|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
سبي بابل
كذبة السبي البابلي: حين إبتلع كهنة (التوراة) التراث المصري المسجل على حائط معبد
الكرنك, إيبتلعوا كذلك ما سجل عن المذبح الفرعوني, فسجلوه في كتابهم
على أنه مذبح الهيكل الخاص (بسليمان). وهذا ما أهلهم بعد ذلك إدعاء
إقامة المملكتين يهوذا والسامرة على أنقاض مملكة المفترضة. ليتم بعد
ذلك الإدعاء بأن السبيّ البابلي قد جمع المنفين من تلك المملكتين
المفترضتين في حواري بابل موطن الكهنة. الأمر الذي سهل على كهنة بابل
وخصوصاً عزرا, الإدعاء على أنهم من أبناء ذاك السبيّ المفترض. وبذلك
أوجدوا آلية كهنوتية تربطهم بالعشيرة المفترضة, تأهلهم بالمطالبة
بالإرث (الداودي) المفترض الذين هم من صنعه في خيالهم الإسقاطي.
ونستطيع عل ذلك أن نبني لنأكد أن سرقة تراث ووثائق كل الحضارات التي
تناقلتها ذاكرة الشعوب القديمة, شملت كذلك سرقة تراث الأشوريون
والكلدانيون, الذين شهدت عليهم وثائقهم المكتشفة في مكتبة الملك آشور
بانيبال (625-667) قبل الميلاد, وضمت حوالي 25000 لوح من الآجر مصنفة
ومفهرسة. حيث فضحت محتوايات هذه المكتبة وغيرها من الوثائق المكتشفة,
مدى السرقات التي سطى عليها كهنة (التوراة). كما فضحت هذه الوثائق معظم
إدعاءات الكهنة, والتي منها إدعاء حدوث عمليات السبيّ الأشورية
والكلدانية لليهود. وقد أثبتت هذه الوثائق أن اليهود لم يكونوا حينها
قد ظهروا بعد على مسرح بابل وأحداثها. وهذا ما أكد عليه المؤرخ
الإغريقي, الذي تحدث بالتفاصيل عن مصر ومدنها
وأحداثها وديانتها, وعن العراق ومدنها وما جرى فيها من أحداث وما
فيها من مذاهب وديانات. حتى أنه ذكر أدق التفاصيل في وصف المدن والشعوب
وعلومها وعاداتها وما تميزت به عن غيرها. لكنه لم يشاهد داخل هذه
المدن أحداً من المسبيين أو اليهود ليذكرهم في مؤرخاته. وتحدث عن
فلسطين ومعتقدات أهلها, ووصف مدنها العديدة ومنها القدس التي زارها,
وأوضح أنها كانت بلدة سورية كبيرة على مقربة من مجدولوس الذي هو مرج
ابن عامر, حيث أكد هيرودوت أنها كانت تعرف بهذا الاسم منذ القدم.
والواضح أنه لم يذكر لا في بابل ولا في فلسطين ولا في حولها عن أي
تواجد لليهود لفت إنتباهه. حتى نجد أنه حين تحدث عن عملية الختان التي
إعتبرها البعض أنها كانت خاصة باليهود, وأنها تشكل عهداً خاصاً بين
العشيرة (التوراتية) وبين (إلهها), فلم يذكر هيرودوت اليهود بها, كما
لم يذكر أن أحداً أخذها عنهم. الأمر الذي يشير على أن الكهنة إقتبسوا
عمليات الختان من شعوب المنطقة التي أخذتها بالأساس من الديانة
التوحيدية التي حملها رسل الهداية, ولم يأتوا بها. وهذا يعني أيضاً بأن
هيرودوت أثناء مكوثه في القدس أو في كل بلاد الشام والعراق ومصر لم
يلتق أو يصادف أحداً من اليهود, فلو كان اليهود قد وجدوا حينها في مكان
ما من هذه المناطق لذكرهم بصورة أو صفة أو حادثة. وكل ذلك يشير إلى أن
اليهودية كتسمية إستحدثت بعد القرن الخامس قبل الميلاد, وهو زمن كتابة
(التوراة) في حواري بابل. كما أن ذلك يؤكد صحة ما طرحناه سابقاً حول أن
العشيرة (التوراتية) هيّ عشيرة مفترضة أطلقها الكهنة في كتابهم, ولم
تكن لها أصول قبل كتابة (التوراة). وبالتالي يمكن القول أن الكهنة هم
من إبتدع اليهودية أو ما يسمى (بالديانة اليهودية), وعلى ذلك علينا أن
نميز بين اليهودية وبين عشائر بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى عليه
السلام من مصر. فأين هم هؤلاء المختنون وتلك الأجيال من نسل (ابراهام
التوراة) الذين تعاهدوا مع (إله التوراة) على لحم غرلتهم, بعد أن قال
(إله التوراة) لأبراهام بحسب (سفر التكوين-17-7-8), الآتي:" وأقيم عهدي
بيني وبينك. وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهداً أبديا. لأكون إلها لك
ولنسلك من بعدك. وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك أرض كنعان ملكاً
أبديا. وأكون إلههم". الأمر الذي يؤكد أن فرضية سبيّ (اليهود) إلى بابل
لم تكن إلا جزءاً من مسلوبات الكهنة المستثمرة في مشوار تشريع إغتصاب
فلسطين. لكن ربما يسأل سائل: من أين سرق الكهنة فكرة هذا السبيّ
ليسقطوه على عشيرتهم المفترضة ؟. ولمعرفة الحقيقة في ذلك, علينا الربط
بين واقع الكهنة المعاش في حواري بابل والجهات التي إختصها الكهنة
بتنفيذ عمليات السبيّ المفترض, وهم الأشوريون والكلدانيون. فلو رجعنا
إلى الوثائق الأشورية المكتشفة, نجدها تتحدث عن حملات موجهة ضد قبائل
أطلق عليها إسم إريبوا أي العرب, ولم تتحدث هذه الوثائق عن حملات موجهة
ضد هذه الممالك المفترضة. وقد أكد الدكتور فراس سواح أن المقصود
بالكلمة الأشورية أريبو هم العرب( الحدث التوراتي والشرق الأدنى
القديم), كما أكد التالي:" لا نستطيع في كل سجلات بابل وأشور أن نجد
تلميحا واحداً الى حملة موحهة ضد يهوذا وإسرائيل". وأن السبيّ قد حدث
بالفعل لملوك عرب وبعض من حاشيتهم. فمثلا يحدثنا الملك الأشوري آشور
بانيبال في إحدى الوثائق المكتشفة, عن إعادة تشييد قصر عسر هدن. حيث
ذكر عملية السبيّ ضمن وصفه لعملية إعادة بناء القصر, فذكر الآتي:"
ولكيّ أشيد هذا الحرم كان أهل بلادي ينقلون اللبنات في عربات عيلام
التي
غنمتها منهم بأمر الآلهة. وسخرت ملوك بلاد العرب الذين نقضوا الهدنة
معي, والذين
أسرتهم في الحرب بيدي وهم أحياء, يحملون الأسفاط و(يلبسون) قلانس
الفعلة ليشيدوا
ذلك الحرم...
وكانوا يقضون نهارهم في صنع اللبنات, ويرغمون على العمل فيه أثناء عزف
الموسيقى (وليس المزامير). وشدت بناءه من قواعده حتى سقفه وأنا مغتبط
مسرور, وأنشأت فيه من الحجرات
أكثر مما كان به
قبلاً, وجعلت العمل فيه فخما, ووضعت
فوقه كتلاً طويلة
من أشجار الأرز التي تنمو على سِرارا ولبنان, وغطيت الأبواب
المصنوعة من خشب
الليارو ذي الرائحة الذكية بطبقة من النحاس وعلقتها في مداخله ( كان
النحاس يحضر من فلسطين أثناؤها)... وزرعت حوله أيكة حَوَت جميع أنواع
الأشجار والفاكهة... على اختلاف أصنافها... ولما
فرغت من أعمال
بنائه قربت القرابين العظيمة للآلهة أربابي, ودشنته وأنا مغتبط منشرح
الصدر ودخلته تحت ظلة فخمة". الأمر الذي يبين أن الأشوريون قد قاموا
بعمليات سبيّ محدودة لكن لملوك العرب وليس لغيرهم المفترضين. كما أن
الوثائق المكتشفة في مدينة كلحو وخصوصا وثائق الملك آشور ناصر بال
(883-859 ق.م.), تحدثت عن نفس المرحلة التي أدعيّ فيها بإقامة
المملكتين في فلسطين, فذكرت حملات قام بها هذا الملك في شمال شرق
مملكته وغربها, حيث جمد نشاط الآراميين في حوض
الفرات الأوسط. وإحتل قرقميش (جرابلس). وشكل سقوط هذه المدينة تهديداً
لمنطقة سورية
الشمالية بأسرها, وبعد أن تم له ذلك إنحدر إلى العاصي حتى بلغ لبنان
(لبنانا)
والبحر المتوسط
(بحر أمورو). ووافاه هناك ملوك مدن البحر الكنعانية (الفينيقية)
كأرواد (أروادا) وجبيل (جوبال) وصيدا (صيدون) وصور (صورو) وقدموا له
الذهب والفضة
والمعادن والأخشاب النادرة (الأرز) والمنسوجات والعاج
وغيرها.
ففي جميع هذه الوثائق لا نجد لو وثيقة واحدة ذكرت تلك الممالك
(التوراتية), حتى حين أكتشفت وثائق تتحدث عن الملك شلمنصر الثالث
(858-824 ق.م.), لم تذكر وثيقة واحدة هذه الممالك, لكننا نجد أن هذه
الوثائق ذكرت حملات إلى سوريا وفلسطين, ومواجهة شلمنصر لإثنتيّ عشر
مملكة آرامية في موقعة قرقارة. وفي إحدى الوثائق المروية على لسان
الملك والمؤرخة لهذه الموقعة, ذكرت الآتي:" حين إقتربت من حلب (حالمان)
خشي أهلها الحرب وإرتموا على قدمي, فتلقيت جزيتهم فضة وذهباً وقدمت
القرابين أمام أدد حلب, ومن حلب بلغت مدينة أورخوليني الحموي (ملك
حماه)... فإستوليت على جزيته وممتلكاته وحرقت قصوره, ثم واصلت المسير
إلى قرقرة (قرقر) فدمرتها ومزقتها وحرقتها, وكان أميرها قد إستنجد بألف
ومئتي عربة حربية, وألف ومئتي فارس, وعشرين ألفاً من مشاة أدد إدري
إمريشو (الآرامي), وسبعمائة عربة, وسبعمائة فارس, وعشرة آلاف من مشاة
أورخوليني الحموي, وألفي عربة, وعشرة آلاف من مشاة أخاب, وخمسمائة جندي
من قوس, وألف جندي من مصر, وألف راكب جمل من جنديبو العريبي (جُندب
العربي), وألف من بابا بن رحوبي العموني, وكلهم إثنا عشر ملكاً تأهبوا
لملاقاتي في معركة حاسمة, فقاتلتهم بقوات آشور العظيمة التي هيأها لي
مولاي آشور, وبالأسلحة التي قدمها لي مرشدي نرغال, وأوقعت بهم الهزيمة
بين مدينتي قرقرة وجليزا, وذبحت ألفاً وأربعمائة من جنودهم بالسيف,
وإنحططت عليهم إنحطاط أدد حين يرسل عواصفه الممطرة مدراراً, وبقرت
جثثهم وملأت السهل كله بها, وأجريت دماءهم, وضاق السهل عن نزل أرواحهم,
وجعلت جثثهم معبراً لي على نهر الآرانتو (الأورنت أو الأورنط أي
العاصي)". وحتى في فترة إدعاء السبيّ الأول (لليهود) عام 722 ق. م.
فنجد أن وثائق هذه المرحلة تتحدث عن تحالف جرى بين الملك سنحارب مع
الفنيقيين واليونان,
الذين قدموا له الدعم في إنشاء السفن التي
إستخدمها في محاربة الممالك البابلية المتحالفة مع المصريين, والموجودة
في أقصى الجنوب عند رأس الخليج
العربي. وفي عهد الملك شلمنصر الخامس 727-722 ق.م. تفاقمت الثورات في
فلسطين. الأمر الذي يثبت أن الحكم الأشوري في تلك منطقة كان ضعيفاً
حينها. وهذا ما يشير إلى أن الأشوريون لم يكونوا في وضع يسمح لهم
بإجتياح فلسطين, أو يؤهلهم إجراء عملية السبيّ المفترض للمالك
المفترضة. وفي عهد أخيه الملك سرجون الثاني 722-705 ق.م. فإن وثائق هذه
المرحلة لم تذكر أي إجتياح لفلسطين. وقد إنتهت المملكة الأشورية عام
612 ق. م. ولم يحدث هذا السبيّ المفترض للمالك المفترضة. ثم أن وثائق
المملكة الكلدانية التي أتت على أنقاض المملكة الأشورية, والتي كان من
أشهر ملوكها نبوخذ نصر. فقد إدعى كهنة (التوراة) أنه قد أجرى عملية
السبيّ الثاني (لليهود) عام 586 قبل الميلاد. فالوثائق الكلدانية التي
تحدثت عن مرحلة نبوخذ نصر كذبت هذا الإدعاء, حتى أن الوثيقة التي تحدثت
عن حملة نبوخذ نصر على فلسطين, جاء فيها بالنص الأذي, الآتي:"
السنة السابعة: شهر كسيليمو (كانون أول) حرك ملك أكاد جيشه إلى أرض
حتى, وحاصر مدينة ياحودو, فإستولى على المدينة في اليوم الثاني من شهر
آذارو, وعين فيها ملكاً حسبما إرتضى, وإستولى على غنائم ثقيلة منها
وجلبها إلى بابل". وعلق على هذه الوثيقة الدكتور سهيل الزكار, بالآتي:"
وطبعاً لم يكن إسم القدس في يوم من الأيام ياحودو, والدراسة المتأنية
لنصوص وثائق نبوخذ نصر تظهر أنه لم يستولي على القدس, ولم يدخل فلسطين
إلا مرة واحدة, جرى صده فيها من قبل الجيوش المصرية. ويقيناً لم يكن
هناك سبيّ ليهود من القدس إلى بابل, لأن اليهود لم يكونوا قد ظهروا على
مسرح التاريخ". ويؤكد هذه الحقيقة المتخصص في علم الآثار الأستاذ خالد
أيوب, حيث ذكر الآتي:"إن مساحة القدس التاريخية وعدد سكانها واللقى
الأثرية المتواضعة في القرن السابع ق.م, وهي على أبواب القرن السادس
ق.م. فترة السبيّ المزعوم, تدل مجمل هذه الظروف والأوضاع أنها ليست
مدينة داوود. وإن القدس لم تكن منافسة لبابل, ما يسمح لنا بالقول أن
حكاية السبي مختلقة. يضاف إلى هذا أن الحفريات الأثرية أظهرت أن القدس
كانت مدينة مزدهرة عامرة في التاريخ الذي قيل أنها تعرضت فيه للخراب
على أيدي جيوش نبوخذ نصر". من كل ذلك نكتشف أن السبيّ البابلي لم يحدث
على أرض الواقع, كما أن الممالك المفترضة لم تكن موجودة على أرض
فلسطين, الأمر الذي يسقط مقولة أن يكون هناك هيكلا قد بنيّ في القدس,
كما أن مصطلح (اليهودية) لم يكن قد ظهر بعد في أية بقعة من بقاع الأرض.
فكل ذلك يشير إلى أن الكهنة الذي ألفوا (التوراة) هم من إدعى كل هذه
الأكاذيب. وعلى ذلك يجب أن نحذف من التاريخ الذي نتناوله في بحوثنا
ومحاضراتنا وحواراتنا, بل ندرسه لأبنائنا وللأجيال القادمة كل هذه
الأكاذيب. --------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2013م