|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
عادل سمارة
عادل سمارة
2012-04-24
الاختراق: تطبيع فقهي وفلسفي
التطبيع الفلسفي بعد التطبيع بالرقص
من فيلسوف الشام إلى مفتي مصر
من دمشق إلى اريحا
التطبيع هو ميدان الاشتباك الموسع، المستدام والمعولم للشعب بأسره مهما
خبا حيناً واشتعل حيناً آخر. فالثورة المضادة لم تزل هي التي تحرك
الساحة، وهي تواصل اختراقاتها وتحريك الأنواع التي اخترقتها فتوفر لهم
لا شك خطاباً بليغاً معلنا وخطاباً مخفياً خطراً. التطبيع اشتباك بين
أمة قيد الاستهداف في مواجهة أنظمة حكم متعددة بأنواع جيوشها، المسلحة
بالبارود وبالإعلام وبراس المال وبالمخترقين من بني جلدتها، اختراقات
متعددة. ولعل الأخطر فريق من المطبعين خفية والرافضين زعماً وإعلاماً.
في البدء كان التطبيع الرسمي من عرب الأنظمة ولم يتوقف، ثم اتى التطبيع
الراقص غناء أو جسماً لا جسداً، والتطبيع بشيطان الشعر الذي تلاه
التطبيع الفقهي وآخره شيخ اليمن الجفري. واليوم التطبيع الفلسفي بمجيء
د. احمد برقاوي تصفه لوحات التجنيد والإعلان عن استجلابه إلى هنا، ب
فيلسوف، مفكر، أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق، دكتور، ليس هذا ما يهمنا.
سيكون الزعم بالطبع إنه الشوق الذي شد أستاذ الفلسفة إلى فلسطين
ليراها. يفرِّغ شحنته العاطفية، ويشطف نفسه ثم تنتهي علاقته بفلسطين ما
أن يغادرها تحقيقاً لمقولة بن غوريون: "الكبار يموتون والصغار ينسون"
والنسيان بالذاكرة أقل خطراً من النسيان بالتناسي، نسيان أن الكيان عدو
وذلك عبر المساهمة في دمجه بالوطن العربي اندماجا أو دمجاً مهيمناً،
وهذه المرة عبر الفلسفة. هنا تعزل الفلسفة نفسها عن السياسة وحتى عن
الوطنية فيتآخى الفلاسفة في علياء الفرضيات متعالين على الذين خلقهم
الله من طين، وألقت بهم الصهيونية في برج البراجنة بين الطين والعتمة
وأنياب المكتب الثاني. من نحن حتى نطالب الفيلسوف بالتبعثر بين جموع
اللاجئين كي تتسخ مقولاته، ناهيك عن ثوبه، حين تختلط بحديثهم الخشن،
فحديثهم لا ملمس له، ومن نحن حتى نضن عليه بممارسة "عشقه" للأرض؟ ومن
نحن حتى نقول له: حتى بالمعنى الافتراضي والفلسفي، هذه الأرض صارت لمن
يغرس في رحمها مدفعه وساطوره، أما وأنت آتٍ هنا تحت حرابه، فأنت تُقر
أنها له!
سمير أمين اسعفه احترامه لوعيه
تحضرني مقارنة بين موقف سمير أمين الذي خدعه نفس أهل الغواية من مثقفي
الأرض المحتلة الذين أقاموا ما يشبه مكتب استجلاب مثقفي عرب إلى
التطبيع، فهم الذين يُوقعون بمن يسمح لهم الكيان بالدخول، دخولاً
انتقائياً مقصوداً ليستخدمهم الكيان كأختام ثقافية شعرية رواقصية
فلسفية غنائية تؤكد أن الأرض له باعترافهم به. حين جرت محاولة خداع
الزميل سمير أمين باكراً عام 1995 فقيل له إن الأرض محررة. وهي محررة
من الحرية. وكان ذلك قبل ان يرى معظم الذين هنا أن أوسلو مقتلاً. لم
يتردد فيلسوف المادية التاريخية والاقتصاد السياسي في فهم الإغواء فرفض
أن يُستجلب تحت نعال الإحتلال. هل كان لخلفيته الماركسية والأقرب إلى
الماوية دورها في هذه اللماحة والعمق، أكاد اقول نعم، فالماوية هي
النقيض الأعلى للصهيونية والرأسمالية، واين الدين السياسي من الماوية؟
اين خيرت الشاطر والغنوشي فما بالك بالقرضاوي، مثلا عزمي بشارة من
ماوتسي تونغ ومن مسير امين طبعاً! وماذا نقول عن العرعور، فاي إسم
حتى!هل انتظر الفيلسوف دمشق سابقاً وأريحا اليوم رحيل البابا شنودة حتى
يأتي إلى الأرض التي حرم شنودة دخولها وهي قيد الاغتصاب؟ إذن، بمن
اقتدى الفيلسوف؟ اقتدى بالسياسي. وحين يقتدي الفيلسوف بالسياسي ندرك
كيف يفهم هو الربيع العربي، يفهمه بمنظور ديمقراطي راسمالي غربي
وصهيوني معاً، وندرك استفحال الثورة المضادة.
إعلان الموقف اشرف
لعل أخطر ما في كثير من المثقفين العرب وخاصة الفلسطينيين أنهم يهربون
من الصدق هروباً مكشوفاً في رابعة النهار. يمارسون التطبيع بامتلاء
الاعتراف بالكيان ويزعمون أنهم الأشد تمسكاً بالوطن. كثيراً ما يُعلون
الوطن باللغة وليس بالمعاني، ويُسقطون الوطن على ارض الواقع كما
يُسقطون لوح زجاج على صخرة من الصوان ويؤكدون تماسكه. في جلسات هؤلاء
المغلقة باطنياً يقولون: اي تحرير لفلسطين يحلم به هؤلاء البسطاء أو
المتخشبون من عروبيين وقومييين وماويين! ها نحن سعداء بما لدينا من
مكان، فما بالهم يطالبون بوطن؟ لم يعد من الصعوبة بمكان رؤية دواخل
ثقافة بل ذهنية هؤلاء التي ترنخ بقناعة أن "اليهود" هم الأفضل وهم
الأحق بفلسطين. فليس من تفسير لهذا الخنوع للكيان غير هذا، وهو ما يتضح
من استبدال تحرير الوطن بالتحرر من الحق فيه. وإلا، فما معنى هذا
الارتخاء كلما سنحت لهذا أو ذاك فرصة المجيء محمولا على دعوة مدفوعة
الأجر والإقامة وحفنة مال لا شك. ولكنها دعوة صريحة تقول: ندعوك وننفق
عليك الكثير، ونعطيك أكثر. لكننا لا نستطيع مجرد الاحتجاج إذا ما
استقبل جندي صهيوني مؤخرتك بحذائه الضخم ـ صنع البيت الأبيض ـ !
حينها ننصحك ايها الفيلسوف ان تستبدل التقعُّر باللغة بالشعر، أن تتذكر
قول ابن الرومي:
قصُرت أخاذعه وطال قُذالهُ.....فكأنه متربص أن يُصفعا
وكأنما صُفعت قفاه مرةً.... وأحس ثانيةً بها فتجمَّعا
أما بعد ذل الجسور، فيغني له طلبة الجامعات هنا من الفيروزيات: خطوة
أدمكن عالأرض هدارة! ومع ذلك يأتون. ليقرضوا الشعر، ويحظون بتهافت
الحسان عليهم ليكتبوا كلاماً زجاجياً يضعنه اقراطاً وتذاكر عبور إلى
رحاب التطبيع! أما المتثاقفون فيقدموا جلودهم ليكتب عليها الفيلسوف
طلاسم ما بعد الحداثة.
ولكن، ماذا كان سيقول الفيلسوف لو صفعه جندي سوري! حينها سيفيض تسونامي
حقوق الإنسان ضد النظام الديكتاتوري القمعي الوحشي القومجي...إلى ما لا
نهاية من الأوصاف. فمن اين للسوري أن يحظى بقدمٍ ماسيَّة كأقدام اولاد
الله المختارين.
ولكن، تُرى لماذا لم يأت الفيلسوف إلى "ارض إسرائيل" قبل الأحداث في
سوريا؟ هل أتى لأن النظام هناك في شغل وانشغال كبيرين؟ وعليه، فهي لحظة
انفلات عشاق التطبيع ليمارسوا طقوس تقديم ولاء الاعتراف "بدولة اليهود"
كما يريدها الصهاينة بوضوح وصوت عالٍ. هيا، احملوا الطيب يا هؤلاء على
محراب داوود. ولكن سوف تسيرون طويلاً، إنه في جزيرة العرب، وصار اليوم
في قطر.هل هي صدفة محضة، أن التطبيع الفلسفي تواكب مع يوم الأسير
الفلسطيني ويوم الجلاء عن سوريا؟ وكأن التطبيع يقول، اطووا أيها
السجناء أمعائكم، فالتطبيع يسري في دمائهم وقد وصل الفلسفة؟ فماذا أنتم
بهذا فاعلين؟ وليقول لسوريا، إذا كنت تحتفلين بالجلاء، فنحن نكرِّس
الاستعمار الاستيطاني والبغاء الشعري والفلسفي من أجل فخذك الجنوبي يا
سوريا الأمية، ونحتفل بتقبيل نعال جنود الاحتلال على الجسور. هكذا كتب
عنهم عبد اللطيف عقل قبل رحيله:
"يكفيك ذل التصاريح على الجسر...
وقوفك في آخر الصفِّ..."
أما وأنا اكتب هذا، فيتلبسني التساؤل: لماذا يشتري الإنسان كل هذا
الذل! هل هو حب الوطن؟ ألم يكن جورج حبش وطنياً؟ وقد عُرض عليه أن يأتي
مُحتفىً به! ألم يحب الرجل وطنه ومدينته الُّلد؟ ألم تُدفع الملايين
للذين احترفوا إغواء المناضلين ليأتوا؟ لقد رحل دون أن يحظى حتى بعلاج
مناسب، لكنه رحل شريفا كما بدأ!إن للتطبيع ما بعده، ولنقل ما بعد
التطبيع ضمن المابعديات. فالشيىء المسمى قطر يفتح خزائنه للمطبعين،
وبيانات مثقفي الناتوـ فرع سوريا تنتظر أن تُمهر بتواقيع أهل الثقافة
الفكر والفلسفة وفي ذلك ليس أجران، بل أُجوراً. ولكن، هل يعلم الطلبة
هذا! لو علموا لقذفوا الفيلسوف بمختلف كتب الفلسفة والدراسات الثقافية
ودوسيهات علم المخابرات. ولكن، من أين للطلبة بهذا وقد فقدوا الحركة
الطلابية، وتحولوا إلى حُرَّاسٍ لقياداتهم التي تنتظر المانحين كل آخر
شهر وابد الدهر كي تُسيِّل لهم الرواتب والأُعطيات؟ فهل من قبيل التجني
حين نقول: التطبيع يسري في دمك! يترك لنا التطبيع ذاكرة مثقوبة لا قيمة
لها مهما سالت منها على الطلبة شروحات فلاسفة العالم.
أما والتطبيع مجاني وطوعي فلماذا لا يشمخ انف الاحتلال ويرفع عنصريته
إلى عنان السماء وهو يرى المطبعين المحليين والمستجلبين وهم ينفخون في
اللغة والكلمات ما يحمل الجبال من كوكب إلى آخر. ولكن الكيان وحده الذي
يعرف ويتهكم ويسخر بصمت.
لعبة الاستقواء بالضعف
كلمات ولغة وديباجات وشعر وغناء ورقص من مختلف أمم العالم، لم ينقصنا
هنا سوى الرقص؟ ربما الرقص الجسدي يسهل الرقص السياسي، وأخيراً مقولات
فلسفية وكلها تهدد الكيان بالنفي من الوجود على أجنحة الكلام، ومن جانب
الفيلسوف على أجنحة الخطاب. هي عنتريات اللغة والاستقواء بالضعف.
قبلاً منك دخل الفيلسوف الأول بيت الكنيست يحمل صورة جمال عبد الناصر،
علقها على صدره وأقسم يمين الولاء لدولة اليهود. إلى انتخابات الكنيست
حمل تنظيمه، أغواه وأغراه عبر إسقاط ثلثي حركة ابناء البلد في حينه.
وأفهمهم أن الاستقواء بالضعف هو السلاح الأمضى، "الحياة استقواء
بالضعف!. وحل مشكلة السكن لأحد تلاميذه بالسكن في الكيبوتسات كي يتكاثر
العرب فيها فيرحل اليهود المساكين، أو "أولاد الميتة" آه ايها الموتى!
أهكذا يتم التحرير ب "حرب الموقع" ويل أمك يا غرامشي! واستكمالاً لدوره
التطبيعي المرسوم، يمَّم وجهه شطر قطر وكان أن انكشف هناك تهافت
الفلاسفة وبؤس الفلسفة وطنياً وقومياً وطبقياً لا شك. وظل ورائه
الاستقواء بالضعف متجلياً في : دولة مستقلة عام 2011، واستحقاق أيلول،
وكرسي بائس على صفحات الصحف، وهجوم المفاوضات، ونمو الفساد باسم
التنمية...الخ أما على الأرض فليس سوى كارثتين:
• إعادة هندسة المجتمع وصولاً إلى الأرحام والذاكرة
• وتذويت إعادة الهندسة. (أن يهندس المرء نفسه كالمطلوب ولكن بيده
ذاتها)
لذا، يأتي الفيلسوف بكل هذا الاحتفاء، نعم لأن الوعيٍ عارٍ وحافٍ.أمَّا
وقطر مآل الفيلسوف الأول،.فهل تصبح قطر دوحة الفلاسفة ليبدأ من هناك
سلام الفلاسفة بعد سلام راس المال؟حين سُئل مركز دراسات قومي وكبير في
بيروت: لماذا تستضيفون فيلسوف الكنيست؟ قالوا استضفناه كفيلسوف وليس
كعضو كنيست!
هكذا تكون مضاجعة الخنزيرة دون لمس ذنبها. فماذا يقول من استضافوا
الفيلسوف؟ قد يقولوا استضفنا المقولات وليس القائل. كما يقول ساكنوا
الكنيست والكيبوتسات: نحن نحررها وهم يرحلون!صار لا بد لستة ملايين
لاجىء كي يزوروا...نعم كي يزوروا الوطن أذلاء، أن يتحولوا إلى شعب من
الراقصين والمطربين والشعراء والفلاسفة، أن يتقنوا الاستقواء بالضعف.
هذه هي الحرف المسموح لها بالرقص في أحضان الكيان، لا الفقراء ولا
الطبقات ولا العمال ولا الفلاحين ولا المعمرات من النساء.
انا لم احضر حديث الفيلسوف، في هذه الغرزة أو تلك،، ولكن لفت نظري
تناقضه السياسي بالقول عن أحداث الوطن العربي إن:
"هذا الواقع على المدى البعيد سيكون له تأثيراته الكبيرة على القضية
الفلسطينية, وخاصة ما يجري في مصر وسوريا...وأن التغيرات الحاصلة في
المنطقة العربية سيكون لها انعكاس ايجابي على القضية وعلى حل المشكلة
أيضاً، وعلى الجانب الفلسطيني أن يرافق ذلك بإعادة الاعتبار لمنظمة
التحرير".
آه يا فيلسوف الغبرا، هل قلت هذا خجلاً من مضيفيك؟ أليست منظمة التحرير
من تمفصلات الأنظمة التي سوف تتغير ولا شك؟ لو كان الفيلسوف تاريخياً
لرأى أن ما خلَّفه التاريخ ورائه لن يعود إلى ناصية التاريخ، هذا لا
ينطبق على الأنظمة وحسب بل على المنظمات. فلماذا تصبح الفلسفة أفيوناً
للفلسطينيين؟ أما تأثيراته على القضية الفلسطينية فيبدو بمفهوم
الفيلسوف تصفيتها بدءاً من "قفزته" التطبيعية من دمشق إلى معابر الذل
في اريحا! فهنيئاً ل برنار هنري ليفي فيلسوف الثورة المضادة والناتو
والصهيونية.
أيها المثقفين، تُرى، لماذا في وطني أنتم دوماً الخاصرة المخروقة!
. --------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2013م