الإبداع التكنولوجي مستوى التسلق على الصخور الهائلة بنسب ما كانت لتتخيلها طلائع مثل كوميسي وكاسين.

تصميم مواد أقل وزنا تمنح المزيد من الثقة والفعالية يساعد على تخطي الظروف العصيبة التي تميز جبال بتاغونيا أو كاراكوروم، أثناء محاولة تسلقها.

ومع ذلك لا يمكن لأي معدة مهما بلغت من تعقيد وعبقرية، أن تحل محل ليونة المتسلق عندما يتعلق الأمر ببقائه على قيد الحياة.

هناك من قارن هذا النوع من التسلق بلعبة الشطرنج. يبدو أن أمين يقول الآن: شك مات. بعد ثلاثمائة متر من مسطحات الجليد، وستمائة متر من جدار عمودي أمل، نجد أنفسنا أمام نتوء مفاجئ وهائل جدا.

جون:

إنها طريق متنوعة جدا وهذا يعتمد على موسم التسلق. في الختام هناك مرحلة طويلة وصعبة،  تنتهي عند سطح مدهش جدا، ربما كان أشد الأسطح إثارة للدهشة رأيته في مكان بهذا الارتفاع، وتحديدا من حيث الصعوبة وما أثاره من مخاوف وإعجاب لحظة التسلق.

معلق:

          يغادر رجل الريشة ساحة السيرك ليحل محله الآن رجل العنكبوت. إدارة السيرك ترجو من يعانون من أمراض القلب بين المشاهدين أن يحتجبوا عن المشاهدة.

معلق

          تعلق الخوذة في العنق والعينان في سقف الصخرة تبحثان عن مكان تثبت فيها المعدات. يجب أن يتحلى المرء بأقصى حالات اليقظة والحذر، ليحل ألغاز الأحجية التي أمام عينيه، والتي يعتمد عليها مصيره. أحيانا ما يستغرق الأمر ساعة كاملة لتثبيت مسمار جيد يساعدنا على التقدم.

          يعتبر التركيز على المهمات أساسي في هذه الفترة، فهو يساعد على حسن العمل وعدم التفكير في نقاط الضعف الكثيرة. نرى من مكان التجمع  رجل يتقدم بخطوات متوازنة. إنه شبح يبحث عن ثغرة أخرى يثبت فيها مسمار صلب يمنحنا الثقة، وكأنه صديق يضمن مستقبلنا.

          يبعدنا كل مسمار نثبته أكثر عن الجدار ويجعلنا معلقين بكتلة معدنية وحبل نتأرجح بهما في الفضاء.

          إنه جهد مضني، نبذله لمكافحة قوتين هائلتين، هما الجاذبية والرغبة الفطرية في البقاء.

          الجزء الأول منك يدعوك إلى تحليق مدهش ينبئ بنهاية لا تحمد عقباها.

          بينما يهمس الجزء الثاني في أذنك شتائم لتصنيفك الثقافي وقلة نضوجك الفكري الذي يحول دون أن تحكم العقل وتستقر بعيدا عن هذه المشاكل.

          بعد أن تسلقنا فوق تلك السطوح الصخرية، وجدنا أنفسنا فوق سجادة نستطيع أن ندوسها مطمئنين لأن كل شيء على ما يرام. حيث عادت الصخور إلى تحت أقدامنا والسماء من فوق رؤوسنا، وأصبحنا على مسافة  أقرب إلى القمة.

          قررنا إقامة مخيمنا الثاني هنا على الجدار الشمال شرقي من أمين. استغلينا أنوار الغروب الأخيرة لتثبيت الحبال التي سنستعملها للصعود صباح اليوم التالي. وبعد ذلك سوف ننزلق عليها نحو الأرجوحة سعيا لاستراحة تحتاجها العظام وتطلبها بإصرار وعناد.

          غدا علينا الانتقال ثانية. سنعاود فك الخيم وترتيب الحقائب وإحكامها وتأمين ونقل ثلاثمائة كيلو غرام من المواد في عملية تنكب معنويات أي كان، إلا إذا أدرك بأنه يقترب من الهدف أكثر فأكثر.

          أمضينا طوال اليوم في المخيم الثاني على ارتفاع خمسة آلاف وأربعمائة متر. شد الرحال هي المهمة التي تستنفذ الجزء الأكبر من الوقت والطاقة. وهي مزعجة جدا لدرجة أننا على شعرنا بالفرح والسرور لمجرد التفكير بالبهجة التي قد يثيرها رمي الأكياس من أعلى ورؤيتها ترتطم بالأرض.

          نحن على ثقة من أن تخطي أنظمة الأسطح سيضمن لنا عبور السواد الأعظم من العقبات التي أمامنا.

          ولكننا لن نستسلم لكل هذا التفاؤل. ما يزال أمامنا خمسمائة متر من السلالم المجهولة والمشابهة بالتسعمائة التي تخطيناها حتى الآن. علما أن المصاعب ستكون أقل. ما زال أمامنا عدة أيام أخرى، يمكن أن يحدث فيها كل شيء. كهبوب العاصفة مثلا.

          استيقظنا على مفاجأة غير سارة تغطي الأكياس. هذه الثلوج التي سقطت أثناء الليل، والغيوم المتلبدة التي تضرب القمم، تخلف وراءها ذيولا من الظلال والبرد، وكأنها تحمل أنباء سيئة.

          هذا التغيير المفاجئ في المناخ يقلقنا رغم التوقعات. ولكن علينا أن نستمر طالما استطعنا ذلك. كنا نعرف أننا سنتسلق وسط المناخ السيء منذ مجيئنا في بعثة تستغرق عدة أيام في كاراكوروم.

          سبق للمتسلق البريطاني أليستر كراولي، أن كتب عام ألف وتسعمائة واثنان يقول أن الطقس كان كالمعتاد، أي سيء جدا.

          علما أنه كان يعرف الكثير عن المساوئ، إذ وصفته بعض الصحف بأسوأ رعايا جلالته، حتى قيل أنه على صلات بالشياطين وبالسحر الأسود. أصبح كراولي جزءا من تاريخ التسلق المتواضع. وذلك لمغامرة حاول فيها إقناع رفيق له بالاستمرار في تسلق الكيلو الثاني وهو يوجه المسدس إلى رأسه. أي غرابة في من ينكبون على تسلق الجبال!!

          من حسن الحظ أن أي منا لا يحتاج إلى مساعدة من هذا النوع لمتابعة العمل. يكفي نذير هبوب العاصفة لدفعنا في الصعود إلى أعلى نقطة ممكنة قبل أن نجبر على اللجوء إلى الفراش.

          أخذت السماء توحي وكأنها تلامس نهاية الجدار. بينما بدأت العاصفة تؤكد استيلائها على الوديان. بذلنا جهودا أكبر لتخطي آخر العقبات مع اقترابنا من القمة، أما الهدف من ذلك فهو أن نجد بعد مرور العاصفة ما يكفي من الطعام والطاقة اللازمة لمتابعة العمل لبلوغ القمة والهبوط منها دون مشاكل تذكر.

          تزيد الأحوال الجوية الجديدة من قسوة العمل بما لم نتوقعه. أصبحت ملامسة الصخر شبه جليدية، كما يترك الضباب آثار أنفاسه على برج أمين الصغير، فتعبق في الأخاديد والثقوب الجليدية. يعني ذلك أيضا زيادة احتمالات الانهيار الثلجي.  هبطت الحرارة إلى مستويات منخفضة تلفح العضلات وتجبرنا على ارتداء المزيد من الملابس التي تعيق حرية الحركة.

نفذنا المهمات بصمت شديد، ولا نتفوه إلا بما هو من ضرورات العمل، ونحن نفكر بالجهود التي بذلت للوصول إلى هنا، وبمجاهل ما ينتظرنا في المستقبل. فكرنا بالجبال التي علينا أن نتسلقها بعد، وأخطاء كأن نتعلق بالجدران ونترك أقدامنا طليقة في الفضاء، على مسافة عشرة آلاف كيلومتر من الوطن،  نبحث عن مجموعة صخور نتسلقها.

جون:

خلال يومين أو ثلاثة أيام أخرى استطعنا تسلق مائة وخمسون مترا أخرى فوق المخيم. بعد نصب الخيم على مسافة مائة وخمسون مترا، سحبنا كل المعدات اللازمة لمتابعة التسلق، بما في ذلك الكاميرات والأشياء الأخرى. أخذ المناخ يزداد سوءا، حتى بلغنا لحظة نعجز فيها عن مغادرة الخيم.

معلق:

أمضينا أول يوم من الراحة الإجبارية عن استحقاق، بعد عمل دام ثمانية عشر يوما دون توقف. قضينا ثمانية أيام منها دون النزول عن الصخور.

أي أننا نحتاج إلى الراحة، ولكن ليس لمدة طويلة.

كلما رفعنا رؤوسنا ووجدنا كل شيء على ما هو نزداد قلقا. يتضاعف الإحساس في أننا أسرى لدى العاصفة أكثر وأكثر مع رؤية أطنان الجليد تعبر ثقوب وأخاديد الجدران الصخرية. تتثاقل كميات الجليد والثلوج فوق برج أمين الصغير. لم نعد أمام رياح تتوالى الواحدة منها بعد الأخرى، بل هي عواصف جارفة لكل ما يمكن أن تجده في طريقها. بما في ذلك فراشنا وحتى أجسامنا النحيلة.

يعزز هذا الجمود الإجباري مشكلة المؤن الغذائية. كل وجبة نتناولها دون الصعود ولو لسنتيمتر واحد تبعدنا أكثر وأكثر عن القمة، على اعتبار أن المؤن هي التي تحدد الفترة التي نستطيع فيها الاستمرار في التسلق.

أدولفو:

          كان واضحا، أنظر إلى مخزون الطعام لترى بأنها لا تكفي كي نتمكن من تحمل الأيام الباقية لتخطي الأمتار الثلاثمائة الباقية، ومن بعدها الهبوط. لا بد لنا من إنزال المعدات واللوازم بعدها وهي كثيرة جدا. أي أن الطعام هو الذي يحدد الخطى هنا. إنها مسألة حسابية إن لم يكن الطعام كافيا لا يمكنك الاستمرار أكثر.

معلق:

بعد تسعة أيام من العاصفة الشديدة، أصبحنا الثلاثة نعرف بأن القمة لم تعد في الأعالي بل على الأرض. هنا تحولت تحديات أمين إلى القدرة على العودة إلى البيت بسلام وعافية. بعد أن حبسنا طوال هذه الفترة ضعفت قوانا تماما كما قلت المؤن.

تامايو:

          من تمايو إلى القاعدة هل تسمعني بدل؟

القاعدة:

          نعم أسمعك بوضوح تام كيف الحال في الأعالي؟ علما أننا نرى أحوالكم من هنا ولا داعي لأن تخبرني بالكثير بدل.

تامايو:

          الحال هنا لا ينبئ بالتحسن بل هو من  سيء إلى أسوأ. هل سمعتم عبر الإذاعة ما سيكون عليه المناخ بعد أيام؟ بدل.

القاعدة:

          نعم لقد سمع إبراهيم نشرة الأخبار المحلية التي تؤكد اقتراب عاصفة شديدة.

تامايو:

          يبدو أن الوضع هنا سيئ جدا، مضت تسعة أيام على سوء المناخ، لم نخرج خلال خمسة منها من الخيمة، كما أن احتياطي المؤن الرئيسية بدأ ينفذ منا. لهذا علينا أن نحاول الهبوط غدا بأي طريقة كان.  لا نستطيع الانتظار أكثر وإذا ما استمر الأمر على هذا الحال عدة أيام أخرى سنجد أنفسنا في حالة لن نجد فيها القوة ولا الطعام ولا أي شيء آخر. لهذا أرى أن نحاول الهبوط غدا، حتى حينها أرجو أن تبقي الجهاز مفتوحا طوال اليوم حتى نخرج من هنا بأي ثمن كان، لا داعي للقلق. إلى اللقاء بدل. مع تحياتي لكما معا تشاو.

معلق:

          الضجيج الذي يثيره كيس المؤن وهو يرتطم بجدران القاعدة ليس بأفضل حافز لبدء انسحاب قريب جدا من حدود اليأس.

          أخذنا وسط الجوع الشديد والتعب والبرد القارس نتأرجح على الحبال والرياح الغاضبة تتقاذفنا وتضربنا بعرض الحائط. إذ فكر المرء عميقا بحياة الكائن البشري يجد أنها على هذا النحو. نمتاز عن باقي الكائنات في القدرة على تعقيد حياتنا، لهذا تجد من يتزوج من شخص لا يناسبه، ومن يشتري دراجة لا تنفعه، ومن يتسلق جبلا قد يحطمه.

          يتتبع أبو محمد مغامراتنا من على الأرض، بانتباه شديد فهمناه فيما بعد. لا شك أنه قلق على مصير أصدقائه الأجانب. رغم أنه لا يعرف ماذا أضعنا بين هذه الوديان التي يزرعون فيها البطاطا. ولكنه يهتم بما بقي معلقا في الجدران. بعد أيام من مسيرتنا خرجت مجموعة من صيادي الضيعة تشبع المسامير رميا بالرصاص لإسقاط المؤن التي تركناها مهجورة هناك.

          المهم بالنسبة لنا عودتنا إلى الأرض، وأننا نجونا من الشرك. يتقطع ارتشاف الشاي بالأيمان المعظمة في أن لا نعود إلى هذا الجبل ثانية، على الإطلاق، أبدا،

ربما في العام المقبل..

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2014م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster