|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
السامية
العرب وكذبة السامية: يكتشف الباحث في شؤون (التوراة) أن روايات هذا الكتاب وقصصه بخصوص
أنبيائه وتسلسل أنسابهم, أو بخصوص الخلق وبداية الكون, لا تعني من بعيد
أو قريب أنبياء الله ورسله, وإن حملوهم نفس أسماء أنبياء الله ورسله.
لأن جميع هذه الروايات والقصص كانت بمضامينها وزمانها مخالفة لحقائق
القرآن ووعيّ الإنسان الذي خلق عاقلا من عصور وسنين لا يعلمها إلا
الله, كما أن أحداثها وأهدافها وشخصياتها وعبرها لم تتجاوز بحدودها
حواري بابل وإسقاطات الكهنة المرضية, لذلك كان سياق هذه القصص مخالف
لكل الإكتشافات العلمية والجغرافية والفلكية وغيرها من المسلمات
العقلية والمنطقية. لأن من الغير المنطق أو المعقول أن يكون أصحاب تلك
الحضارات المكتشفة الذين هم أبناء وأحفاد آباء توارثوا الأرض منذ أن
خلق رب العزة آدم عليه السلام, قد سبقوا جميعهم ولادة (آدم التوراة).
وهذا ما ينطبق بالتأكيد على جميع الأنبياء والرسل الذين تواجدوا في
المرحلة الزمنية التي تفصل بين آدم ونوح عليهم السلام, من الذين لا
يعلم زمنهم ولا أحداثهم ولا أسمائهم إلا الله عليهم جميعاً السلام, كما
ينطبق ذلك على الناجيين مع نوح في الفلك من القليل مِنْ مَنْ آمن معه,
وتوضح هذه الحقيقة الآية -9 الكريمة من سورة إبراهيم التي نصت على
الآتي:" أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ
نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ
إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ
أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا
أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ
مُرِيبٍ". فقوم نوح وقوم عاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا
الله, ولا أدري بعد هذا النبأ الرباني كيف رفض بعض المفسرين وعلماء
الدين من السابقين واللاحقين هذا الوضوح, وجروا وراء أضاليل (التوراة)
وحكاياته الساقطة, لينهلوا من أضاليلها شروحات تحدد عمر الأقوام
السابقة بعد أن جعلوها تتماشى مع أعمار (أنبياء التوراة), التي لا
تتجاوز عمر (آدمهم) المفترض. ليبنوا على ذلك فهمهم في تفسر للآيات
القرآنية التي إختصت في نوح عليه السلام والناجين معه في الفلك, وليأخذ
هذا البعض بعد ذلك وبدون تدقيق من شجرة الأنساب الواردة في في
سفر التكوين أساسا لفهم الأقوام والأنبياء الذين ذكرهم القرآن
الكريم. وليسير على خطاهم اللاحقين من العلماء آخذين كسلفهم بهذا
التسلسل الممسوخ لحياة البشرية. ليتم الإدعاء بعد ذلك بأن الناجين مع
نوح كان فقط أولاده حام وسام ويافث. جاعلين من النبي نوح عليه السلام
هو ذاته ذاك السكير المتعري (بحسب التوراة). ومدعين بعد ذلك أن من نسل
أولاده الثلاثة المفترضين بعد (نوح) تفرعت شجرة الأنساب (التوراتية
التي بدأت بآدم). وهذا ما ذكره (سفر التكوين-9- 18-21):" وكان بنو نوح
الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث. وحام أبو كنعان. هؤلاء الثلاثة
هم بنو نوح. ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض". ولكي يوجد كهنة بابل مبررا
لإختلاف اللغات بين الشعوب التي تشعبت في أنحاء الأرض, كتبوا القصة
الصبيانية الأخرى في (سفر التكوين-5-9) الذي ذكرت الآتي:" ونزل الرب
لينظر المدينة والبرج (المقصود برج بابل الذي بناه نبوخذ نصر في القرن
السادس قبل الميلاد) الذين كان بنو آدم يبنونهما (المقصود أن أبناء آدم
عاشوا حتى القرن السادس قبل الميلاد!), فقال الرب: هاهم شعب واحد, ولهم
جميعا لغة واحدة! ما هذا الذي عملوه إلا بداية, ولن يصعب عليهم شيء مما
ينوون أن يعملوه (المقصود أن بنو آدم بعد أن بنوا برج بابل, من الممكن
أن يرتفعوا أكثر في بنائهم ويهددون مُلك الرب)! فلننزل ونبلبل هناك
لغتهم, حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض. فشتتهم الرب من هناك على وجه الأرض
كلها (وهكذا بمشهد صبياني رخيص وجاهل حلت مشاكل لغات البشرية المختلفة
بعد أن كانت لغة واحدة قبل القرن السادس قبل الميلاد, ناكرين بذلك أن
تكون هناك شعوب وحضارات عاشت قبل هذا التاريخ), فكفوا عن بناء المدينة
(لأنهم بلحظة تغيرت لغتهم ولم يعد يفهم أحداً منهم لغة الآخر, وأصبحت
للشعوب لغات مختلفة). ولهذا سميت بابل, لأن الرب هناك بلبل لغة الناس
جميعا, ومن هناك شتتهم الرب على وجه الأرض كلها". لتكون بذلك هاتين
القصتين الساقطتين في كل المعايير, هما الأساس الذي بنيت عليه نظرية
أنساب البشرية بعد نوح, ولتكون بذلك السامية المشتقة من إسم سام إبن
(نوح) المفترض والوارد ذكره في شجرة أنساب (التوراة), هيّ حاوية لغات
الشعوب التي تبلبلت ألسنها بكذبة الباطل الأخرى التي أطلقها
(التوراتيون) في القرن التاسع عشر. لأنها سلسلت لغات كل الشعوب ومن
ضمنها اللغة العربية بكل لهجاتها في ثلاثة حاويات (السامية والحامية
واليافثية). لتشطب من اللغات بعد ذلك الحامية واليافثية وتبقى السامية
وحيدة على مسرح اللغات.
لكن الغريب في أمر شجرة الأنساب (التوراتية), أن الكهنة لم يراعوا فيها
حقائق التاريخ والجغرافيا. إذ جعلوا من عمر (نوح التوراة) الذي هو في
هذه الحالة جد كنعان المفترض, وكنعان بحسب (التوراة) هو الأب
الأول للكنعانيين! مخالف بشكل كلي لجميع الإكتشافات الأثرية التي أثبتت
أن تواجد الكنعانيين في فلسطين, قد سبق ولادة جدهم المفترض (نوح
التوراة). الذي لم تتجاوز ولادته عام 3000 ق.م. بينما أعطى الكهنة عمرا
لبنو آدم (أجداد نوح المفترضين) نفس عمر بناء برج بابل الذي أشاده
نبوخذ نصر في القرن السادس قبل الميلاد! فكل ذلك يوضح سخافة هذه القصص
(التوراتية), وسخف من أخذ بها. ليزعم بعد ذلك بأن الناجين مع نوح كان
أولاده الثلاثة سام وحام ويافث فقط, الذين تبلبلت ألسنتهم وتغيرت
لغاتهم وتلونت جلودهم, ليشكلوا آباء مفترضين لشعوب لها حضاراتها
وتاريخها وخصوصيتها, وشهدت على وجودها الإكتشافات الأثرية المحفوظة بين
عظام أجدادها. والأغرب من كل ذلك أن النبأ الرباني واضح في الآية -9
الكريمة من سورة إبراهيم, كما أن الإكتشافات الأثرية ضحضت كل تلك
الروايات (التوراتية). ورغم ذلك ما زال البعض من المؤرخين والباحثين
وعلماء المسلمين ينقل عن (التوراة) دون تدقيق في المعنى أو المضمون,
ومازال البعض كذلك يعتمد على شجرة الأنساب (التوراتية) في توثيق أصول
وأنساب العرب القديمة دون واعز أو رقيب. وما زال البعض يقر بأن الناجين
مع نوح كانوا أبناؤه الثلاثة فقط. ناكرين بذلك نجاة الذين آمنوا مع نوح
وركبوا معه في الفلك كما أخبرنا القرآن الكريم. فالآيات القرآنية واضحة
في أمر الناجين مع نوح عليه السلام. وفي ذلك ذكرت الآية -40 من سورة
هود, والآية -119 من سورة الشعراء, والآية -64 من سورة الأعراف,
والآية-73 من سورة يونس, والآية-15 من سورة العنكبوت. فمن جميع هذه
الآيات الكريمات التي ذكرت نوح عليه السلام أو تلك التي لم تذكر في هذا
المجال, لا نجد مجرد آية واحدة تتحدث عن أن الناجين مع نوح كانوا
أبناؤه الثلاثة سام وحام ويافث, أو أحد من أهله بالإسم. والآية-42 من
سورة هود ذكرت إبن نوح لكنها لم تسميه بالإسم, ولم يكن كذلك من
الناجين, حيث نصت هذه الآية على الآتي:" وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي
مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي
مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ
الْكَافِرِينَ". فجميع هذه الآيات الشريفات ذكرت من معه, ومن كل
زوجين إثنين, ومن آمن معه, والقليل الذين آمنوا, ومن معه في الفلك.
وكانت واضحة بأمر الناجين مع نوح عليه السلام الذين شكلوا آباء لذريات
شكلت شعوبا وأمم. لكن رغم هذا الوضوح الرباني, خالف كل الناهلين من
القصص (التوراتية) هذه الحقائق القرآنية. ليقروا بشجرة الأنساب
(التوراتية) التي ذكرت تفرعات شعوب الأرض بعد (نوح) كانت فقط من أبناءه
الثلاثة المفترضين, وأن ما بين نوح وآدم بحسب هذه الشجرة ثمانية آباء
فقط (نوح هو إبن لامك بن متشولح بن خنوخ (إدريس) بن يرد بن مهلاييل
بن
قينن بن أنوش بن شيث بن آدم). وليقروا أيضا أن بين إبراهيم وسام
المفترض إبن نوح, كذلك ثمانية آباء ( إبراهام بن تارح
بن ناحور بن ساروغ بن
راعو بن فالغ بن
عابر بن شالح
بن أرفخشذ بن سام بن نوح. وليضيفواعلى نسب النبي محمد عليه الصلاة
والسلام بعد عدنان وهو النسب الموثق عن رسول الله, وصلة التسلسل
(التوراتي) التي توصل عدنان بإسماعيل بن إبراهيم. ليدعوا أن ما بين
عدنان وإسماعيل هناك كذلك ثمانية آباء من شجرة الأنساب (التوراتية),
وهم ( أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن
قيذار!) بن إسماعيل بن إبراهيم. مع أن الأحاديث النبوية واضحة في
هذه الوصلة وتكذب هذا التسلسل (التوراتي). فقد ورد في الحديث الشريف,
الآتي:" عن إبن سعد عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا كان
الرسول إِذَا انْتَسَبَ لَمْ يُجَاوِزْ فِي نِسْبَتِهِ مَعَدَّ بْنِ
عَدْنَانَ, ثُمَّ يُمْسِكُ وَيَقُولُ: كَذَبَ النَّسَّابُونَ، قَالَ
اللَّهُ تَعَالَىٰ: وَقُرُونَاً بَيْنَ ذٰلِكَ كَثِيراً"(جلال
السيوطي- جامع المسانيد والمراسيل- الجزأ الخامس- حديث رقم 16225- دار
الفكر). وفي (نفس المرجع- الجزأ-20-الحديث رقم- 16222) ورد الآتي:" عن
ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبيَّ كَانَ
إِذَا انْتَهٰى إِلٰى مَعَد بْنِ عَدْنَانَ أَمْسَكَ وَقَالَ: كَذَبَ
النَّسّابُونَ, قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالٰى: وَقُرُوناً بَيْنَ
ذٰلِكَ كَثِيراً, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَوْ شَاءَ رَسُولُ اللَّهِ
أَنْ يَعْلَمَهُ لَعَلِمَهُ". وفي معجم الطبراني الأوسط (8/154
حديث رقم-8249) ورد فيه الآتي:" وروي بإسناد جيد عن عائشة أنها قالت:
إستقام نسب الناس إلى معد بن عدنان". والحديث ورد بنفس النصوص أو قريب
منها في معظم كتب التفاسير والأحاديث. فلا خلاف أن عدنان من ولد
إسماعيل, وإنما الخلاف في عدد وأشخاص وأسماء ما بين عدنان وإسماعيل,
وما بين إبراهيم ونوح, وما بين نوح وآدم, فهؤلاء جميعا لا يعلمهم إلا
اللّه. ورغم هذا الوضوح الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم,
إدعى الناهلين من (التوراة) في تصنيف العرب بأن العرب هم ثلاث فئات
بالإعتماد على هذه الوصلة (التوراتية). فإدعوا أن الفئة الأولى هم
عرب بائدة شكلوا أصل العرب وكانت مواطنهم الجزيرة العربية, لكنهم
زعموا أن هذه الأقوام إندثرت, ولم يبق أحد منهم على أديم الأرض ينتسب
إليهم, لهذا سميت العرب البائدة! وهم: عاد, ثمود, طَسْم, جَدِيس,
عِمْلاق,
أُمَيْم, جُرْهُم,
حَضُور, وَبـَـار, عَبِيل, جاسم, وحَضْرَمَوت. لكن هؤلاء الزاعمين لم
يذكروا مثلا أن عاد وثمود لم يبادوا عن
بكرة أبيهم, لأن
نسلهم بقيّ مستمراً مع من آمن منهم برسلهم ونجاهم الله وتكاثروا
بالتزاوج, كما تكاثر قحطان أو عدنان, بل تناسلوا أكثر منهما بحكم الفرق
الزمني الكبير الذي يفصل بين زمنيهم والذي لا يعلمه إلا الله! أما
الفئة الثانية سميت عرب عاربة وهم القحطانيون, فقد إدعوا أن
القحطانية هي أم العرب بعد البائدة, فقالوا أنها سكنت اليمن ومن هناك
تشعبت قبائلها وبطونها. وأعادوا قبائل
قحطان وبطونها إلى
تسلسل النسب (التوراتي) بعد ربط سبأ بيعرب بن قحطان, فإدعوا أن
سبأ هو
بن يشجب بن يعرب بن قحطان, ليقولوا أن قحطان العربي هو يقطن إبن
عابر (وهو كذلك الجد الثامن لإسماعيل بحسب شجرة الأنساب التوراتية).
وبذلك ألحقوا قحطان بشجرة الأنساب (التوراتية), وأكد على ذلك عبد
الرحمن بن خلدون في كتابه (تاريخ ابن خلدون- الجزء الثاني- باب في
أخبار العرب ودولهم منذ بدء الخليقة), حيث ذكر الآتي:"أن لعابر
في التوراة ولد إثنين من الولد, هما فالغ ويقطن وعند
المحققين من النسابة أن يقطن هو قحطان عربته العرب هكذا".
وبهذا أخذ البعض من علماء الحديث والأنساب وبعض المفسرين الذين تناولوا
شجرة الأنساب (التوراتية) في تصنيف العرب, أو لشرح الآيات الخاصة في
بني إسرائيل. وهيّ نفس الطريقة التي أخذ بها سلفهم عن بعض اليهود الذين
أعلنوا إسلامهم. لكن السؤال المحير هو: إذا كان قحطان إسما عربياً
فلما يتم تعريبه؟؟؟؟؟ ليتم إلحاق نسبه بسلسة الأنساب (التوراتية)
الخاصة بإبن نوح المفترض سام!!!!! ليصبح بذلك يقطن (التوراتي) أب لكل
العرب العاربة! ثم زعموا أن يقطن هو إبن يمن بن قيدار (وقيدار
هو أحد أبناء إسماعيل المفترضين الإثني عشر), لكن كيف يكون يقطن (بن
عابر) الجد الثامن لإسماعيل في شجرة الأنساب (التوراتية) هو ذاته يقطن
حفيد إسماعيل, فهذا لم يستطيع الإجابة عليه كل الناهلين من كتاب
(التوراة)!!!!! ليدخلوا في نسب (يقطن التوراتي) كل القبائل العربية
التي خرجت من اليمن وحملت الجزور القحطانية على أنها تعود إلى يقطن بن
عابر. والهدف واضح هو جعل أصول العرب العاربة تعود إلى عابر الأب
المفترض للعبرانيين. وبذلك قرر بعض المؤرخين وعلماء الحديث والتفسير
الذين أخذوا بالروايات (التوراتية) الساقطة, أن يمحوا أصول العرب
بالعرب البائدة, وليبقوا على العرب العاربة بعد أن أرجعوها إلى الأب
المفترض يقطن بن عابر! وفي ذلك يقول الباحث مصطفى الإنشاصي الآتي:"
ومن المفارقات العجيبة للمفسرين والمؤرخين المسلمين أنهم كانوا يميلون
إلى ترجيح صحة أنساب التوراة في نسب قحطان. ولم يقل لنا واحد ممن عد
قحطان بأنه يقطن, لماذا قحطان (الفرد) من دون كل تلك الأمم التي
بادت بقي حياً وذريته من بعده لليوم"؟! فالأمر كان واضحا, فهذه
التقسيمات لم تكن معروفة في الجاهلية, كما أنها لم تكن موجودة في فترة
نزول رسالة الإسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, والمعروف أن
مدوني الأنساب كانوا جميعهم من اليهود الذين إستخدموا (التوراة) لإفساد
عقيدة المسلمين. ليقولوا بعد ذلك بالفئة الثالثة من العرب التي لا أصول
عربية لها وهي العرب المستعربة. أما العرب المستعربة فأعادوها
إلى أصول إعتقدوا بجهلهم بحقائق التاريخ أنها أصول غير عربية وذميمة.
بعد أن أعادوا أصل العرب المستعربة إلى (إسماعيل الأرامي المذموم
توراتيا وإبن الجارية المصرية هاجر المنبوذة بحسب
التوراة), فإدعوا أن النبي إسماعيل تزوج من رعلة الجرهمية, فتعلم من
الجراهمة اللغة العربية لأنه كان (أراميا), فسميّ نسله الذي يعودون
إليه, وإليهم يعود رسول البشرية محمد بن عبد الله عليه السلام بذلك عرب
مستعربة. وهذا ما أكد عليه المهرولون خلف (إله التوراة) بعد أن أقروا
بأن ولد لإسماعيل إثنى عشر إبناً, تشعبت منهم إثنى عشر قبيلة سكنت مكة,
ثم إنتشرت في أرجاء الجزيرة وخارجها. ولم يبقى في مكة بحسب هذا التسلسل
(التوراتي) إلا (قيدار) الذي تناسل أبنائه حتى كان منهم عدنان! ليقولوا
أن العدنانية التي أخذت إسمها من عدنان, هو ذاك عدنان المذكور في شجرة
الأنساب (التوراتية) الذي تعود أصوله إلى أصول غير عربية. لتكون تلك
الوصلة بين إسماعيل وعدنان سابقة الذكر هيّ التي قال فيها رسول الله
كذب النسابون, قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالٰى: وَقُرُوناً بَيْنَ
ذٰلِكَ كَثِيراً. من كل هذا الإدعاء نكتشف أن كل هؤلاء المهرولين خلف
(التوراة) أرادوا القول أن اللغة العربية التي تحدث بها القحطانيون
(العرب العاربة) هيّ إحدى لهجات العبرية المفترضة, كون أن قحطان هو
يقطن بن عابر. وبذلك تصبح العبرية التي لم تكن قد ظهرت بعد في الجزيرة
(ظهرت كلغة ذات أبعاد مترابطة ومتكاملة في منتصف القرن العشرين ميلادي,
أما اليديشية التي يتحدث بها الأشكانزيم هي مجموعة من لغات أوربية, أما
السفرديم فيتحدثوا بلغة اللادينو الإسبانية), هيّ اللغة المهيمنة التي
تشكل أم لغات المنطقة بدل العربية. والغريب في هذا الإدعاء أن عزرا
الذي ظهر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد وأطلق اليهودية لم يكن
يعرف العبرية التي لم تكن قد وجدت بعد, لأن الثابت تاريخيا أن عزرا
وكهنة (التوراة) كانوا يتحثون بالأرامية التي هي لغة أهل بابل العراق,
والتي هيّ إحدى لهجات اللغة العربية. والدليل على ذلك هو ما جاء في
(سفر اشعيا-36-11) الذي ورد فيه الآتي:" فقال الياقيم وشبنا ويواح
لربشاقا كلم عبيدك باللغة الآرامية لأن نفهمها ولا تكلمنا باليهودية
على مسامع الشعب الذين على السور". كما أراد المهرولين القول بأن
العدنانية التي كانت منازلها الأولى في الحجاز أخذت العربية من
القحطانيون لأن أصولها غير عربية. وبذلك أقروا أن إسماعيل لم يتكلم
العربية لأنه كان يتكلم لغة أبيه الأرامية. وبذلك نفوا على الأراميون
أن يكونوا عربا. والمعروف تاريخياً أن الأراميون بالأساس هم من القبائل
العربية التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام والعراق قبل
الألف الثالث قبل الميلاد, وتشهد على ذلك لهجاتها التي تصنف من لهجات
اللغة العربية. وقد تأثرت لغة الأراميون العرب بفضل ما شهدته بلاد
الرافدين من غزوات من الشعوب المحيطة, وخصوصا تلك الشعوب القادمة من
الشمال والشرق أو من بلاد الفارس, ليدخلها بعض المفردات الغير العربية,
لذلك صنفت من ضمن لهجات اللغة العربية. ورغم أن الأراميون هم عربا لكن
ليس بالضرورة أن يكون النبي إبراهيم من قبائلهم, لأننا سنكتشف في
المقالة القادمة بأن النبي إبراهيم كما كان حال ذريته, كانوا عربياً
ويتحدثون العربية بلهجة أهل مكة, وهي العربية الفصحى والنقية قبل أن
يأتي إبنه النبي إسماعيل إلى مكة ليُدعى أنه تعلمها من الجراهمة!!!!
--------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2013م