|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
عادل سمارة
حلقة 6 والأخيرة
·
احتلال الحيز بربط البنية التحتية
·
قناة البحرين: تفكيك مفاصل القُطريات ومفصلتها
بالكيان
عادل سمارة
لا تقوم الحرب ولا يقوم الصراع إلا بطرفين و/أو تحالفاتهما. حاولت
الحلقات الخمس السابقة تغطية آليات تحريك الشعب العربي لأخذ دوره
الطبيعي في حرب الشعب دفاعا عن سوريا وعن الوطن الكبير. وحرب الشعب
دوماً دفاعية ومتنوعة بتنوع المناخات والمجالات وهي لا شك طويلة الأمد.
وتحريك الشعب العربي هو واجبه وواجب القوى الثورية معاً.
في هذه الحلقة نورد الصورة، بل الدور المضاد، اي كيفية قيام العدو
بتفكيك مفاصل القطريات العربية وربطها به وذلك عبر ربط البنية التحتية
لأكثر عدد من القُطريات مع بنيته التحتية كمدخل لتثبيت سحق الجغرافيا
الفلسطينية والسيطرة على الحِّيز العربي كذلك دون أن يكون ذلك بشرط
الاحتلال العسكري والاستيطاني.
لقد ردد مفكروا وقادة الصهيونية منذ جابوتنسكي وصولا إلى بن عوريون
وحتى نتنياهو هدفاً اساسياً وهو تفكيك سوريا. فهل يمكن تجاهل هذا الهدف
وخاصة على ضوء الحرب الدائرة ضد سوريا. على أن العدو لا يعتمد سيناريو
واحد بل يضع جملة سيناريوهات تتعايش وتتمفصل ويتم إدخال واحدها في
الآخر تبعا للتطورات على الأرض.
وفي حين أننا ندعو الشعب العربي لحرب الشعب دفاعاً عن سوريا، وضرورة
تفكيك مفاصل المؤسسسات والمصالح والبعثات والمراكز الثقافية الغربية في
الوطن العربي، نود لتعميق ضرورة هذا التصدي العربي طرح حالة تطبيقية
كيف يقوم العدو بتفكيك ما تبقى من تمفصلات القطريات العربية مع بعضها
البعض، ومن ثم مفصلة البنى التحتية لكل قطر على حدة مع الكيان بهدف
تفكيك المشترك العربي. وهذه خطة بالطبع من الصعب تنفيذها طالما الدولة
السورية قوية وعروبية التوجه. فكيف مثلا يمكن للغاز أن يصل إلى تركيا
دون فك حمص عن سوريا، وكيف يمكن تنفيذ مخطط "أخدود السلام" بين الأردن
وفلسطين دون قناة البحرين؟ وكيف يمكن تفيذ مشروع تورجوت أوزال التركي
بإيصال المياه من تركيا إلى الكيان دون تفكيك سوريا. وعليه، فدعوتنا
إلى تفكيك مفاصل مؤسسات الأعداء في الوطن العربي هي إحدى الردود على
تفكيك مفاصل الوطن العربي على يد الأعداء.
لم تألُ قوى التطبيع/قوى الثورة المضادة جهداً في تسويد شعارات السلام
وخطاب السلام في مشروع وعمل منهجيين يقومان على اعتبار الكيان
الصهيوني كيان طبيعي في الوطن العربي، وبأن لا تناقض حقيقي ولا تناحري
بين العرب وبين الكيان وإنما مسألة أو مشكلة فنية بين الطرفين هي
ترتيب العلاقات والأوضاع بين العرب والكيان. بل ويذهب خطابها إلى لوم
العرب على ذلك التأخير في قبول هذا العاشق المتيَّم بالحب والسلام.
لكن ما يجري على الأرض هو الأخطر بمعنى أن الكيان، وخلفه بالطبع الثورة
المضادة، تشنان حربا في مختلف الجبهات ضد الأمة العربية لمشاغلة العرب
إما في حالة دفاع متواصل أو استسلام. فالحرب والإعداد للحرب العسكرية
مشروع مفتوح، والتطبيع مشروع مفتوح وكذلك الحرب النفسية والحرب
الثقافية في اختراق المثقفين وتجنيدهم، وحرب الاغتيالات...الخ.
أما الحرب التي نتحدث عنها هنا فهي حرب البنية التحتية والتي تأخذ شكل
السلام إلا أنها مثابة حرب تدخل كل بيت في عدة مستويات هدفها تشبيك
البنى التحتية بين الكيان وأكبر عدد ممكن من القطريات العربية. وتشمل
حرب البنية التحتية اختراق القطريات العربية المحيطة بمحاولات خلق
شبكات كهرباء واتصالات ومواصلات ومياه...الخ مشتركة بين الكيان وبين
الأردن ومصر والعراق وصولا إلى بقية بلدان الطوق وابعد ليكون كل قطر
عربي وخاصة في المشرق اكثر انشباكاً مع الكيان الصهيوني أكثر من
ارتباطه مع أي قطر عربي آخر. ومن ضمن هذه الحرب قناة البحرين وأنابيب
الغاز من قطر إلى تركيا واوروبا وهذا مما يفسر الدور القطري المجنون من
أجل تدمير سوريا.
وتكمن خطورة تشريك البنية التحتية في ربط حياة المواطن العربي بحياة
مستوطني الكيان مما يجعل اية محاولة مقاومة أو صراع أو حرب مثابة تهديد
بفك تشبيك البنية التحتية سواء الاتصالات والمواصلات والماء والكهرباء،
ناهيك عن المشاريع الاقتصادية....الخ التي اعتمد عليها المواطن، وهو
الفك الذي يُربك حياتهم اليومية مما يدفعه إما إلى المحايدة أو ربما
إلى رفض التقاطع مع النضال ضد الكيان[1].
من جانب آخر، فإن تشريك البنية التحتية هو شكل من اشكال توسع الكيان
عبر ربط الأرض العربية دون احتلالها الاستيطاني المباشر، وربط الأرض أو
الحيز هو في نهاية المطاف ربط الحياة اليومية للناس بالكيان وتحويلهم
إلى متقبلين له، اي مطبعين معه.
في كل مجتمع طبيعي، اي على أرضه، هناك شغل الإنسان في الطبيعة أو قوميا
شغله في الجغرافيا الوطنية من خلال نمط الإنتاج، ويتقدم هذا الشغل أو
سحق الحيز عبر تقدم نمط الإنتاج. أي باختصار تأثير الإنسان كممثل للزمن
على المكان أو الحيز. وتكون أعلى تجليات سحق الحيز هذه مفهومة ضمن
الاقتصاد السياسي أو شغل الإنسان ضمن العملية الإنتاجية وفي نطاق
الصراع السياسي/الاجتماعي الطبقي في المجتمع، وهذا طبعاً في المجتمع
العادي.
قناة البحرين نموذجاً
في الوطن العربي منذ عصر رأس المال التجاري فالصناعي وحتى اليوم يتم
الشغل الاستعماري العدواني العثماني والغربي والصهيوني في الجغرافيا
العربية باشكال متعددة:
·
احتلال الحيز عبر سلسلة هجمات استعمارية متعددة على جميع الوطن
العربي، بدأتها العثمانية كاستعمار إقطاع عسكري مغلفة بالخلافة
الإسلامية التي استخدمت الدين كعامل إيديولوجي تتمكن به من سلخ الفائض
إلى أن جاء الاستعمار الرأسمالي الغربي في القرنين التاسع عشر
والعشرين وحتى اليوم.
·
ثم التفكيك السهل للوطن العربي باتفاقية سايكس-بيكو، حيث ورثه
الاستعمار الأوروبي متخلفا وفقيرا ومنهوبا.
·
ثم الحيلولة دون اية وحدة عربية ضمن مشروع استعماري تؤدي دوره قوى
محلية تابعة ومضادة للقومية العربية وأكثر تجليات هذا تمزيق الوحدة
المصرية-السورية.
·
إلى أن أُدخل مرحلة جديدة هي تفكيك وتذرير حتى القطريات الحالية.
·
أما فلسطين فبقيت هي الهدف الأكثر عرضة لتدمير الحيز حتى اليوم
ليست هذه المقالة تأريخا تفصيليا لفكرة ربط
البحر الميت بالبحرين المتوسط والأحمر وهي فكرة استعمارية بريطانية
وضعها البريطاني وليام آلن 1850. ثم قام المهندس السويسري ماكس
بوركارت بإدخال تعديلات على فكرة آلن لتتلاءم مع مشاريع الاستيطان
الصهيوني في
فلسطين وأرسل نتائج أبحاثه الى تيودور هرتزل في العام 1899، اي فورا
بعد المؤتمر الصهيوني في بازل 1897 مقترحاً شق قناة من خليج
حيفا الى غور بيسان وبمحاذاة نهر الأردن وصولاً الى البحر الميت.
وفي عام 1919 اقترح المهندس يورث شق
نفق مباشر بين سلسلة جبال بلاد الشام الغربية جبال (يهودا) لاستخدام
سقوط المياه لتوليد الطاقة.
وفي العام 1938
كلفت الوكالة اليهودية لجنة خاصة بدراسة الأوضاع المائية في فلسطين,
وانتهت الى
تحويل مياه نهر الأردن الى إقليم السهل الساحلي وإقليم النقب وشق قناة
تصل المتوسط
بالميت من خليج عكا الى غور بيسان ثم الى البحر الميت.
وشكلت لجنة جديدة في العام 1974 مهمتها إعداد
دراسات جدية حول توليد الطاقة من البحر الميت أيضاً خلصت اللجنة الى
إقامة قناة
البحرين.
اللافت في هذه المخططات هو إطلاق وانطلاق يد هؤلاء المستعمِرين في
تغيير وسحق الحيز الفلسطيني حتى قبيل إقامة الكيان الصهيوني على أرض
فلسطين مما يعزز القناعة بأن الاستيطان في فلسطين هي فكرة استعمارية
راسمالية غربية بدأها "المصلح" مارتن لوثر حينما كانت هولندا قد انتقلت
إلى الرأسمالية الميركنتيلية قبل بريطانيا وهو توطين اليهود في فلسطين
الذي توارثت الاعتناء به لاحقا بريطانيا وفرنسا وألمانيا...الخ. ومع
ذلك لا يزال من يقرأوا الصراع على أنه محض ديني أو أن فكرة الدولة
الاستيطانية اليهودية هي فكرة صهيونية، وليست راسمالية غربية
استراتيجية متعلقة بضرورة استعمار يحتل الحيز ويفككه بل يسحقه.
ما الهدف اليوم؟
إن هذا الشغل على تشبيك البنية التحتية بين الكيان وقطريات المشرق
العربي هو تثبيت الكيان الصهيوني الإشكنازي كأنه طبيعي في أرض فلسطين.
وذلك عبر تشبيك البنية التحتية بين الكيان وأكبر عدد ممكن من القطريات
العربية. قناة البحرين، شبكات طرق، ماء كهرباء...الخ. فتشبيك البنية
التحتية يجعل محاولات تفكيكها صعبة ومكلفة للمجتمعات العربية المحيطة
وكأن الهدف توليد مصلحة شعبية في ربط البنى التحتية مع الكيان. وهذا
يحقق اندماج الكيان اندماجا مهيمنا حيث القوة العسكرية والتقنية
والاقتصاد. وأبعد من هذا، فهو لتسهيل مخطط الوطن البديل بحيث يتحول
الفسطيني إلى مستوطن في الأردن ليصبح انتمائه وارتباطه بالمكان وليس
بالوطن مما يُسهِّل تنفيذ التقاسم الوظيفي.
وفي سياق تثبيت اغتصاب فلسطين جرى ويجري
وضع الأردن أمام تحدي إما أن يكون سوراً شرقياً للكيان الصهيوني وأن
يدخل في مشاريع مشتركة وخاصة قناة البحرين (كالتحام مائي) مع الكيان،
أو يخضع لضغوطات تهدد بسقوط النظام. ومن هنا كان اتفاق وادي عربة الذي
انطوى على مقدمات لربط البنى التحتية وخاصة قناة البحرين، كما كتب بدقة
المهندس سفيان التل.
ونورد بهذا الخصوص نص (الفقرة 2 من المادة 13 النقل والطرق) من اتفاقية
وادي عربه:
“
سيقوم الطرفان بفتح وإقامة طرق ونقاط عبور بين بلديهما، وسيأخذان
بالاعتبار إقامة اتصالات برية واتصالات بالسكك الحديدية بينهما
“.
هذا إلى جانب الطرق السريعة من شواطئ البحر المتوسط والاحمر( اسرائيل
) الى منابع النفط
وحتى أذربيجان. وهذا ما نشرته مجلة نيوز ويك، في خريطة ملونة، منذ
اكثر من عشرين سنة.
كما تنص اتفاقية وادي عربة على :”
يتفق الطرفان على الاستمرار في التفاوض لإقامة طريق سريع يربط الأردن
ومصر واسرائيل بالقرب من ايلات.
وبهذا الخصوص ورد في صحيفة الرأي الأردنية ( بتاريخ 10/5/2009 ): وفي
تغطية أخبار رئيس الوزراء الاردني نادر الذهبي ما يلي:
"ان مشروع مد أنبوب النفط من العراق سيكون من ضمن قضايا البحث خلال
زيارة رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي المرتقبة إلى العراق. وان
موضوع مد أنبوب لنقل النفط الخام من العراق إلى الأردن إضافة إلى
غايات تصديرية. مشيرا إلى أن الأردن سيطلب إعادة تقيم المشروع
لتحديد جدواه"
وبالطبع كان هذا قبيل هزيمة الاحتلال الأميركي للعراق وخروجه منه، وإن
لم يكن بشكل تام. ولنا ان نفهم استهداف العراق اليوم بالتفجيرات
السلفية والوهابية والتلويح بانفصال طائفي، بأن كل هذا موظف للحيلولة
دون تقارب سوري عراقي وإنهاك البلدين وتفكيكهما ليتم تنفيذ خطط تشبيك
مفاصل القطريات العربية بالكيان.
تؤكد هذه النقاط على المسألة الأساس وهي وعي من وضعوها لأهمية تشبيك
البنية التحتية وهو الأمر الذي يصب في إستراتيجية إندماج الكيان
الصهيوني في الوطن العربي اندماجا مهيمناً، ويهودية دولة الكيان ويكشف
ان جوهر "السلام" بين منظمة التحرير والأردن من جهة والكيان من جهة
ثانية هو السلام الاقتصادي الذي يتحدث عنه رئيس وزراء الكيان بنيامين
نتنياهو والذي يصب كذلك في مشروع الكونفدرالية بين الكيان والأردن
وسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية. أما ترجمة هذه جميعا فهو الوطن البديل.
وقد تكون الزيارات العلنية لنتنياهو إلى الأردن في الشهرين الأخيرين
ذات علاقة قوية بهذا الأمر، ناهيك عن ما ذكره الملك الأردني مؤخراً في
مجلة أتلانتيك من مغازلة للأردنيين من أصل فلسطيني. وصولا إلى الزيارة
الأخيرة لأوباما لأطراف الكونفدرالية الثلاثة.
عينة من دور الأطراف الأجنبية في الربط
لقد تحدث شمعون بيرس منذ اتفاق كامب ديفيد عن العقل الصهيوني والمال
العربي وهو حديث عنصري بامتياز. فالمال من ريع النفط اي بلاعمل إنتاجي
تأتى صدفة بينما العقل اليهودي "برأيه" عبقري واستثنائي!! وتحدث لاحقا
عن تحويل وادي الأردن إلى ما اسماه وادي السلام بحيث يتم الاستثمار
المشترك بين الأردن والكيان والفلسطينيين، على أن يمول كذلك من الدول
الغربية أو الثلاثي (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان).
وضمن هذا العمل المشترك أوكلت الولايات المتحدة لليابان عبر منظمتها
الحكومية "جايكا" الشغل على البنية التحتية في الأغوار بما يتوافق مع
السياسة الصهيونية هناك. كما تم الاتفاق على إقامة مطار لنقل المنتجات
الزراعية من الأغوار وكل ذلك في سياق ما يسميه وادي السلام.
هي حروب متعددة إذن، وأطرافها أو من يقومون بها متعددون، سواء الطبقات
الحاكمة المرتبطة بالغرب أو الطبقات الحاكمة في الغرب بل في الثلاثي،
ومثقويها العضويون، والكيان الصهيوني الإشكنازي ضمن كل هؤلاء. هي حرب
اليوم هدفها المباشر سوريا. وهذا لا يرده ولا يصده سوى صمود سوريا
واستنفار كل الشعب العربي لمواجهة معسكر الأعداء وتفكيك كافة مفاصله في
أرضنا. ليس سوى حرب الشعب التي بها نبدأ وبها نختم.
[1]
مثلا حرصت الأنظمة العربية على عدم تقليص شبكات الاتصالات والمواصلات
والتجارة فيما بينها كي لا تكون وسائل ضغط على الأنظمة القُطرية من أجل
الوحدة. وحينما بدأت الأزمة السورية كانت مصالح المزارعين الأردنيين
أحد أهم عوامل اضطرار النظام الأردني لتقنين مشاركته في العدوان ضد
سوريا. --------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2013م