|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
أقلام تحت الشمس
11
والحقيقة أن في الفترة التي سعى
فيها
المرابون اليهود لتفكيك الإمبراطورية العثمانية، كان العرب
فيها أمة واحده، وكانت معظم مناطقهم تتمتع بإستقلال
محلي. كما عاشت الجزيرة العربية وبلاد الشام
بشبه إستقرار سياسي
لمده 400 عام في
ظل السلطنة العثمانية.
وكان
السلطان العثماني يمثل جميع المسلمين في العالم بصفته خليفتهم.
ولعل ما قامت به جمعية تركيا الفتاة من إنقلاب على السلطان عبد
الحميد أنهى هذه الحالة الفريدة من حياة المسلمين. وهذا ما
أكده السلطان عبد الحميد في مذكراته، التي كتب فيها الآتي:"
لابد للتاريخ أن يفصح يوما عن ماهية الذين سموا أنفسهم الأتراك
الشبان، أو تركيا
الفتاة وعن ماسونيتهم. إستطعت أن أعرف من تحقيقاتي أن كلهم
تقريب من الماسون، وأنهم منتسبون إلى المحفل الماسوني
الإنجليزي. وكانوا يتلقون
مساعدة مادية من هذا المحفل، ولابد للتاريخ أن يفصح عن هذه
المساعدات وهل كانت
معونات إنسانية أم
سياسية". وكانت جمعية تركيا الفتاة قد تأسست عام 1865م في
مدينة سيلانيك التركية ذات الأغلبية اليهودية (يهود الدونمه).
بحيث قام مجموعة من ستة أفراد بعقد إجتماع سري إتفق فيه على
تأسيس جمعية للشباب التركي على
غرار جمعية الماسونية الإيطالية العسكرية الكاربوناري أو
إيطاليا الفتاة. وأطلق على هذا التجمع الشبابي المنضوي تحت
لواء جمعية الكاربوناري التركي اسم تركيا الفتاة. حيث دعت هذه
المنظمة إلى إصلاح الدولة العثمانية من منظور غربي
علماني، وهو نفس منطق الإصلاح الذي دعت إليه جمعية مصر الفتاة
بقيادة جمال الدين الأفغاني وبعض الشباب اليهودي المصري.
وتلاقت أفكار تركيا الفتاة مع أفكار دعاة الإصلاح، وخصوصا رئيس
الوزراء التركي الماسوني مدحت باشا، كما تلاقت أفكار مصر
الفتاة مع أفكار رئيس الوزراء المصري الماسوني رياض باشا.
والتي نادت بقيام النظام الدستوري،
والقضاء على الإقطاع، والتحرر من السيطرة الأجنبية. وعلى ذلك إستقدمت حكومة رياض باشا في
عهد الخديوي
اسماعيل جمال الدين الأفغاني إلى مصر، بهدف نشر الماسونية التي
كان يؤمن بها الخديوي إسماعيل ورئيس وزرائه. وهذا ما أكده
الدكتور محمد حسين في كتابه(الإسلام والحضارة الغربية- ص-65):"
أنشأ الأفغاني في الإسكندرية، جمعية
مصر الفتاة، ولم
يكن فيها مصري حقيقي واحد، وإنما كان أغلب أعضائها من شباب
اليهود، كانت هذه
الجمعية سرية وكان لها صحيفة تنطق بإسمها هي صحيفة مصر
الفتاة". كما أكده
كذلك تلميذ الأفغاني محمد عبده في كتابه أسباب الحوادث
العرابية:" ويظهر أنهم كانوا من الأتراك النازحين، لأنه معروفًا أن الأتراك
المعادين لسياسة السلطان عبد الحميد كانوا يهربون إلى مصر".
تأسست هذه الجمعية في الإسكندرية، وأصبح لها فروع في
مختلف المدن
المصرية. ويعلق الدكتور محمد حسين على
التشابه بين تركيا
الفتاة التركية ومصر الفتاة المصرية فيقول:" هذا التشابه بين
الجمعيتين وبين الأهداف
الثورية لكل منهما، مع الإتفاق الزمني، لأن مؤسس تركيا الفتاة على
ما هو معروف هو
مدحت باشا المعاصر
للثورة العرابية، يوحي بوجود صلة، ويؤيد وجود هذه الصلة أن
عددًا
كبيرًا من أعضاء الحزبين التركي والمصري كانوا من الماسون".
وهكذا أسقطت جمعية تركيا الفتاة المُشكلة من يهود الدونمه،
والمنتمية إلى المحافل الماسونية التي أسسها المرابون في
سيلانيك حكم السلاطين العثمانيين، الذين رفضوا الهجرة اليهودية
الى فلسطين. كما ساهم فرعها الثاني مصر الفتاة في إستقدام
القوات البريطانية تمهيدا لسقوط مصر في أيدى مدعي بني إسرائيل
الروح، الذين سيحملون مدعي بني إسرائيل الدم الى فلسطين.وأبتدأ
كل ذلك مع عملية شراء المرابين اليهود لأسهم مصر في قناة
السويس. وتعود قصة شراء هذه الأسهم، إلى الحفل الكبير الذي
أقامه الخديوي إسماعيل (حفييد محمد علي) بمناسبة إتمام حفر
قناة السويس عام 1869. هذا الحفل الذي دعيّ إليه ستمائة من
زعماء وسياسين وفنانين ومرابين وأصحاب مصارف من جميع دول
العالم. كما دُعيّ إليه خمسمائة من أمهر الطهاة والخدم من
فرنسا وإيطاليا. ولأجل هذا الإحتفال أنشأ الخديوي إسماعيل
طريقاً من القاهرة إلى أهرامات
الجيزة. وقد بين المؤرخون أن طريقة الخديوي في الإنفاق على هذا
الحفل وعلى غيره من المناسبات الخاصة به كانت تجري بشكل جنوني
وغير مدروس، بحيث لم يراعي الخديوي فيها الوضع الإقتصادي
المتردي في مصر الذي هو وعائلته من سببه. وهذا ما جعله يقع
فريسة سهلة في يد المرابين اليهود الذين كانوا يتحينون الفرص
لإصطياده بقروضهم. وخصوصا بعد أن تم توريطه أكثر في المحافل
الماسونية، بمساعدة رئيس حكومته رياض باشا الذي إستقدم جمال
الدين الأفغاني إلى مصر، بهدف نشر الماسونية وإصطياد علماء
الأزهر الذين ما زالوا يقفون في خندق الممانعة لعملية النهضة
المزعومة. ومن أجل ذلك دفعت حكومة رياض باشا للأفغاني مرتبا شهريا مقداره ألف
قرش، وكان هذا المرتب الذي يدفع لعالم دين حينها عاليا جدا،
كما تولى رياض باشا
رعايته، وأعّد له سكنا في حارة اليهود حيث يستطيع إنشاء
جمعياته السرية. وقد إستطاع الأفغاني بفضل هذه الرعاية
وبمساعدة السفارة البريطانيّة في القاهرة، من إعادة تنظيم
الماسونيّة الاسكتلنديّة ومحافل الشرق الأعظم، التي ضم إليها
عددا
كبيرا من أصحاب
النفوذ في مصر،
منهم العلماء والأدباء والمفكرين والزعماء السياسيين. ليبدأ بعدها
بتنظيم شبكة من العملاء من عدّة بلدان إسلاميّة، وتجهيز مصر
إلى مرحلة جديدة يكون للمرابين اليهود الكلمة الأولى فيها.
وعلى ذلك قام الخديوي إسماعيل بفتح الوظائف الحكومية أمام
اليهود الذين أخذت أسمائهم تلمع في الساحة المصرية بفضل طروحات
الأفغاني التي تبنوها وروجوا لها في صحفهم ومجلاتهم. وخصوصا
بعد أن وعده المرابين اليهود بتقديم القروض التي يحتاجها في
عمليات الإنفاق الشخصية. تاركين للجهاز الإداري حوله وللمصارف
التي يديرها اليهود، تحديد قيمة الفائدة على قروض الخديوي
لإرهاق الإقتصاد المصري أكثر، وإعطاء الفرصة الأمثل للأفغاني
ومجموعة لتحضير الشارع المصري للثورة. لذلك جُعل من الفائدة
على هذه القروض المصرية ترتفع بشكل غير منطقي، لتصل إلى27 %
بعد أن كانت 7%. ويعود سبب هذا الإرتفاع إلى التكاليف الإضافية
التي فرضها سماسرة الجهاز الإداري بالتعاون مع المصارف
اليهودية على قروض الخديوي. فمثلا من أصل قرض وقع عليه الخديوي
في عام 1873 كان قيمته 32 مليون، لم يصل الخزينة المصرية منه
سوى 11 مليون جنيه نقدا، و 9.7 جنيه مليون جنيه كانت بمثابة
سندات. وقد أحصى بعض الماليين مقدار ما تسلمته الخزينة المصرية
في عهد الخديوي إسماعيل بهذه الطريقة اللصوصية والمقصودة
مبلغاً يساوي 54 مليوناً جنيه، من أصل قروض كانت قيمتها
الرسمية 96 مليوناً جنيه. وهكذا تفاقمت ديون مصر لصالح
المرابين اليهود، كما تزايدت عليها قيمة الفائدة العالية، مما
أدى إلى إفلاس الخزينة المصرية في أوائل عام 1876م. بحيث لم
يعد عند المصريين شيئا يدفعونه كضرائب إلى الخزينة إلا جوعهم
وما تبقى من أرضهم. وهكذا نجح المرابين اليهود في تجهيز
الأرضية الملائمة لثورة عرابي(التي سنشرحها بالتفصيل في مقالة
لاحقة). كما نجحوا في فتح أبواب مصر أمام القادمين من يهود
روسيا للإستيطان في فلسطين. وفي سبيل ذلك تم إنشاء العديد من
المصارف الربوية في مصر، وأصدروا العديد من الصحف والمجلات
التي ساهمت في تضليل المصريين ونشر إعلانات الهجرة إلى فلسطين،
ليتم من خلال ذلك تهجير اليهود الذين وصلوا مصر إلى فلسطين،
بتمويلات من الأموال التي كان يسرقها المرابين اليهود من جيوب
المصريين. وقد تمكن اليهود في هذه الفترة من إصدار أول صحيفة
ناطقه بالعامية سنة 1877، إمتلكها
اليهودي يعقوب صنوع أحد كبار أصدقاء جمال الدين الأفغاني وأحمد
عرابي، والذي أطلق على صحيفته إسم (أبو
نظارة)، التي لعبت
مع غيرها من الصحف والمجلات التي كان يديرها اليهود دوراً مهما
في ثورة عرابي. كما أنشأ المرابون اليهود هيئة مراقبة مالية
على الخزينة المصرية، لتنظيم سداد مصر لديونها التي بلغت واحد
وتسعون مليون جنيه. وعينوا وزراء يهود داخل الحكومة المصرية
ليتولوا بنفسهم تشريع الآليات الجديدة التي تمكنهم من الحصول
على ضرائب إضافية من جيوب المصريين الخاوية. لينتهي الأمر
بالمرابين اليهود للمطالبة بضرورة فرض وصاية مالية كاملة على
مصر، بعد أن تهاوى الإقتصاد المصري أمام أطماعهم وجشعهم. ولما
لم يعد لدى الخديوي إسماعيل نقوداً يصرفها على مناسباته
وحفلاته الجنونية، عرض أسهم مصر في قناة السويس البالغة 176602
سهم للبيع. لتشترى هذه الأسهم من قبل عائلة روتشيلد بمبلغ
هزيل، لم يبلغ سوى أربعة مليون جنيه، والغريب أن هذا المبلغ
كان أقل من المبلغ الذي صرفه الخديوي في حفل إفتتاح قناة
السويس، كما يكاد هذا المبلغ أن يصل إلى نسبة ثلث قيمة الفوائد
التي حصلت عليها عائلة روتشيلد من قرض 32 مليون جنيه سابق
الذكر. وهكذا إتصل رئيس الوزراء البريطاني دزرائيلي سرا ً
بـعائلة روتشيلد، عارضاً عليهم تمويل شراء أسهم مصر في قناة
السويس. وتمت الصفقة رغم معارضة مجلس العموم البريطاني عليها.
وطبقا لما سجل في محضر مناقشات مجلس العموم البريطاني (المجلد
الثالث من صفحة
652- 661 -21\2\1876)، فإن وزير
الخزانة البريطاني
طلب من المجلس العموم، إعتماد الصفقة وتخصيص المبلغ اللازم،
وإضافة
العمولة المستحقة عليها بنسبة 15% لعائلة روتشيلد. متذرعا بأن
الخزانة البريطانية لا تستطيع
تدبير وتقديم
المبلغ المطلوب لهذه الصفقة سرا، وبالسرعة الكافية دون أن
ينفضح أمرها. والأغرب من كل ذلك أن يدعي رئيس الوزراء
البريطاني بنيامين
ديزرائيلي في
أجتماع حكومته بأنه ممثل عائلة روتشيلد ومتحدثا بإسمها. ليعلن
أن العائلة جاهزة لإقراض الحكومة البريطانية هذا المبلغ نقداً.
وتجهيزه في
ظرف أربعة وعشرون
ساعة كي تنقله الباخرة البريطانية بليموث إلى خديوي مصر. وفي
هذا المجال من حقنا أن نسأل، هل لعبت الصدفة لعبتها مرة
ثانية، ليكون بليموث إسم المدينة الأولى التي أسس عليها مدعي
بني إسرائيل الروح مدينتهم فوق أراض الهنود الحمر، هونفس إسم
للسفينة التي نقلت أموال إرتهان مصر لمدعي بني إسرائيل الدم؟.
وهكذا تحدث
ديزرائيلي
متسائلا في مجلس
العموم البريطاني بخبث:" هل يتصور الأعضاء المحترمون أن المستر
روتشيلد
أو غيره من الأغنياء يحتفظ تحت يده نقدا بمبلغ كبير
من الذهب يوازي المطلوب لشراء حصة النصف في شركة قناة السويس؟".
ثم رد على
تساؤله قائلا:" بالطبع لا يوجد مثل هذا الرجل، لا
روتشيلد
ولا
غيره". والذي جرى
أن عائلة
روتشيلد،
إضطرت إلى بيع
كميات كبيرة من أوراقها المالية، وفعلت ذلك بسرية وهدوء حتى لا تنخفض
أسعار هذه الأوراق. وزعم ديزرائيلي أن عائلة روتشيلد تعرضت لخسائر
كبيرة في سبيل تقديم المبلغ للحكومة، لتتولى دفعه في موعده للخديوي
إسماعيل. كان حينها وزير
الخزانة البريطانية ستافورد نورثكوت قد عرض مشروع القرار على
الحكومة للنقاش، وعندما
إحتدم النقاش، وقف
رئيس الوزراء البريطاني دزرائيلي بنفسه يرد على تساؤلات
وإعتراضات عدد من أعضاء المجلس، الذين إنتقدوا إتمام هذه الصفقة من
خلال عائلة روتشيلد،
متسائلين عن سبب
الإستعانة بهذه العائلة. وركز الكثير من الأعضاء سخطهم على حجم العمولة
التي ستحصل عليها هذه العائلة، مما يجعلها بعد سنوات هيّ المالك
الفعلىّ لقناة السويس.
وكان بعضهم يرى
أن قناة السويس
مشروع فرنسي لا يصح لبريطانيا أن تشارك فيه. لكن رئيس الوزراء
دزرائيلي قال في مذكراته، إن هذا الرأي كان منذ البداية يعبر عن قصر
نظر لا يغتفر
للمسؤولين عنه حينها، لأن قناة السويس أقرب طريق إلى المستعمرات في
الهند. وعلى بريطانيا
أن تعوض الآن ما
فاتها بشراء حصة تُقارب النصف في شركة قناة السويس وهي حصة
مصر. كان بعض أعضاء مجلس العموم يتخوف من أن شركة قناة السويس اشترطت
لكى تعطي حصة
لخديوي مصر. أن تكون أسهمه صامتة ليس لها حق في التصويت في مجلس إدارة
الشركة. الأمر الذي سيسقط هذه الشروط بشكل آلي على الحكومة
البريطانية التيسوف تشتري نصيب مصر في قناة السويس. ورد
دزرائيلي على تخوف أعضاء مجلس العموم، بالآتي:" الأعضاء المحترمين
الذين أشاروا إلى أن الحصة
المصرية صامتة ينسون أنها عندما تصبح في يد الحكومة البرطانية فإنها
سوف
تكتسب بالضرورة
مقدرة على النطق، وبالتالي على حق التصويت". وهكذا وضعت عائلة روتشيلد
أياديها القذرتين على مصر تخرب فيها كما تشاء. وتأسس فيها أحزاب مختلفة
التوجهات، وتنشأ في فلسطين المستعمرات العديدة، وتغذي ما أصطلح على
تسميته نهضة الشرق. وبعد أن إستنفذ الخديوي إسماعيل وأصبح عبئاً ثقيلا
على المرابين. قام ديزرائيلي بالإتصال برئيس الحكومة العثمانية
الماسوني حينها لإصدار فرمان بعزله في 26\6\1879م. وتعيين مكانه
الماسوني محمد توفيق خديوي على مصر. فكان الخديوي الجديد يشغل منصب
الإستاذ الأعظم للمحفل الماسوني الوطني المصري الأكبر. كما كان نائبه
وزير العدل المصري حسين فخري. وبهذا الثنائي إطمأن المرابين أن خططهم
في إفساد المصريين لا يخشى عليها. فإنتشرت في عهد الخديوي محمد توفيق
المحافل الماسونية بشكل واسع، بعد أن أدخلت معظم النخب المصرية من
أمثال الشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا (كما سنتابع لاحقاً) في صفوفها،
ليتخلى الخديوي توفيق عن
رئاسة المحفل بعد ذلك، ويسلمها إلى الماسوني النشيط إدريس بك راغب.
وتظهر الصورتين أعلاه الخديوي توفيق، وإدريس بك راغب بالزيّ الماسوني. --------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2013م