اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 تاتشر،والمابعد قبل ان يجف تراب السيدة
 

عادل سمارة

 

 

كنعان النشرة الألكترونية

Kana’an – The e-Bulletin

السنة الثالثة عشر العدد 3175

13 نيسان (ابريل) 2013

تاتشر وما ـــ بعد حداثيين... حين يتصالح الخطاب!

كلمة قبل أن يجف تراب السيدة

عادل سمارة

 

أن يقوم أيّأً كان بمجرد التأشير إلى تقاطع ما بين مارغرريت تاتشر، المرأة التي تغولت في دماء الأمم وخاصة دماء الفلسطينيين والعرب وحتى دماء الطبقات الشعبية في بلادها، وبين فلاسفة ما بعد الحداثة، فذلك سوف يثير حُنُق الكثير من المثقفين العرب الذين ينظرون بتقديس ما إلى مجمل خطاب ما بعد الحداثة.

 

على أن تناولنا لهذه المسألة لا يكتنف جميع ما بعد الحداثيين، ولا عموم إنتاجاتهم، ولكن الهدف هو إنارة جوانب قد لا يُحب كثيرون إنارتها، رغم أن فيها منافع للأمم. وهؤلاء الذين يغضون الطرف عن هفوات كبيرة، محكومون بالقول المأثور: "إلتمس لأخيك عذراً". وهو قول فردي لا ينطبق على الطبقات والأمم ويجب أن لا ينطبق. وبما هو فردي فهو أساسي في نقاشنا هذا.

ما نعرضه هنا إضاءة على مسألتين هما في منتهى الأهمية، حيث تلخصان جوانب في فلسفة وفكر، وتحددان دون عناء أين يقف ويعسكر الإنسان وبالتالي يُعادي مَنْ.

 

في حديث حماسي للسيدة تاتشر، (وهي دائما تمثل الطبقة الحاكمة/المالكة في بريطانيا الراسمالية الاستعمارية والإمبريالية معاً،  وتاتشر كما اشرنا في مقال سابق هي القيادي الأساسي الثاني في تطبيق الخصخصة إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، في حديث لها في حشد بمدينة إدنبره في كنيسة بأوسكتلندا زعمت بأن: "ليس هناك شيئاً اسمه مجتمع، فكل ما  هنالك أفرد فقط". وهي إذ تنفي المجتمع، تنفي الطبقات بالطبع.

 

كان هذا بالطبع خلال معركتها الشرسة والدامية مع الطبقة العاملة في بريطانيا وخاصة حين كسرت ظهر نقابة عمال الفحم. كانت تاتشر معنية بأن لا يقوم أي تضامن طبقي آنذاك. لذا ركزت على الفردانية نافية أي معنى للمجتمع وصولا إلى تفكيك أي تضامن جماعي للعمال، وبالطبع أي تضامن مجتمعي مع نقابة عمال الفحم ومع الطبقة العاملة ككل. وهذا لا ينحصر في كسب تلك المعركة بل هو خطاب راس المال في تركيز الفردانية كي لا يبقى تجمع ما سوى للسلطة الحاكمة، للطبقة الحاكمة كي تواجه الطبقات الأخرى ليس فرادى وحسب بل أفراداً.

 

ولكي لا نُعطي لهذه السيدة مقاما رفيعا وقوة خارقة، نُشير إلى أن الفترة التي هُزمت فيها هذه النقابة كانت فترة مجافية لصناعة الفحم نفسها، حيث حل النفط محل الفحم. وربما نشهد قريباً حلول الغاز محل النفط، وإن كان في هذا فألاً جيداً لروسيا وسوريا، فهو فأل سيىء من جانب آخر على مختلف الأمم لأن هناك غازاً في بلد تحكمه زمرة خطرة، هو قطر.

 

تنسف هذه الفردانية التي انطلقت منها تاتشر أية اسس لأي تضامن عام، وبالتالي فهي تماماً ضد السرديات الكبرى سواء المجتمع أو الطبقة أو القومية أو الاشتراكية بالطبع مرتكزة على فردانية راس المال التي يقودها الربح الفردي بعيدا عن أية عوامل أخرى وهي فردانية في الامتلاك، ولكنها متآخية طبقيا من حيث الدور، إنه تآخي اللصوص.

 

إن قراءة تقوم على تحرِّي الصلة بين ما قالته تاتشر وما نجحت فيه في الثمانينات من القرن الماضي حيث تغول العولمة، وبين ما قاله ماركس ذات وقت بان العالم سوف يجد نفسه أمام أحد خيارين: "إما الاشتراكية وإما البربرية"، وبين ما حصل في المركز الرأسمالي الغربي منذ عام 2008، ودرجة التخبط في إدارة الأزمة الاقتصادية المالية فما بالك بحلها، وتركيز أنظمة المركز على إسعاف المصارف وليس الطبقات الشعبية، هذه القراءة تؤكد بأن تاتشر كانت ترقص على المعزوفة الرأسمالية الفردانية والتي من أجل الربح لا تعرف أية مشاعر إنسانية، وهو ما قاله ماركس نفسه في وصف ما ستقود/تؤول إليه الرأسمالية:

 

"... سوف يذوب، متحولا إلى هواء كل ما هو صلب...وسيتم تدنيس كل مقدس". وها هي الراسمالية تلتهم مدخرات وأجور وحقوق عمال، وحتى أطفال بلدان المركز وتُدخل بلدان المحيط في مذابح لا نهاية لها، فلا مقدس في نظرها لا الإنسان، ولا الطبيعة، بل الربح اللامحدود.

 

من جهة ثانية، تشتهر تاتشر بأنها التي نحتت مصطلح (تينا There is no alternative  ، TINA  لا خياراً آخر) ، أي لا خيارا غير الراسمالية. وهو طرح يتقاطع تماما مع زعم فوكوياما بأن الراسمالية هي نهاية التاريخ وأعلى ما تصل إليه الإنسانية، وكأنه يبشر بأن القيامة آتية إثرها. تماماً كما كان يقبر ارثوذكسيو الماركسية  تطور الإنسانية الذي أوقفوه عند المرحلة الشيوعية، حيث الاكتمال المطلق وموت الديالكتيك ، كما زعموا.

 

وقد شارك تاتشر وربما سبقها بقليل زبجنيو بريجنسكي مستشار الرئيس الأميركي كارتر للأمن القومي هناك حيث دعى إلى أن تلتزم الدولة عدم التضبيط De-regulation  وهي السياسة التي أدت إلى تغول الراسمالية على الطبقات الأخرى وهو التغول الذي يقوم اساساً على فوضى الإنتاج وتعظيم الفرد لأرباحه بلا حدود، إنها فردانية الربح. وهذا المستوى السياسي لدى بريجنسكي يتقاطع مع المستوى الاقتصادي الفني لدى ملتون فريدمان النبي الاقتصادي لما بعد الحداثة ولا سيما فيما يخص تصفية اقتصادات الدول التي كانت مضادة للرأسمالية بأوسع عنف ممكن. وبهذا المعنى يكون بريجنسكي وفريدمان استمراراً، من حيث العنف والتخريب، للحداثة التي برأي ناقديها ما بعد الحداثيين في الأدب والفلسفة، لدورها في عدم تجاوز البربرية.  هل يعني هذا تداخل الإثنتين، لم لا!

 

في خضم هذه الهجمة السياسية الاقتصادية على الحقوق الجماعية لا ينتصر ويستفيد سوى راس المال والذي هو في التحليل الأخير افراد يكسبون بلا حدود، رغم انهم تعبيرات طبقية.

بالمقابل، فإن ما بعد الحداثة والتي ربما كان بادئها الفيلسوف الفرنسي ليوتار ترفض أية سردية شمولية للتاريخ، بحجة أنّ أي سردية مطلقة للتاريخ تخفي أهدافاً أيديولوجيةً. وبما أنّ كلّ الأيديولوجيات تتماثل في انعدام " براءة"  أطروحاتها، يرفض الأوروبي كل تلك السرديات إلاّ بكونها ممكّنات روائية متساوية.

 

لكن هذه المدرسة هي أخطر على التاريخ الإنساني لأنها:

 

·         في رفضها للسرديات تستسلم للسوق، فهي تشرح وتفصل وتنتقد لكنها لا تعمل ولا تنصح بالعمل على مقارعة وإسقاط الراسمالية، وربما يغطيها في سلبيتها هذه كونها تهيم في عالم الأدب ليصبح صنع التاريخ رواية لا عمل وانتاج وصراع إنساني.

 

·        ولأنها تعظ المحيط بأن "يتفردن" حتى الإطلاق مما يحول فيه دون تبلور قوة مقاومة قومية أو طبقية، وهنا يتم تخليد رأسمالية المركز المستعمِرة وراسمالية المحيط التابعة. اي بعبارة أخرى يصبح الفرداني في المحيط في مواجهة طبقة رأسمالية معولمة! مما لا يعني سوى الهزيمة ومن ثم التساوق والتواطؤ وفي النهاية تجسيد "تينا".

 

فالخاصية الأساسية التي تميز مشروع ما بعد الحداثة هي نفي الكائن الإنساني وأبعد، نفي الفاعل الإنساني، وفي أحسن الأحوال نصحه، بل إغوائه، بالاستسلام السياسي! وهذا الاستسلام أخطر على المحيط منه على شعوب المركز، هذا تطبيع المحيط بان يبقى ضمن السوق كمنفذ لتصريف منتجات المركز، وفي حالتنا لنبقى سوقاً لمنتجات الكيان والمركز.

 

لعل مشكلة هؤلاء أنهم رفضوا قراءة الراسمالية على اساس الاقتصاد السياسي، وعجزوا عن قراءة الرأسمالية في علاقاتها الخارجية أي سياساتها في حقبتي الإمبريالية والعولمة تجاه المحيط وبالتالي كانوا مركزانيين أكثر من الحداثيين.

--------------------انتهت.

 

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2013م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster