|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
أقلام تحت الشمس
8
بعد أن تعرفنا على حقيقة حركة
النهضة التي أطلقها مارتن لوثر في الغرب المسيحي،
دعنا نبحث في حقيقة حركة النهضة التي أطلقها جمال الدين
الأفغاني وتلامذته في الشرق الإسلامي.
بعيدا عن ما أرخته مراكز الابحاث وغيرها من المؤسسات التي درست
وبحثت في مرحلة مهمة من حياة الأمة. حيث شهدت هذه المرحلة
ولادة التيارات القومية والوطنية والإسلامية. وأفرزت الكثير من
العائلات التي ارتبط وجودها كحكام مع نجاح المشروع الإستعماري،
هذا المشروع بحسب ما أثبتنا سابقا بأنه كان مشروعا بإمتياز
لصالح المرابين اليهود. كما أفرزت هذه المرحلة أئمة وقيادات
وطنية وإسلامية تأثرت بفكر الأفغاني وتلامذته، وساهمت في تشكيل
وعيّ جديد داخل الأمة، متواصلا مع مشوار التغريب الذي قاده
رفاعة الطهطاوي منذ أكثر من قرن ونصف، وما زالت آثاره تلاحق
الأمة بنكبات مستمرة وعلى كافة الأصعدة دون إنقطاع إلى يومنا
الحاضر. إما بطريقة مباشرة من خلال المساهمة الفعلية لرجال
النهضة بتحديد خطوط الوعي الذي أورثوه للأجيال اللاحقة، أو
بطريقة غير مباشرة من خلال ما أورثته هذه العملية من أحزاب
مختلفة، وقيادات تسلقت على نضالات الأمة. كما إتبثق في هذه
المرحلة مفاهيم وأيديولوجيات بعثت من رحم الفلسفات الإسقاطية
التي غزت اوروبا. لتغير إتجاه بوصلة الصراع، من إتجاهه الطبيعي
ضد الهمجية (التوراتية) ومخططاتها العدوانية، إلى صراع متحالف
مع هذه الهمجية وضد الموروث الثقافي لهذه الأمة.
كما
تتطابقت هذه المرحلة مع تلك المرحلة التي تكالب فيها المرابين اليهود
لتنفيذ مشروعهم (التوراتي) في فلسطين، والقاضي بتدمير السلطنة
العثمانية التي كانت تمثل حينها الخلافة الإسلامية، ليتم سلخ القسم
العربي عنها. تمهيدا لإخضاع هذا القسم إلى إتفاقية سايكس بيكو، ليتم
تقسيمه إلى كيانات عربية يزرع الكيان الصهيوني داخلها. ولتهيأ بعد ذلك
الظروف الملائمة لولادة جامعة الدول العربية التي سيناط بها تسليم
فلسطين إلى العصابات الصهيونية. لكن ما يواجهنا في بداية البحث عن
حقيقة الأفغاني، هو إقرار الأفغاني بالإنضمام إلى المحافل الماسونية،
بعد إنفضاح أمر الوثيقة المكتوبة بخط يده، والتي يقول فيها:" يقول مدرس
العلوم الفلسفية بمصر المحروسة جمال الدين الكابلي والذي مضى من عمره
سبعة وثلاثون سنة، بأنني أرجو من إخوان الصفاء وأستدعي من خلان الوفاء،
أعني أرباب المجمع المقدس الماسون، والذي هو عن الخلل والزلل مصون، أن
يمنوا عليَ، ويتفضلوا إليَ بقبولي في ذلك المنتدى المفتخر. ولكم
الفضل". وهذه الوثيقة مؤكده ومنشوره في الكثير من المراجع وموجودة على
الكثير من صفحات التواصل الإجتماعي. ولم ينفيها أحدا من المدافعين عن
الأفغاني. ولا اريد الآن أن اناقش ما يعنيه الأفغاني في هذا النص، أو
ما يوضحه هذا النص من حقيقة المعتقد الذي كان يؤمن به، لأن ذلك سيأتي
مكانه لاحقا. لكن ما إستوقفني بعد هذا الإقرار، هو محاولة بعض العلماء
والكتاب والباحثين الإسلاميين المتأثرين بحركة النهضة والتحديث، من
محاولة تبرير هذا الإعتراف الموثق. للقول أن الرجل لم يكن مضطلعا على
حقيقة الماسونية وأهدافها حين إنضم إليها. والغريب أن نجد أحزاب
إسلامية إلى يومنا هذا مازالت تسير على نهج الأفغاني، ومازال مفكريها
وعلماؤها يرددون نفس هذا التبرير، الذي ينطبق عليه القول المؤثور: عذر
أقبح من ذنب. لكن لو سلمنا جدلا بمصداقية هذا الإفتراض التبريري. فذلك
لا يعطي منطق حماية لعالِم شهد له معاصريه بالذكاء الحاد، وسعة الحيلة،
وإتساع المعرفة.
وشغل
العالم العربي والإسلامي في مرحلة مهمة من تاريخها في طروحاته
الفلسفية، التي أوجدت حالة جدلية بين علماء الأمة. وخصوصا إذا ما علمنا
أن من تلامذة الأفغاني كان مفتي مصر حينها محمد عبده، الذي نال وسام
الصدف والبلح (الماسوني) من الملحق الثقافي الأمريكي في المحفل
الماسوني اللبناني (محمد رشيد رضا - تاريخ الاستاذ الامام - جـ1-46).
وأحمد عرابي قائد أهم ثورة مصرية، فتحت الطريق لعدة ثورات حدثت في
العالم العربي وسارت على نهج عرابي. والذي عقد في بيته في باب اللوق
بتاريخ 4\4\1906م، أخطرمؤتمر تبشيري ضد الإسلام، بقيادة أخطر شخصية
(توراتية) لعبت دور مهم في تنصير المسلمين، وإفساد عقيدتهم.
وهو القسيس صموئيل زويمر
الذي إقتحم الأزهر الشريف بمساعدة تلامذة الأفغاني، ووزع منشورا
عنوانه: لماذا لا نرجع إلى القبلة القديمة. وهو الذي
قال في مؤتمر القدس سنة 1935م، مخاطبا المبشرين في العالم الإسلامي
بالتالي:" إن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في
البلاد المحمدية، ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا
هداية لهم وتكريماً. وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح
مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد
عليها الأمم في حياتها، ولذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح
الإستعماري في الممالك الإسلامية"(جذور البلاء للأستاذ عبدالله التل –
ص-275 ). كما كان من تلامذته سعد زغلول مؤسس أول حزب وطني في مصر، كان
فاتحة لتأسيس مجموعة كبيرة من الأحزاب والحركات والمنظمات الوطنية
العربية. والذي منح لقب الأستاذ الأعظم الفخري للمحفل الأكبر الوطني
المصري. وهو من دعا نساء مصر المشاركات في مظاهرة 30\3\1919م، إلى نزع
الحجاب وحرقه في ميدان رمسيس، وعلى أثر ذلك سميّ هذا الميدان بميدان
التحرير (المقصود تحرير المرأة من لبس الحجاب، وليس تحريرا لمصر من
الإستعمار).
وهو من قام بالفعل في نزع أول حجاب، عندما دخل على نساء محجبات في
سرادقهن، لتستقبله هدى
شعراوي بحجابها، فَمَدَ يده إلى حجابها وهو يضحك، لينتزعه عن وجهها
تبعاً لخطة معينة كان متفقا عليها. فصفقت هدى
شعراوي
وصفقت النساء، وبهذا الهتك المهين نزعن جميع الحاضرات الحجاب. ومن ذلك
اليوم أسفر قسم كبير من نساء مصر
إستجابة
لدعوة رجل الوطنية سعد زغلول. والجدير بالذكر أن هدى شعراوي هيّ إبنة
الخائن محمد سلطان أول رئيس لمجلس النواب المصري أثناء حكم الخديوي
توفيق. والذي أجمع المؤرخين على أنه رافق القوات البريطانية أثناء
إحتلالها لمصر مع محمد بك الشواربي، وعبد
الشهيد بطرس أفندي، وعبد السلام بك المويلجي الذي يعد من كبار تلامذة
الأفغاني. كما قام محمد سلطان بتكليف علي
يوسف خنفس
لوضع مخطط يوقع فيه الجيش المصري في حصار مميت، الأمر الذي ساعد القوات
البريطانية للإلتفاف حول الجيش المصري في موقعة كفر الدوار، وقتل
الآلاف من الجنود والضباط المصريين.
كما
قام محمد سلطان بتكليف الأميرالاي عبد
الرحمن حسن
لتغيير مواقع الحرس المصري عند التل الكبير، سامحاً بذلك للقوات
البريطانية التقدم بإتجاه القاهرة (الثورة العرابية والاحتلال
الانجليزي - تأليف المؤرخ
المصري- عبد الرحمن الرافعي). ونستطيع القول أن هناك الكثير من تلامذة
الأفغاني ممن عملوا بدراية تامة، وبإرتباط كامل مع المخابرات
البريطانية (سنكشف حقيقتها لاحقا) على أن تكون النهضة المقصودة، هيّ
نهضة في إتجاه الهمجية (التوراتية). الأمر الذي يسقط التبرير الداعي عن
جهل الأفغاني بحقيقة الماسونية. وينحى بنا إلى الإعتقاد بأن الأفغاني
إنتسب للماسونية عن دراية وإيمان بها. وما يؤكد هذا الإعتقاد، هو ترقي
الأفغاني في السلم الماسوني حتى وصوله إلى رئاسة محفل كوكب الشرق
الماسوني. كما
جاء في رسالة المحفل المرسلة من
كاتب سر المحفل نقولا سكروج، والتي ورد فيها الآتي:"
لوج كوكب
الشرق
،نمرة 1255
في القاهرة بمصر و7 جنايو 1878\5878 (الأول بحسب التقويم الميلادي،
والثاني بحسب التقويم التوراتي) إلى الأخ جمال الدين المحترم.
إنه
لمعلوم لديكم بأن في جلسة 28
الماضي، وبأغلبية الآراء صار إنتخابكم رئيس محترم لهذا
اللوج لهذا
العام، ولذا قد نهنيكم ونهني ذواتنا على هذا الحظ العظيم، وعن أمر
الرئيس محترم الحالي أدعو إخوتكم للحضور يوم الجمعة القادم 11 الجاري
الساعة 2 عربي
بعد الغروب إلى محفل هذا اللوج،
لأجل استلامكم القادوم بعد إتمام ما يجب من التكريز
الاعتيادي،
ثم سيصير يوم الخميس 10 الجاري الساعة 6 أفرنجي مساء تكريز رئيس محترم
لوج كونكورديه، فالرجاء حضوركم في اليوم المذكور للاشتراك في الأشغال،
وفي الحالتين
ملابسكم تكون سوداء، ورباطة
الرقبة والكفوف بيضاء، واقبلوا منا العناق الأخوي.
كاتب سر.
نقولا سكروج. كما أن هذه الوثيقة موجودة في كثير من المراجع. فمنطقيا
أن يكون رئيس المحفل عالما بكل خطط المحفل وبواطنه. ولعل هذا الإعتقاد
يجعلنا نسقط عن الأفغاني بأنه عالم دين، كما يسقط عنه كل الأوصاف التي
حاولت الموسوعات العلمية أن تغدقها عليه، كما هو حال الكثيرين من
الكتاب والمفكرين الإسلاميين أو الرموز والقيادات الوطنية.
لكن هل
يكفينا ذلك لمعرفة حقيقة هذا الرجل، أم تفرض علينا الأمانة العلمية
البحث في خلفيته لتأكيد معرفته المسبقة بالماسونية أو نفيها إحتراما
للحقيقة التي نبحث عنها. وهنا يأتي دور البحث في البعد الثالث الذي
إكتنف شخصية هذا الرجل. وأقصد البحث في البعد الخفي في هذه الشخصية.
والحقيقة أن المؤرخين إختلفوا في نسب جمال الدين الأفغاني، الذي حمل
أسماء مختلفة، بحسب الأرض التي حل فيها. فمن أسماؤه جمال الدين
الإستانبولي، وجمال الدين الأسد أبادي، وجمال الدين الحسيني، وجمال
الدين الأفغاني الكابلي، وجمال الدين الطوسي، وجمال الدين الرومي
وغيرها. والواضح أن هذه الشخصية ذو الإنتماءات المختلفة تخفي حقيقة،
تخشى الإكتشاف من الآخرين. وتضعنا أمام شخصية غريبة في السيرة، تتطلب
منا الغوص العميق في جميع المعلومات والمصادر التي تحدثت عنه، والتي
أكدت بعضها أنه كان يخفي شيئا خطيرا في حياته. ولعل التشابه في مهام
مارتن لوثر وجمال الدين الأفغاني يجعلنا ندرك طبيعة الغموض الذي لازم
الأفغاني، وحقيقة الأزياء المختلفة التي كان يلبسها لكل بلد.
ويجعلنا نتلمس الطريق الصحيح في مشوار البحث عن حقيقته، لأن المنطق
يقول أن طالب الخير وإلإصلاح والتطور لا
يحتاج إلى
التستر والتخفي فقط عن الناس الذين لا يمكن أن يشكلوا عليه أية خطورة،
بحكم أنه جاء إليهم محررا ونافخا لروح اليقظة والحياة فيهم، بينما
حقيقته كانت معلومة لدى كل أجهزة المخابرات الدولية التي كانت لدولها
علاقة بإستعمار المنطقة. والمنطق في هذه الحالة يفرض أن يكون الأفغاني
بشخصية متخفية عن تلك الأجهزة التي كانت تقف دائما إلى صفه. ولا يمكن
أن يكون التخفي عن الناس الذين صدقوه ووثقوا به. إذن هذا التخفي كان
غير منطقيا، بل مريبا ويخفي شيئا خطيرا. لعل لو تم إكتشافه، نستطيع
بعدها أن ندرك كنن الكثير من الألغاز المحيرة، وتوضح الكثير من
الخيانات والتفريطات بمكتسبات الأمة، كما توضح حقيقة من يقف خلف
الفتاوي الضالة التي تغازل ثقافة العالم السفلي، وأكثر من ذلك نستطيع
أن ندرك الآلية التي تعيّن بها محافل الشيطان مفتين وعلماء لهذه الأمة،
كما ندرك حقيقة المنظمات والحركات والأحزاب التي مولها الإستعمار أو من
يقف خلفه، أو من وظف بوظيفة حاكم في كيانات سايكس بيكو ومازال يمول
الكثير من الثورات والحركات والأحزاب. لذلك فلنحاول معا أخي القاريء
الغوص في لجج هذا الغموض، علنا معا نصل إلى الحقيقة التي ستظهرها
المقالات التالية. --------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2013م